"ذئب" ومجرم حرب لرئاسة البنك الدولي

مها جديد

 

يأتي خبر تعيين الرئيس بوش لنائب وزير الدفاع الأسبق –بول وولفويتز-كمدير للبنك الدولي لمدة عشر سنوات خلفاً للسيد جيمس ولفنسون، ليكمل صورة الإمبراطورية الأميركية الإمبريالية المتغطرسة و المزدرية لكل القوانين والأعراف الدولية،وليظهر المزيد من استهتارها لكل دول وشعوب العالم.

إذ يعتبر وولفويتز كأحد عتاة المحافظين الجدد،والرجل الثاني في وزارة الدفاع – بعد رامسفيلد- و يعرف عالمياً بمهندس الحرب على العراق تحت حجج واهية ،وأكاذيب مضللة،وضد الشرعية الدولية،والتي كانت نتيجتها مئات الألوف من القتلى و الجرحى المدنيين،ودمار كامل لما يعرف بالبنية التحتية، أما إطلاق مشروع – إعادة إعمار العراق – ضمن أكبر مشروع خصخصة تشهده البشرية وذهاب معظم الصفقات و العقود للشركات الأميركية ، فقد دفع بمنظمة الشفافية الدولية –منظمة غير حكومية ترصد الفساد في العالم –إلى إصدار تقرير جاء فيه :إن العراق مرشح لأن يصبح فضيحة الفساد الكبرى في التاريخ بفضل المشروع الذي ترأسه وولفويتز.

أما جان زيغلر – الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد ومقرر الامم المتحدة للحق بالغذاء- فيقول: إن معدلات سوء التغذية لدى الأطفال العراقيين تضاعف منذ سقوط نظام صدام حسين،وهو فشل كارثي بجميع المقاييس.

وفي تقرير آخر رفعه لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اتهم القوات الأميركية باتباعها أساليب الحصار وإعاقة وصول الغذاء وتدمير خزانات المياه ومجاري الصرف الصحي كسلاح حرب.

كما أثار خبر تعيينه زوبعة من الاعتراضات العالمية، كان أهمها اعتراضات منظمات حقوق الإنسان والتنمية – أكثر من مائة منظمة- و خاصة في أندونيسيا، وذلك لما عرف عن وولفويتز من تغطية ودعم لأعتى حكام وجنرلات آسيا و تبييض صورتهم،وخاصة دعمه المتميز واللامحدود عندما كان سفيراً في أندونيسيا للرئيس سوهارتو- الديكتاتور الذي حكم لمدة 32 عاماً وأغرق بلاده بالفساد و المجازر التي قتل فيها حوالي مليون أندونيسي،ومئات الآلاف من سكان تيمور الشرقية-.

و في إحدى شهاداته المقدمة إلى الكونغرس يقول وولفويتز مدافعاً عن حكم سوهارتو:إن دعمه و الوقوف إلى جانبه سيعززان حقوق الإنسان و الديمقراطية في أندونيسيا.

و كذلك كانت له نفس التغطية على – تشون – في كوريا الجنوبية و-ماركوس- في الفلبين.

أما حركة تنمية العالم البريطانية فقد وصفت التعيين بأنه – مفزع-،وكذلك اعترضت منظمة أوكسفام و غرين بيس.

كما وصف المستشار الخاص لكوفي أنان-جيفري ساكس- المتخصص في التنمية التعيين بأنه:مفاجأة غير متوقعة،وقد تكون غير موفقة من عدة جوانب.

أما موظفي البنك أنفسهم فقد أرسلوا 1300 رسالة رد على الانترنت عبّر معظمهم فيها عن قلقهم على سمعة البنك ومصداقيته،وأشاروا إلى عدم كفاءة وولفويتز لهذا المنصب وافتقاره إلى أية خبرة اقتصادية أو تنموية.

وقد انشغلت إدارة البنك منذ صدور التعيين بمراجعة و تعزيز الحماية الأمنية لمبنى البنك خوفاً من أن يصبح هدفاً لهجمات إرهابية بسبب قلقها من دور وولفويتز في الحرب على أفغانستان و العراق.

إذاً بدلاً من تقديم السيد وولفويتز إلى محكمة العدل الدولية كمجرم حرب،هاهو الصقر الجارح يتبوأ رئاسة البنك الدولي كي يقود حرباً أخرى كما يقول،ولكنها من نوع مختلف هذه المرة،وتحت شعار: محاربة الفقر في العالم... ونشر الحرية و الديمقراطية

فإذا كنا فيما سبق بيّنا حرص وولفويتز على الديمقراطية،نترك أرقام ضحايا سياسات البنك الدولي العولمية تتكلم عن محاربة الفقر:

يرتبط بالبنك الدولي ضحايا يصل عددهم إلى 4.7 مليار نسمة من بينهم 3:  مليار يعيشون علىأقل من دولارين في اليوم.و1.3 مليار يعيشون على أقل من دولار في اليوم ، و100 مليون ينامون دون طعام كل ليلة ، ومليار لايستخدمون مياه الشفة ، و40 مليون طفل يموتون سنويا نتيجة أمراض لها علاج معروف

هذا بالإضافة إلى إغراق كثير من الدول بمليارات الدولارات كديون خارجية ظالمة ...

فما هو الدور المتوقع من شخص كالسيد وولفويتز ليقدمه للبشرية أكثر من دور-ذئب مؤتمن على –قطيع من الخراف-،نعم سيقضي السيد وولفويتز على الفقر بالتخلص نهائياً من هؤلاء الفقراء الجياع.

فيا فقراء العالم و مهمشيه اتحدوا.

هوامش:

  تعيين وولفويتز رئيساً للبنك الدولي ليست سابقة،وإنما يذكر بتعيين السيد – روبرت ماكنمار-سكرتير وزير الدفاع الأسبق و المسؤول عن استخدام النابالم،وارتكاب المجازر في فيتنام،وكان أيضاً عديم الخبرة اقتصادياً.