_رسالة مفتوحة إلى الأمريكيين على خلفية ما حدث في دمشق_
الدكتور عماد فوزي شُعيبي: ( كلنا شركاء ) 28/4/2004
_الحدث الذي تناول سورية، وهو حدث إرهابي بامتياز يستدعي التوجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية لتحميلها المسؤولية في أكثر من جانب:_
أول ما يجب أن تتحمله الولايات المتحدة الأمريكية من نصيبها من المسؤولية هو أنها تعاملت مع موضوع الإرهاب بسذاجة كبيرة لتنكش عش الدبابير وتحول الإرهاب الذي لا إحداثيات له،و الذي يمتد على مساحة ما بين 60 إلى 70 دولة إلى إرهاب غير متعين يطال كل الدول، ذلك أن لغة عدم الاستقرار التي خلقتها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة قد انتقلت لتكون لغة عامة أول من تطاله هي الدول التي وقفت ضد الإرهاب.
ثم إن استخفاف الولايات المتحدة الأمريكية بالشعوب وبحقوقها والتعامل معها بطريقة تحول الإحباط إلى حمق وتجعلها مسؤولة عن كل عذابات ومعاناة الشعوب ما يدفع بمن كان على الحياد كي يصبح مع الوقت إرهابياً، فجزء من أسباب الإرهاب يتصل اتصالاً وثيقاً بردة الفعل على الحقوق الضائعة والكرامة المهدورة التي لمتبدأ مع حملة ظالمة على الشعب العراقي كي لا تنتهي مع وعد بوش بإلغاء قضية اللاجئين والانقضاض على ما قبله العرب في لحظة من الرغبة في التوصل إلى حل بقبول حدود الرابع من حزيران / يونيو لعام 1967 سقفاً لما يمكن أن يكون حدوداً آمنة للجميع.
يضاف إلى هذا، أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم إسرائيل بصورة لم تعد فيها قابلة لأن تكون مقبولة ولو بالحد الأدنى، فبعد وعد بوش الذي قضى على قواعد عملية السلام في مدريد ومبادئها ومنح إسرائيل حق إلغاء عودة اللاجئين، فضلاً عما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية في العراق كل ذلك يخلق حالة عميقة من العداء لأن الشعوب التي تمتهن حقوقها ترد أحيانأً بطرق غير مضبوطة وتسيء إلى قضاياها ذلك أن الإحباط لا معادل عقلاني له.
فقد حذر الرئيس بشار الأسد قبل أشهر طويلة، في معرض رده على اتهامات الولايات المتحدة الأمريكية، بأن سورية لا تضبط حدودها مع العراق من مخاطر انتقال الأسلحة إلى سورية، وكأنه كان يتنبأ بما حدث في حي المزة مؤخراً، مما يستدعي من
الولايات المتحدة الأمريكية –اليوم- أن تعيد النظر جدياً بالطريقة التي تعاملت بها مع سورية والتي تعاملت مع حقوق الشعوب في المنطقة عبرها. لأن هذه الطريقة تنسى أنها تغذي الإرهاب وما لم تتم عملية إنهاء أسباب الإرهاب فإن هذا الآداء سرعان ما سيغذي ويخلق المزيد من الإرهاب والذي سيطال دولاً آمنة رصيدها الأكبر هو الاستقرار كسورية .
وإذا كان "كولن باول" قد دعا سورية إلى دور هام في المحافظة على وحدة العراق وأمنه واستقراره، فإن على سكرتير الدولة أن يدفع إدارته إلى أن تعيد النظر جدياً في الطريقة التي تعاملت بها مع سورية وفي تعريف الإرهاب والتمييز بينه وبين حق الشعوب في الدفاع عن نفسها. إذ أن الخلط بين الإرهاب وبين المقاومة يخلق المزيد من الإرهاب وإذا كان لسورية الدور الذي تفرضه عليها الاعتبارات الجيواستراتيجية في المحافظة على استقرار العراق فإن للولايات المتحدة الدور الأهم في المحافظة على استقرار العالم بدلاً من أن تكون طرفاً في خلق المزيد من الإرهاب .
( تغطية وسائل الإعلام لما حدث في المــزة )
_"مجموعة تخريبية" تهاجم حي السفارات في دمشق_
ابراهيم حميدي: الحياة 28/4/2004
سمعت مساء امس اصوات انفجارات عدة وتبادل لاطلاق النار في اوتوستراد المزة جنوب دمشق, حيث يقع مقر قديم للامم المتحدة ومبنى السفارتين الايرانية والكندية والشركة السورية - الليبية. وكان الاكثر تضررا المقر القديم للامم المتحدة الذي يقع امام مقر السفير البريطاني بيتر فورد في الطرف الخلفي لاوتوستراد المزة. وعلمت "الحياة" ان "أي ضرر لم يلحق بمقر السفير", تزامنا مع نفي بريطاني ان يكون هدف العملية التخريبية.
وافادت مصادر سورية ان "مجموعة تخريية قامت باطلاق النار في شكل عشوائي, وان اجهزة الامن سيطرت على الوضع". واوضحت مصادر اخرى لـ"الحياة" ان عناصر المجموعة ربما تكون استخدمت سلاح "ار بي جي" في هجومها. وفور حصول الانفجارات قامت عناصر الامن والشرطة بتطويق المنطقة للسيطرة على الوضع, بالتزامن مع وصول عناصر مسلحة وامنية وسيارات اسعاف, علما ان الحادث وقع على بعد امتار من مستشفى "الرازي" الخاص.
ولاحظ مراسل "الحياة" آثار الانفجار امام مقر السفارة الايرانية واضرار في مبنى السفارة الكندية. لكن مصدرا كنديا قال لـ"الحياة": "لم يكن هناك جرحى كنديون, ولانعتقد باننا المستهدفون" الامر الذي اكدته لاحقا الخارجية الكندية.
وكانت السلطات السورية عززت الاجراءات الامنية امام المؤسسات الديبلوماسية الاميركية والبريطانية منذ نهاية العام 1998. كما ان السفارة البريطانية توقفت عن استقبال المواطنين السوريين الراغبين في الحصول على تأشيرات دخول, طالبة تقديم الوثائق عبر البريد. وخرجت لاحقا تظاهرات في دمشق تستنكر الهجمات.
ولاحظ المراقبون (أف ب, رويترز, أب), ان هذه الهجمات تمثل تطورا هو الاول من نوعه, نظرا الى استهدافها مقرات ديبلوماسية في العاصمة السورية.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن شهود ان مجموعة من سبعة رجال مسلحين ملثمين هاجمت بقاذفات صاروخية (آر بي جي) مبنى يضم مكاتب للامم المتحدة في منطقة المزة, وان احد المسلحين قتل برصاص قوات الامن في حين جرح ثان وتمكن ثلاثة آخرون على الاقل من الفرار بسيارة. واصيب احد عناصر قوات الامن بجروح بالغة.
واضافت الوكالة ان المجموعة التي جاءت في سيارتين اطلقت النار على دفعتين في اتجاه المبنى الذي اندلعت فيه النيران. وبعد اطلاق قذيفة صاروخية اولى همت المجموعة بمغادرة المكان لكنها عادت ادراجها واطلقت قذيفة ثانية. وبدأت قوات الامن التي تحرس المبنى باطلاق النار على المهاجمين الذين اخذوا يطلقون النار بشكل عشوائي من اسلحة رشاشة وقاذفات صاروخية. واصابت النيران حافلة صغيرة خالية من الركاب تمكن سائقها من النجاة, كما اصيبت ثلاث سيارات متوقفة في المكان واندلعت فيها النيران. واوضح الشهود ان احدى السيارتين اللتين استخدمهما المهاجمون انفجرت في وقت لاحق. وكان عمود من الدخان الاسود يرتفع من المنطقة.
لكن الناطقة باسم الامم المتحدة في نيويورك ماري أوكابي قالت ان المبنى المستهدف مقر سابق لقيادة "قوة فض الاشتباك" بين اسرائيل وسورية. واضافت ان هذا المقر السابق لا يزال يعرف بانه "مبنى الامم المتحدة" مؤكدة ان مقر بعثة المنظمة الدولية في دمشق سالم.
وأكد سكان في العاصمة السورية ان دوي انفجارات سمع في حوالي الثامنة مساء بالتوقيت المحلي. وقال احدهم ان المسلحين كانوا يستقلون سيارة "فان" بيضاء توقفت امام السفارة الكندية قبل ان يبدأ المسلحون في اطلاق النار عشوائيا.
وافاد السكان ان قوات الشرطة اغلقت المنطقة واطلقت صفارات الانذار بعد بدء الاشتباك بنصف ساعة. وقال آخرون ان اصوات اطلاق نيران الاسلحة الرشاشة كانت لا تزال تسمع في المنطقة بعد اكثر من ساعة من الانفجارات. واوضح بعضهم ان الاشتباكات استمرت نحو 70 دقيقة.
_مقتل أربعة أشخاص في اعتداء ربطته سوريا بفوضى المنطقة _
_دمشق تحبط <<عملية إرهابية>> .. ولا تستبعد <<القاعدة>>_
زياد حيدر: السفير 28/4/2004
تعرضت سوريا مساء امس ل<<عملية ارهابية>> اسفرت عن مقتل اربعة اشخاص بينهم اثنان من منفذيها ،في منطقة المزة غربي دمشق، واكد مصدر مسؤول في وزارة الداخلية السورية ان <<ما تشهده المنطقة من اضطرابات وفوضى على المجالين الامني والسياسي، يخلق المناخ المحرض لمثل هذه الاعمال المدانة والتي تهدد الامن والاستقرار في دول المنطقة كافة>>.
وقال مصدر أمنى لوكالة الانباء السورية <<سانا>> أن <<مجموعة ارهابية تخريبية>> قامت <<باطلاق الرصاص بشكل عشوائي في منطقة المزة. وقد تصدت لها الاجهزة الامنية المعنية، وتمت السيطرة الكاملة على الموقف>>. وبث التلفزيون السوري الخبر في شريط إخباري بعد مرور نحو ساعتين، وصورا لتظاهرات شعبية في المزة غربي دمشق تندد بالهجوم.
ونقلت <<سانا>> عن مصدر في وزارة الداخلية قوله ان اثنين من عناصر
المجموعة قتلا واصيب الاثنان الآخران بجروح بليغة، في حين استشهد احد عناصر رجال الامن وامرأة كانت متواجدة في المكان.
واوضح المصدر ان المجموعة المسلحة المؤلفة من اربعة اشخاص قامت بوضع عبوة ناسفة تحت احدى السيارات المتوقفة في منطقة المزة. واضاف ان العبوة انفجرت مسببة بعض الاضرار المادية في مبنى غير مسكون. واضاف ان عناصر الامن والشرطة قامت بالتصدي لهذه المجموعة ومحاصرتها وتبادلت معها اطلاق النار حيث لجأ افراد المجموعة الى الهرب بسيارة ثانية وهم يلقون القنابل اليدوية باتجاه عناصر الامن.
واكد المصدر ان سوريا التي واجهت الارهاب بكل اشكاله وما زالت ومنذ اكثر من ربع قرن، تدين هذا الحادث الارهابي الذي يحاول النيل من الاستقرار وتهديد امن المواطن والوطن. واكد على موقف سوريا الثابت في التصدي لاي عمل ارهابي يستهدف زعزعة الاستقرار والامن واشاعة الفوضى مما يستوجب اتخاذ جميع الاجراءات العادية والاستثنائية والضرورية لمواجهة مثل هذه الحالات حفاظا على امن المواطن والوطن والاستقرار الذي تنعم به سوريا منذ زمن طويل.
وذكر التلفزيون السوري أن قوات الأمن عثرت على مخبأ أسلحة ومتفجرات في دمشق.
من جهته، لم يستبعد السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى في لقاء مع شبكة <<سي أن أن>> الاميركية أن تكون <<شبكة القاعدة>> وراء الحادث. وقال إن <<سوريا ليست محبوبة من قبل القاعدة>>. وأضاف <<كل الاحتمالات مفتوحة>>. وردا على سؤال حول توقعاته لموقف واشنطن، قال مصطفى أن سوريا والولايات المتحدة <<تتقاسمان العدو نفسه>>. وتابع إن سوريا <<تؤيد الولايات المتحدة في حربها ضد القاعدة>> وأن دمشق ستقوم <<بتكثيف إجراءاتها الأمنية وستقوم بالبحث عن الإرهابيين ومن يدعمهم>>.
وفي واشنطن، قالت مسؤولة في وزارة الخارجية الاميركية انها تلقت تقارير عن انفجارين واطلاق نار في دمشق، مشيرة الى ان السفارة الاميركية في العاصمة السورية ستغلق ابوابها اليوم بالاضافة الى المدارس التي ترتادها الجالية الاميركية.
كما اشار مسؤول في الامم المتحدة الى ان المنظمة الدولية تلقت اشعارا بالاغلاق اليوم.
ونقلت وكالة <<اسوشيتدبرس>> عن المتحدثة باسم الامم المتحدة ماري اوكابي في نيويورك قولها ان المبنى المستهدف ربما كان المقر السابق لقوة فك الارتباط الدولية العاملة في الجولان (اندوف). واشارت الى عدم وقوع اصابات بين موظفي الامم المتحدة في المبنى الذي لا زال تابعا للمنظمة الدولية. لكن وكالة <<فرانس برس>> نقلت عنها قولها ان <<مكاتب الامم المتحدة لم تتعرض لهجوم>>، مشيرة الى ان الامم المتحدة اخلت هذا المبنى <<منذ فترة>>.
وانشغل سكان دمشق أمس بأصوات الانفجارات الصادرة، من أحد أرقى الأحياء في العاصمة السورية وهو حي المزة الغربي الذي يضم عددا كبيرا من السفارات والشركات والمطاعم الفخمة، حيث تحدث شهود عيان ل<<السفير>> عن حدوث انفجار لافت في المزة في حدود السابعة مساء تبعته انفجارات صغيرة، سمع بعدها تبادل لإطلاق النار سبقه دخول القوى الأمنية إلى المنطقة، وإغلاقها تماما وقطع التيار الكهربائي عن مجمل مبانيها.
وفي حوالى الساعة التاسعة ليلا، قال شهود عيان أن إطلاق النار توقف في المنطقة الأشد توترا والتي تضم عدة سفارات ومنازل سفراء أبرزها السفارتان الإيرانية والكندية والسعودية ومنزل السفير البريطاني. إلا أن شهود عيان أكدوا ل<<السفير>> أن المبنى المستهدف بشكل رئيسي كان مقرا تستخدمه الأمم المتحدة، والذي بدت عليه آثار احتراق شديدة ، كما لوحظ وجود سيارة محترقة. ولم تظهر حركة كثيفة لسيارت الإسعاف. وذكر أن أيا من مبنى السفير البريطاني أو السفارة الإيرانية لم يتعرض للضرر.
ومن القاهرة، اجرى الرئيس المصري حسني مبارك مساء الثلاثاء اتصالا هاتفيا بالرئيس السوري حافظ اسد للاطمئنان على الوضع في سوريا كما ذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية. وقالت الوكالة ان مبارك <<اطمأن على استقرار الاوضاع بعد الاحداث التي شهدتها العاصمة السورية دمشق في وقت سابق>>. واضافت ان الرئيسين استعرضا خلال الاتصال موضوعات تتعلق بالقمة العربية المقرر عقدها في تونس.
_انفجارات في دمشق تعيد إلى الأذهان حوادث الثمانينيات_
_إغلاق السفارة الأمريكية وحملة دهم تسفر عن ضبط مخزن أسلحة_
دمشق - خدمة قدس برس (28/04/04)
انفجارات وحوادث إطلاق نار، لم تشهدها العاصمة السورية منذ حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، عندما كانت السلطات السورية تلاحق كوادر حركة الأخوان المسلمين.
وبعد ساعات من إعلان السلطات السورية عن حوادث إطلاق النار والمتفجرات في الحي
الدبلوماسي في منطقة المزة في دمشق، أعلنت السلطات عن ضبط مخزن أسلحة في لقرب من الحي يحوي قذائف واسطوانات غاز وبعض الأدوات، التي أشار البيان السوري، إلى أنها تستخدم في تصنيع المتفجرات.
ويأتي حادث دمشق المفاجئ، بعد يوم واحد من إعلان السلطات الأردنية عن ضبط مجموعة "إرهابية" كانت تخطط لقتل وجرح نحو عشرة في المائة من سكان العاصمة الأردنية، حيث أشارت عمان إلى أن عدداً ممن كانوا ينوون تنفيذ هذه التفجيرات والسيارات المفخخة قدموا من الأراضي السورية.
ويقول مراقبون أمنيون إن حالة الانفلات الأمني في العراق، جعل جزءاً من الحدود السورية - العراقية خارجا عن إمكانية الضبط، ومنفذا آمنا لتحرك ناشطين إسلاميين معارضين للسياسات الأمريكية في المنطقة، بدأوا في التحرك باتجاه دمشق وعمان، وربما بيروت.
وبحسب ما أوردته السلطات السورية، المصدر الوحيد للأنباء الواردة من دمشق حتى الآن، فإن قوات الأمن "تصدت لأربعة إرهابيين كانوا يطلقون النار بشكل عشوائي .. وأسفر الحادث عن مقتل اثنين من المهاجمين الأربعة واستشهاد شرطي اثناء أدائه لعمله وامرأة كانت متواجدة في المكان".
وأوضح مصدر سوري مسؤول أن المجموعة المسلحة فجرت عبوة ناسفة تحت إحدى السيارات المتوقفة في حي المزة غرب دمشق، المنطقة التي ينتشر فيها عدد من السفارات والقنصليات المعتمدة لدى سوريا، وأن الانفجار أسفر عن أضرار مادية في مبنى غير مسكون كانت قوة مراقبة فصل القوات التابعة للأمم المتحدة قد أخلته منذ فترة.
وأضاف المصدر أن المجموعة المسلحة لجأت إلى الهرب بسيارة وهي تلقي القنابل اليدوية باتجاه عناصر الأمن.
وقال شهود عيان، يسكنون في المنطقة انهم سمعوا إطلاق نيران رشاشة استمرت لمدة تزيد عن الساعة، وذلك بعد سماع دوي نحو انفجارين، وأشار الشهود إلى أن قوات الأمن أغلقت المنطقة بأسرها في الوقت الذي تعطلت فيه خطوط الهاتف الأراضي.
وضمن تداعيات الحادث، أعلنت السفارة الأمريكية، في بيان وزعته اليوم الأربعاء، أنها قررت إغلاق أبوابها والطلب من أعضائها الدبلوماسيين الذين تسمح لهم ظروفهم بالابتعاد عن العمل، في البقاء داخل منازلهم. فيما أعلنت السفارة الكندية أن مبناها تأثر بصورة طفيفة من أحد الانفجارات التي نجمت عن إلقاء المهاجمين لقنبلة يدوية أثناء انسحابهم من مكان الاشتباك.
وكانت السلطات السورية فرضت تعتيما وسيطرة كاملة على كافة الأنباء التي خرجت حول الحادث، وواجه عدد من مراسلي وسائل الإعلام العاملة في دمشق صعوبة في إصدار رسائلهم الأخبارية طيلة ليل أمس الثلاثاء.
_قتلى وجرحى وحرائق وانفجارات في حي السفارات الراقي _
_بـ «الحسم السريع».. دمشق تقمع الإرهاب «العشوائي» _
( الوطن الكويتية ـ وكالات ) 28/4/2004
بأسلوب الحسم السريع والتطويق، حسمت قوات الأمن السورية أعمال الإرهاب العشوائي التي اندلعت في حي السفارات الراقي (منطقة المزة) العاصمة دمشق أمس رغم اشتباكات بالنيران وإلقاء قنابل واشتعال للنيران بسيارات ومبان هامة في المنطقة.
وأعلنت القوات السورية أمس سيطرتها التامة على الموقف وسط تأكيدات أنها صرعت ثلاثة إرهابيين وألقت القبض على واحد أو أكثر. ورجحت عدة أطراف متابعة أن يكون الإرهابيون من أتباع أو أنصار تنظيم القاعدة.
وقال الأمن السوري إن جماعة مسلحة تخريبية فتحت نيرانها عشوائيا مساء أمس في منطقة المزة لكن الأمن السوري تصدى لها وإن الوضع تحت السيطرة تماما.
وأكد مسؤول سوري أن الجماعة التي استهدفت مبنى للأمم المتحدة اشتعلت النيران فيه ودمرت عنده ثلاث سيارات هي جماعة تخريبية.
وأكد تلفزيون إسرائيل أمس نقلا عن شهود عيان أن هناك بعض الإصابات في الموقع الذي تتواجد فيه بالإضافة لمبنى الأمم المتحدة سفارات هامة أبرزها الاسترالية والبريطانية والإيرانية والكندية والسعودية.
مشيرا إلى تطويق القوات السورية للموقع قبل إتمام السيطرة، وتأتي هذه الاحداث في سوريا بعد يوم واحد من اعلان الاردن القبض على عناصر من شبكة القاعدة خططوا لتفجيرات كيماوية في العاصمة عمان.
وبعد يومين من ايام مداهمات سعودية وتتبع لقوى الارهابيين.
وتضاربت الانباء حول عدد الانفجارات حيث ذكرت بعض التقارير ان ثلاثة انفجارات وقعت في مركز تجاري في حي المزة الراقي فيما قال شاهد عيان لتلفزيون العربية ان اكثر من 15 انفجارا وقعت في دمشق.
وقال سكان في المدينة انهم سمعوا دوي عدة انفجارات وان قوات الشرطة اغلقت المنطقة كما سمعوا دوي صفارات الانذار بعد ذلك بنصف ساعة واصوات اطلاق نيران اسلحة رشاشة في المنطقة بعد ساعة من الانفجارات.
ورجحت قناة «الجزيرة» ان الانفجارات نتيجة لسيارة مفخخة مشيرة الى ان قوات الامن اعتقلت احد المهاجمين بعد اصابته بتبادل اطلاق النار «ويبدو ان المهاجمين استخدموا قنابل يدوية ومدافع رشاشة» وقال احد السكان ان التيار الكهربائي انقطع عن المنطقة التي بدت شوارعها مهجورة.
ونقلت وكالة الانباء الكويتية «كونا» عن مصدر سوري قوله ان سلطات الامن السورية اكتشفت مكانا لعناصر ارهابية لم تحدد هويتها وقامت بمداهمتها.
ويذكر ان سوريا شهدت مؤخرا اشتباكات دامية بين الأكراد وقبائل عربية قتل فيها عشرات من الأكراد وتم احتجاز عشرات آخرين بتهم إثارة شغب أثناء لعبة كرة قدم بين الطرفين.
وكانت السلطات الأردنية أعلنت في وقت سابق الأسبوع الماضي ان الجهات الأمنية تبحث عن ثلاث سيارات مفخخة يقودها إرهابيون قادمون من سوريا لتفجيرها في العاصمة عمان وذلك قبل اكتشاف تلك السيارات والشبكة التي تحركها مساء أمس الأول.
وفي الرياض كانت قوات الامن السعودية تواصل أمس مطاردتها لاربعة ارهابيين مفترضين في منطقة تقع على بعد 40 كلم شمال غرب الرياض.
وتحاصر قوات الامن وبينها عناصر من الوحدات الخاصة، مدعومة بعشرات العربات المصفحة والمروحيات منذ مساء الاحد هؤلاء المشتبه بهم في منطقة مزارع تقع بين العوينية والعمارية تكثر فيها الكهوف.
وقال مصدر امني ان هنديا تم اختطافه من قبل المجموعة المطلوبة تمكن من الافلات من خاطفيه وقدم للشرطة معلومات عن الموقع الذي يتحصنون فيه.
واعلن احد العناصر الامنية المشاركة في المطاردة لوكالة فرانس برس الاثنين ان ثلاثة من الارهابيين المحتملين الاربعة المحاصرين الان واردة اسماؤهم على لائحة من 26 مطلوبا - 23 سعوديا ومغربيان ويمني - ونشرتها وزارة الداخلية السعودية في ديسمبر.2003
إلى ذلك، دعا شريط صوتي نسب لقيادي في تنظيم القاعدة وزع أمس على مواقع اسلامية على الانترنت المسلمين الى الابتعاد عن «اماكن الامريكان وتجمعاتهم»نافيا في الوقت نفسه مسؤولية التنظيم عن الاعتداء الانتحاري على احد المقرات الامنية الاربعاء الماضي في الرياض.
واضاف الشريط الذي عرف صاحبه عن نفسه بانه ابو هاجر عبد العزيز المقرن القائد المفترض لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية «على المسلمين الابتعاد عن اماكن الامريكان وعن تجمعاتهم المدنية والعسكرية».
وقال «سيبقى اليهود والامريكيون والصليبيون عموما هدفا لعملياتنا القادمة وسيكون هذا العام باذن الله اشد وانكى عليهم». مؤكدا انه «لن يكون للحكومة السعودية قدرة على توفير الامن لهم».
واشارت بعض المعلومات الامنية في السعودية الى ان المقرن المدرج ضمن لائحة المطاردين في السعودية محاصر مع عدد من المسلحين الاسلاميين الاخرين في منطقة غير بعيدة عن الرياض.
وقال احد العناصر الامنية المشاركة في مطاردة اربعة ارهابيين مفترضين في منطقة مزارع تقع بين العوينية والعمارية تكثر فيها الكهوف أمس لوكالة فرانس برس ان بين المطاردين الاربعة عبد العزيز المقرن الذي يعتقد انه حل محل اليمني خالد علي بن الحاج على راس تنظيم القاعدة في منطقة الخليج بعد مقتل الحاج في 15 مارس برصاص الشرطة في الرياض.
_سوريا تعزو هجوم المزة لتداعيات غزو العراق_
( الجزيرة نت ) 28/4/2004
اعتبر السفير السوري لدى الولايات المتحدة عماد مصطفى أن التفجيرات التي وقعت في حي المزة غربي العاصمة دمشق مساء أمس نتيجة طبيعية لأجواء الوضع المتفجر في المنطقة خاصة ما يتعلق بغزو العراق والأوضاع المتردية في الأراضي الفلسطينية.
وأشار السفير السوري في تصريح لراديو سوا الأميركي صباح اليوم الأربعاء إلى أن كثيرا من الأصوات حذرت من تداعيات غزو العراق الذي يولد مشاعر معادية للغرب في المنطقة.
وقال إن التحقيق سيكشف عما إذا كانت التفجيرات موجهة ضد السفارات الغربية أو ضد المدنيين السوريين. مؤكدا أنه لايزال من المبكر تحديد هوية منفذي التفجيرات. ورأى أن المعلومات التي تحدثت عن مسؤولية تنظيم القاعدة عن التفجيرات مبكرة جدا.
من جهته أكد السفير السوري في الأمم المتحدة فيصل مقداد ما جاء على لسان نظيره في واشنطن عن علاقة هذا الحادث بتداعيات غزو العراق، مضيفا أن بلاده لا تتقبل مثل هذه الأعمال "الإرهابية" داخل سوريا وخارجها. مشيرا إلى أن دمشق تعاونت مع جميع الدول للقضاء على "الإرهاب الدولي".
_تفاصيل الأحداث_
وفي تطور سابق قالت السلطات السورية إن قوات الأمن عثرت على مخبأ أسلحة ومتفجرات بعد أن قامت بعملية دهم لضاحية في العاصمة دمشق اشتبكت خلالها مع من وصفتهم بالإرهابيين.
وكانت السلطات السورية قد أعلنت في وقت سابق أن قوات الأمن عثرت على مخبأ للأسلحة والمتفجرات خلال عملية دهم لضاحية في العاصمة دمشق اشتبكت فيها الشرطة مع مسلحين. جاء ذلك بعد ساعات من وقوع انفجارات هزت العاصمة وأسفرت عن مقتل مهاجمين ورجل أمن وامرأة.
وعرض التلفزيون الحكومي لقطات لغرفة مخزنة فيها قذائف صاروخية وأسطوانات غاز وأكياس مسحوق أصفر. وأوضحت السلطات أن المستودع كان يستخدم من قبل "مجموعة شنت هجوما في حي المزة الدبلوماسي".
وقد أسفر هذا الهجوم عن مقتل اثنين من المهاجمين الأربعة وشرطي وامرأة كانت في المكان، كما أصيب مهاجم ثالث واعتقل رابع حسب مسؤول في وزارة الداخلية السورية.
وأوضحت مصادر أمنية أن المجموعة المسلحة فجرت عبوة ناسفة تحت إحدى السيارات المتوقفة في حي المزة غربي دمشق الذي يوجد به عدد من السفارات والقنصليات المعتمدة لدى سوريا. وأضافت أن الانفجار أسفر عن أضرار مادية في مبنى غير مأهول كانت قوة مراقبة فصل القوات التابعة للأمم المتحدة قد أخلته منذ فترة.
وقال المصدر إن عناصر الأمن تصدت للمجموعة وتبادلت معها إطلاق النار حيث لجأت المجموعة المسلحة إلى الهرب بسيارة وهي تلقي القنابل اليدوية باتجاه عناصر الأمن.
_أهداف الهجوم_
وقد نفت الناطقة باسم الأمم المتحدة ماري أوكابي استهداف مكاتب المنظمة في الهجوم الذي وقع في العاصمة السورية حسب ما أفادته معلومات وشهود.
وقالت أوكابي إن موظفي المنظمة الدولية لم يصابوا بأي أذى. ورجحت أن تكون المكاتب التي كانت تستخدمها المنظمة في الماضي قد أصيبت بالهجوم "حيث أنها معروفة لدى سكان دمشق باسم مبنى الأمم المتحدة".
كما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الكندية ماري كريستين ليلكوف إن السفارة الكندية في دمشق تضررت قليلا ولم تقع إصابات في الهجوم الذي استهدف مبنى مجاورا كان يضم في وقت سابق مكاتب للأمم المتحدة.
اتهامات
وكان المحلل السياسي السوري د. عماد الشعيبي قال في اتصال مع الجزيرة إن المعتقل الرابع أدلى بمعلومات مهمة عن المكان الذي تخبئ فيه المجموعة الأسلحة، مشيرا إلى أن هذه المجموعة ربما تكون لها صلة بتنظيم تابع للقاعدة.
وأشار الشعيبي إلى أنه إذا ثبت أن للحادث علاقة بالإرهاب فإن سوريا ستكون بذلك ضحية له، موضحا أن ذلك ستكون له انعكاسات على المنطقة خصوصا بعد الأحداث الأخيرة في الأردن المجاور الذي أعلنت قوات الأمن فيه إحباطها لما أسمته عملا إرهابيا كبيرا.
بالمقابل استبعد المحلل السياسي المصري ضياء رشوان في اتصال مع الجزيرة وقوف القاعدة وراء هذا الحادث، وقال إن اتهام دمشق لمجموعة إسلامية بالإرهاب يفتقر إلى الدقة لأن سوريا لم تكن مستهدفة من القاعدة ولا من غيرها من الجماعات الإسلامية.
وأشار إلى أن دمشق ربما تسعى لمكاسب سياسية وتحاول إبعاد التهمة عن نفسها بعد اعتقال أشخاص قادمين من الأراضي السورية في الأردن.
_دمشق: صِدام مع "مجموعة ارهابية" في "مناخ اضطراب وفوضى" _
_انفجارات وحريق وقتلى في حي السفارات _
( النهار ) 28/4/2004
دوّت مساء امس في منطقة المزة غرب دمشق والتي تضم عدداً من السفارات والمقرات الديبلوماسية، انفجارات عدة وسمع اطلاق نار كثيف في حادث "ارهابي" تضاربت المعلومات عن الاماكن التي استهدفها وهوية المنفذين وعددهم وعدد المصابين. وزاد تشويش الصورة ارتباك الاعلام الرسمي السوري، ذلك ان الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" اوردت خبراً مفصلاً عما حدث، ثم عادت وألغته بعد وقت قصير. وفي وقت لاحق، وزعت الوكالة تصريحاً لمصدر مسؤول في وزارة الداخلية تضمن رواية رسمية للحادث. ويأتي هذا الحادث، الذي لم تشهد دمشق مثله منذ زمن بعيد، غداة نشر السلطات الاردنية اعترافات خلية "ارهابية" تابعة لتنظيم "القاعدة" بزعامة اسامة بن لادن، قال افرادها انهم كانوا يستعدون "لشن اول هجوم ارهابي بالسلاح الكيميائي" في عمان. وبينما افادت مصادر ان هجوم دمشق امس استهدف مبنى يضم مكاتب للامم المتحدة كانت تستخدمها سابقاً قوة فك الاشتباك التابعة للمنظمة الدولية في الجولان "اندوف"، قالت مصادر اخرى ان الهجوم كان يستهدف السفارة البريطانية. وتحدثت مصادر اخرى عن استهداف السفارة الكندية والسفارة الايرانية.
وقالت مصادر ان عدد المهاجمين سبعة، ومصادر اخرى انهم اربعة. وراوح عدد القتلى حسب الروايات بين واحد واربعة. لكن الرواية الرسمية الاخيرة اكدت مقتل اربعة بينهم مهاجمان وشرطي وامرأة.
_ الرواية الرسمية _
وقال المصدر المسؤول في وزارة الداخلية لوكالة "سانا" ان مجموعة مسلحة مؤلفة من "اربعة اشخاص قامت مساء اليوم الثلثاء 27/4/2004 بوضع عبوة ناسفة تحت السيارات المتوقفة في منطقة المزة بدمشق". واوضح "ان العبوة الناسفة قد انفجرت مسببة بعض الاضرار المادية في مبنى غير مسكون. وقامت عناصر الامن والشرطة بالتصدي لهذه المجموعة ومحاصرتها وتبادلت معها اطلاق النار حيث لجأ افراد المجموعة الى الهرب بسيارة ثانية وهم يلقون القنابل اليدوية في اتجاه عناصر قوى الامن. ونتيجة لتبادل اطلاق النار بين عناصر الامن وافراد المجموعة الارهابية قتل اثنان من افراد المجموعة والاثنان الآخران اصابتهما بالغة". واكد ان "واحداً من عناصر الشرطة قد استشهد اثناء تأدية واجبه واستشهدت مواطنة واحدة كانت موجودة في المكان".
واضاف "ان الجمهورية العربية السورية التي واجهت الارهاب بكل اشكاله وما زالت ومنذ اكثر من ربع قرن تدين هذا الحادث الارهابي الذي يحاول عبره النيل من الاستقرار وتهديد امن المواطن والوطن. وتؤكد موقفها الثابت في التصدي لاي عمل ارهابي يستهدف زعزعة الاستقرار والامن واشاعة الفوضى مما يستوجب اتخاذ كل الاجراءات العادية والاستثنائية والضرورية لمواجهة مثل هذه الحالات حفاظاً على امن المواطن والوطن والاستقرار الذي تنعم به سوريا منذ زمن طويل". وخلص الى "ان ما تشهده المنطقة من اضطراب وفوضى في المجالين الامني والسياسي يخلق المناخ المحرض لمثل هذه الاعمال الاجرامية المدانة والتي تهدد الامن والاستقرار في دول المنطقة كافة".
وصرح السفير السوري لدى واشنطن عماد مصطفى: "نحاول معرفة من يقف وراء هذه الاعمال الارهابية... نبذل قصارى جهدنا ضد تنظيم القاعدة. لدينا العدو ذاته" مع الولايات المتحدة.
_ الرواية الملغاة _
اما الخبر الذي كانت اوردته "سانا" ثم الغته، فجاء فيه ان ثلاثة مسلحين قتلوا واصيب رابع بجروح مساء عندما اطلقت قوى الامن السورية النار على "مجموعة ارهابية" من اربعة اشخاص اطلقت النار على المارة امام السفارة الكندية في منطقة المزة. وقالت ان "مجموعة من اربعة اشخاص ترجلوا من سيارة امام مبنى السفارة الكندية في منطقة اوتوستراد المزة وبدأوا باطلاق النار على المارة بشكل عشوائي، وعند مرور سيارة شرطة اطلق المسلحون النار عليها". واضافت ان "قوى امن توافدت الى المنطقة وتبادلت اطلاق النار مع المجموعة المسلحة التي استخدمت الاسلحة الرشاشة والبنادق الآلية والقنابل اليدوية وقذائف آر بي جي. واكدت ان "قوى الامن اطلقت النار على المسلحين عند محاولتهم الفرار مما ادى الى مقتل ثلاثة منهم واصابة الرابع بعد ارتطام السيارة بالرصيف على بعد حوالى 300 متر من المكان الاول". واشارت الى ان قوى الامن اعتقلت الجريح. ونقلت عن شهود ان المبنى الذي يضم مكاتب الامم المتحدة قرب السفارة الكندية دمرته النيران.
كما نقلت الوكالة عن مصدر امني سوري ان اجهزة الامن "تسيطر سيطرة كامل على الموقف".
_ الامم المتحدة _
ونقل مراسل "وكالة الصحافة الفرنسية" عن شهود ان مجموعة من سبعة رجال مسلحين ملثمين هاجمت بقاذفات "آر بي جي" مبنى يضم مكاتب للامم المتحدة، وقال الشهود ان قوى الامن قتلت احد المهاجمين، في حين اصيب آخر بجروح وتمكن ثلاثة آخرون على الاقل من الفرار في سيارة. كما اصيب احد عناصر الامن بجروج بالغة. واضافوا ان المجموعة التي جاءت في سيارتين اطلقت النار على دفعتين في اتجاه مبنى الامم المتحدة الذي شبت فيه النيران. وبعد اطلاق صاروخ اول همت المجموعة بمغادرة المكان، لكنها عادت ادراجها واطلقت قذيفة اخرى. وبدأت قوى الامن التي تحرس المبنى باطلاق النار على المهاجمين الذين اخذوا يطلقون النار بشكل عشوائي من اسلحة رشاشة وقاذفات "آر بي جي". واصابت النيران اوتوبيسا صغيرا خاليا من الركاب تمكن سائقه من النجاة. كما اصيبت ثلاث سيارات متوقفة في المكان فشبت فيها النيران. واكد الشهود ان احدى السيارتين اللتين استخدمهما المهاجمون انفجرت لاحقا.
وتحدث مراسل وكالة "انباء الشرق الاوسط" في دمشق عن احتراق المبنى القديم للامم المتحدة، الى خمس سيارات كانت متوقفة امامه تماماً. وقال ان المجموعة المهاجمة تضم اربعة اشخاص وكانت في سيارة من نوع "فان" بيضاء . واكد مقتل ثلاثة مسلحين واصابة الرابع.
لكن الناطقة باسم الامم المتحدة في نيويورك ماري اوكابي صرحت ان مكاتب المنظمة الدولية في دمشق "لم تتعرض لهجوم. كل الموظفين بخير". وقالت انه تبين للمسؤولين في الامم المتحدة ان المبنى الذي كان يضم مكاتب للمنظمة الدولية في الماضي والمعروف لدى سكان العاصمة باسم مبنى الامم المتحدة قد يكون اصيب في الهجوم. وذكرت ان الامم المتحدة أخلت هذا المبنى "منذ فترة".
_ السفارة البريطانية _
وفي لندن صرح ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية ان انفجاراً واطلاق نار حصلا قرب منزلي السفيرين الايراني والبريطاني في العاصمة السورية. وقال ان الانفجار أقرب من منزل السفير الايراني. وأضاف: "لم تقع اصابات بين موظفي السفارة البريطانية. وفي الوقت الحاضر يتولى موظفونا تقويم الموقف".
ونقل تلفزيون "المنار" عن مصدر في السفارة الايرانية ان السفارة لم تتعرض لاطلاق نار. وامتنعت السفارة عن التعليق على الامر.
_ السفارة الاميركية _
وفي واشنطن نقل مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية عن ديبلوماسيين اميركيين في دمشق انهم سمعوا دوي انفجارين قويين في المدينة لم يقعا قرب السفارة.
كما نفت وزارة الخارجية الكندية ان يكون أي من ديبلوماسييها اصيب في الحادث.
وتضم منطقة الحادث عدداً من السفارات ومنازل السفراء بينها السفارات البريطانية والكندية والايرانية والسعودية وغيرها، الى مركز تجاري جديد.
وبعد الحادث طوقت قوى الامن المنطقة التي انقطع عنها التيار الكهربائي وخطوط الهاتف، في حين كانت الهواتف الخليوية شبه متوقفة. وأخلت قوى الامن حرماً جامعياً في الحي.
وهذه الحوادث هي الأولى من نوعها في العاصمة السورية التي تنعم بالهدوء منذ الثمانينات من القرن الماضي عندما شهدت سلسلة من الهجمات نفذها "الاخوان المسلمون".
_ مبارك _
واتصل الرئيس المصري حسني مبارك بنظيره السوري بشار الاسد للاطمئنان "الى استقرار الأوضاع".
كذلك اتصل وزير الخارجية اللبناني جان عبيد بنظيره السوري فاروق الشرع للغاية نفسها.
_الأمور عادية في شوارع دمشق بعد منتصف الليل_
_أنباء عن انفجارات اخرى والقاء القبض على مشتبه بهم مصدر الأمني_
_استشهاد فرد من عناصر الشرطة ومواطنة واحدة_
بهية مارديني : موقع إيلاف 28/4/2004
رصدت "إيلاف" في جولة قامت بها حركة الشارع السوري بعد الانفجار الذي حدث في منطقة المزة غربي دمشق، ففي منتصف الليل تماما بالتوقيت المحلي عبرت إيلاف نفق الامويين بشكل طبيعي ودخلت اوتستراد المزة ولاحظت عودة الامور الى هدوئها المعتاد. وكان مبنى السفارة الكندية والسفارة الايرانية سليمين اضافة الى سلامة المباني المجاورة عدا مبنيا واحدا في اوتستراد المزة، تفحمت واجهته وهو مكون من ثلاث ادوار وبحجواره مبنى آخر لشركة دلتا للاثاث المكتبي لم يتضرر.
ثم انتقلت ايلاف الى المبنى التجاري "سيتي مول" الذي لم يتعرض لأي ضرر مناقضة نافية بذلك صحة الأنباء التي تحدثت عن انفجاره. وتحدثت ايلاف مع احد المواطنين الذي رفض ذكر اسمه ولكنه قال انه كان شاهدا على حادثة اطلاق نيران من مجهولين في سيارة قال انها من نوع جيمس مع رجال الشرطة وانه تمت السيطرة من جانب الامن على الوضع سريعا ، ونقل المواطن ألمه من الشارع السوري الذي نهشته الاشاعات في موضوع عادي من الممكن ان يحدث في اية دولة فتارة يقال السفارة الكندية تضررت والسفارة البريطانية قد وقعت !!بينما نحن في اشد الحاجة الى وعينا وتماسكنا..
واكدت مصادر اخرى لايلاف انه تم بالفعل القبض على بعض المشتبه بهم ..وفي سياق متصل صرح مصدر مسؤول في وزارة الداخلية لوكالة الانباء السورية " سانا " ان مجموعة مسلحة مؤلفة من أربعة أشخاص قامت مساء اليوم الثلاثاء /27/4/2004/ بوضع عبوة ناسفة تحت إحدى السيارات المتوقفة في منطقة المزة بدمشق0
وأضاف المصدر المسؤول ان العبوة الناسفة قد انفجرت مسببة بعض الاضرار المادية فى مبنى غير مسكون.
وتابع المصدر انه قامت عناصر الامن والشرطة بالتصدى لهذه المجموعة ومحاصرتها وتبادلت معها اطلاق النار حيث لجأت عناصر المجموعة الى الهرب بسيارة ثانية وهم يلقون القنابل اليدوية باتجاه عناصر قوى الامن ..
وقال المصدر انه نتيجة لتبادل اطلاق النار بين عناصر الامن وعناصر المجموعة الارهابية قتل اثنان من عناصر المجموعة والاثنان الاخران اصابتهما بالغة.
واكد المصدر المسؤول ان سورية التى واجهت الارهاب بكل اشكاله ومازالت ومنذ اكثر من ربع قرن تدين هذا الحادث الارهابي الذي يحاول عبره النيل من الاستقرار وتهديد أمن المواطن والوطن.
كما اكد موقف سورية الثابت فى التصدي لاى عمل ارهابي يستهدف زعزعة الاستقرار والامن واشاعة الفوضى مما يستوجب اتخاذ كافة الاجراءات العادية والاستثنائية والضرورية لمواجهة مثل هذه الحالات حفاظا على أمن المواطن والوطن والاستقرار الذى تنعم به سورية منذ زمن طويل.
وقال المصدر الامني ان واحدا من عناصر الشرطة قد استشهد أثناء تأدية واجبه واستشهدت مواطنة واحدة كانت متواجدة فى المكان.
كما أكد المصدر ان ماتشهده المنطقة من اضطراب وفوضى فى المجالين الامنى والسياسى يخلق المناخ المحرض لمثل هذه الاعمال الاجرامية المدانة والتى تهدد الامن والاستقرار في دول المنطقة كافة.
الجدير بالذكر انه ماتزال الاجراءات الامنية والقانونية مستمرة للكشف عن ملابسات هذا العمل الارهابي المدان.
وكانت العاصمة قد اكتظت في الشوارع الرئيسية بالزحام بعد الانفجارات التي وقعت في حي المزة وقال عدد من سكان المنطقة في اتصال هاتفي اجرته "إيلاف" إن صفارات الانذار انطلقت بعد وقوع الانفجارات، وان قوات الامن طوقت المنطقة، وقد أعلن مصدر سوري مسؤول "أن مجموعة إرهابية تخريبية قامت اليوم بإطلاق النيران بشكل عشوائي في منطقة المزة غربي دمشق وقد تصدت لها الأجهزة الأمنية المعنية وتمت السيطرة الكاملة على الموقف."
ومن جهة أخرىالغت وكالة الانباء السورية مساء اليوم الثلاثاء نبأ اوردته وتحدث عن مقتل ثلاثة مسلحين واصابة رابع بجروح امام السفارة الكندية واحتراق مبنى الامم المتحدة في منطقة المزة غرب دمشق، بدون تقديم تفسير لهذا الالغاء.
وكان شهود عيان، قد أكدوا لايلاف وقوع عدة انفجارات في دمشق وتبادل كثيف لإطلاق النار بمنطقة المزة، في الثامنة من مساء اليوم.
وأكدت المصادر، أن الإنفجارات هزت المنطقة، التي تتميز بوجود العديد من السفارات والهيئات الدبلوماسية والعديد من المقرات الحكومية ، بالإضافة الى الكثير من المنازل السكنية للطبقة الراقية.
وقال شهود عيان أن مبنى الأمم المتحدة قد اشتعلت به النار، بالإضافة الى تضرر منزل السفير البريطاني، وذلك جراء الإنفجارت التي يتوقع ان تكون نتيجة سيارات مفخخة.
وتناقلت بعض الانباء أن انفجارا آخر قد وقع، في وقت سابق الثلاثاء، أدى الى حدوث أضرار بالغة في أحد الأسواق التجارية "سيتي مول" والواقع في الجهة الغربية من منطقة المزة في العاصمة، وان هناك انفجارا اخر قد وقع في منطقة المهاجرين ولكن لم يتم التأكد من هذه الاخبار او اعلانها بشكل رسمي ..وافادت عدة مصادر إن السلطات السورية طلبت من الأطباء المتواجدين في المنطقة التوجه على الفور لعملهم تحسبا لوقوع جرحى أو قتلى نتيجة الانفجار.
ونقلت مصادر طبية نقل بعض المدنيين الى مستشفى المواساة في المزة ولم يعرف عددهم بالتحديد . ولم يكن بالامكان الوصول مطلقا الى جهة الانفجار لأن السلطات قامت بنشر قوات الأمن الخاصة في مختلف شوارع العاصمة السورية، كما أصبحت منطقة المزة، حيث وقعت الانفجارات منعزلة ولم تستطع ايلاف خلال محاولتها الدخول الى منطقة المزة ،الاقتراب من ساحة الامويين التي تصل المدينة باوتستراد المزة .
وتحدثت بعض المصادر لايلاف ان قوات الامن قد القت القبض على عدد من الاشخاص لعلاقتهم بالحادث .
_اهتمام الصحف البريطانية بانفجارات دمشق_
( بي بي سي ) 28/4/2004
اهتمت الصحف البريطانية الصادرة صباح الأربعاء بالانفجارت التي وقعت في دمشق .
صحيفة الديلي تلجراف تهتم على صدر صفحتها الأولى بنبأ الانفجارات التي هزت دمشق ليلة أمس وتكتب تحت عنوان "اندلاع النيران في مكتب الأمم المتحدة اثر تفجيرات هزت العاصمة السورية" إن الهجوم سيلقي بظلاله على النظام السوري بدرجة خطيرة لاسيما وان الحكومة السورية أحكمت قبضتها الأمنية على العاصمة منذ وقوع محاولة انقلابية في الثمانينات.
وتنقل الصحيفة عن سكان حي المزة الذي شهد الهجوم قولهم إن تبادل إطلاق النار استمر نحو الساعة في الحي الذي يملك الرئيس السوري بشار الأسد فيه منزلا خاصا.
وتقول الديلي تلجراف إن السفارة البريطانية التي ظلت مغلقة أمام الجمهور منذ أسابيع خوفا من وقوع هجمة إرهابية بعد تفجيرات استانبول في نوفمبر /تشرين الثاني الماضي، لم تتعرض لأي أضرار.
وعن الأحداث غير المسبوقة في سورية تعلق صحيفة الفاينانشيال تايمز قائلة إن سورية التي يحكمها حزب البعث شهدت قلاقل غير مسبوقة من الأقلية الكردية في البلاد في مارس/آذار الماضي بعد أن حصل الأكراد في العراق على مزيد من الحقوق من خلال الدستور الانتقالي الجديد للبلاد.
وشارت الصحيفة إلى أن سورية أعلنت العام الماضي أن سلطاتها تبحث عن سيارات محملة بالمتفجرات، وقالت الفاينانشيال تايمز إن لدمشق كفاح طويل ضد المتشددين الإسلاميين.
وفي هذا الاطار تشير صحيفة الجارديان الى الخلاف المتأصل بين الحكومة السورية والاخوان المسلمين وتذكر ان الرئيس الراحل حافظ الاسد قمع الجماعة، وان الكثيرين منهم لا يزالون في السجون في عهد الرئيس الحالي بشار الاسد.
وتعلق الصحيفة على تأثير هذه الهجمات بانها من الممكن ان تزعزع حكم الاسد الا انها ايضا من الممكن ان تكون عونا له في علاقته بالولايات المتحدة بتصوير سورية على انها ايضا ضحية "للحرب على الارهاب".
_السعودية تستنكر الحادث "الارهابي" في دمشق_
( أ ف ب ) 28/4/2004
اعلن مصدر رسمي ان ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز عبر في اتصال هاتفي مع الرئيس السوري بشار الاسد ليل أمس عن استنكاره للحادث "الارهابي" في دمشق.
وقالت وكالة الانباء السعودية اليوم ان الامير عبد الله اجرى مساء أمس اتصالا هاتفيا بالرئيس السوري "استنكر فيه الحادث الارهابي الذي وقع في دمشق سائلا المولى ان يديم على سوريا امنها واستقرارها". واضافت الوكالة ان الاسد وولي العهد السعودي بحثا خلال الاتصال الهاتفي في "تطورات المنطقة"، بدون ان تذكر اي تفاصيل.
_السلطات السورية تعلن اكتشاف مخبأ للاسلحة قرب دمشق_
( أ ف ب ) 28/4/2004
أعلنت وكالة الانباء السورية (سانا) ليل الثلثاء الاربعاء ان السلطات السورية اكتشفت مخبأ للاسلحة والمتفجرات "للمجموعة الارهابية" التي نفذت مساء الثلثاء هجوما في وسط دمشق.
وقالت الوكالة ان "التحقيقات التي قامت بها الاجهزة المختصة كشفت عن مخبأ كانت المجموعة الارهابية تخفي فيه اسلحتها في منطقة خان الشيح على بعد 25 كيلومترا جنوب دمشق.
واضافت ان "الاجهزة المختصة داهمت المخبأ وصادرت كمية من الاسلحة والمتفجرات كانت موجودة فيه", موضحة ان "الاجراءات الامنية والقانونية مستمرة للكشف عن ملابسات هذا العمل الارهابي المدان".
وكانت مجموعة مسلحة هاجمت مساء الثلثاء حي المزة السكني في غرب العاصمة السورية التي لم تشهد حادثا من هذا النوع منذ الثمانينات.
ودان مسؤول في وزارة الداخلية السورية "هذا العمل لارهابي الذي يحاول النيل من الاستقرار وتهديد امن المواطنين", مشيرا الى ان "ما تشهده المنطقة من اضطراب وفوضى في المجالين الامني والسياسي يخلق المناخ المحرض لمثل هذه الاعمال الاجرامية".
_منطق الجوجيستو_
محمد جمال باروت: البيان الإماراتية 28/4/2004
ينطوي حضور كل من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورمضان عبد الله شلح الأمين العام لحركة الجهاد مجلس العزاء الجماهيري بالشهيد عبد العزيز الرنتيسي والذي أقيم في مخيم اليرموك في دمشق، بكامل «لباس الميدان» المقاوم، والتعهد بـ «أنّ الردّ قادم»، على رسالةٍ سورية «واضحةٍ» في أن دمشق لم تعد تولي «الإملاءات» التي أشهرها وزير الخارجية الاميركية كولن باول في مايو الماضي في مواجهتها أدنى اعتبارٍ.
ومن يتابع مسار التفاهمات السورية-الفلسطينية لاحتواء ضغوطات «البطاقة الصفراء» الاميركية التي عبّرت عنها تلك الإملاءات، وما تبعها من تلويحٍ بإشهار البطاقة الحمراء، يلمس بيسرٍ أن دمشق لم تستجب في الأصل إلى «الإملاءات» إلا بشكلٍ لفظيٍ مشروط، اقتصر فعلياً على صدور مبادرةٍ من المنظمات الفلسطينية المقاومة بعدم إطلاق تصريحاتٍ إعلاميةٍ سياسيةٍ من دمشق، كي لايتم إحراج القيادة السورية في مسار علاقتها المعقّدة مع واشنطن.
وهو مايفسّر أن وضعية عمل هذه المنظمات في المخيمات الفلسطينية ظلت من الناحية الفعلية على حالها، ولم تُغلق قط، وإن أبطأت من عملها في بعض اللحظات لاعتبارات المناورة السياسية إزاء الضغوط التي تعرّضت إليها دمشق.
لم يكن ذلك ممكناً لولا الوضع الأميركي المتدهور في العراق نتيجة الحرب المفتوحة ما بين الاحتلال والمقاومة، والذي أسفر عن تهيؤ أكثر من ثلث القوات الحليفة لمغادرة العراق وترك الاميركيين وحدهم في حلبة الجوجيستو العراقية التي استجرّت المقاومة العراقية المصارع الاميركي إليها.
ويقوم منطق هذه اللعبة على كيفية تمكن الخصم الخفيف «الضعيف» من رمي خصمه الثقيل «المفرط في القوة»، عبر توجيه الضربة إليه في أكثر مناطقه حساسيةً وضعفاً، بشكلٍ يتم فيه تعطيل جزءٍ كبيرٍ من قوته المفرطة، ونزع الهيبة عنه أمام النظارة في المشهد. وهو ما يعبّر عنه حال الهدنة التي لم تكن في وارد أحد قبل قيامها من تمديدها ثم تمديدها مابين قوات الاحتلال والمقاومين في الفلوجة.
لقد التقطت دمشق وحلفاؤها المقاومون هذه اللحظة، للتملص من الإملاءات الاميركية وجعلها غير ذات صلة، بما يحتمله ذلك من التطلع إلى بناء ميزان ممانعةٍ ردعيةٍ مفتوحةٍ على احتمالاتٍ شتى، إذ وجد المصارع الأميركي الذي أربكه «الجوجيستو» العراقي أن قوته المفرطة قد باتت معطّلةً سياسياً، وأنه بات معنياً بتخفيف الوطأة عنه أكثر من اعتنائه في ابتزاز دمشق ضد المنظمات المقاومة، وتهديدها بسهام البطاقة الحمراء.
وقد كانت دمشق بعد أن غادرها باول في مايو الماضي تنتظر هذه الوضعية وتراهن عليها بشكلٍ مسبقٍ من خلال الرد على اتجاه «التكيف» مع الوضع الاستراتيجي الجديد إلى اقتناص الفرصة السانحة لبناء نوعٍ من ممانعةٍ تنطوي على شيءٍ مما يسميه العسكريون بالردع السلبي.
نجح هذا الاقتناص حتى الآن في تخفيف حدة الضغط الأميركي وانكفائه ولو إلى حين، وهو ما التقطه أيضاً حلفاء واشنطن وأصدقاؤها في المنطقة، حين أجّل الملك عبد الله الثاني لقاءه بالرئيس الأميركي جورج بوش إثر مواصلة شارون بعملية اغتيال الصفّ القيادي المؤسس لحركة حماس، بقدر ما حاول شارون أن يستعجل سياسته ويطرح وضع اثني عشر قائداً من حماس على قائمة التصفيات في الخارج والداخل.
والجديد هنا هو العودة إلى سياسة القيام بتصفياتٍ في الخارج، فما المقصود بهذا الخارج؟ لقد سبق للموساد أن قام بمحاولة اغتيال مشعل في الأردن التي ترتبط مع إسرائيل بمعاهدة سلام، كما سبق له أن مارس نشاطاً تجسسياً في مصر التي ترتبط بدورها مع إسرائيل بأول اتفاقية «سلامٍ» عربيةً-إسرائيليةٍ، بل وخرق فعلياً ماتنص عليه اتفاقيات كامب ديفيد من عدم اقتراب القوات الإسرائيلية إلى الحدود المصرية ووجود منطقة بعمق ثلاثة كيلومترات يحظّر عليها اختراقها.
وفي القراءة الأولى فإن الخارج هو كل مكانٍ يوجد فيه قادة حماس حتى ولو كان قطَر، لكن في القراءة الثانية قد يكون لبنان بدرجةٍ أساسيةٍ هو الساحة المقصودة، لكن تنفيذ مثل ذلك ينطوي على خرق قواعد اللعبة الراهنة مع وجود حزب الله في الجنوب، في حين أن تنفيذ ذلك في دمشق يصطدم على مايبدو بمعارضة واشنطن. ويمكن استنتاج ذلك مما رشَح عن أن شارون قد رهن قيام الموساد بتصفية أحد قادة حماس أو الجهاد أو حزب الله في دمشق بالعودة إليه شخصياً للحصول على موافقته.
لقد شكّلت المقاومة العراقية «عتَلة» بناء هذا الميزان الممانع الجديد الذي شكّل ظهور مشعل وشلّح في مخيم اليرموك بدمشق بمثابة «تصريحٍ رسميٍ» عنه. لكنّ الأهم تطويره إلى ميزان ردعٍ سلبيٍ مقاومٍ، يقوم على الرد بضربة على أية ضربة فيما لو تمت عملية في دمشق، وألا يتكرر بالتالي تعطيل ميزان الردع السلبي بعد العدوان على قرية عين الصاحب داخل الأراضي السورية.
ويعني ذلك ضرورة وضع الردع السلبي بمفهومه المحدد «ضربة دون أي حاجة لاتخاذ قرار جديد مقابل ضربة»، أي أن تكون مروحة أهداف الردع السلبي قائمةً ولايحتاج ضربها إثر عدوان ما إلى قرارٍ جديد، فذلك وحده ما قد يسمح بزحزحة قواعد اللعبة الشارونية في المنطقة، وفتحها على احتمالاتٍ جديدةٍ تجد فيها إسرائيل أنه من المتعذّر عليها بموجب قواعد لعبة الجوجيستو أن تستخدم طاقتها المفرطة بالقوة، فتعطيل استخدام هذه القوة هو من أهم وظائف الردع السلبي في المنطق الجديد للجوجيستو في المنطقة.
_حول الديموقراطية في العالم العربي_
م. سعد بساطة : ( كلنا شركاء ) 28/4/2004
( ترجمة عن الإيكونومست )
لا شيء يصف بشكلٍ أفضل اليأس الذي يغمر الشارع العربي من جراء الاختلاطات التي أحاطت بتأجيل تم في آخر لحظة لمؤتمر القمة المزمع عقده في تونس . آخذين بالاعتبار أنه ليس للقمة العربية تاريخاً مؤثـّراً ، و هنا نتساءل عن هذا الشرخ في الوحدة العربية هل هو أمرٌ جيد أم سيّء ؟
_هكذا قدّمت مجلة الايكونوميست البريطانية بعدد 3-10 نيسان لمقالها الذي يتحدث عن الديموقراطية في العالم العربي ، و أنا إذ أعرض المقال بعد ترجمته بأمانة أتساءل – ببراءة – هل البديل هو الديموقراطية بشكلها الأمريكي ؟_
أرجو من القراء المطالعة بتجرّد ، فهو ليس إلاّ وجهة نظر اخرى تـُضاف للتقييمات التي يتحفنا بها الغرب يومياً..
هنالك القليل من الحريـّات السياسية و حتى الاقتصادية في العالم العربي بالوقت الحالي ، و لكن يبدو أنّ العرب قد بدؤوا بالمطالبة بالمزيد .
عندما ألغت تونس القمة المخطـّط لها للزعماء العرب و التي كان من المزمع أن تستضيفها الأسبوع الماضي ، لم تكن هذه الحركة هي مبعث الدهشة الوحيد.
يقول التونسيون بتشامـُخ أنهم ألغوا الاجتماع لأنّ بعض أولئك المدعوين لم يحبـّذوا جدول الأعمال الذي تضمـّن (تعزيزالإجراءآتٍ الديموقراطية، حماية حقوق الانسان ، و تشجيع دور المرأة في المجتمع المدني ).و قد كمنت الدهشة في الحقيقة أنّ تونس (إحدى أهدأ – و لكن بنفس الوقت – إحدى أكمل الديكتاتوريات ) قد برزت كبطلٍ للحرية .
هنالك كلمة مختلفة تعبـّر عن هذا في كل بلدٍ عربي و لكن المبدأ يبقى نفسه، فالجزائريون يتحدّثون عن " القوة " ، و يتكلـّم السعوديون عن " العائلة "، في حين يركـّز المصريون على " الحكم/ القرار" ، أما اللبنانيون " النخبة السياسية " ، وكل هذا يصف دائرة محكمة من الناس المتصلين بحكم الأرضية المشتركة و المصالح المتبادلة قد سيطروا على السلطة لفتراتٍ طويلة بقيت بالذاكرة.
و لكن هذا النوع من البنيان الثابت و الممكن وصفه " الدولة هي نحن" أضحى الآن تحت ضغوط متزايدة .
إنّ موجة من الدمقرطة لم تغسل شواطئ المنطقة بعد(الجدول في الصفحة اللاحقة ).
إنّ الدول ال 22 المؤلـّفة للجامعة العربية تبقى الآن الشريحة الأوسع في العالم و المحكومة من قلـّة،فلم تتم إزاحة زعيم عربي واحد بشكل سلمي بواسطة صناديق الاقتراع و حتى بأفريقيا في منطقة جنوب منطقة الصحارى فهناك وضعٌ أفضل ، إنّ ما لا يقل عن 18 نظاماً هناك قد انحنت تحت رغبات المقترعين منذ العام 1990.
و الآن تواجه الدول العربية تقارُباً غير مسبوق بوجه التحديـّات الداخلية و الخارجية و التي من الممكن أن تثير تغيـّرات كاسحة في العقد القادم .
هنالك الكثير من الأسباب التي توضـّح لماذا كانت المنطقة مقاوِمة بشكل غير عادي لاستلام السلطة بواسطة الشعب بالشكل الذي اكتسح مناطق أخرى مثل أوروبا الشرقية ، جنوبي شرق آسيا و أمريكا اللاتينية .
إنّ الكثير من دول الشرق الأوسط ما تزال يافعة ، و حدودها تعكس بشكلٍ دائم الضرورات التي أملتها الدول المستعمرة الأوروبية أكثر من النزعات و الحاجات المحلية .
لذا ففي الخمسين سنة المنصرمة كرّست البلدان العربية قدراتها لبناء دولة ، هذا العمل الذي اقتضى منها تركيزاً للسلطة السياسية و تحريك قسري للمصادر و تكوين لهويات قوميات جديدة للإستعاضة بها عن الإنتماءآت الأخرى و هذا يعني عادة بالشكل التطبيقي تكوين بيروقراطيات أصبحت مع الزمن شبكات سيطرة عملاقة تجلـّت بالتفرُّد من قبل الأقلية الحاكمة في ثلثي الدول العربية الغنية بالنفط بعوائده التي تتحكـّم بها الحكومة المركزية ، و تكريس ثقافة من الخنوع عبر صحافة متحـكـَّم بها بالكامل و كذا نظام التعليم .
في كثير من الحالات كانت مثل هذه الأنظمة تستند على الحاجة لمواجهة تهديدات خارجية من اسرائيل مثلاً ، أو دعم القوى الأجنبية التي تحتاجهم كحلفاء في الحرب الباردة أو مصادر للطاقة .
وفي نفس الوقت فعدد السكان المتفجـّر بشكل درامي ( زاد عدد مواطني العالم العربي من 176 مليون إلى 280 مليون منذ العام 1980 )؛ وهجرة الريف للمدينة تخلخل المجتمعات وتشكـّل وضعاً من الاعتماد على الطبقة الحاكمة أكانت عائلات ملكية كما في دول الخليج ، أو الطغاة وثيقي اللُحمة كما في أغلب الجمهوريات العربية .
جدول للديموقراطية في العالم العربي :
المعدل : 1 فقير - 10 ممتاز
الدولة |
الحرية @السياسية |
دور+ القانون |
الحريات الدينية& |
حرية الصحافة |
الانفتاح *الاقتصادي |
حقوق #المرأة |
مجموع |
المغرب |
4 |
6 |
6 |
6 |
7 |
6 |
35 |
لبنان |
4 |
4 |
6** |
6 |
7 |
7 |
34 |
العراق |
4 |
1 |
7 |
7 |
8 |
5 |
32 |
الأردن |
4 |
6 |
6 |
3 |
7 |
6 |
32 |
قطر |
3 |
6 |
4 |
4 |
8 |
6 |
31 |
البحرين |
3 |
6 |
4 |
3 |
8 |
6 |
30 |
الكويت |
4 |
6 |
4 |
6 |
6 |
4 |
30 |
المناطق الفلسطينية |
4 |
2 |
5 |
5 |
7 |
7 |
30 |
تونس |
1 |
3 |
9 |
1 |
7 |
8 |
29 |
الأمارات العربية المتحدة |
1 |
6 |
4 |
3 |
9 |
6 |
29 |
عـُمان |
2 |
6 |
4 |
1 |
7 |
6 |
26 |
اليمن |
4 |
3 |
4 |
6 |
5 |
4 |
26 |
مصر |
2 |
4 |
4 |
3 |
5 |
6 |
24 |
السودان |
3 |
1 |
2 |
5 |
7 |
3 |
21 |
سوريا |
1 |
2 |
8 |
1 |
1 |
7 |
20 |
الجزائر |
3 |
2 |
4 |
3 |
2 |
4 |
18 |
ليبيا |
1 |
2 |
4 |
1 |
2 |
5 |
15 |
السعودية |
0 |
3 |
0 |
2 |
7 |
1 |
13 |
* الحق في تزظيف الأموال، البـُعد عن سيطرة البيروقراطية و الفساد.
** يحقق لبنان معدلات عالية بمجال الحريات عامةً، و لكنها منخفضة بمجال الحريات الدينية و تسعى الدولة للإتجاه للعلمانية
+ احترام الحريات ، نزاهة القضاء ،المعاملة الانسانية في السجون.
@ الحق بالتصويت من خلال انتخابات نزيهة ، إمكانية إزاحة الحكام عن السلطة، تكوين أحزاب سياسية.
# المساواة السياسية، الاقتصادية، و الاجتماعية .
& حرية العبادة، البـُعد عن تدخـُّل الدولة بالأديان، بـُعد المؤسسات الدينية عن التدخل في نشاطات الدولة .
[ ملاحظة طريفة: المعدل المرتفع نسبياً في العراق (طبعاً بعد تحريره على يد القوات الأمريكية الناشرة للديموقراطية من فتحات مدافع دباباتها ) – المترجم- ].
و لكن تلك المعادلات تتغيـّر الآن ، فبناء الأمة في كثيرٍ من الدول العربية قد اكتمل الآن. القليل جداً من المصريين أو التونسيين أو العـُمانيين يطرحون تساؤلات حول هويتهم القومية أو يرفضون الامتيازات المقصورة على النـُخبة في دولتهم . و لكنّهم يرغبون بالمزيد من إبداء الرأي في تكوين السياسات ، حتى في السعودية حيث الضغوط الاقليمية و الدينية، فالقليل من المواطنين فعلاً يتكلـّمون عن الهجرة من المملكة .
يبدو المكان كئيباً منعزلاً لغير المنتمين إليه ، و لكن السعوديين في غالبيتهم هم شعبٌ فخورٌ ببلده ، و لكنهم فقط متعبين من كثرة ما يـُطلب إليهم تقبيل اليد الملكية التي تطعمهم .
دول إزاء قوميات :
ولكن في دولٍ أخرى لم يكن بناء الأمة – حيث النموذج يفترض نوعاً من التجانـُس- فعاّلاً ، نشهد القلاقل المزمنة في منطقة القبائل بالجزائر ، و الشغب الأخير الذي سببـّه أكثر من مليون كردي في سوريا ، و النهب الفاضح الذي حاق بكثيرٍ من اللبنانيين بواسطة الطغمة السياسية لأجل التوليفة الموالين و المتقاعسين السوريين الذين استقروا في مواقعهم . و أيضاً لدينا العراق الذي قاسى بواسطة البعثيين و الذي يتهدّده الآن خطر التمزق بسبب القلاقل المتفجـّرة في كل جزء منه.
و على أية حال فكل الدول العربية تقريباً تخفق بتحقيق التوقـُّعات من التمدّن العالي ، ونسبة الناس المتعلـّمين و الواعين سياسياً .
تقول دراسة قامت بها الجامعة العربية أنـّه بغضون عشرة سنوات يمكن أن تشهد المنطقة ظهور خمسين مليون عاطل عن العمل إنطلاقاً من الرقم الحالي و البالغ 15 مليوناً.
إنّ كلاً من النمو الاقتصادي و الانتاجية منخفضان الآن ، و الابداع العلمي منعدم تقريباً ، و لدى البيروقراطيات المتمركزة طرقاً و مدارس بـُنيـَت و لكنـّها أخفقت أن تنشر الازدهار أو التوظيفات المالية بشكل كفؤ . إنـّهم جيدون بضبط الأمن و لكنهم سيئين في تأمين عدالة متوازنة و هنا يأتي العالم الخارجي لرؤية هذه الاخفاقات كمبعث خطر لاستقراره .
الحقيقة انـّه مايقارب ال 51% من الشباب العرب يصرّحون برغبتهم بالهجرة تبعاً لتقرير التنمية البشرية العربية الصادر في العام 2002 عن هيئة الأمم المتحدة مما يقلق الأوروبيين .
والإرهاب الاسلامي في الكثير من الأذهان هو نتاجٌ لإحباط العرب بسبب عدم إحرازهم أيّ تقدُم.
و يعترف العرب أنفسهم الآن بأنّ شيئاً ما قد سار بشكلٍ خاطئ و يحتاج لتصحيح ، و حتى حكوماتهم تعترف بذلك . و قد تقدّم ما لا يقل عن خمسة وفود منهم بخطط للإصلاح إلى مؤتمر القمة في تونس ، و على الرغم من ذلك فالقليل من المواطنين العرب يأخذون مبادرات حكوماتهم بشكلها الحالي بجدية ،و هم بنفس الوقت يعتقدون و بشكل متزايد بصدق التصريح القائل أنّ انعدام الديموقراطية هو الجذر الأساسي للمشاكل .
أصدرت مجموعات المعارضة المختلفة في الشهور القليلة المنصرمة بدءاً بليبيا مروراً بسورية وصولاً إلى السعودية فمصر عرائضَ تطالب بمجموعة من التغييرات تتشابه بشكل مذهل في مضامينها .
وصدر في نفس الوقت عن تجمـُّع تم مؤخـّراً في الاسكندرية لمائة و خمسين من مثقفي العرب موافقة على تلك المطالب الأساسية التي كانت تردّد أصداء الماضي بحيث يمكن أن نعتقد أن "توماس جيفرسون " هو الذ ي صاغها وهي تدعو من أجل إصلاحات دستورية كي تكرّس الفصل بين السلطات، انتخابات حرة ، حرية التعبير، السماح بإنشاء الحزاب ، الشفافية الادارية ، و احترام البقاء فترات محدودة بالحكم .
إنّ تأثير مثل هذه المبادرات قد كان محدوداً لتاريخه،و حتى في تلك الدول التي تم فيها تقدّمٌ ديموقراطي فقد كان بطيئاً و ضعيفاً.
أنهت البحرين مثلاً العمل بقانون الطوارئ، و دعت لإنتخابات في 2002 ، و لكن بالنسبة لنصف مقاعد الهيئة التشريعية فقط، و الآن تدعو الفئات الساسية الأربعة في المعارضة هناك إلى حريات أكمل .
أما السعودية فقد وعدت بانتخابات بالنسبة لنصف مقاعد المجالس البلدية المحلية في العام الماضي ، و لكن للآن لم يحصل شيء لترتيب مثل هذا الاقتراع الذي كان متوقعاً هذا العام .
على أية حال،فليس بإمكان الحكومات أن تهمل الضغوط المتصاعدة لفتراتٍ طويلة فمثلاً : مصر تزخر بإشاعات حول قيام الرئيس حسني مبارك قريباً بإلغاء قانون الطوارئ السيّء السمعة و السماح بتكوين أحزابٍ سياسية جديدة ، و هذا سيكون تصرفاً حكيماً.
لقد نضجت البلاد الآن من أجل التغيير، وقوى المعارضة التي طالما كانت متفرقة وضعيفة المعنويات تعتلي المنصة الآن داعيةً للحريات الديموقراطية، و إذا تحركت مصر أكبر بلد عربي بسكانه فسيلحق بها الآخرون.
عندها فالزعماء العرب ولو أجلـّوا إجتماعهم ببعضهم البعض فلن يكون بإمكانهم تأجيل اللقاء بشعـوبهم إلى مالانهاية .
_محنة الإصلاح في العالم العربي _
د. برهان غليون : الإتحاد الإماراتية 28/4/2004
الانهيار الذي عرفته قمة الإصلاح التي كان من المتوقع أن تعقد في العاصمة التونسية في نهاية شهر مارس الماضي يقدم البرهان القاطع على المحنة التي واجهها الإصلاح ولا يزال في العالم العربي منذ عقود طويلة. وبالرغم من أن الأمين العام لجامعة الدول العربية قد أعلن عن الاتفاق لعقد هذه القمة مجددا في تونس في مايو القادم إلا أن الأمل في إحراز تقدم حقيقي فيها يكاد ينعدم اليوم بسبب المناخ الذي خلقته الدعاية الرسمية العربية في الأشهر القليلة الماضية. فقد نجحت هذه الدعاية في حرف المناقشة حول الإصلاح عن هدفها الرئيسي عندما ركزت الجهود كلها على موضوع واحد ووحيد: من أين تأتي الإصلاحات؟ من الداخل وبأيادٍ عربية أم من الخارج وبأيادٍ أجنبية؟. والنتيجة أنه لم يعد أحد يفكر في طبيعة الإصلاحات المطلوبة ومضمونها وأهدافها ووتيرتها ولكن في طبيعة المصدر الذي يتحدث بها وعنها. بل ليس من المبالغة القول إن الدعاية العربية الرسمية قد نجحت في وضع مسألة الإصلاحات في مواجهة المسألة الوطنية لابتزاز الرأي العام، وفرضت عليه الاختيار بين التمسك بالقيم الوطنية ورفض الإصلاح، أو القبول بالإصلاح والخضوع لإرادة القوى الأجنبية. فقد ربطت مبادرة الإصلاح بحل المسألة الفلسطينية أو بتحرير الأراضي المحتلة كما لو كان هذا التحرير جزءا من مهام الدول الأجنبية وثمنا لقبول الدول العربية بالإصلاحات الداخلية، أو كما لو أن مثل هذا التحرير لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التمسك بنظم استبدادية تستبعد بشكل دائم ومطلق أي احتكام حر للإرادة الشعبية وتفتقر إلى المؤسسات وينعدم فيها حكم القانون لصالح قانون المحسوبية، والولاءات الشخصية للزعامات أو الطوائف أو العشائر ولا يسمح فيها لقوة منظمة بالبقاء سوى قوى الأجهزة الأمنية.
وإذا عبر هذا المنطق عن شيء فإنما يعبر عن تهافت معنى الإصلاح في أذهان العديد من النخب العربية أو بالأحرى عن انعدام أي أمل فيه في إطار النظم وقواعد العمل والحكم القائمة في معظم البلاد العربية. وبالفعل، إن الوقت الذي كان بالإمكان بذله لإصلاح النظم القائمة قد فات منذ زمن طويل، ولم يعد هناك بديل من الاعتراف بأن أي إصلاح مهما كان ضعيفا وجزئيا أصبح يستدعي كشرط ومقدمة له تغييرا في طبيعة الحكم وأساليبه وقواعده وغاياته ورجالاته أيضا. أي يستدعي التحول من نمط الحكم القائم على الوصاية أو القيادة الطليعية أو الأبوية إلى نمط الحكم المستند إلى تفويض مباشر وعن طريق انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية من قبل الشعب والخاضع لمراقبة ممثليه أو نوابه. ومن غير ذلك لن يتقدم مشروع الإصلاح خطوة واحدة سواء كان الدافع إليه الضغط الخارجي أو الضغوط الداخلية. وكل الجهود المادية والمعنوية التي ستبذل أو يمكن أن تبذل في هذا الإطار قبل التغيير سوف تضيع وتساهم أكثر من ذلك في إضاعة الوقت على المجتمعات العربية التي تعيش حالة خطيرة من الإحباط والاحتقان والقلق والخوف من المستقبل.
ومهما كان الأمر لا أعتقد أن حالة التخبط والتمزق والانهيار التي نعيشها على جميع مستويات حياتنا الجمعية، في جبهة النزاع العربي الإسرائيلي وفي الميدان الاقتصادي وفي الميدان السياسي والاجتماعي والفكري، هي بأي معنى أو شكل مقدمة للإصلاح، أي إصلاح كان، بقدر ما هي النتيجة الطبيعية لفشل الإصلاح الذي كان منتظرا منذ عقود ولم يمكن تحقيقه. وإذا كنا لا نزال نتحدث عن الإصلاح أو إذا عدنا إلى مفاهيم الإصلاح بعد طول نسيان فليس ذلك لأننا أصبحنا أكثر وعيا بمتطلبات الإصلاح ودواعيه وإنما كي نغطي، نحن ودول الغرب الأطلسية التي تمارس دور الوصي علينا معا، على إخفاق الإصلاح وانعدام فرصه وآفاقه.
يعني الإصلاح كما تتحدث عنه الولايات المتحدة وأوروبا اليوم وكما تتحدث عنه النظم العربية التي تريد تمييز مشروعها عن المشروعات الأجنبية حتى لا تبدو وكأنها وكيلة لها في المنطقة، أن النظم القائمة، بالرغم مما بدا منها من قصور في تحقيق الأهداف والمطالب المجتمعية، لا تزال سليمة بالعموم وليس من الضروري تبديلها أو تغييرها. إن المطلوب في نظرها، وهذا واضح من المشروع الأميركي الذي وجدته النظم العربية طموحا بالنسبة لها، هو تعديل بعض القوانين التي تحد من عمل النظام أو تعيق اشتغاله بشكل صحيح. ومن ذلك الإصرار على توسيع قاعدة المشاركة السياسية للطبقة الوسطى بما يعنيه ذلك من الحد من السيطرة الشمولية والشاملة للحزب أو للفريق الحاكم على وسائل السلطة والثقافة والإعلام والاقتصاد والإدارة معا، والحد من الفساد المستشري وإدخال إصلاحات تتعلق باكتساب المعرفة والتقنيات الحديثة وزيادة مشاركة المرأة في الحياة العمومية. ومن المفروض أن يطلق كل ذلك دينامية التنمية الاقتصادية الضرورية لامتصاص البطالة المتزايدة والحد من توسع دائرة الفقر وبالتالي التخفيف من مشاعر الاحباط، ومن التوترات التي تعرفها المجتمعات العربية اليوم والتي تهدد باتساع دائرة الخروج على النظام وربما الانتماء إلى منظمات العنف والتمرد المحلي والعالمي. إن المقصود هو باختصار إجراء بعض التعديلات الضرورية حتى تستعيد الأنظمة الراهنة بعض الصدقية وتخفف من المفرزات المدمرة والخطيرة للأزمة التاريخية التي تعيشها مئات الملايين الثلاث العربية والتي ليس لها في الأفق المنظور أي حل.
في اعتقادي كان من الممكن لمثل هذا المشروع الإصلاحي، بصرف النظر عن الداعي إليه أو المشجع عليه، أن يتحقق ويفتح آفاقا جديدة لو حصل في الثمانينيات، أي في الفترة ذاتها التي شهدت موجة عامة من الإصلاحات في العالم أجمع وبشكل خاص في الدول الشيوعية والفاشية أو شبه الفاشية التي انضمت فيما بعد إلى أوروبا والتي كانت تشابه في بنية أنظمتها أنظمة معظم النظم العربية. فلم تكن الأزمة التي شهدتها البلاد العربية في تلك السنوات أقل حدة ولا أقل تجليات مما حدث في أوروبا الشرقية واليونان والبلقان وأسبانيا والبرتغال. وقد بدأت ثورات الخبز منذ بداية الثمانينيات وامتدت إلى أكثر من بلد عربي وتكررت المواجهات بأشكال مختلفة ولأسباب واحدة بين قوات الأمن العربية وحركات الاحتجاج الشعبي التي كانت في أغلب الأحيان حركات عفوية قبل أن تتحول في مرحلة لاحقة إلى منظمات تسميها الدول اليوم إرهابية تستخدم السلاح وتجعل من العنف وسيلتها الرئيسية لمقاومة السلطات المحلية. وأعقبت هذه الحركات انتفاضات واعتصامات وإضرابات مختلفة مناطقية وقطاعية ومهنية في أكثر من مكان أيضا قتل فيها في بعض الأحيان المئات من المواطنين بل الآلاف.
وبالرغم من هذه التظاهرات الكبيرة والخطيرة للأزمة المجتمعية والاحتقان العميق الذي بدأت تفرزه وتزايد حسابات القتلى والسجناء، لم تظهر النظم الحاكمة أي قلق ولم تبد أي تساؤل عما حدث وما يمكن أن يحدث في المستقبل. لقد كانت أكيدة مئة في المئة من صحة توجهها ولم ترَ في حركات الاحتجاج والاعتصام والتشكي سوى محاولات من قبل القوى الأجنبية للضغط عليها والانتقاص من سيادتها أو من قبل قوى المعارضة التي لا تستحق حتى اسمها في نظرها لمنافستها على السلطة والثروة. ولأنها رفضت الاعتراف حتى بحصول أخطاء جزئية أو اتباع مناهج أو السير في توجهات غير مناسبة لم يكن من الممكن لها التفكير حتى بفكرة الإصلاح. لقد كانت تعترف في أفضل الأحوال بوجود صعوبات لكن لتؤكد أن كل خياراتها السياسية والاستراتيجية والثقافية والتعليمية كانت صحيحة وعلى صواب. والنتيجة هي ما نعرفه اليوم من خروج مسألة الإصلاح من بين أيدينا وتبنيها من قبل الدول الأجنبية.
_مستقبل الإصلاح أم مستقبل العرب؟_
خورشيد دلي: البيان الإماراتية 28/4/2004
في الوقت الذي تتواصل فيه المشاورات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول مستقبل الإصلاح والديمقراطية في الدول العربية يدور جدل ساخن في هذه الدول على المستويين الرسمي والشعبي حول طبيعة الإصلاحات والوسائل التي ينبغي اتباعها لإنجاز الإصلاح المنشود، ومع ان الجميع يتفق على ضرورة الإصلاح وأهميته داخليا وخارجيا من أجل التكيف مع العصر والتطورات السريعة الجارية فيه الا ان المتابع للجدل الجاري لا بد له ان يقف عند مجموعة من المستويات.
ولعل أهمها:
ـ المستوى الرافض للإصلاح بضغط أو تدخل من الخارج، ويمكن القول ان هذا الاعتقاد يشكل جوهر الرأي الرسمي العربي، وينصب الرفض العربي هذا بشكل أساس تجاه المشروع الأميركي المعروف بـ الشرق الأوسط الكبير. ومع ان هذا المستوى يؤكد ضرورة الإصلاح استنادا إلى الخصوصية العربية وعلى ان يكون الإصلاح من الداخل وبشكل تدريجي يوائم الظروف الاجتماعية والحضارية والسياسية في الدول العربية الا ان الحقيقة التي يجب ان تقال هنا:
هو غياب مشروع عربي واضح متفق عليه، يمكن اعتماده من قبل الدول العربية على مستوى الأنظمة والحكومات والمؤسسات فضلا عن غياب الآليات الفعلية لإنجاز الإصلاح على أرض الواقع بعيدا عن امتطاء الكلمات والشعارات الملونة والمفتوحة على الاتجاهات كافة.
ـ المستوى الداعي إلى تحقيق الإصلاح الشامل (تغيير الأنظمة) استنادا إلى الدعم الخارجي وتحديدا الأميركي وبدرجة أقل الأوروبي، وعلى الرغم من ضعف نفوذ هذا الاتجاه وشعبيته لاسيما في ضوء العداء المستفحل في الشارع العربي للإدارة الأميركية بسبب دعمها وانحيازها الفاضحين لإسرائيل وعدوانها على الشعب الفلسطيني..
على الرغم من هذا فان مثل هذا الاتجاه بدأ يكتسب مفرداته السياسية بدعم من المحافظين في البيت الأبيض، وهو (الاتجاه) غالبا ما يتألف من المعارضات الهاربة إلى الخارج ويحاول ان يحذو حذو تجربة المعارضة العراقية قبل احتلال العراق.
ـ المستوى الثالث وهو يتألف من الأوساط الفكرية التي تمثل المجتمع المدني ومؤسساته والأحزاب المعتدلة التي تتعدد في مشاربها الفكرية بين الإسلام والقومية والديمقراطية والليبرالية واليسارية، ويدعو هذا المستوى إلى التمعن في مخاطر صعود النزعة العسكرية الأميركية والتي تترجم في منطقتنا بنشر (الديمقراطية).
وفقا للقاموس الأميركي وكذلك يدعو إلى الاستفادة من الدرس العراقي، أي انه يدعو إلى الإصلاح من الداخل دون إغفال دور العامل الخارجي الذي بات يشكل عاملا ضاغطا لدفع الأنظمة إلى القيام بالإصلاح و الا فانها قد تجد نفسها امام إجراءات قسرية تنتقل من الضغط السياسي والدبلوماسي إلى استخدام القوة العسكرية.
وبموازاة هذا الجدل الجاري عربيا حول الإصلاح والديمقراطية هناك جدل أوروبي - أميركي مماثل يبرز في أكثر من سياق حول الأسلوب الذي ينبغي اتباعه بشأن مسار الديمقراطية في العالم العربي والمضمون الذي ينبغي ان تحتويه العملية الديمقراطية دون ان يصل كل هذا إلى درجة الخلاف مع واشنطن على ضرورة إحلال الديمقراطية كمبدأ، فأوروبا التي لها علاقات تاريخية مع الدول العربية تعتقد ان الدول العربية وبحكم امتلاكها لآليات واتفاقيات التعاون معها ولاسيما التعاون في مجال الشراكة الأوروبية .
المتوسطية كفيلة بتحقيق الديمقراطية وان ترسيخ مسار العملية الديمقراطية ينبغي ان يكون من خلال إيجاد حل مقبول للصراع العربي - الإسرائيلي وتأمين الدعم المالي والاقتصادي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كشرط للديمقراطية الحقيقية بينما الإدارة الأميركية تتجاهل في طرحها للديمقراطية في الشرق الأوسط طبيعة الصراع العربي -الإسرائيلي وتحاول تسطيحه من خلال مشاريع متتالية تنتهي على الأرض لصالح إسرائيل ومشاريعها، وفي الوقت نفسه تتخذ من التيارين القومي والإسلامي .
عدوا لها ينبغي القضاء عليه تحت اسم الديمقراطية، وعليه فان خيار القوة يساوى خيار السلم في المشروع الأميركي لنشر (الديمقراطية)، وهو هنا لا يبتعد ان عن صيغة هلسنكي عام 1975 التي طرحت لمحاصرة الاتحاد السوفييتي السابق تمهيدا لنسفه من الداخل، ولكن على الرغم من هذه النزعة العسكرية الأميركية فان المتابع لمسار الطرح الأميركي يرى ان التوجه الأميركي بدأ يقترب تدريجيا من الوعي الأوروبي .
لطريقة الإصلاح ونشر الديمقراطية ولعل هذا ما يفسر التوجه الأميركي إلى الإعلان عن مشروع الشرق الأوسط الكبير بشكل رسمي في المحافل الدولية الكبرى (اجتماع الحلف الأطلسي في اسطنبول - منتدى الدول الصناعية الكبرى في ولاية جورجيا - الاجتماعات العليا على المستويين الأوروبي - الأميركي) فضلا عن إرسال المبعوثين إلى الدول العربية ، وذلك في إشارات متزايدة إلى الاستعداد الأميركي لإبداء نوع من التفهم للخصوصية العربية.
السؤال الأساسي هنا يتعلق بالجانب العربي كونه هو الجانب المعني بالإصلاح، الجانب المستهدف في جغرافيته السياسية وفي تركيبته وهيكليته، الجانب الذي يراد له مستقبل وفقا للتصورات الأميركية في الأمن والسياسة والاقتصاد والاجتماع.
والمهم هنا بالنسبة للعرب ينبغي ان لا يكون الاختلاف حول الرؤى والتصورات والمبادرات بخصوص الإصلاح عائقا في وجه طرح مشروع عربي متكامل للإصلاح، فقد أصبح الإسراع في الإعلان عن مثل هذا المشروع خطوة لابد منها لا للقول بأن الإصلاح من الداخل هو الذي سينجح بل للتأكيد ان مثل هذا الإصلاح لا بد أيضا ان يكون من خلال إيجاد حل عادل للصراع العربي - الإسرائيلي.
وللوضع في العراق لان عدم حصول ذلك يعني ان الجميع سيجد نفسه امام أجندة الإصلاح وفق أولويات الخارج ومصالحه التي تتجاوز الإصلاح والديمقراطية إلى استهداف الوجود وهو ما يعني ان العرب قد ضيعوا فرصة تاريخية في هذا المنعطف الصعب وتركوا أوطانهم امام تدخلات الخارج في عملية أشبه بما جرى للاتحاد السوفييتي مع اختلاف الفارق والظروف. فهل تنجح القمة العربية المنتظرة والتي هي استثنائية في ظروفها في دفع العرب إلى الخروج من مأزقهم الواقف عند مفترق الطرق.
_العلاقات مع أمريكا... بين الخوف والقلق!_
صلاح الدين حافظ: الأهرام 28/4/2004
من دمشق نكتب.. ومن دمشق وفيها تثيرك المشاعر العربية الأصيلة, تلك التي توارت في عواصم عربية أخري هذه الأيام, وحين تكون في دمشق فأنت وسط أناس مازالوا يعاندون ويمانعون, ويقلقون ولا يخافون..
والتعبير الأخير ليس من عندي, ولكنه في الحقيقة تعبير جاء علي لسان الرئيس السوري بشار الأسد, حين استقبلنا في القصر الجمهوري بقلب دمشق قبل أيام قلائل, مع الأمانة العامة لاتحاد الصحفيين العرب, ومعه دار حوار حر مفتوح وصريح, تناول جميع الهموم العربية والضغوط الدولية..ابتداء من اجابته المطولة حول سؤالي عن أوضاع الحريات العامة وحقوق الانسان وحرية الصحافة في سوريا, وطبيعة الاجراءات الأمنية التي تتخذها الحكومة ضد ناشطي حقوق الانسان ودعاة الديمقراطية, مرورا بما يسمي صراع الأجنحة أو الصراع بين الحرس القديم والحرس الجديد, في قمة السلطة, وانتهاء بطبيعة الضغوط الشديدة التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية علي سوريا, لتليين مواقفها التي تصفها بالتشدد أحيانا, وبالمروق أحيانا أخري.
ورغم تعدد الأسئلة الحيوية الكثيرة التي طرحها الزملاء الأربعة عشر, أعضاء الأمانة العامة لاتحاد الصحفيين العرب علي مدي الساعتين, فإن الرئيس بشار الأسد, كان يعود مرة بعد أخري, الي سؤالي الأول ليوضح ويفسر, خصوصا ما يتعلق بملاحظتي المتواضعة حول تباطؤ برنامجه للاصلاح والتحديث, الذي أورده في خطاب القسم, أمام مجلس الشعب فور توليه الرئاسة, خلفا لوالده حافظ الأسد في عام2000.
وإن دل ذلك علي شيء فإنما دل علي أن السؤال حول الاصلاحات الداخلية الضرورية, قد مس صميم العصب وأعني أن بناء الداخل هو الأهم, بشرط أن يتم البناء بصيانة الحريات العامة واحترام حقوق الانسان, بعيدا عن الاجراءات الاستثنائية وحالات الطوارئ وقوانينها, وبقدر ما مس السؤال العصب بقدر ما أثار اهتمام الرئيس الشاب, فمضي في الاجابة والتوضيح والتفسير, مؤكدا أن برنامجه الاصلاحي مستمر ولكن بتؤدة وهدوء وتدرج, وأنه لا صحة لمقولة صراع الحرس القديم مع الجديد, وأن الحريات نسبية تختلف من دولة لدولة, ومن حالة الي حالة.
لكن الأخطر ـ يقول الرئيس ـ أن سوريا الآن في مرحلة تاريخية خطيرة بعد احتلال العراق, فهذه الدولة الشقيقة تجاورنا من الشرق بحدود طويلة, يقف عليها الآن جيش الاحتلال الأمريكي, وهناك فلسطين في الغرب تجاورنا أيضا بحدود استراتيجية يقف عليها جيش الاحتلال الصهيوني, بكل ترسانته من الأسلحة التقليدية وغير التقليدية, أي أسلحة الدمار الشامل, ولذلك فإن سوريا في وضع سياسي وعسكري وأمني غير عادي, يختلف عن الدول الأخري.
في هذا قال إننا بالفعل قلقون من هذه الأوضاع, وخصوصا الضغوط الأمريكية الجديدة, ولكننا لا نخاف منها.
ولا شك أن هناك فرقا بين القلق من شيء والخوف منه, القلق يدفع الي مزيد من الاهتمام والحذر والاستعداد, لكن الخوف غالبا ما يشل الفكر والحركة ويعرقل المبادرة ويعوق الاستعداد اللازم للمواجهة.
ولا شك أيضا أننا من الناحية المبدئية, نقف مع سوريا في هذه المواجهة, التي ندرك فداحة مخاطرها, بعد الاحتلال الأمريكي للعراق, وابتزاز السياسة الأمريكية لدمشق سواء باسم تدمير أسلحة الدمار الشامل, أو باسم حراسة الحدود مع العراق لمنع المقاتلين المتسللين كما تدعي أمريكا, وبنفس القدر نؤيد سوريا في مواجهاتها العصيبة مع العدو الصهيوني, الذي لا يزال يحتل الجولان منذ عام1967, والذي انفلت عقاله مؤخرا, ليلتهم ما تبقي من فلسطين الذبيحة, وسط عجز عربي وتواطؤ أمريكي وصمت دولي مخجل!!
غير أننا نري من الناحية الأخري, أن القدرة علي النجاح في هذه المواجهات, وتخطي ضغوطها الشرسة, يرتبط أولا وأخيرا, بقدرة الداخل علي التحمل والتضحية والصمود, الأمر الذي ينطبق علي سوريا كما ينطبق علي أي دولة أخري في مثل وضعها الحرج, وخصوصا هو ينطبق علي الدول العربية بدرجات متفاوتة.
ولن يستطيع أي مجتمع أن يتحمل ويتصدي ويضحي, دفاعا عن قضيته الوطنية, فضلا عن التزاماته القومية, وهو مأزوم, وعلاقاته الداخلية تعاني خللا ما, ولقد صمدت سوريا طوال العقود الماضية بفضل عنصرين رئيسيين, أولهما تماسك شعبها رغم تعددية فرقه ونحله وملله, عرقيا ودينيا, وثانيهما قوة النظام الحاكم منذ تولي الرئيس الراحل حافظ الأسد السلطة في بداية السبعينيات من القرن الماضي, باسم حزب البعث العربي الاشتراكي, وقد ظل شخصيا في السلطة لنحو ثلاثين عاما, هي الأطول منذ الاستقلال السوري.
ولعل أكثر ما ساعد سوريا علي هذا الصمود الاسطوري, هو أولا التضامن العربي الفعال ـ انذاك ـ رغم التمزق الذي أصاب هذا التضامن بعد اتفاقية كامب ديفيد1978 ومعاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية عام1979, ومن ثم افتراق القيادتين السورية والمصرية المتحالفتين في حرب اكتوبر1973 المجيدة.
وساعدها ثانيا المناخ الدولي الساري آنذاك, مناخ الحرب الباردة التي كانت لاتزال مشتعلة بين الاتحاد السوفيتي قبل انهياره المدوي وبين المعسكر الأمريكي الأوروبي, حيث كانت موسكو الحليف الأقوي ومصدر التسليح الأهم والضامن الدولي لأمن سوريا الي حد كبير.
الان تغيرت قواعد اللعبة.. انهار الاتحاد السوفيتي الحليف الدولي ومصدر التسليح, وانفردت أمريكا بالعالم وحدها, وفرضت إرادتها وقراراتها, بل فرضت وجودها الاستعماري المباشر في العراق علي الحدود السورية الشرقية, وتعملقت إسرائيل علي الحدود السورية الغربية, فزادت شراسة وتعطشا للعدوان والحرب والتدمير, وهو أمر نفذته وتنفذه بانتظام ضد كل ما هو فلسطيني, لكنها لاتزال تتطلع الي ممارسته مع سوريا, لكي تصفي أهم قلاع معاندتها وتحديها, مستغلة فقدان سوريا لأهم حليف دولي المصدر الرئيسي لتسليحها, وكذلك فقدانها للتضامن العربي الفعال, الذي كان.. زمان!!
** فماذا بقي أمام سوريا لتراهن عليه!!
لكي نجيب علي هذا السؤال المقلق, والذي يتردد علي ألسنة الجميع, نبدأ بالقول إن من بين المتغيرات الدولية, التي حدثت بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط المعسكر الشيوعي, ذيوع موجات الديمقراطية بالمفهوم الليبرالي الأوروبي الأمريكي, تلك التي اكتسحت شظايا الاتحاد السوفيتي, والمعسكر الشيوعي, وكذلك افريقيا وآسيا, وإن ظلت تخاصم الدول العربية بلا سبب مفهوم..
وبصرف النظر عن استغلال أمريكا لسلاح فرض الاصلاح الديمقراطي فرضا علي النظم العربية, ومعايرتها هي وحليفتها اسرائيل, للدول العربية بأنها دول متخلفة قهرية مستبدة يحكمها طغاة فاسدون, فإن الأصل والأساس في رأينا هو أن الحرية قيمة انسانية نبيلة وخالدة وسامية, وحرية الانسان الفرد هي التي تصنع حرية المجتمع, وحرية المجتمع هي التي تبني الدولة القوية المتقدمة القادرة علي مصادقة حلفائها باعتداد, ومقارعة أعدائها بعناد.
أما عدا ذلك, فإن أي مجتمع مهما كان, قابل للاختراق والكسر من الداخل, بواسطة القوي الأجنبية, خصوصا في العصر الحالي, الذي تنفرد به قوة دولية طاغية شرسة, والذي يزدحم بكل وسائل وطرق الاختراق الحديثة, من السياسية والاقتصادية, الي الأمنية والعسكرية والمخابراتية, مرورا بالثقافية والاعلامية.. ولعل ما حدث قبل عدة أسابيع من اضطرابات دامية في القامشلي والحسكة وحلب, وعلي مقربة من الحدود السورية ـ العراقية التي يحرسها جيش الاحتلال الأمريكي, كان مجرد رسالة الي النظام السوري في دمشق, أخطر من مجرد حرق العلم السوري ورفع العلم الأمريكي هناك!!
رسالة ضغط وابتزاز, استغلت أوضاع الأكراد في سوريا لاشعال الاضطرابات التي تقلق النظام وتخيفه في الوقت نفسه, حتي يستجيب للمطالب الأمريكية, ومن يدري فقد يتطور الأمر غدا الي ماهو أخطر, ومن يدري متي وكيف تنقض إسرائيل علي مصادر القوة السورية في غفلة من العالم, ولكن في حماية من سيدة العالم المنفردة بمصيره!!
صحيح أن الجهود السياسية السورية لاعادة بناء علاقاتها بالولايات المتحدة, علي أسس جديدة, وفق مبدأ شعرة معاوية التي ورثتها دمشق تاريخيا, عن مؤسس الدولة الأموية, لكي تتفادي الضغوط الحالية وتنجو من مصايد الابتزاز الكثيرة, هي جهود بالغة الأهمية في الظرف الدولي الراهن, باعتبار واشنطن هي صاحبة القرار الدولي, وجارة سوريا من الشرق في العراق, والقادرة علي كبح جماح العدوانية الاسرائيلية الشرسة في الغرب.
وصحيح أن محاولات سوريا مع مصر والسعودية, لاعادة بناء تضامن عربي فعال, هي محاولات أشد أهمية, وكلها أمور جادة تراهن عليها دمشق بقوة.
لكن الصحيح أيضا وأساسا, هو ان تراهن دمشق أولا وعاشرا, علي اعادة بناء العلاقات السليمة بين القوي السياسية والاجتماعية والثقافية السورية ذاتها, بأن تطلق الحريات وتصون الحقوق وتسقط كل القوانين والاجراءات الاستثنائية, التي تقيد حرية المواطن.. وحرية الوطن.
من باب المحبة والحرص نقول هذا عن سوريا وعن كل دولة عربية نحبها.. ننقدها لنساعدها وننقذها..
** خير الكلام: قال الشاعر:
موقعي عندك لا أعرفه
آه لو تعرف عندي موقعك
_اغتيالات إسرائيلية بغطاء أميركي_
نبيل السمان: السفير 28/4/2004
اغتيال الشيخ احمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي هو الشعرة التي قصمت ظهر البعير وأنهت دعوتهما الى وقف العمليات الاستشهاديه مقابل وقف الاغتيالات السياسية. هل تندرج عملية اغتيال الشيخ ياسين ضمن موافقة أميركية بتصفية غزة من <<حماس>> قبل الانسحاب لمنعها من السيطرة عليها وتغطية انسحاب شارون على أنه ليس هزيمة بفعل المقاومة. هل هي رسالة إلى القادة العرب بأن واشنطن تملك مفاتيح الشرق الأوسط وان إرادتهم السياسية مرهونة بقرار من واشنطن، فإسرائيل تفعل ولكم الخيار في الاستنكار والشكوى لمجلس الأمن ومطالبة إسرائيل بالسلام.
لقد أثارت ردة الفعل الخجولة من الدول العربية استهجان الشارع العربي ولم تتعد سوى عبارات التنديد استجابة لدعوة الإدارة الأميركية الى ضبط النفس. هل فقد العرب المبادرة على جميع الأصعدة من الإصلاح إلى تحرير فلسطين خوفا من العصا الأميركية. هل مواقف الشيخ ياسين والمقاومة الفلسطينية كانت مصدر حرج للدول العربية التي وافقت على السلام أو قبلت بالسلام كخيار استراتيجي. حاولت إسرائيل على مدى العقدين الماضين اغتيال الناشطين الفلسطينيين لإطفاء جذوة الانتفاضة لكنها زرعت روح الشهادة بين الشبان الفلسطينيين لإنهاء الاحتلال.
لقد اتبعت إسرائيل سياسة التصفية الجسدية للقادة الفلسطينيين منذ الانتفاضة الثانية حيث أكد شارون تصميمه على تصفية جميع المطلوبين على اللائحة الإسرائيلية.
تشترك إدارة الرئيس بوش وحكومة شارون في أرضية واضحة هي تبرير اغتيال قادة العالم الذين يخالفونهما الرأي. لكن هناك تساؤلا عربيا عن ضوء أخضر أميركي يتحمل بعض المسؤولية في اغتيال الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي، ولا أعني قيام طائرة الاباتشي الأميركية الصنع بإطلاق صواريخها على قائد حماس ورفاقه. هل هناك موافقة من الرئيس بوش على اغتيال الشيخ ياسين وخلَفه؟ إن اتفاقية التعاون الاستراتيجي الأميركية الاسرائلية ترتب عليها ابلاغ الإدارة الأميركية قبل بدء العمليات لاتخاذ إجراءات أمنية. لقد أشارت مصادر أميركية إلى أن شارون قد رسخ علاقة خاصة بموافقته على حملة عسكرية على الفلسطينيين مقابل دعم سياساته في الحرب على الإرهاب واحتلال العراق. فتصريحات الرئيس بوش خلال مقابلته لشارون عن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس تعطيها <<بطاقة بيضاء>> بالقتل والاغتيال. لكن الرئيس بوش قلق على إسرائيل من مغبة نتائج العمليات. ومع أن مستشارة الأمن القومي كونداليسا رايس صرحت: <<نحن لم نعط إسرائيل الضوء الأخضر>>، إلا أن مسؤولين أميركين أكدوا أن مدير مكتب شارون دوف فايسغلاس أبلغها أنهم يستهدفون القنابل الموقوتة بحيث وسع المفهوم ليتضمن الرنتيسي وغيره من قادة حماس والناشطين. وقد أرسل فايسغلاس مواد إعلامية تظهر أهمية الرنتيسي في حماس. وتفهم نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني تلك العمليات وانضم إليه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جو بيادن ووافقه على ذلك السناتور تشك شومر والسفير الأميركي السابق مارتن إنديك، أما الزعيم الروحي البروتستانتي الأميركي بات روبرتسون فقد بارك الاغتيالات الإسرائيلية.
لقد استطاع شارون إقناع الرئيس بوش بأن المنظمات الفلسطينية إرهابية لأنها تريد إنهاء الدولة اليهودية مستخدما عبارات توراتية بروتستانتية يؤمن بها الرئيس بوش مشيرا الى أن تصفيتها جزء من الحرب على الإرهاب العالمي، وبالتالي فكل من يدعمها بالفعل أو القول ويمولها يندرج تحت لائحة الإرهاب الدولي. وتشير مصادر أميركية مقربة من وزير خارجية الولايات المتحدة كولن باول الى أن شارون عرض على الرئيس بوش خيارين لا ثالث لهما: تصفية المنظمات الفلسطينية وقياداتها لدفعها الى قبول الخطة الأميركية الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية أو اللجوء إلى نوع من المجازر على طريقة الهنود الأميركيين لدفع الفلسطينيين للرحيل، فلاذ الرئيس بوش بالصمت. ويردد مسؤولون اميركيون التبريرات الإسرائيلية لعمليات الاغتيال ويعتبرونها أحد المبادئ الخلقية الأساسية ليهود الهولوكوست ولجذورها التوراتية. لقد هدد شارون بقتل عرفات ولكنه لم يفعل وقد لا يفعل لأنها ليست مصلحة إسرائيلية ولا بالطبع أميركية، وحينما يحين وقت تنحيته فمن الأفضل اغتياله سياسياً فشارون يريد انتحارا سياسيا بكل أبعاده وذلك بفرض تنازلات سياسية مستمرة تفقده مصداقيته فلسطينيا ودوليا، فعرفات رهينة تحت الحصار ولكنه لم يمتثل للرغبات الإسرائيلية فهل ستطاله يد الإبعاد.
ووسعت إسرائيل مجال اغتيالاتها إلى العالم العربي بقتل ابن الامين العام للجبهة الشعبية (القيادة العامة) أحمد جبريل. فالقادة السياسيون الفلسطينيون ليسوا في مأمن من التصفيات الجسدية، فقد أصبح بالإمكان إلصاق تهمة الإرهاب بكل من يتعاطى الشأن السياسي المعادي لإسرائيل وبدأت تستهدف عائلات أو أبناء السياسيين المدنيين الفلسطينيين المعارضين. وعلى الرغم من أن المحللين الاستراتيجيين يعتبرون الجيش الإسرائيلي من أحسن الجيوش تدريباً في العالم فإن القدرات القتالية للجيش الإسرائيلي فقدت أهميتها في التعامل مع الانتفاضة، ولكن يمكن اعتبار المخابرات الإسرائيلية نموذجاً لمخابرات ذات تخطيط دقيق في حربها مع أعدائها. وهنا كانت عمليات الاغتيالات أكثر أهمية من قدرات الجيش العسكري. تشكل الاغتيالات أحد أركان السياسة الإسرائيلية الخارجية وتلقى دعما شعبيا إذ تشير استطلاعات الرأي العام إلى أن 80% من الشعب الإسرائيلي يؤيدون الاغتيالات وليس هناك كاتب أو مسؤول سياسي إسرائيلي يتساءل عن أحقية إسرائيل بالقيام بعمليات الاغتيالات ويعتبرونها حقاً إسرائيلياً أو ضرورة قومية.
وعلى الرغم من أن السياسة الأميركية الرسمية المعلنة تنتقد الاغتيالات لأنها تخالف القوانين الأميركية النافذة حيث صرح الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية آري فلايشر أن الأوامر السابقة <<لا تمنع قدرة البلاد أن تقوم بأعمال دفاعية>>. إن الاغتيالات بجميع صورها ليس لها تبرير قانوني دولي وانها جريمة جنائية بكل المعايير القانونية الدولية. ومع أن القانون الدولي يقر للقوة المحتلة قتل من يرفع السلاح عليها في عمليات عسكرية إلا إن الدفاع عن النفس لا ينطبق على الشيخ ياسين، فلم يشهر بندقية من كرسيه المقعد، ولا تعترف المحاكم الأميركية بالأفعال التي تترتب على الأهداف السياسية. فليس هناك معتقلون سياسيون بل مجرمون. إن المواقف الأميركية من بعض السياسيين ورجال الدين البروتستانتتين المتصهينين هي سابقة خطيرة لأنها تفتح باب الاغتيالات على مصراعيه وتمنح رخصة للقتل على مستوى العالم لأنها تعترف بالاغتيالات كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، لتطال جميع قادة العالم.
_الحوار بين من و مع من ؟_
_ (( تعقيب على رد الدكتور يوسف سلامة ))_
د. ثائر دوري : ( كلنا شركاء ) 28/4/2004
كنت قد كتبت مقالة عن الشرطي الشهيد أحمد مصطفي ابراهيم بنشرة كلنا شركاء بتاريخ 21/4/2004 فرد الدكتور يوسف سلامة في نفس النشرة بتاريخ 26-4 يعترض على إطلاق صفة الشهادة على الشرطي الشهيد و اعتبر أن ما قام به (( .... تجاوز كل آداب التعامل الإنساني والأخلاقي ,عندما أطلق النار على أناس يشاركهم المأكل والمشرب .....)) أمر مخجل و ضمّن أفكاره حول الموضوع و مواضيع أخرى و ها أنا أعقب على بعض النقاط الواردة في رده :
1- إذا كان الاعتقاد بحق كل أبناء الأمة بمقاومة هذا النظام الإرهابي الأمريكي – الصهيوني هو تطرف فأنا متطرف .
2- حول الفرق بين الإرهاب و المقاومة : إذا قصفت طائرة الـf16- f18 وصواريخ كروز و قتلت البشر الآمنين في حي الشعلة و ملجأ العامرية و قانا و قصفت الفلوجة بالقنابل العنقودية ( المحرمة دوليا) ً فقتلت النساء و الأطفال ................الخ . فهذه أخطاء حربية و ليست إرهاباً ........!! ( حسب المعايير الصهيو- أمريكية )
3- يقول الدكتور يوسف سلامة (( إن ما حدث مع بطل قصتنا ( الشرطي الأردني ) يظهر أنه لم يكن بطلا في سلوكه , بل تجاوز كل آداب التعامل الإنساني والأخلاقي ,عندما أطلق النار على أناس يشاركهم المأكل والمشرب , ويؤدي معهم مهمة إنسانية جلى في حفظ السلام في كوسوفو , إن الخطير في تلك المقالة أنها توحي أو تصرح بأن قتل الأمريكيين ( هكذا على الشيوع) هو عمل بطولي يثاب فاعله بالجنة )) .
هنا أعلق بأمرين ، إن المهمة التي تؤديها قوات حفظ السلام ( و هي أبعد ما تكون عن هذا الاسم إلا إذا اعتبرنا شارون رجل سلام ، و بوش يستحق جائزة نوبل للسلام مع رفيق دربه توني بلير ) في كوسوفو ليست بالمهمة الإنسانية بل هي قوة احتلال و عدوان أمريكي – غربي تم تشريعه لاحقا بقرار من الأمم المتحدة بعد أن دكت الطائرات الحربية كل ما أنجزه الشعب اليوغسلافي على مدى نصف قرن و لم تترك لا الجسور و لا محطات الكهرباء و لا المدارس و لا حتى السفارات ( إذا كنت نسيت السفارة الصينية التي قصفوها ببلغراد ) و بدون تفويض من الأمم المتحدة . أليس هذا هو الإرهاب ...........؟
أما حكاية المهمة الإنسانية ، وهو يقصد حماية مسلمي كوسوفو فهذه لم يعد يصدقها أحد في العالم إلا إذا صدقنا أن الولايات المتحدة شنت عدوانها على العراق لتجريده من أسلحة الدمار الشامل أو لإقامة الديمقراطية .
لقد تحولت كوسوفو ، للأسف إلى اسرائيل الإتحاد الأوربي ، و مركزا لتجارة المخدرات و الرقيق الأبيض بإشراف قوات حفظ السلام التي تؤدي مهمات نبيلة و إنسانية !!
الأمر الثاني : إن من قتل في الهجوم هم ضباط أمريكان ( أي عسكريين ) ..................
4- يقول الدكتور :
(( إننا نعترض على مقتل أي مواطن فلسطيني بيد الإسرائيليين , ردا على العمليات الاستشهادية التي يقوم بها المقاومون الفلسطينيون , ونرفض أي عذر إسرائيلي بأن الاغتيال تم ردا على الاستشهاد ))
في هذه الفقرة يقلب الدكتور يوسف سلامة الحقائق رأساً على عقب . فهو يقول إن الكيان الصهيوني يقتل المدنيين الفلسطينيين رداً على العمليات الإستشهادية . و هذا غير صحيح بتاتاً . فالصهاينة هم الذين احتلوا فلسطين وشردوا شعبها . و الصهاينة هم الذين يمارسون القتل يومياً . إن الشعب الفلسطيني يُقتل يومياً على يد الصهاينة و تدمر بناه التحتية و أسس معيشته . أما العمليات الإستشهادية فهي حق مشروع يمارسه الشعب الفلسطيني دفاعاً عن نفسه و هو حق تكفله كل الشرائع السماوية و القوانين الدولية . و أما القتل الذي يمارسه الصهاينة فهي جرائم حرب تمارسها قوة احتلال .
و إذا كان بعض المثقفين العرب لا يعجبهم هذا الشكل من المقاومة لأنه (( عنيف )) أو ينشر (( ثقافة الموت )) كما يقول مشروع برنامج أحد الأحزاب اليسارية السورية . فأنا أقترح عليهم أن يزودوا الشعب الفلسطيني بصواريخ كروز و طائرات الشبح و الأباتشي و أنا أتعهد لهم أن الشعب الفلسطيني سيتوقف عن استعمال سلاح الاستشهاد . بل سيكتفي بقصف تل أبيب بالطائرات و الصواريخ و عندها سيقتل بعض مما يسمى بالمدنيين الصهاينة خطأ . لكن هذا سيدخل ضمن الأعمال الحربية و لن يعتبر إرهاباً !! ( حسب المعايير الصهيو- أمريكية المقبولة عالميا و من قبل مثقفينا، أيضاً ) . وإلى أن يؤمن المثقفون احتياجات الشعب الفلسطيني من التكنلوجيا الحربية الحديثة أقترح عليهم أن يتركوه يبدع أساليب مقاومته .
5- نحن ممن نعتقد أن السلاح يجب أن يوجه للعدو الخارجي فقط ( نكرر العدو الخارجي فقط ) . و لنا في تجربتي حزب الله و الانتفاضة الفلسطينية مثالين نقتدي بهما . فلا داعي لخلط الأمور بهذا الشكل بين الداخل و الخارج ...............
6- يقول الدكتور يوسف:
((نعلم كلنا- علم اليقين - أن الجنود الأمريكيين في العراق , لا يتصرفون بالمستوى الحضاري أو الأخلاقي المطلوب ويتجاوزن حقوق الإنسان بتصرفاتهم الهوجاء , ويستعدون الناس عليهم أكثر, ولكن هذا لا يبرر- لأي كان - قتل أي مواطن أمريكي , لمجرد كونه يحمل نفس جنسية هؤلاء الجنود ( القتل على الجنسية ) , مع إقرارنا التام بحق العراقيين بالدفاع عن وطنهم واستقلاله وأسلوب إعادة بنائه كما يريدون , وإننا ندعم هذا الحق العراقي ما وسعنا ذلك ))
نقول للدكتور إن قضية الجيش الأمريكي في العراق ليست قضية (( اتيكيت )) . فحتى و لو لم تكن تصرفاتهم هوجاء ، و حتى لو تصرفوا بشكل حضاري ، و أكلوا باليد اليمنى ، و ( سموا بالله ) و بسملوا سيبقون جيش احتلال دمر البلد و قتل البشر و أباد الضرع و الحرث و النسل . و إن مقاومتهم واجب على كل إنسان مسلم – عربي – عراقي .( انظر إليها بالترتيب الذي وضعته بها ) .
و بهذه المناسبة أصارحكم أني أُكبر حمية المثقفين العرب و مدافعتهم عن المباديء الإنسانية العامة عندما تراق دماء الأمريكان رغم كل ما فعلوه و يفعلونه منذ قرن على الأقل في بلاد العرب و المسلمين . و إني أدرك أن هذه الحمية و هذا الشعور الإنساني نتاج حضارة إنسانية راقية هي الحضارة العربية الإسلامية التي نادت بالمساواة بين البشر و حرمة سفك دمهم إلا لسبب موجب (( و هو محدد بدقة و يكاد يقتصر على حالات القصاص و الدفاع عن النفس الفردية و الجمعية )) . لكن ما يجعلني أصاب بالدهشة أن حميتهم هذه تبرد فجأة إذا كان القتيل من أبناء جلدتهم أو كان القاتل صهيونياً أو أمريكياً . .........
7 – أخيراً يا دكتور يوسف إن هؤلاء الجنود الأمريكان في كوسوفو و العراق و بلاد الواق واق هم أدوات في مشروع هيمنة و نهب و قتل ، و هم لا يحملون رأياً بل يحملون مدفعاً و دبابة . و من يحمل مدفعاً و دبابة و يطلق صواريخ كروز لا ينفع معه الحوار الحضاري و احترام الرأي الآخر لأنه لم يتعود سوى على احترام السلاح الآخر . و يحضرني قول لكروميل إذ يقول ( تسعة من كل عشرة من البريطانيين لا يحبوني . لكن هذا لا يهم لأن العاشر يحبني و هو مسلح ) .
الحوار يكون بين أنداد متناظرين بالقوة . لا بين قوي محتل مدجج بالسلاح و بين ضعيف مستباح لا يملك سوى لسانه . بالتأكيد هذا سيتحول إلى استجداء لا معنى له و لن يجدي في عالم متوحش لا يفهم سوى لغة القوة و لا يقيم اعتباراً سوى لمصالحه المادية . و لا يفكر بالحوار و التفاوض معك إلا عندما تجعله ينزف مالاً و دماً كما هو حاصل في العراق اليوم .
_عصر المعلومات الذي نعيش فيه!_
حسين أحمد أمين: الأهرام 27/4/2004
تعريف الحكمة لا يتصل من بعيد أو قريب بالمعرفة, فقد تنمو معارفنا العلمية من عام إلي عام, وتبقي الحكمة جامدة في مكانها أو تنحسر, وقد يفخر المعاصرون بسبقهم علي الأقدمين في المجالات المختلفة للعلوم, بل وأحيانا للفنون, ثم لا يدعي أحدهم أنهم باتوا أقرب من القدماء إلي الفوز بالحكمة, قد لا يكون نمو المعارف في حد ذاته سبب انحسار الحكمة( فهو نمو لا سبيل إلي وقفه, بل ولا حكمة في وقفه), وإنما السبب هو العجز المتنامي في التحكم في هذه المعارف التي أضحي تحصيلها لدي الإنسان غرضا مستقلا لا شأن له بالأخلاقيات أو العلاقات الاجتماعية, وما من محاولة تبذل من أجل ربطه بنظرة شاملة إلي مصير البشرية, وسعادة الإنسان.
ليس ثمة في القرآن الكريم من الأسماء الحسني ما هو أكثر اقترانا أحدهما بالآخر من العليم, والحكيم, والعزيز, والحكيم, فهنا اجتماع لصفتين ليستا متلازمتين بالضرورة.. إشراق الحكمة وسعة العلم, أو إشراق الحكمة والعزة( أي القوة التي يكون مصدرها سعة العلم), قد نري امرءا محيطا بالعلوم غزير المعارف تعوزه الحكمة,( كمثل الحمار يحمل أسفارا), وقد تكون الدولة عزيزة قوية, وسياستها مع ذلك أبعد ما تكون عن السياسة الحكمية( كمثل الولايات المتحدة بعد أحداث11 سبتمبر), وعند الله أن الوضع الأمثل في حال البشر هو اجتماع الصفتين كما اجتمعتا فيه:( فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما), فعظمة الملك إذن لا تنجم إلا عن اقتران غزارة المعارف بالحكمة, وهو اقتران لا يكاد عالمنا المعاصر يعرفه.
لست بالمنكر لأهمية اتساع المعارف وفضله فالناس بطبيعتهم يتطلعون إلي معرفة كنه ما حولهم, وهي معرفة تسهم في التخفيف من شرور تكتنفهم, وفي زيادة ثروات الأمم, غير أنه ما من أحد في أي عصر سابق علي عصرنا ذهب إلي أن المعرفة غرض في حد ذاته, أو أنها كافية وحدها لضمان حسن التصرف, وكمال السلوك, وسعادة الفرد والمجتمع, غير أننا ننظر حولنا فلا نري شاهدا واحدا علي أن سعادة الإنسان المعاصر زادت بازدياد المتع المهيأة له, أو أن فهمه للحياة ومغزاها صار أدق وأعمق بازدياد عدد المدارس والجامعات وغيرها من دور العلم, وبالإقبال علي استخدام الإنترنت, أو أن معاييره الأخلاقية باتت أرقي من معايير الأقدمين بعد أن أصبح للأخلاق علم كاد أن يصبح من شأن المختصين به وحدهم, أو أن المشاعر ورفاهة الحس نمت بنمو التمدن أو أن مراعاة حقوق الإنسان قفزت إلي الأمام بفضل وفرة ما يتعلق بها من إعلانات ومواثيق دولية, أو أن العلاقات الاجتماعية تحسنت بعد أن بات الهدف الأول لدي غالبية الناس هو الإثراء, والإثراء السريع إن أمكن, وبأي سبيل متاح.
فإن كان المفكرون القدماء قد رأوا سبيل الحكمة مخافة الله, وسبيل إنماء العلوم هو التجربة والإثبات, فقد أجمعوا علي أنه مما تتميز به الحكمة أنه ليس بالوسع إساءة استخدامها كما يساء أحيانا استخدام العلم, ذلك أنه كثيرا ما اشتغل بالعلم وبتحصيل المعارف والفنون الصالحون والطالحون, وما أكثر ما استخدمت الكفاءة الفنية والحقائق العلمية استخداما أفسد الأخلاق وأضر بالبشرية, أما في حالة الحكمة, فإنه لاتطلق صفة الحكيم إلاعلي من كان أخلاقي السلوك.
أما عن وصف البعض لهذا الشخص أو ذاك بأنه يتمتع بحكمة دنيوية, بمعني أنه ملم بأشراط النجاح في الدنيا وتحصيل مآربه الشخصية منها, فوصف يتضمن الإدانة لحكمة زائفة, وحماقة كبري, وتكالب علي الدنيا ومنافعها.
***
نترك الحكمة جانبا وننتقل إلي ما يسمي بالمعلوماتية وعصر المعلومات, لنري ما إذا كانا قد وسعا حقا من المدارك ومجالات المعارف, ولأذكر لكم كمثال علي ما أعنيه ما حدث لي في شهر رمضان الفائت:انتهت الأسرة من طعام الإفطار فأفلتت مجموعة من شبابها يؤدون صلاة المغرب, فتيان وفتيات فيما بين العشرين من العمر والثلاثين, وإذ فرغوا من صلاتهم والتأم شملنا واتصل ما كنا فيه من حديث, قلت لإحدي الشابات منهم: أتعلمين من صاحب الفضل الأكبر في إزالة حيرة الشباب المسلم وتمزقه بين دينه ومقتضيات الحياة المعاصرة؟.
قالت: من؟ قلت: هو الشيخ محمد عبده, قالت: ومن عساه أن يكون الشيخ محمد عبده هذا؟ قلت وقد كادت الدهشة تعقل لساني: تلميذ الشيخ جمال الدين الأفغاني, فكان ردها: ومن عساه أن يكون هذا الشيخ الأفغاني؟ وسرعان ما تبين لي أن هؤلاء الشباب عن بكرة أبيهم يشاركون الفتاة جهلها بالأفغاني ومحمد عبده.
قلت في نفسي: هؤلاء شباب من علية القوم, جميعهم موسرون, وأسعار الكتب في متناول أيديهم, ولدي كل منهم في بيته جهاز كمبيوتر يقضي أمامه الساعات الطوال من كل يوم, آباؤهم جميعا في مناصب عليا, وحصلوا من التعليم في الولايات المتحدة أو أوروبا ما ليس بمقدور العائلات المتوسطة, بله الفقيرة, تحصيله ثم هم بالإضافة إلي هذا من المؤمنين الصادقين الحريصين علي التمسك بأهداب الدين.. غير أنهم لم يسمعوا قط بمحمد عبده والأفغاني أول المسئولين عن اقتران التدين عندهم بالأخذ بأساليب الحداثة.. ثم تبين لي أنهم جاهلون تماما بتاريخ الإسلام وأعلامه.
تعللوا بأنه لم يعد لديهم وقت يقضونه في القراءة, وأن مشاغل الحياة باتت الآن أكثر من أن تترك لهم فائض طاقة, وأنهم يفضلون الجلوس إلي أجهزة الكمبيوتر وتلقي المعلومات منها علي الجلوس إلي كتاب, وأنه ما من أحد يهتم بأن يهديهم إلي الكتب الواجب قراءتها, وأنه حتي لو هداهم فليس في جعبتهم من اللغة العربية التي تعلموها في مدارسنا وكرهوها ما يعينهم علي فهمها.
غير أن أهم دفاع دافع به أحدهم عن نفسه وجيله, هو أن المعلومات التي كانت متاحة لأفراد الأجيال السابقة عن العالم الذي يعيشون فيه كانت من القلة النسبية بحيث يسمح الوقت لهم بأن يغوصوا رأسيا في التاريخ للإلمام بحقائقه, أما اليوم فقد باتت تلك المعلومات من الغزارة والوفرة الرهيبتين بحيث لم يعد ثمة وقت علي الإطلاق إلا للإلمام أفقيا بطرف من شئون العالم المعاصر دون التاريخ والجذور.. خطرت في ذهني وقتها قولة الكاتب التشيكي ميلان هوبل:إن شئت استئصال شعب ما, فلتكن أول خطوة هي محو ذاكرته.. إسحق ثقافته, ودمر تاريخه, واحرق كتبه, ثم كلف من يتولي بناء ثقافة جديدة, باختراع تاريخ جديد له, ولن يمضي وقت طويل قبل أن تبدأ الأمة في نسيان ما هي, وكيف كانت.
ثقافة جديدة, أليست هذه بالضبط سمة ثقافة عصر المعلومات الذي نعيشه اليوم: أن نشيد حولنا أسوارا عالية تحول بيننا وبين الماضي, بدلا من أن نبني الجسور إليه حتي نفهم تأثيراته, وكيف أسهمت هذه التأثيرات في تكييفنا؟.. إن أصوب تعريف للثقافة هو أنها الإلمام بالماضي الحي, والإلمام بالماضي الحي ليس من المشاغل الرئيسية أو حتي غير الرئيسية لعصر المعلومات.. هو عصر أهم ما يتسم به التجزؤ(FragmenTaion): تجزؤ الفكر, تجزؤ الاهتمامات, تجزؤ العلاقات الاجتماعية, تجزؤ المعرفة, وتجزؤ روح الفرد منا.. راقب البرنامج التليفزيوني من يربح المليون؟ الذي اجتذب أخيرا ملايين المشاهدين في العالم العربي, وتأمل طبيعة أسئلة المعلومات العامة فيه, ثم سائل نفسك عما إذا كان مثل هذه المعلومات يمكن أن يؤدي الإلمام بها إلي تكييف إنسان سوي الخلق, مهذب السلوك في علاقاته الاجتماعية, حكيم في أسلوب حياته, أو حتي إلي بناء ثقافة من النوع الذي عناه رجل حكيم حين قال: الثقافة هي ما يتبقي لك بعد أن تكون قد نسيت كل ما حصلته من معلومات.
لا أدري ما إذا كان هذا الموقف الجديد الغريب من المعرفة والمعلومات هو المسئول عن سائر مواقفنا الراهنة من مختلف مظاهر الحياة, أم أن جميع هذه المواقف هي نتيجة حتمية للشكل الذي اتخذه العالم المعاصر.. غير أن المؤكد أن ثمة ارتباطا وتوافقا بينها, هما ارتباط وتوافق من إيجاد التكنولوجيا الحديثة, ورغم أن هذه التكنولوجيا من إنجاز الإنسان, فإنها اليوم تتحدي قدرته علي الاستمرار في التخطيط والتوجيه والتحكم في مستقبله هو ذاته, وتهدد استمرار استخدامه لحريته في الاختيار.. باتت تلك الأداة المخلوقة, أو هذه الآلة غير الحية التي ابتدعها لخدمة مقاصده, علي وشك أن تعلن استقلالها عن مخترعها, وأن تجرفه إلي حيث لا يريد أن يذهب, شأن ذلك الكائن البشع الذي صنعه العالم فرانكنشتاين في معمله.
فكيف إذن بزغ ذلك الاحتمال أن يفقد الإنسان سلطانه في مجال من مجالات نشاطه حقق فيه أعجب الإنجازات, وألم بصدده بكم هائل من المعلومات؟ قد تكون الإجابة سهلة علي هذا السؤال: وهي أن السرعة الكبيرة المخيفة التي يتحقق بها التقدم التكنولوجي في زماننا هذا خلقت هوة سحيقة بين القشرة الواعية في الروح البشرية, وبين ما تحتها من طبقة سميكة عميقة من اللاشعور, لقد كانت هناك دائما هوة بين الشعور واللا شعور منذ تكون لدي الإنسان وعيه بذاته وبالكون حوله.. وكانت هذه الهوة هي الثمن الواجب دفعه حتي يصبح إنسانا, غير أنها الآن باتت من السعة بسبب تسارع, وتعاظم إنجازاته التكنولوجية بحيث أضحي من المحتمل أن يؤدي الأمر إلي كارثة.
هذا عن الخطر.. أما عن الخطأ فيكمن في ظني في فشل البشرية فشلا ذريعا في ميدان ذي أهمية قصوي, ألا وهو علاقة الإنسان بنفسه وبغيره من البشر, وهو فشل يتناقض تناقضا فاضحا ومحزنا مع نجاحه الباهر في علاقته بالطبيعة الصماء حوله, ففي فترات التغيير الاجتماعي الضخم الناجم عن الإنجازات العلمية والتكنولوجية, ينحسر سلطان الدين والتقاليد والقوانين الأخلاقية لتحل محله مشاعر الفردية والأنانية والتناحر وتكالب الأفراد علي طلب المنفعة المادية دون أن تتوافر لدي القائمين علي الثورة التكنولوجية أي عناية ذات شأن بسبل التربية والتثقيف الكفيلة باتقاء هذه الشرور, ومن هنا جاءت حدة التصارع بين القلب والعقل, بين الشعور واللا شعور المكونين للروح البشرية, في حين كان من الواجب أن يعملا في تآلف واتحاد متي أراد الإنسان التحكم في المواقف التي تواجهه, والمعضلات التي يقحم نفسه فيها, ويزيد من ضرورة هذا التآلف أن لدي كل من العنصرين القدرة علي إفشال مسعي الآخر, وأن يصيب الروح البشرية بالشلل, متي حاول التصرف بمنأي عن الآخر ومستقلا عنه, ودون أن يوليه أي اعتبار.
إن قدرة الله إنما تتجلي في إسدال الحجاب, بينما تتجلي قدرة الإنسان في كشف النقاب, فكأنما تتمثل العملية إذن في إخفاء يعقبه استجلاء. وما من تكريم من الخالق للمخلوق أعظم من إشراكه في هذه العملية معه, غير أن الإنسان تمادي في سعيه إلي كشف النقاب عن أسرار الكون من حوله تماديا اتسم بقدر هائل من الشطط, ومن العماية والافتقار إلي الحكمة وإلي التأني الواجب, ومن الزهو بنفسه والمبالغة في تقويم قدراته, تماديا أفقده الحق في الاشتراك في اللعبة, خاصة إذ بات العقل يلعب لحسابه وعلي مسئوليته, ويتحمل وحده ما قد يسفر عنه خطل الرأي من عواقب, وربما كان هذا هو بعض ما تعنيه الآية القرآنية الكريمة:
(إنا عرضنا الأمانة علي السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا).
_صلاح الدين الايوبي، الكردي الذي اصبح بطلا قوميا للمسلمين العرب_
_دراسة تبحث في حقيقة الأصل العربي للأكراد _
_ مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية يقدم أول تجربة في علم الاستشراق لفهم القضية الكردية. _
عبدالناصر فيصل نهار : ميدل ايست اونلاين 27/4/2004
أكد _آرشاك بولاديان_ السفير الأرميني لدى دولة الإمارات العربية المتحدة أن رواية الأصل العربي للأكراد قد نشأت في الوسط العربي، وهناك الكثير من الدلائل تعطي الأساس للافتراض بأن ديار ربيعة ذاتها، كانت مهد تشكيل تلك الرواية التي انتشرت من هناك فيما بعد إلى المناطق الأخرى من أراضي الخلافة. كما أن قبول الأكراد لمضامين الرواية الزاعمة لتحدرهم من أصل عربي لا يثير الاستغراب، خصوصاً إذا ما أخذنا بالحسبان أن فكرة الأصل العربي كانت تضمن لأمراء الأكراد، مع اعتناقهم الدين الإسلامي، الاحترام والهيبة في بعض الأوساط، ومن ثم توسع دائرة نفوذهم.
وأوضح الباحث الأرميني المعروف في دراسة له صدرت حديثاً عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن نشوء فرضية الأصل العربي للأكراد كانت - على الأرجح - تستهدف أبعاداً سياسية، فعن طريق تلك الروايات والمزاعم، جرت مداراة جزء من الأكراد، للتخفيف من علاقات العداء تجاه العرب الفاتحين، وهذا بدوره كان يسهل استجرار الأكراد للإسهام في الحياة السياسية والعسكرية والثقافية للخلافة الإسلامية. كما ساعدت الرواية من جهة أخرى على مضاعفة الوزن السياسي والاقتصادي للعرب في المناطق الكردية.
كما أن دراسة المواد حول الموضوع وتحليلها يسمحان بالاستنتاج أيضاً أن الرواية العربية لأصل الأكراد ساعدت على انتشار الإسلام في المناطق الكردية الجبلية. ولعب الأمراء في هذا المجال دورهم بالدرجة الأولى لأهداف سياسية واقتصادية، ولتوسيع دائرة نفوذهم، وبذلك جروا وراءهم جماهير غفيرة من السكان. ونتيجة لتلك الإجراءات أخذت عملية اعتناق عقيدة الفاتح في القرنين التاسع والعاشر طابعاً جماهيرياً لدى الأكراد أسهم في اندماجهم في المجتمع العربـي- الإسلامي، مع حفاظهم على بقايا عقائدهم القديمة.
وجاء البحث الذي أعده الدكتور بولاديان حول "مسألة أصل الأكراد في المصادر العربية"، ثمرة لدراسات المؤلف العلمية خلال العمل سنوات طويلة في معهد الدراسات الشرقية لدى أكاديمية علوم أرمينيا وقسم الدراسات الشرقية التابع لمعهد الاستشراق لدى أكاديمية علوم الاتحاد السوفيتي. ويتضمن استنتاجات علمية مبنية على أساس تلك المعلومات المستقاة من المصادر العربية، ودراسة المراجع المختلفة باللغات العربية والأجنبية. ومن أجل مناقشة موضوعات البحث وتحليلها لجأ المؤلف إلى البحث في مئات المدونات الضخمة للمفكرين العرب في العصور الإسلامية، ودراسة كتب التاريخ والأدب العربيين؛ واستعان لهذه الغاية بالمؤلفات المتوافرة في دور المخطوطات ومكتباتها في يريفان وموسكو ولينينغراد (سانت بطرسبرج حالياً).
وذكر المؤلف أن دراسة مواد المصادر العربية والإسلامية وتحليلها يسمحان بالقول: إن المؤلفين العرب قد بذلوا جهوداً مضنية في سبيل الكشف عن الأصول العرقية لنشأة الأكراد، وذلك عن طريق جمع الكثير من الروايات والأساطير المتعلقة بهذا الموضوع وتدوينها، غير أنهم لم يفلحوا في التوصل إلى الكشف عن حقيقة هذه المسألة؛ لأسباب معروفة تماماً، حيث لم يكن بمقدورهم من خلال اعتمادهم على مثل تلك التصورات والتفسيرات الواردة في الروايات التقليدية البالية أن يطمحوا إلى التوصل إلى أكثر من ذلك.
وقد وجد الأكراد أنفسهم، كغيرهم من شعوب الشرقين الأدنى والأوسط، ضمن نطاق الخلافة العربية، نتيجة للفتوحات الإسلامية في آسيا الوسطى والهزيمة الكبرى للدولة الساسانية في المناطق الإيرانية والمناطق التابعة لها ما بين الثلاثينيات والخمسينيات من القرن السابع للميلاد، وعُدَّ هذا الحدث التاريخي بمنزلة مرحلة جديدة وطويلة في حياة الأكراد؛ وهي فترة السيطرة العربية. وحدثت تغيرات عميقة بعد الفتح العربي في الواقع الكردي شملت مختلف مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، سببها نشوء دولة الخلافة العربية وانتشار الإسلام.
ودخل الأكراد بعلاقات وثيقة مع العرب ومع شعوب أخرى واقعة في ظل الخلافة، وكثيراً ما كانت تؤدي تلك العلاقات إلى نزاعات إقليمية ومصادمات بالدرجة الأولى مع القبائل العربية، خاصة عندما فتح العرب منطقة الموصل ومنطقة السواد وغيرهما من المناطق المتاخمة، ونتيجة لسياسة التمصير، استوطنت هناك عدة قبائل من الجزيرة العربية.
وتوضح الدراسة أن النشاط الحربي للقبائل الكردية بدأ يشتد في النصف الثاني من القرن الثامن تقريباً في عصر الخلافة العباسية أو الخلافة الشرقية، خاصة في مناطق الموصل والجبال وأذربيجان وغيرها، واتخذت هذه الظاهرة مدى واسعاً في القرنين التاسع والعاشر لضعف جبروت الخلافة العربية سياسياً، ولظهور إمارات إقطاعية مستقلة وشبه مستقلة والنهوض العارم لحركة الشعوب الإيرانية المعادية للنظام الإقطاعي عامة والحكم العربي خاصة.
ومع أن نضال الأكراد كان له طابع العفوية، فإن أمراء القبائل الكردية استفادوا من الظروف السياسية الملائمة ودأبوا في بداية القرن العاشر على السعي نحو الاستقلال النسبي، ونتيجة لهذا النضال ظهرت ابتداء من القرن العاشر في مناطق مختلفة إمارات كردية عدة: المروانية، والحسنوية، والشدادية، والعنازية…إلخ. وفي أوائل عصر الدولة العباسية بدأت هجرات الإيرانيين ومن بينهم القبائل الكردية من أماكن إقامتها في الموصل والجبال إلى مناطق مجاورة، وكان سبب هجرات الأكراد مرتبطاً في كثير من الأحيان بالبحث للحصول على مراع لتربية المواشي. وساعد هذا الوضع بدوره على ظهور العنصر الكردي ليس في القوات النظامية للخلافة فقط، بل في فصائل القوات المرتزقة لدى الإمارات الإسلامية أيضاً. وساعد ذلك بشكل جوهري على عملية اختلاط الأكراد بالسلالات الأخرى. وفي بعض الحالات أدى ذلك إلى تعريب بعض الفئات الكردية التي تعمقت خاصة نتيجة اعتناق أفرادها الإسلام، وهذا بدا واضحاً بشكل رئيسي على أكراد الموصل وإربيل وغيرهما. وفي هذه المرحلة التاريخية ذاتها ابتداء من القرن الثامن بدأ اهتمام المؤلفين العرب بموضوع النشأة العرقية للأكراد، وسجل التاريخ العربي حول تلك المسألة آراء مختلفة ومعتقدات متضاربة ومتناقضة.
وتؤكد الدراسة أن الموضوعات التي تناولها المؤلفون العرب في القرون الوسطى، والمعلومات المتناثرة فيها تعد، دون شك، من أوفر المعلومات حول ما يخص الأكراد وتاريخهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في العصور الإسلامية. وهذه حقيقة يتفق عليها الكثيرون من الباحثين الشرقيين والغربيين. وعلى الرغم من المزاعم والافتراءات التي التصقت بالشعب الكردي، والروايات التي نسجت حول نسبهم وأصولهم ومعتقداتهم، فإن هذه الدراسة تتيح المجال أمام القراء والدارسين للنقاش والاستزادة منها، بغية التوصل إلى الحقيقة النسبية، التي يتفق عليها ويتقبلها المنطق العلمي السليم.
إن بحث مسألة أصل الأكراد وفق المصادر العربية يتناول جانباً مهماً من جوانب العلاقات العربية- الكردية، وهو الجانب الذي لم يلق الاهتمام الكافي لدى المؤرخين، ولم تسلط عليه الأضواء كما يجب. وبحث الموضوع مهم جداً، ولاسيما لفهم القضية الكردية المعاصرة والتطورات الجيوسياسية في الوقت الحاضر، ودور الأكراد في منطقة الشرقين الأدنى والأوسط.
كما أن بحث التاريخ الإسلامي وتاريخ المنطقة بصورة عامة، والدراسة الدقيقة لمصادر الشعوب المجاورة للجنس الكردي بصورة خاصة يدلان، دون شك، على أن المعلومات الأولية والأساسية تكمن في المصادر العربية- الإسلامية.
وتشهد دراسة تلك المصادر في الوقت نفسه على مدى اهتمام المؤلفين العرب بالموضوع، وجهودهم الحثيثة والمتواصلة لبحثه، فأصبحت المصادر الأساسية لهذا البحث، حيث قام المؤلف بتقسيم فصوله بحسب المعلومات والآراء الواردة فيها، ولذا يجب القول إن البحث بهذا الشكل والمحتوى يعد أول تجربة في علم الاستشراق الذي يضم جميع الفرضيات التي طرحت حول أصل الأكراد والتي لقيت انتشاراً واسعاً في الواقع العربي الإسلامي.
_استراتيجية أوروبية للشرق الأوسط_
جهاد مقدسي: مجلة أبيض وأسود 26/4/2004
انعقد في المفوضية اجتماع أوروبي - متوسطي هام للغاية وكان الهدف منه مناقشة آخر تطورات البرامج والمبادرات المشتركة بين ضفتي المتوسط. خلال الاجتماع همس لي زميل دبلوماسي سويدي تجمعني معه حتمية الأبجدية على طاولة الاجتماعات والود المتبادل بقوله: ألا تشعر بالارتباك أو الضياع نتيجة لتعدد المبادرات الأوروبية تجاه منطقتكم؟
فكان ردّي بكل عفوية أنني: بالفعل أجد هذه الآلية الأوروبية المسماة بالاتحاد الأوروبي صعبة ومعقدة أحياناً، ولكني لا ألبث أن أحصل على الصورة الواضحة والمطلوبة بعد القيام بوضع كل تصريح أو مبادرة في سياقها الصحيح وفقاً لتاريخ صدورها والأطراف المشاركة في إعدادها والأحداث المرافقة لها مع الأخذ بعين الاعتبار موضوع معاناة الأوروبيين أنفسهم في التوصل لبلورة موقف أو مبادرة موحدة.
إلا أنني على ثقة أن هذه الآلية طبيعية كون ما يصدر عن الاتحاد الأوروبي يعكس وجهات نظر تيارات أوروبية متعددة ومختلفة، والصورة النهائية لما يصدر هي في الغالب توفيقية لهذه التوجهات المختلفة. لا بل في بعض الأحيان يتفق الأوروبيون على التعامل بشكل إفرادي تجاه قضية معينة نظراً لعدم القدرة على التوصل لتصور مشترك والأمثلة عديدة وعلى سبيل الذكر موضوع الغزو الأمريكي للعراق أو جدار الفصل العنصري الذي تبنيه إسرائيل، في كلا الحالتين لم تستطع أوروبا التعاطي بشكل شمولي فتركت لكل دولة حرية التعامل مع المسألة مما أدى لبعض الارتباكات.
كلما تذكرت هذه المسألة يتبادر لذهني مباشرة الفكرة التالية: (إذا عجز الاتحاد الأوروبي أحياناً عن إيجاد موقف موحد بوجود 15 دولة، فكيف سيكون عليه الأمر بعد أن يتوسع الاتحاد في أيار القادم ليصبح 25 دولة؟؟).
دعوت صديقي الأوروبي إلى احتساء كوب ساخن خلال فترة الاستراحة بين الاجتماعات، وقمنا سوياً بتعداد المبادرات الأوروبية المطروحة خلال العامين الماضيين.
فتبين لي أن المبادرات أو المقترحات الأوروبية المتعلقة بالشرق الأوسط والتي استطعنا استذكارها، قد بلغ عددها تسع مبادرات وأبرزها: (مبادرة قدمتها الدول الاسكندنافية عام 2002، مبادرة إعادة تنشيط حقوق الإنسان 2003، مبادرة (أوروبا أوسع) التي طرحها رومانو برودي رئيس المفوضية الأوروبية، مبادرة سياسة الجوار الأوروبي، مبادرة يوشكا فيشر للإصلاح 2004، ورقة فرنسية ألمانية حول الشرق الأوسط 2004، ورقة دانمركية 2004، مقترح خطة العمل 2004).
إلا أن المفاجأة كانت لدى عودتنا لاستئناف اجتماعنا، فقد قامت الرئاسة الأوروبية (الإيرلندية حالياً) وخلال نقاشها لبند يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط بالتحدث عن مسودة استراتيجية جديدة للاتحاد الأوروبي قيد الإعداد وتتناول الشرق الأوسط، فما كان من زميلي السويدي إلا أن ابتسم وهمس لي: لا أعتقد أنها ستكون الأخيرة!!
ثم ذكرني بأن الأوروبيين أنفسهم قد عبّروا عن ضرورة تفعيل الأدوات الأوروبية الحالية عوضاً عن تكديس الطروحات وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بمنطقة الشرق الأوسط المثقلة أصلاً بالمبادرات الأوروبية وغير الأوروبية.
إلا أننا اتفقنا على أن العبء الأكبر سيقع على عاتق الفريق المسؤول عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي وهو الفريق الذي يقوده حالياً السيد خافيير سولانا الذي يعمل جاهداً على بلورة موقف أوروبي موحد من القضايا الدولية وبالتعاون مع المفوضية الأوروبية التي يرأسها رومانو برودي ولا شك أن كليهما سيواجه مهمات أكثر صعوبة، فبالإضافة إلى الاستحقاقات الأوروبية المعروفة سيكون توسع الاتحاد إحدى العوامل التي يجب أن تؤخذ انعكاساتها في الحسبان، فهذا التوسع بالإضافة للأعباء السياسية التي سيرتبها سيكون هناك جانب مهم آخر وهو العبء المالي المتزايد للاتحاد سواء تجاه دول شرق أوروبا المنضمة أو دول جنوب المتوسط المجاورة التي يرتبط الاتحاد معها في برامج كثيرة ذات حوافز.
انتهى اجتماع آخر، وودعت المندوب السويدي الذي أعلمته المفوضية في نهاية الاجتماع أن القاعة التي اجتمعنا فيها قد قررت المفوضية تسميتها رسمياً (قاعة آنا ليند) تخليداً لذكرى وزيرة الخارجية السويدية الراحلة.
وبالطبع هنأته وهنأت نفسي فـ(آنا ليند) تستحق هذا التكريم فقد كانت وزيرة خارجية لامعة معروف عنها التزامها التام بأوروبا الأكثر أوروبية وبحقوق كل فرد في أي مكان بالعيش بحرية وبأن يختار مصيره، لا بل كانت من أكثر الوزراء الأوروبيين عرضة لانتقادات إسرائيل ومن وراءها، فقد عارضت الحرب على العراق وأدانت المعاملة الأمريكية لسجناء أفغانستان وانتقدت إسرائيل علانية لما تقترفه من إجرام في الضفة الغربية وقطاع غزة وخصوصاً في موضوع سياسة الاغتيالات التي تطال المدنيين والعزّل.
_المحامي السوري اكثم نعيسة يحصل على جائزة فرنسية لحقوق الانسان_
( أ ف ب ) 27/4/2004
منح المحامي السوري اكثم نعيسة المعتقل في بلاده جائزة "لودوفيك-تراريو" الدولية لحقوق الانسان للعام 2004 كما علم من معهد حقوق الانسان لنقابة محامي بوردو (جنوب غرب) الذي يمنح الجائزة.
وقال رئيس المعهد المحامي برتران فافرو ان المحامي السوري البالغ من العمر 53 عاما والذي يترأس لجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الانسان في سوريا، "امضى فترات عدة في الاعتقال بسبب مواقفه المؤيدة لدولة القانون في بلاده".
وقد اعتقلت اجهزة الامن العسكرية اكثم نعيسة مجددا في 13 نيسان/ابريل الجاري في وقت نشرت فيه لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان في سوريا تقريرها السنوي التي نددت فيه بانتهاكات فاضحة لحقوق الانسان في سوريا.
وامس الثلاثاء حمل 17 حزبا ومنظمة سورية وكردية معارضة في بيان "السلطات السورية مسؤولية تردي حالته الصحية بسبب اصابته بجلطة دماغية ادت الى شلل في يده اليمنى بالاضافة الى امراضه السابقة (قصور كلوي متوسط الشدة وانقباضات في القلب)".
وطالبت الاحزاب والمنظمات في بيانها "بالافراج الفوري عن نعيسة واخلاء سبيله حفاظا على حياته ليتمكن من متابعة العلاج المطلوب خارج المعتقل".
وهو تاسع محام يحصل على هذه الجائزة التي انشأها المعهد المذكور قبل عشرين عاما.
وفي العام 1985 منحت اول جائزة لودوفيك-تراريو الى نلسون مانديلا فيما كان لا يزال في الاعتقال.