الآراء الواردة في المقالات لا تعبر عن رأي معد النشرة , وعند ورود آراء أو طروحات في المقالات تختلف عن الموقف الرسمي السوري فالهدف هو الاطلاع عليها ,وتفنيدها وتحضير إجابات عليها سواء للصحف أو كي لا نقع في المفاجأة عند إجراء مقابلات تلفزيونية , والهدف النهائي هو كما ذكر سيادة الرئيس )) نحن نريد أن نخلق حواراً بين الناس ...في كل مكان ,حوار بين الدولة والمواطن ,وحوار بين الدولة والمؤسسات الأخرى التي تعبر عن المصالح ,الحوار لا حدود له ,وهذا ما نريد ,القاعدة هي الحوار ))
لا يوجد ما يمنع من تحويلكم النشرة إلى أصدقاء لكم من سوية مثقفة واعية,في حال عدم الرغبة في استلام النشرة يرجى إعلامي
هذه النشرة هي (( نشاط و جهد فردي أعتبره واجباً ))علي في هذا الوقت , فلا تحملوها أكثر مما تحتمل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان : نعــم ( كلنــا شـركــاء فــي الـوطـــن )
الكاتب :
_السادة في (كلنا شركاء ) _
اسجل تضامني معكم واحترامي لنزاهتكم
_عماد شعبان –صحفي _
_السادة في (كلنا شركاء ) _
ارسل لكم تضامني مع الرجاء استمرار ارسال النشرة.
_الصحفية سلمى كركوتلي _
_السادة في موقع ( كلنا شركاء ) _
قرأت نبأ توقيف نشرتكم (كلنا شركاء) من قبل القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا والذي يعد انتهاكاً صارخاً لحق التعبير الذي كفلته الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية ذات الصلة ونعلن تضامننا معكم ونضم صوتنا إلى كل الأصوات الديمقراطية التي تطالب السلطة بالتوقف عن إجراءات التضييق على الحريات العامة سواء بما يتعلق بالنشر أو التعبير
_الناشطة حسيبة عبد الرحمن _
_السادة في موقع ( كلنا شركاء ) _
أرغب في البداية التعبير عن تعاطفي الشديد مع هذا الموقع، الذي شكّل منذ ظهوره نافذتي الأهمّ للتعرّف عمّا يجري في سوريّة. وسيكون من المؤسف أن يتمّ حجب مثل هذا الموقع، ويبدو هذا الحجب غير مبرّر إطلاقاً بالمقارنة مع البرنامج الحواري الذي عرضه التلفزين العربي السوري بين ميشيل كيلو وجورج صدّقني.
من ناحية أخرى، يبدو أنّه قد حصل لبس في اسم كاتب المداخلة الموجودة في مقدّمة عدد 23 آذار، والموقّعة باسم علي دياب، إذ اعتقدت شخصيّاً أنّ المقصود هو الصديق الدكتور علي دياب، أمين منظّمة الحزب في فرنسا سابقاً ومن ثمّ عضو قيادة فرع الحزب في جامعة دمشق. ولدى الاتّصال بالدكتور علي دياب تبيّن أن لا علم له بالمداخلة المذكورة،
أعتقد أنّه من المفيد إزالة مثل هذا اللبس في المستقبل من خلال التعريف البسيط بأسماء كتّاب المقالات، مثل ذكر ما يوضّح شخصيّة الكاتب (صحفي، طبيب، مهندس، استاذ جامعي أو خلافه).
مع تحيّاتي الشخصيّة لموقعكم وتمنياتي له بالاستمرار في دوره الداعم لمسيرة الاصلاح والتطوير في سوريّة.
_الدكتور المهندس يعرب بدر :جامعة تشرين- اللاذقيّة. _
_السادة في موقع ( كلنا شركاء ) _
يئست من الوسائد
ومل مني الجدار
والجرائد
تجتاحنا نحن المقيمين خارج الوطن و المقيم في احشائنا الوطن الاف الهواجس والاحاسيس كلما ورد اسم سوريا على لسان او كتب في جريدة
ولا يخفى طبعا عن كهل او رضيع مقدار اللامبالاة والجهل المتحكمين بالاعلام الامريكي حتى وقعت احداث ايلول الاسود فانقلب الجهل اغراضا و باتت اللامبالاة تحيزا
وبات البحث عن الخبر اليقين مطلبا جماعيا ملحا اكثر من اي وقت مضى وفي هذا القرن الذي اضحت به الانترنت جهينة رجل الشارع وملاذه رحنا نهرع لشاشة الكمبيوتر علها تهدئ من روعنا كلما نبح علينا رمسفيلد بان الدور على سوريا
وهنا كان المازق الاكبر
فما بين مجاملة الصحف الحليفة كالسفير مثلا وتحامل الصحف العدوة كيديعوت احرونوت تذوب الحقيقة وتتلاشى ولان كلا منها معني اولا بمشاكل بلده بتنا هنا نتسقط اخبار بلدنا ما بين السطور المنسية
وفجاة تغير شيئ ما
صرنا نقرا اخبار بلدنا منسوبة الى موقع يسمى كلنا شركاء واصبح هذا منوالا متكررا لا حدثا طارئا وامسى هذا الموقع قبلة المغتربين والمقيمين على السواء لفهم ما يحدث لنا وما حولنا وحتى ما بيننا وكان اللافت قبل كل شيئ اقبال جميع التيارات على الموقع كتابة و نقدا و ردا و تفنيدا ثم نقد تفنيد الرد وكأن سوريا هذه تقول لجورج بوش رح جرب اصلاحاتك في مكان اخر
ولكن وكما في الافلام العربية لا بد للقصة من حبكة تضفي عليها تشويقا
فيعتلي خشبة المسرح طيور الظلام و يسدلون الستارة علهم بذلك يحجبون السمع والبصر عن المشاركين والمتفرجين الذين دفعوا ثمن تذاكرهم عرقا و دما و مواطنة
وطيور الظلام هذه لا تدرك كم من اياما لها بقيت قبل ان تصبح نكتة سمجة على ورق اللعب
انا ادرك ان كلماتي لن تصل صفحة النشر او قد تدركها مبتورة وهذا حسن فجل مرادي هو ان ابلغكم بما نحس به هنا ان كنتم بهذا عابئين
و دمتم
_الدكتور ق ك - تكساس-الولايات المتحدة _
أقدمت السلطات السورية على اعتقال الكاتب السوري محمد غانم الذي يعمل مدرسا في مدينة الرقة . والذي يكتب في نشرات على الانترنت حول الفساد وحقوق الإنسان . وسبق له أن عمل في صحف خليجية . _بالتالي يصبح عدد الكتاب السوريين في السجون السورية : _
1-عارف دليلة 2- حبيب عيسى 3- كمال اللبواني – عبد العزيز الخير 4 – محمد غانم . وهناك أيضا عدة أسماء أخرى لم يتم التأكد منها بعد حيث ذكرت الأنباء أنه تم اعتقال رسامين كرديين وشاعر لم يكشف عنهما حتى اليوم. ويوجد الآن في السجن عدد من طلاب كلية الصحافة من الأكراد ، وعدد من المواطنين بتهمة استخدام الأنترنت . _ وينتقد القلم السوري ما تعرضت له نشرة " كلنا شركاء في سورية " من حجب رسمي ، _ ونطالبها بالعمل على وقف بعض الكتابات التي تشهّر بمعارضين سوريين قضوا حياتهم في السجون أيام لم يكن هناك من يتجرأ على توقيع بيان عادي ، وطالما " كلنا شركاء " فلا يجب أن نقصي الآخر طالما يقول رأيه سلميا وبحرية . ونطالب جميع النشرات السورية أن تلحظ من يندسوا تحت غطاء الصحافة بأسماء مستعارة ليشهّروا بمعارضين بارزين ، وبدل أن ننشر لهم يجب كشف المندسين الذين يستغلون الصحافة لنشر الفتن والشرور . إن ما تعرضت له هذه النشرة كان متوقعا ، طالما أن ماكينة الحجب تعمل ليلا نهارا .. _فهل يعلم الإتحاد الأوربي أن سورية ( بلد الشراكة ) تعمل حكومتها على التخلص من الأنترنت ببطئ ؟. _
المركز السوري للقلم ، منظمة الصحفيين والكتاب والأدباء في سورية ، حديثة النشأة ، تعرب عن قلقها على وضع حرية التعبير في سورية وتناشد الجميع التدخل لأجل العمل من أجل إطلاق سراح جميع الكتاب من السجون السورية .
_ المركز السوري للقلم :قبرص/ نيقوسيا _
_السادة في موقع ( كلنا شركاء ) _
لكم تحياتنا
لن نستطيع الهبوط من قمة التأخر، عن طريق الإمعان في حجب المعرفة، والاستمرار في محاربة الآخر، وحرمان الأمة من حرياتها.
أتضامن معكم من أجل الحرية والمعرفة.
_لمعتقل السابق لمدة خمس عشرة سنة عدنان محمد المقداد _
العنوان : مسلسـل اللامعقــول فـي زمــن الصمــت
الكاتب : شاهر أحمد نصر
_مسلسل اللامعقول في زمن الصمت_
شاهر أحمد نصر : ( كلنا شركاء ) 25/3/2004
مما لا شك فيه أنّ مناخاً سياسياً مختلفاً أخذ يتشكل في البلاد.
مفاهيم سياسية عصرية جديدة من مفردات الحياة السياسية في الدولة العصرية كالمعارضة، الرأي الآخر، التنوع، قانون أحزاب سياسية، ديموقراطية سياسية، حقوق الإنسان.. وغيرها أخذت تشق طريقها في اللغة السياسية التي كانت شبه مغلقة حتى وقت قريب.
إلاّ أنّ اللوحة لم تكتمل بعد. ومع البطء الشديد في وتيرة عملية الإصلاح والتغيير ـ لدرجة أنّه ونتيجة لوتيرته البطيئة يبدو وكأّنه ناجم عن ضغوط خارجية ـ فإنّه ما أن تلوح بارقة أمل، أو نقطة مضيئة، حتى تحاصر وتعاني من هجوم، يخيل لمتابع الأحداث وكأنّه يشن من قبل أشباح اعتادت السيادة في الحالة الاستثنائية الطارئة، ولا يمكنها العيش خارجها، وترى في كل بقعة ضوء فضح لعورتها.. ونتيجة لذلك تتوالى أحداث تبين النظرة الموضوعية إليها وكأنّها مسلسل أقرب إلى الخيال الذي يصعب تصديقه والقبول به.. _حلقته الأخيرة كانت قرار حجب موقع النشرة الوطنية، وديموقراطية النهج "كلنا شركاء في الوطن" التي يشرف عليها عضو المؤتمر القطري الأخير لحزب البعث في سوريا المهندس أيمن عبد النور!!! _
تأتي هذه الحلقة في مسلسل اللامعقول، بعد حلقات متوالية سنضطر لذكرها وكأننا نكرر ذاتنا وفكرنا، نتيجة بؤس الحالة السياسية التي نمر بها، من دون أن نستطيع التقدم على طريق التغيير والإصلاح الموعود:
ـ رواد ربيع دمشق وفي طليعتهم البروفيسور عارف دليلة عميد كلية الاقتصاد والنائب رياض سيف وزملاؤهما، يعتقلون ويحاكمون في محكمة أمن الدولة، ويودعون الزنزانة.. ـ مشاركون في اعتصامات سلمية أمام مجلس الشعب ومجلس الوزراء عرب وأكراد يطالبون بالاصلاحات ورفع الغبن عن المكتومين في إحصاء 1962 يعتقلون..
ـ صحيفة الدومري تغلق.
ـ ناشطون ومثقفون ينوون حضور محاضرة في منتدى عبد الرحمن الكواكبي في حلب يعتقلون ويحالون إلى المحكمة العسكرية لنيتهم حضور محاضرة..
ـ ناشطون يعتصمون سلمياً أمام مجلس الشعب يطالبون بإلغاء حالة الطوارئ يعتقلون، وتطال الاعتقالات بعض من كان في مقهى الروضة المجاور لمكان الاعتصام.
ـ أحداث مؤسفة تتجاوز مدينة القامشلي بعض أسبابها كامن منذ زمن دون معالجة، تسمح لـ "مندسن" باستغلالها وإزهاق أرواح أبرياء من الأخوة الأكراد والشرطة..
ـ وها هو قرار حجب نشرة "كلنا شركاء في الوطن" يزيد اللامعقول غموضاً، والأكثر غرابة في هذا القرار أن يصدر عن الجهات التي يفترض أن تكون في طليعة المنادين والفاعلين في طريق الإصلاح، فهل يعقل أن من يعمل في مجال المعلوماتية يجهل متطلبات وألف باء عصر المعلوماتية، الذي من السذاجة فيه محاولة حجب الشمس بالعصا..
ـ ترى هل نستطيع التكهن بالحلقة التالية.. وفي صالح من يجري كل ذلك، وكيف يتم تبنيه؟!!
حبذا لو أنّ الجهة التي تتخذ مثل هذه القرارات تظهر للنور وتتكرم علينا بتبيان الأسباب الموجبة لها، وتتلطف بالسماح لأبناء شعبنا بمناقشتها في مثل هذه القضايا التي تمس أمن ومصير الجميع، علّنا تستفيد جميعاً ونجنب مجتمعنا الكثير من القضايا التي تضعفه أمام التحديات الجمة التي تواجهه..
_هل هناك من يريد دفع الوطن إلى التهلكة:_
يعتقد البعض أن تلك القرارات تخدم هيبة الحكومة! ونحن نرى في ذلك إضعافاً لهيبة الحكومة والوطن.. كلنا يعلم أن جهات مختلفة تعد ملفات خاصة للضغط على بلادنا، ومثل هذه القضايا تخدم أولئك، وتقدم لهم مادة لتشويه سمعة بلادنا وزيادة الضغط عليها، فضلاً عن أنّها تضعف التلاحم والوحدة الوطنية.. فهل هناك من يدعي الوطنية بيننا ويسعى لتقديم خدمة للمتربصين بوطننا؟!
من الملفت للانتباه أنّه عند مناقشة هذه الأمور مع مختلف الشخصيات الفاعلة والمثقفة في المجتمع بمن فيهم شخصيات مسئولة، نسمع آراء تثلج الصدر، ونجد إجماعاً على استغراب بل واستهجان مسألة حصول هذه الأمور التي تضعف البلاد!! فلماذا، وكيف تحصل إذاً؟!!
ويتساءل البعض عن سبب الصمت حيال هذه الأمور. فمن المعروف أنّ مبدأ الحرية الأكاديمية المقر دولياً يحرم اعتقال أكاديمي بسبب آرائه؟ ومع ذلك يصمت الكثيرون من دكاترة الجامعات والمفكرين والمثقفين على اعتقال زميل لهم وآخرين! السبب الأساسي لهذا الصمت هو التطبيق الطويل لقوانين الطوارئ التي تربت بسببها أجيال في أجواء الخوف والرعب، لدرجة أنّه في مثل هذه الأجواء، من غير المستغرب أن لا يجيب الكثير من أعضاء حزب حاكم بثقة وتجرد على استبيان لتقصي آرائهم في سبل تطوير حزبهم!!
أجل إنّ فرض قوانين الطوارئ لفترة زمنية طويلة، دون مبرر مقنع، يضعف الشعب ويخلق حالة من الخوف والضعف، ترهق البلاد.. من الضروري التمعن في آلية العمل التي تقود إلى هذه القرارات والإجراءات التي تضعف البلاد.. والمخرج السليم في رأينا يكمن في إجراء التغيير والإصلاح اللازم على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والفكرية، لإيجاد حالة ديموقراطية عصرية تسمح لطاقات المجتمع أن تتفتح لتحصينه من كل ما يضعفه في مواجهة قضاياه المصيرية على طريق التنمية، والتقدم الاجتماعي وتحرير الأراضي العربية المحتلة.
وفي هذا المجال من المفيد تبيان أن الوطن يحتاج لطاقات جميع أبنائه، ونشرة "كلنا شركاء في الوطن" من المنارات المضيئة في هذه المرحلة، وإطفاؤها لن يفيد إلاّ من يسعى لهيمنة الظلام في عصر لم يعد فيه للظلام من مستقبل..
إنّه لمن المفيد أن نقرأ هذه الأحداث قراءة تاريخية.
_ماذا سيقول التاريخ عن هذه المرحلة، وعن أبطالها من كافة الأطراف؟_
ألن يسخر منا أحفادنا عندما سيقرأون صفحات تاريخية حول إحالة نشطاء ودكاترة جامعات إلى المحاكم العسكرية بسبب آرائهم أو النية في حضور محاضرة، وقرارات بإغلاق صحف وحجب نشرات تبشر بالوعي والديموقراطية؟! .. كل ذلك وسط صمت أشبه بصمت المقابر!!
_فهلاّ رحمنا أنفسنا من حكم التاريخ؟!!!_
العنوان : توضيــح مـن عمـاد شعبــان
الكاتب :
_توضيح من عماد شعبان_
توضيح من عماد شعبان حول مقال منسوب لكاتب بنفس الاسم
قرأت في عدد نشرة كلنا شركاء 23/3/2003 مقالا للصحفي فواز خيو بعنوان (قرار باستبدال سلطان باش الاطرش )ردا على عماد شعبان ,يهاجم مقالا يتعرض فيه كاتبه لمكانة قائد الثورة السورية الكبرى ولانني معني بهذا الامر كوني صحفيا سوريا واعتز بهويتي وبلدي وصادف ان اسمي عماد شعبان وكتبت اكثر من مرة في نشرة كلنا شركاء فانني اوضح الاتي :
أولا : انني لم اسمع بهذا المقال لامن قريب ولامن بعيد واعتبر نفسي معنيا بالدفاع عن سلطان باشا الاطرش على قدم المساواة مع السيد خيو اذا لم يكن اكثر منه.
ثانيا :اذا كان هناك صحفي اخر اسمه عماد شعبان فارجو ان توضح جنسيته بجانب اسمه وليس هذا امعانا في الاقليمية ولكن منعا للالتباس الذي يمكن ان يقع , ودرءا للضرر الذي يمكن ان يلحق بي او بالاخ عماد شعبان الثاني او الاول ..لااعتراض لدي اذا تأخرت في الصف عنه .
ثالثا :انني لم انشر في صحيفة النهار ولم اراسلها ابدا وربمانشرت الصحيفة جنسية الكاتب واتمنى من السيد خيو ان يكون ثبتها في رده .
رابعا :انني ادعو كل صحفي الى استعمال اسمه الصريح وعدم استعمال اسماء غيره حتى لاتضيع المواهب ويساء الى اشخاص بسبب اراء لم يتبنوها .
مع فائق الاحترام لكل الوطنيين ومع الانحناء لكل الرموز الوطنية ابتداء من يوسف العظمة وسلطان الاطرش وانتهاء بحافظ الاسد.
العنوان : الاحتـلال الأمـريكـي للعـراق (الوقائع والنتائج والآفاق)
الكاتب : الرفيق محمد سعيد طالب
_الاحتلال الأمريكي للعراق: الوقائع والنتائج والآفاق_
محمد سعيد طالب : عضو قيادة قطرية ووزير سوري أسبق
( كلنا شركاء ) : 25/3/2004
في مثل هذه الأيام من عام 2003م ارتفعت حمى الحملة الإعلامية والديبلوماسية للحرب على العراق.فكان الرئيس الأمريكي جورج بوش الثاني ونائبه ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي كونداليزا رايس ورئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي وغيرهم من الوزراء والمستشارين مثل نائب وزير الدفاع وولفويتز والمستشار ريتشارد بيرل ،ورئيس وزراء بريطانيا طوني بلير ووزير خارجيته جاك سترو.يعملون بشكل محموم في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن، وفي الكونغرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب وفي مجلس العموم البريطاني وفي الاتحاد الأوروبي ومع الدول التابعة والحليفة للإعداد للحرب لغزو العراق واحتلاله وتهيئة المناخ الدولي المؤيد لهذه الحملة الاستعمارية الإمبريالية الثالثة على الوطن العربي.وكانت خطب و تصريحات المسؤولين في الندوات والاجتماعات الرسمية والعامة تلقى في كل يوم لحشد الرأي العام الأمريكي والبريطاني و العالمي،لكسب تأييده لهذه الحرب العدوانية غير المبررة .وقد تركزت المقالات الصحفية والتعليقات في الإعلام المرئي والمسموع وعبر القنوات الفضائية بشكل منسق حول نفس القضايا والأساطير التي اخترعها بوش وحليفه بلير و مستشاروهما لتزود بها وسائل الإعلام الحديثة الأمريكية والعالمية لترسيخها كحقائق لا يرقى إليها الشك،لتبرير الحرب الاستباقية التي جعلها بوش شريعة جديدة لاستراتيجية الإمبراطورية بعد أحداث 11 أيلول 2001م.لإعطائها الشرعية القانونية والأخلاقية ولإقناع شعوب العالم الرافضة لها والتي حكمت عليها بأنها حرب ظالمة وعدوان مخالف لكل الشرائع الدولية من أجل الاستيلاء على نفط العراق.
_1-وأولى هذه الأساطير هي أسطورة أسلحة الدمار الشامل العراقية_.فقد اتخذ مجلس الأمن تحت الضغوط الأمريكية والبريطانية قراراً برقم 1441 في 27 تشرين الثاني 2002م يقضي بتجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل،و بضرورة عودة مفتشي الأسلحة الدوليين من لجنة( الأونسكوم) المشكلة لهذه الغابة إلى بغداد فوراً للبحث عنها و تدميرها تحت طائلة التهديد بالحرب. إن لم يتعاون العراق مع هذه اللجنة تعاوناً كاملاً وشاملاً وفعالاً،وبدون شروط . وقد قبل العراق هذه الشروط وهذا القرار المهين وأعلن أنه سيتعاون معه بإيجابية تامة،معلناً في نفس الوقت أنه لا يملك هذه الأسلحة، وأنه قد دمرها وبإشراف المفتشين الدوليين من قبل منذ 1991م و 1995م.وفتح جميع منشآته المدنية والعسكرية بما فيها القصور الرئاسية أمام المفتشين على عكس ما توقعه(بوش وبلير)وأعوانهما العرب الذين ظنوا أن العراق سيرفض هذا القرار مما سيعطيهم الذريعة لشن الحرب التي كانوا يعدون لها منذ سنوات خلت.و لم يجد المفتشون ما يثبت أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل كما جاء في تقريري هانز بلكس رئيس لجنة الأونسكوم ومحمد البرادعي رئيس وكالة الطاقة الذرية .فأُسقط بيد هذين الملفقين الكبيرين الذين استندا في دعواهما إلى تقارير استخبارية كاذبة زودتهم بها أجهزة المخابرات وفي مقدمتها الموساد الصهيوني،وقد ظلت دولة العدوان المحتلة لفلسطين تدفع لشن الحرب على العراق لعقابه على هجماته الصاروخية التي طالت منشأتها العسكرية والحربية في فلسطين 1991م.ومما يثير السخرية ويدعو إلى العجب من المستوى اللاأخلاقي الذي انحط إليه هؤلاء الساسة الذين يدعون أنهم يمثلون الرسالة الإنسانية للحضارة الحديثة التي تهدف إلى تحرير الناس من الظلم والعبودية والاستبداد والفقر، فإذا هم يستخدمون أقذر الوسائل لتبرير هذه الحرب الشريرة. فيستند رئيس وزراء بريطانيا في دعواه عن أسلحة الدمار الشامل العراقية أمام مجلس العموم البريطاني لينال موافقته على الحرب على رسالة ماجستير في العلوم السياسية أعدها أحد الطلاب في جامعة جنوب تكساس عن العراق لنيل درجة هذه الشهادة.وثبت أن ما ورد فيها من معلومات كانت غير دقيقة وغير صحيحة. واليوم وبعد أن احتل الأمريكيون والبريطانيون العراق منذ عام وهم يفتشون عن هذه الأسلحة فلم يعثروا على أي دليل يؤيد صحة مزاعمهم. وقد أعلن ديفيد كاي رئيس لجنة التفتيش الأمريكية في أواخر العام الماضي أنه لم يعثر على دليل واحد يشير إلى امتلاك العراق أسلحة دمار شامل . وأن أسطورة أسلحة الدمار الشامل العراقية لا تمت إلى الحقيقة بصلة،وأنها مخترعة من قبل أجهزة المخابرات في الولايات المتحدة وبريطانيا والموساد الصهيوني،وقد ضخمتها الإدارة الحكومية في كلا البلدين لإثارة الرأي العام، و لخلق الذرائع لشن الحرب على العراق واحتلاله والاستيلاء على نفطه، والوصول إلى قلب العالم (الوطن العربي) و الإمساك بمواقعه الاستراتيجية على طريق استكمال تأسيس الإمبراطورية. للتحكم بطرق إمدادات النفط إلى بقية أنحاء العالم.وتحولت إلى فضيحة مدوية تلك الأكاذيب،وجرى تشكيل لجان برلمانية وقضائية للتحقيق فيها ولمعرفة حقيقة الأمر الذي ما زال سراً أمام هذه اللجان وهو معروف لكل الناس بأنها أكاذيب مختلقة وأساطبر محبوكة لخداع الرأي العام العالمي المعادي لشن الحرب.
_2-وكانت الأسطورة الثانية_ أشد بؤساً وكيداً ونفاقا من الأولى وهي تقول بأن صداماً قادر على تهديد أمن بريطانيا والأمن القومي الأمريكي وأمن جيرانه.وتحولت إلى فضيحة ثانية تلك الأكذوبة حول قدرة العراق على تشغيل أسلحته للدمار الشامل خلال 45 دقيقة ليضرب بها أهدافاً عسكرية ومؤسسات بريطانية و أمريكية وصهيونية في الشرق الأوسط وخارجه بما يهدد الأمن القومي لهذه القوى المتحالفة ضده. ومعلوم أن الحرب العدوانية الأولى 1991م التي شنتها الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة على العراق لإخراجه من الكويت قد دمرت القسم الأهم من أسلحة العراق الجوية والبرية والبحرية ومنشأته الصناعية العسكرية والمدنية والبنية التحتية الارتكازية .وأخضعته بشكل صارم للعقوبات المفروضة عليه من الأمم المتحدة التي استخدمها التحالف الثلاثي الأمريكي –الإنكليزي-الصهيوني لفرض حصار شامل عليه لم يخضع لمثله بلد في العالم من قبل،ولمدة زادت عن اثني عشر عاماً،مُنع عنه استيراد كل شيء من الأسلحة التقليدية اللازمة للدفاع عن أرضه والمواد الداخلة فيها حتى قلم الرصاص بدعوى أنه يمكن للرصاص الذي يحتويه أن يدخل في صناعة أسلحة دمار شامل أو أسلحة تقليدية، استناداً إلى مقولة الاستخدام المزدوج مدنياً أو عسكرياً للمواد المستوردة.وقد نتج عن هذا الحصار موت ملايين الأطفال العراقيين بسبب نقص الغذاء والدواء . وأصبح الهدف الرئيس للنظام العراقي تأمين الغذاء والدواء والماء النقي ومنع حدوث مجاعة وأوبئة جائحة،وتأمين المستلزمات الضرورية والخدمات العامة ،التعليم والصحة والنقل والاتصالات والزراعة والصناعات الغذائية والخفيفة لتلبية حاجات الناس الأساسية والضرورية.فكيف يمكن لبلد في مثل هذه الظروف من الحصار و العزلة أن يهدد أمن جيرانه أو أمن الدولة العظمى الوحيدة في العالم؟وهو معرض في كل يوم لقصف الطائرات الأمريكية والبريطانية تحت ستار مراقبة مناطق حظر الطيران و المناطق الآمنة في الشمال والجنوب. وتشن عليه الحملات العسكرية لتدمير دفاعاته الجوية ومنظومة القيادة والاتصال،وما يعتقده هؤلاء أنه منشآت صناعية أو عسكرية تخدم مجهوده الحربي- الضربات الصاروخية 1995م وثعلب الصحراء 1998م.
إن الجرائم المروعة بحق الإنسانية التي ارتكبها الأمريكيون والإنكليز في العراق لا بد وأن يسجلها ويتذكرها العرب مماثلين بينها وبين الغزو المغولي في القرن الثالث عشر الميلادي الذي دمر بغداد وقضى على معالمها الحضارية والثقافية.وسيدخل بوش وبلير مجموعة غينس للأرقام القياسية كأكبر كذابين في العصر الحديث.
_3-والأسطورة الثالثة _حول علاقة صدام بابن لادن وتنظيم القاعدة ،وقد دأب بوش وديك تشيني نائبه ووزير الدفاع رامسفيلد وكوندليزا رايس المستشارة لشؤون الأمن القومي على ترديد هذه المسألة بالإصرار على صحتها وتخيلها دون القدرة على تقديم دليل ملموس واحد يثبتها.وشتان بين أسامة بن لادن الإسلامي الذي يعلن جهاده للكفار وعلى رأسهم بوش وبلير والولايات المتحدة والصهاينة،وبين النظام العلماني في العراق الذي ظل يميز نفسه عن هؤلاء الإسلاميين الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة في حربها ضد الاتحاد السوفييتي,ويميزون أنفسهم عنه متهمين إياه بالكفر والإلحاد.والشيء الوحيد الذي يجمع بينهما هو المواجهة مع الولايات المتحدة.وقد احتل الأمريكان العراق منذ عام مضى ولبؤسهم وبؤس أكاذيبهم لم يستطيعوا حتى اليوم أن يعثروا على أية رابطة أو صلة،ومع ذلك مازالوا يصرون على هذه التهمة. وقد استبدلوا (أبو مصعب الزرقاني) اليوم بابن لادن على أنه قائد القاعدة في العراق و مسؤول عن الهجمات التي تتعرض لها قواتهم وقد رصدوا مكافأة 6 ملايين دولار لمن يرشدهم إليه. وهم ولأنهم ديمقراطيون جداً وأصحاب رسالة لتحرير الشعوب من الاستبداد والتخلف !! ومدافعين عن حقوق الإنسان! يقولون اليوم: إن صداماً ونظامه متهمون بكل هذه الجرائم ونحن لسنا ملزمين بتقديم البينة على ذلك.فعلى صدام أن يثبت براءته من هذه التهم حتى بعد أن ألقوا القبض عليه وأسروه في /14/12/2003م.إنها عدالة الغزاة منذ فجر التاريخ البرابرة منهم والمتحضرون.فهم يسوقون الأعذار والحجج الواهية لتبرير حروبهم العدوانية وهذا ما فعله بوش وبلير والصهاينة.
إن إعلان الحرب على العروبة والإسلام باسم الحرب على الإرهاب- ليس كجنس ودين- بل كحركة للتحرر الوطني و كأيديولوجيا كفاحية وجهادية ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين، و كفكر مقاوم.هو استراتيجية مدروسة بعناية صممت قبل سقوط الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية.ثم أعلنت بشكل واضح وصريح بعد أحداث أيلول في نيويورك وواشنطن 2001م تحت شعارات براقة ومضللة وهي نشر الديموقراطية وتحرير الشعب العراقي والشعوب العربية والإسلامية من التخلف والاستبداد ومحاربة الإرهاب.
أعلن بوش وبلير وأعوانهما أن صداماً أسوأ حاكم ديكتاتور في العالم، و لكن كم ديكتاتوراً مثله في العالم هم من أصدقاء الولايات المتحدة وبريطانيا،فلماذا لا يحررون شعوبهم منهم إن كانوا صادقين،ولماذا يحالفونهم ويقدمون لهم يد العون إن ثارت شعوبهم ضدهم؟فدعواهم عن التحرير كاذبة ولا يصدقها أحد إلا عملاؤهم.وهاهم وقد احتلوا العراق منذ أكثر من عام. أين هي الديموقراطية التي بشروا بها؟وأين هي حقوق الإنسان الأساسية التي رفعوا راياتها ،وأين إعمار العراق والازدهار الاقتصادي والمليارات من الدولارات التي سينفقونها من أجل بناء العراق الحديث الذي ما زالوا يدغدغون بها أحلام العاطلين عن العمل والذين صادروا حقوقهم الأساسية وتركوهم بلا مورد رزق وهم أكثرية الشعب العراقي.لقد اكتفوا بتوزيع الغنائم فيما بينهم ومنحوا العقود لما سموه إعادة إعمار إلى شركاتهم التي شرعت في نهب نفط العراق والهيمنة على السوق العراقية تاركة للتوابع المشاركين في عملية احتلال العراق الفتات . لقد دمروا الدولة العراقية كياناً وحكومة وجيشاً وشرطة ومؤسسات ومدارس و مكتبات وأجهزة خدمات وصادروا السيادة، واعتقلوا العلماء العراقيين المتميزين تحت شعار نزع أسلحة الدمار الشامل.فإذا هم يعملون على نزع الإنسان العراقي من وطنه ومن العلم الحديث بتدمير العقول العلمية،ومصادرة الإرادة الحرة . مثلما شرعوا يدمرون أدوات الإنتاج الحديث وآلاته بذريعة أنها قد تستخدم في إنتاج أسلحة الدمار الشامل لإعادة العراق إلى عصر ما قبل الصناعة كما صرحوا من قبل.وجاءوا باللصوص الذين سلبوا وأحرقوا ونهبوا تحت بصرهم وسمعهم، وقد ساهم جنودهم بسرقة المتحف الوطني العراقي وما فيه من كنوز أثرية لحضارة عمرها أكثر من أربعة آلاف عام.ولم يحافظوا إلا على آبار النفط و وزارة النفط حيث الغنيمة والغاية التي غزوا العراق من أجلها، و شرعوا باستثمار النفط وبيعه لحسابهم غير عابئين بجوع العراقيين وحاجاتهم الماسة للوقود والكهرباء والمياه الصالحة للشرب .
إن الغزاة في العراق يعملون عن عمد و سابق إصرار وتصميم على تدمير المجتمع العراقي كشعب وتحويله إلى طوائف وعشائر ومذاهب وشيع وقوميات متصارعة بعدما دمروا الدولة .لقد عينوا مجلساً للحكم الانتقالي من عملائهم كممثلين لتلك الشروخ والأجزاء وليس للعراق كوطن وكشعب.وهم يعملون وبشكل حثيث بالتعاون مع حلفائهم من الصهاينة الذين أفسحوا لهم المجال في العراق ليعملوا كخبراء ومستشارين واستخبارات على تهيئة الأسباب لاندلاع الحرب الأهلية.فهل هذه السياسات ديموقراطية؟ و تصون حقوق الإنسان الأساسية التي يتشدق بها باول وسترو في المحافل الدولية لتبرير احتلال العراق،وهل تؤدي إلى حفظ وصيانة حياة الإنسان العراقي وتكفل له حق تقرير مصيره في وطنه وفوق أرضه.في الوقت الذي تقوم فيه قوات الاحتلال بالقتل العشوائي رداً على المقاومة الشعبية الباسلة و تعمد إلى تدمير المنازل وتخريب المزروعات والممتلكات تماماً كما يفعل الصهاينة في فلسطين.
لقد أدانت شعوب العالم قاطبة هذه الحرب العدوانية البربرية بما فيها الشعب الأمريكي و الشعب البريطاني وعبرت عن موقفها بالمظاهرات الحاشدة التي جمعت عشرات الملايين من الناس في أنحاء الكرة الأرضية في المدن الأمريكية والبريطانية والأسترالية والإسبانية و الإيطالية،وفي آسيا وإفريقيا.وكلها خرجت تهتف للسلام في العراق والحل السياسي للمسألة العراقية التي خلقتها السياسات الجديدة للإمبريالية الأمريكية في مرحلة العولمة .ولم يستطع بوش وبلير ووزيرا خارجيتهما باول وسترو إقناع مجلس الأمن الدولي بدعواهما والأساطير المفتراة لاتخاذ قرار جديد يعطي الشرعية للحليفين ومن اصطف معهما من التوابع لشن الحرب تحت راية الأمم المتحدة،بكل ما قدموه من معلومات وتقارير وصور وأباطيل. فأخفقوا في مساعيهم ليكون القرار الجديد مكملاً للقرار 1441.فوقفت فرنسا وألمانيا و روسيا في وجه الضغوط الأمريكية الكثيفة إعلامياً و سياسياً،وأحبطتا هذه الجهود مما اضطرهما إلى الذهاب إلى الحرب بدون غطاء شرعي من مجلس الأمن الدولي الذي طالما تكلموا باسمه.
وكانت قمة الآزور في المحيط الأطلسي في 17 آذار 2003م والتي حضرها بوش وبلير وآزنار رئيس وزراء إسبانيا ورئيس وزراء البرتغال الذي عقدت القمة في الجزر التابعة لبلاده هي خاتمة فصول هذه المأساة-الملهاة التي اتخذت قراراً بإعلان الحرب على العراق على شكل إنذار موجه للرئيس العراقي بوجوب مغادرة العراق مع عائلته خلال 48 ساعة و إلا فإن الحرب ستشن عليه بعد انتهاء مدة الإنذار وكان من المعلن أن الجيشين الأمريكي والبريطاني سيحتلان العراق في كلا الحالين إن رحل صدام أو بقي. كما صرح وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد من أجل البحث عن أسلحة الدمار الشامل ولتدمير النظام العراقي الذي يشكل قاعدة للمواجهة مع الصهيانة حلفاء الأمريكان.
وانطلقت الحرب في الساعة الخامسة والنصف من صباح الخميس 20 أذار 2003م بكل وسائل التدمير الحديثة و الأسلحة المصممة والمصنعة لتجربتها في العراق من قنابل اليورانيوم المنضب وغير المنضب وأم القنابل التي تزن عشرة أطنان والأسلحة الجرثومية والكيميائية والصواريخ عابرة القارات من طراز كروز والتي جرى تعديلها على ضوء حرب 1991م لتكون أكثر فاعلية في التدمير،والطائرات الحديثة من مختلف الأنواع التي ألقت أكثر من 500,00ألف قنبلة خلال 14,000غارة جوية.بالإضافة إلى أكثر من 800صاروخ كروز.وانطلق مئات الآلاف من الجنود الذين كانوا محتشدين في قواعدهم في الكويت والأردن والسعودية وقطر،وحاملات الطائرات في الخليج العربي والبحر الأحمر في هجوم منسق لاحتلال العراق. و ترافق ذلك مع حملة إعلامية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً من قبل. لقد تواطأت الأنظمة العربية على العراق وأعطت للغزاة التأييد الكامل سراً في حين كانت تتظاهر بمعارضتها للحرب وهي تدعو العراق للامتثال لمطالب الغزاة وتحمله مسؤولية نشوب الحرب.فدول مجلس التعاون الخليجي وافقت على احتلال العراق في القمة التي عقدتها في أول عام 2003م في الكويت، وكذلك فعلت بقية الأنظمة التي سكتت بحجة أنها لا تستطيع فعل شيء.
إنها الأيام المخزية والأكثر عاراً في تاريخ هذه الأنظمة التي لم تجرؤ على عقد قمة عربية لدراسة هذا الغزو وآثاره المستقبلية على العرب كأمة ووطن. في حين كانت تنعقد لأمور أصغر من هذا الزلزال بكثير ولكنها إرادة السيد الأمريكي،وقد التزم الجميع بأوامره.وكانت الحرب انتصاراً للصهيونية ولدولتها المحتلة لفلسطين وتوهيناً وإضعافاً للجسم العربي المريض والنظام التابع للولايات المتحدة وحلفائها.
استمرت الحرب بشكلها النظامي حوالي خمسة أسابيع،قاومت القوات العراقية في الأسبوع الأول ببسالة في الجنوب وأوقفت زحف القوات الغازية، وكبدتها خسائر ملموسة في الأفراد والعتاد،ولكن الأسابيع التالية أظهرت عجز القيادة العراقية في قيادة مقاومة منسقة أمام التفوق الكاسح للغزاة في الطائرات والدبابات والضربات الصاروخية، والتدمير الشامل بأسلحة حديثة لم تستخدم من قبل، والموقف السلبي لقطاعات واسعة من الشعب العراقي من الغزاة عزلتها سياسات النظام عن المشاركة السياسية لم تساهم في المقاومة. فسقطت بغداد في الأسبوع الرابع في التاسع من نيسان2003 م،وأعلن بوش نهاية الحرب في 11 أيار عام 2003م بعد سقوط المدن العراقية الرئيسة في الجنوب و الشمال والوسط بيد الغزاة و القوات العميلة الموالية لهم والتي أعدوها من قبل لمثل هذا اليوم.
وانطلقت المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي قوية وعنيفة في مناطق معينة من العراق وشارك فيها متطوعون عرب قاتلوا ببسالة.وأصبحت المعادلة واضحة عندما تسقط الأنظمة تبدأ المقاومة.واستهدفت الجنود الأمريكيين وآلياتهم وقوافلهم وطائراتهم و حواماتهم ،وقواعدهم العسكرية وعملاءهم ممن جاءوا بهم ونصبوهم حكاماً فيما سموه مجلس الحكم الانتقالي فأوقعت بالغزاة خسائر جسيمة فاقت ما كانوا يتوقعونه وأجبرتهم على تغيير سياساتهم وفرضت على بوش أن يرصد لها المزيد من الأموال والرجال لتصبح المسألة العراقية على رأس المسائل الداخلية في الحملات الانتخابية للرئاسة الأمريكية التي ستجري هذا العام لانتخاب رئيس أمريكي جديد.ثم طالت أجهزة الحكم الجديدة التي عمل المحتلون على تأسيسها –الشرطة والجيش الجديد وقوى الأمن والاستخبارات و مليشيات الأحزاب العميلة، وهي ما تزال في تصاعد مستمر على الرغم من تمسك الجنوب العراقي حتى الآن بالمقاومة السلبية وتعاون بعض فئاته مع المحتلين متذرعة بتبريرات ثأرية من النظام القديم الذي اضطهدهم كما يدعون.وقتال منطقة الملاذ الآمن في الشمال الكردي بقيادة الطالباني والبرزاني إلى جانب الغزاة .
إن ما يقلق في الوضع العراقي الراهن هو هذا التمزق والانهيارات في الوحدة الوطنية العراقية،وهو أمر قد جرى الإعداد له منذ سنوات منذ خلق الكيان الكردي في الشمال وجعله منطقة آمنة ومنفصلة عن الحكومة المركزية. يحكمها فصيلان مسلحان هما الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني والحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني،وتحت حماية ورعاية أمريكية كاملة واعتراف بالأمر الواقع من قبل دول الجوار تركيا و سوريا وإيران،ودول الخليج التابعة للأمريكان والإنكليز وبتأييد من دولة الصهاينة في فلسطين.ووجود منطقة حظر جوي على الطيران العراقي في الجنوب والتخطيط الأمريكي لخلق معارضة عراقية مسلحة فيه. استجابت لها وسعت من أجلها منظمات عراقية تمتعت بدعم إيراني علني، يالإضافة إلى معارضة تجمعت في الشمال الكردي وفي إيران وتركيا والمهاجر الأوروبية وبخاصة في بريطانيا.و استخدمت حاملي الجنسية الأمريكية من العراقيين للتسلل إلى المجتمع العراقي لبث روح الفرقة والانقسام لتقطيع أوصال الوطن خدمة لاستراتيجية الغزاة. كما أن النظام العراقي لم يعمل لتصحيح العلاقة المتوترة مع الشعب، ولم يدرك عقابيل احتكاره للسلطة من خلال الحزب الواحد،وممارساته الديكتاتورية الفظة تجاه المعارضة السياسية أفراداً ومؤسسات،وما تتركه من أثار سلبية تعمق الانقسامات الطائفية والفئوية و العشائرية والعرقية.بل إنه أمعن في التفرد في السلطة وملاحقة قوى المجتمع الحية التي رفعت شعارات الإصلاح و الديموقراطية والتعددية السياسية والفكرية والحزبية.فكان الشرخ يتسع ويتجذر في النفوس والممارسة. فنفذت منه القوى المعادية واستغلت الفرصة السانحة لتطبيق استراتيجيتها للتفكيك والتفتيت لتتمسك بالأرض العراقية ،وتتمكن فيها بالتحالف مع البعض ضد البعض الآخر مدغدغة آمال المقهورين والذين اضطهدهم نظام صدام بالتحرر وباستلام السلطة ولو بحراب الجنود الأمريكيين والإنكليز.
إن على فصائل المقاومة العراقية استيعاب هذه الوقائع على الأرض والعمل وفق استراتيجية التوحيد والتحالف و الاحتواء والنقد الذاتي والاعتراف بالأخطاء،والسعي الحثيث غير المحدود من أجل إعادة اللحمة بين أبناء الشعب العراقي واستعادة مفهوم المواطنة والانتماء إلى العراق كوطن وكقطر عربي.يتمتع الجميع فيه بالمساواة والعدالة والحقوق الأساسية للإنسان،والاعتراف بحقوق الأ قليات القومية الثقافية في إطار التعددية السياسية والثقافية التي تعترف للجميع بممارسة حقوقهم وواجباتهم في عراق موحد.
وفي مواجهة الإمبريالية الثقافية التي أصبحت سمة مميزة للعولمة الأمريكية كاستراتيجية مكملة لعولمة الاقتصاد والسياسة والتي تفرض على التوابع الاستجابة للثقافة الحديثة التي تنتجها الولايات المتحدة كدولة مهيمنة ومسيطرة وقائدة للإمبراطورية الجديدة، والتي هي في الجوهر مفاهيم الرأسمالية ما فوق الإمبريالية-ثقافة السوق والإنتاج والاستهلاك والتكنولوجيا الحديثة-وكيفية الانضواء تحت راية الإمبراطورية وتنفيذ أوامرها واستراتيجياتها الكونية .لتحديد مكانة كل أمة وكل شعب ومركزه الاقتصادي والسياسي والثقافي في هذه المنظومة العالمية. يجب أن نفهم مضمون (إعادة إعمار العراق)الذي تريده الولايات المتحدة كنموذج للدولة التابعة في عصر العولمة.كي تنعم بحماية الإمبراطورية وتمنحها موقعاً ما على خريطة العالم لتنسج على منوالها و تقتبس من أ نوارها ومن ثقافتها!!،وإلا فإن مصيرها التلاشي . وهذه إحدى اشتراطات العولمة الأمريكية وفلسفة اليمين المحافظ الديني الجديد الذي يتزعم الإمبراطورية ويدير شؤونها ويرسم سياساتها.
إن ميوعة الموقف الدولي وانصياع الدول الثلاث فرنسا وروسيا وألمانيا التي عارضت الحرب في العراق للضغوط الأمريكية،وانهيارات النظام الإقليمي العربي، و ضعف حركة الجماهير العربية وتشتت قواها و أحزابها السياسية،و هزيمة المشروع القومي العربي والمشاريع المنافسة الإسلامية والليبرالية والماركسية.جعل الاحتلال الأمريكي للعراق صدمة قوية للعقل السياسي العربي الذي لم يستطع بعد استيعاب سقوط مشاريعه النهضوية والثورية ،والأزمة التي تحاصره وهو يتلمس الفكر الحديث الذي يجب أن يؤسس له لمواجهة الأوضاع العربية والإقليمية والدولية التي تكثف من ضغوطها عليه لتحديد خياراته وهي قليلة. فالحيرة والبلبلة التي يتعامل بها مع الوضع العراقي والموقف غير الحاسم من المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي-الإنكليزي كخيار استراتيجي لمواجهة الإمبراطورية الأمريكية وما تطرحه من مشاريع للشراكة والعولمة،والتي ليست في الجوهر سوى مبادراتها القديمة لإنشاء الأحلاف ضد الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية وحركة التحرر العربية.فأعادت صياغتها بأفكار جديدة وتحت أسماء جديدة باعتبارها الدولة العظمى والإمبراطورية العالمية التي تهيمن وتحكم العالم.مثل مبادرة الدفاع عن الشرق الأوسط ومبدأ أيزنهاور وحلف السنتو(بغداد ) في الخمسينات من القرن الماضي،فالشرق الأوسط الكبير والصغير،والشراكة الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، أومن أجل بناء الديموقراطية والتقدم والإصلاح هي الأسماء الجديدة لمبادرات الماضي التي رفضتها حركة التحرر العربية في حينه وهي في أوج قوتها.وعادت الولايات المتحدة وحليفتها الصهيونية لتفرضها اليوم لاحتواء احتلالها للعراق وتمكين الدولة الصهيونية في فلسطين من الهيمنة على الوطن العربي وتغيير ثقافته وهويته في مرحلة الضعف والانهيار والتغلغل في العالم الإسلامي كجزء عضوي منه و فيه. و هذا يوجب على فصائل القوى السياسية العربية المعادية للإمبريالية والصهيونية الإسراع في إنشاء تحالفات سياسية عريضة للتصدي لسياسات هذا الحلف غير المقدس في هجمته الضارية على الوطن العربية والأمة العربية بهدف إخراجها نهائياً من التاريخ ومن مسرح الأحداث المعاصرة واستبدالها بتشكيلات جديدة مخترعة من أجل تمكين الصهيونية منها وفي أرضها.
العنوان : تحقيـق ميـدانـي عـن أحـداث القـامشلــي
الكاتب :
_ماذا حصل في القامشلي؟_
_بعثة مجلة (أبيض واسود) في الحسكة وحلب_
مجلة أبيض وأسود :22/3/2004
_شهادات من خارج الملعب:_
لم تكن الأحداث التي مرت على مدينة القامشلي أحداثاً رياضية، هكذا قال جميع من قابلناهم سواء كانوا مواطنين عرب سوريين أم مواطنين أكراد سوريين، أصر الجميع على أن ما حدث هو قادم من خارج حدود الوطن، وأن من أثاروا الشغب كان هدفهم هو إثارة الفتنة والإساءة للمواطنين الأكرد أم غيرهم في محاولة لزرع التفرقة التي لم تعرفها سوريا سابقاً، وأشار الجميع إلى أن أغراباً كانوا موجودين ضمن الحشود التي تجمعت، وكانوا يوجهون هذه الحشود ويحملون أسلحة نارية وسكاكين، وأن المظاهرات والمسيرات التي خرجت قد خرجت إما بدافع غريزة القطيع أو تحت شعارات كـ(الوطن يناديكم، أو إلى العمل الوطني.. الخ)، لكن فوجئ المتظاهرون أن الشعارات التي طُرحت كان البعض يمارس عكسها تماماً، فأحد المواطنين الأكراد السوريين قال: ظننت أن هناك مشكلة تهدد أمن البلد فخرجت مسرعاً وذُهلت عندما وجدت البعض قاموا بإحراق بناء الجمارك... وأضاف: لقد كانت مأساة حقيقية، أريدَ منها زرع الفتنة بين المواطنين الأكراد وغيرهم من أهل البلد.
كثيرون الذين تحدثوا إلينا وتحدثنا إليهم، وأجمعوا على صحة ما قاله الأخير، بل أضاف البعض: ظننا أن قوات أجنبية جاءت إلى البلد وخرجنا للدفاع عنها وعن بيوتنا وأبنائنا.. لكننا اكتشفنا الخدعة، ولكن بعد فوات الأوان.. وأن مصيبة فعلاً قد حصلت، ولكن بعد اندفاعنا بشكل عشوائي، وأضاف إن عدداً كبيراً من المواطنين الأكراد تفرقوا فوراً وتركوا الساحة عندما شاهدوا ما يحصل من تخريب وتدمير للمنشآت العامة، والبعض اشتبك مع آخرين كانوا يقومون بأعمال التخريب حتى أن المخرّبين كانوا يصرخون بغضب في وجه المواطنين الأكراد الذين حاولوا منعهم من متابعة تخريبهم ويصفونهم بالخونة! وبالطبع هناك من اندفع معهم لكنهم فئة قليلة جداً اندفعت بشكل غوغائي وعدم معرفة، والحقيقة أن المندسّين في صفوفنا أرادوا منا أن ننضم إليهم ليخلقوا البلبلة والشغب ولكن الذين انضموا فعلاً ومارسوا أعمال التخريب والشغب هم فئة قليلة لا تتمتع بذهنية متفتحة أو ثقافة.. وهذه الفئات موجودة عادة في كل المجتمعات.
ويصف مواطن كردي يقف إلى جانب مواطن عربي في أحد المطاعم الحالة قائلاً: اندفعنا إلى الملعب كالمجانين ووجدنا أنفسنا على أبواب الملعب الذي يضج بالهرج والمرج والأحجار المتطايرة من كل حدب وصوب وصوت طلقات نارية، وكانت تتردد كلمات وشعارات من الذين أخرجونا وقادوا المظاهرة أن العدو بالداخل وأعداؤنا يريدون قتلنا وأضاف: فوراً يتخيل المواطن أن المقصود بالعدو هو الذي داخل الملعب هو العدو التقليدي إسرائيل.. الولايات المتحدة.. الخ، خاصة وأن البلد تمر بأوقات عصيبة وأمريكا على حدودنا، ولا يمكن أن يتخيل أن المقصود أشقاؤنا العرب أبناء بلدنا، من المستحيل في لحظات الفوضى تلك أن يتخيل أي عاقل بأن العدو هو ابن البلد لأن المواطنين الأكراد السوريين والعرب والأرمن وجميع القوميات الموجودة ليس بينها تاريخياً أي خلاف ولم يسجل التاريخ حادثة واحدة فيما بيننا، ويتابع: دخلنا إلى الملعب ووجدنا أنفسنا تحت وطأة خدعة كبيرة إذ لا وجود لعدو ولا يحزنون...
_شهادات من داخل الملعب:_
قبل أن تتوجه المظاهرات إلى الملعب كان الملعب يستعد لبدء مباراة فريقي الجهاد والفتوة، وفي لقائنا مع الجهات المسؤولة والمواطنين العرب والأكراد والأرمن وجميع الطيف تبيّن لبعثة (أبيض وأسود) أن هناك شبه إجماع على وصف الحالة كالتالي:
كان عدد الضيوف من مشجعي فريق الفتوة حوالي ألفي مشجع من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ15 إلى 30 عاماً تم وضعهم في أحد أقسام الملعب ويفصل بينهم وبين مشجعي الجهاد الحاجز المعدني، وكان كلٌ يهتف لفريقه، وهنا قام أربعة أو خمسة شبان من مشجعي فريق الجهاد باتجاه ضابط في الشرطة وطلبوا منه أن يجلسوا إلى جانب مشجعي الفتوة، فرفض الضابط وهو برتبة عميد في الشرطة، لكن الشباب ألحوا على ذلك بحجة أن المكان متسع وأنهم أصدقاء لفريق الفتوة وازدادوا بإلحاحهم وبالطبع فإن ضابط الشرطة يعرف كل المعرفة بأن الفريقين صديقان أصلاً وأن لا خلاف بينهما حصل سابقاً ولم يخطر بباله أن يقع ما وقع، فسمح لهم بالجلوس إلى جانب مشجعي الفتوة فقام الشباب الخمسة أو الستة بدعوة البقية من مشجعي الجهاد الذين قاموا تلقائياً ودون تفكير بأي شيء بالانتقال إلى جانب مشجعي الفتوة ورغم ذلك فقد ترك الضابط أربعين عنصراً من الشرطة للفصل بينهم..
فجأة وبسرعة مذهلة بدأ تراشق الحجارة بين الطرفين ولم يستطع أحد أن يحدد من كان البادئ بها، يقول البعض إن الحجارة كانت موجودة ضمن أكياس أحضرها مشجعو الفتوة معهم، ويقول آخرون إن الأكياس كانت بحوزة مشجعي الجهاد، وتطور التراشق بعد أن رافقته هتافات سياسية متبادلة بين الطرفين ثم إلى هتافات وسباب مباشر تناول قوميات المواطنين من كلا الطرفين، فتدخلت الشرطة فوراً، وأنزلت مشجعي الفتوة إلى أرض الملعب فتبعهم مشجعو الجهاد للاشتباك بالأيدي (وقال البعض العكس) إلا أن الشرطة استطاعت تطويق مشجعي الفتوة على أرض الملعب لحمايتهم كونهم من الفريق الضيف القادم من محافظة أخرى والأقل عدداً، ولتفريق المجموعتين قام رجال الشرطة بإطلاق النار في الهواء، وأثناء إنزال مشجعي الفتوة إلى ساحة الملعب وكون الباب ضيقاً لا يمر منه سوى شخص واحد ونتيجة للتدافع القوي الذي حصل فقد قُتل ثلاثة أطفال وشابان تحت أقدام المتدافعين.
_وماذا حدث بعد ذلك؟_
كان القادمون من خارج الملعب الذين أشارت إليهم الشهادات قد وصلوا إلى الملعب وقاموا بتدمير ثلاثة أبواب للملعب ودخلوا إليه وقاموا بتحطيم الزجاج والمقاعد، وكل ما يمكن تحطيمه، وأمام هذا الحشد الكبير لم يستطع رجال الشرطة والأمن إلا إطلاق النار في الهواء لتفريق الناس وتسفير مشجعي فريق الفتوة.
_وفي دير الزور توجهنا إلى كابتن فريق الفتوة السيد محمود حبش، وحاولنا أيضاً أن نجد كابتن فريق الجهاد ولكن دون جدوى:_
ـ كابتن محمود كنا نريد إجراء هذا اللقاء قبل الأحداث المؤسفة في ملعب القامشلي البلدي ولذلك ننتهز الفرصة لكي نسألك عما جرى هناك؟
صدقني لا أعرف ماذا حصل، وحتى الآن لم أصدق ما جرى لأنني كنت مع زملائي في غرفة الملابس وكنا نستعد لنزول الملعب مع طاقم التحكيم، لكن للأسف ما حصل بعد ذلك لم أصدقه ولم أشهد مثله في حياتي الرياضية.
ـ كابتن محمود من المعلوم أن الفتوة من فرق المقدمة في ترتيب الدوري الممتاز والجهاد من الفرق المتأخرة في الترتيب، مما يعني أنه لا داعي للحساسية في هذه المباراة؟
طبعاً بالتأكيد نحن ذهبنا للقاء الجهاد ولقاءاتنا دائماً تأخذ طابعاً أخوياً وحتى نتيجة هذه المباراة لا تهم في ترتيب الفرق، بالإضافة إلى التفاهم الأخوي المشهود له بين جمهور الناديين طوال السنوات الماضية.
ـ كيف برأيك حصل هذا الشغب؟
صدقني لا أعرف كيف بدأت الأمور تأخذ هذا المنحى الخطير، ولكن لأول مرة أشاهد جمهور نادي الجهاد بهذا الكم الكبير يحضر إلى الملعب قبل بداية المباراة!!
هل تعتقد أن ما جرى في ملعب القامشلي شغب رياضي وحماس مفرط من الجمهور؟
لا أتصور ذلك.
ـ كابتن محمود، ما هي علاقتكم بنادي الجهاد؟ هل هناك من فتور يشوب هذه العلاقة؟
بالتأكيد علاقتنا بنادي الجهاد علاقة أخوية أي علاقة الأخوة والدم وتعقيباً على ذلك عندما تعرض نادي الجهاد العام المنصرم لحادث أليم ركضنا أنا وإخوتي في نادي الفتوة وتبرعنا بدمائنا لأخوتنا في نادي الجهاد وهذه هي علاقتنا وطبيعتها بنادي الجهاد.
ـ هل صحيح ما تناقلته بعض الأقاويل عن محاصرتكم ومحاصرة جمهوركم داخل الملعب؟
نعم لكن كان ذلك لمصلحة الجميع وبدواعي أمنية فقط وذلك من قبل عناصر حفظ النظام، وأقول بصراحة إن ما جرى في ملعب القامشلي لم يكن رياضياً وهو غريب عن الرياضة وكلنا نأسف لما حصل ولا وجود لخلاف بيننا وبين أخوتنا في نادي الجهاد، أضف إلى ذلك عندما كُرمت من شركة (شووت الرياضية) كنا أنا وصديقي وأخي اللاعب الخلوق (حسن جاجان) في غرفة واحدة، والله يسامح الذي كان السبب! لقد بات معروفاً بأن هناك مندسين يقومون بافتعال الشغب في ملاعبنا وهم بعيدون كل البعد عن جسم الرياضة والرياضيين وما جرى في ملعب القامشلي دليل على ذلك، ونداؤنا إلى جميع المسؤولين عن الرياضة السورية ألا يستعجلوا بقراراتهم الرياضية.
_ماذا حصل بعد ذلك؟_
بعد أن حطم المتظاهرون ما يمكن تحطيمه اتجهوا إلى محطة القطار القريبة من الملعب فحطموا زجاجها ومقاعدها وكل ما يمكن تحطيمه أيضاً، وابتعد عنهم حرس المحطة الذين قالوا: ليس لدينا أوامر بإطلاق النار فابتعدنا جانباً وشاهدنا هذه المأساة بأعيننا، ويضيف أحد الحراس: حاولوا حرق المحطة وعندما هاجموا مخفر الشرطة وإلى جانبها (برميل مازوت) وحاولوا رمي محتوياته على المخفر وإشعاله، وعندها أطلق الشرطة النار في الهواء.
يقول المهندس قدري القاسم الحمودة مدير المحطة:
استمر الهجوم علينا من السابعة حتى التاسعة مساء وكان بين المهاجمين ملثمون يحملون أحجاراً وأعمارهم تتراوح بين الخامسة عشرة والعشرين عاماً وعددهم حوالي 500 إلى 600 شخص، ولكن لم يكن هناك إلا الحرس المناوب، وبعد أن حطموا ما حطموا أحرقوا سيارتي الخاصة بعد أن سرقوا أوراقي الثبوتية وجواز سفري حيث كانت موجودة في السيارة، كما أحرقوا ثلاث سيارات، واستطعنا تهريب الباقي، ويضيف: في اليوم التالي أرسلوا لي قطعة من جواز سفري محروقة وقد رسموا خلفها قلباً وعليه سهم، كذلك حاولوا الهجوم على المحطة في اليوم التالي بعد أن هاجموا المطحنة وصوامع الحبوب لكنهم فشلوا ومنعتهم قوات حفظ النظام، وتقدّر الخسائر في المحطة بحوالي 15 مليون ليرة سورية.
_صوامع الحبوب:_
يقول السيد حمود المحمود رئيس دائرة الرقابة: كنت موجوداً حيث حضر المئات وهاجموا المطحنة وحاصروها لمدة 18 ساعة ونحن بداخلها مع كادر العمل، وأحرقوا غرفة الحرس، ثم هاجموا سكن العمال وطلبوا إخلاء المنازل وإلا سيحرقونها مع قاطنيها، وتمت سرقة منزلي بالكامل وكان العدد بين 300 إلى 400 شاب، قال لنا البعض لقد سقطت الحكومة، وجئنا لتحرير كردستان من المحتلين.
أما مدير المطحنة صالح عبد الله العاكوب فقال: لم يستطيعوا الوصول إلى الصوامع والمطحنة، ولو أنهم استطاعوا لكانت كارثة وقعت بسوريا كلها، لكن الحمد لله استطاعت قوى الأمن منعهم بإطلاق الرصاص في الهواء وتفريقهم، وأنا مقتنع بأن ما حصل سببه مندسون من خارج الحدود ومدعومون من قبل مَن يريد الإساءة لوطننا وليس لأحد مصلحة بهذا إلا العدو.
_ماذا حصل في البلدات؟_
يقول الأكراد وغيرهم من المواطنين إن إشاعات تم تناقلها من أن قوات الأمن تطلق النار على المواطنين الأكراد وتلاحقهم في القامشلي، وامتلأ الشارع بالإشاعات، إضافة إلى انتقال المدسوسين أيضاً إلى تلك البلدات مما أجج الشارع المتوتر فيها، والشيء نفسه حصل في القامشلي حصل في تلك البلدات، فمع الإشاعات والأنباء المتضاربة وتناول وسائل الإعلام الغربية وبعض العربية الأخبار على غير حقيقتها، خاصة وأن المحطات تناولت الإشاعات الكاذبة وكانت غير قادرة للوصول إلى القامِشلي لوضع يدها على الحقيقة، ومع وجود متلقين لهذه الأخبار بعضهم ضعيف المعرفة وآخرون تقودهم غريزة القطيع، اندفع البعض للقيام بأعمال تخريبية وكانت الخسائر التي عادت على المواطنين تقدّر بمئات الملايين، ففي القامشلي تم حرق وتدمير:
مخفر كراج القامشلي، مدرسة عربستان، رابطة الريف، مركز الأعلاف والذي قُدرت خسارته وحده بـ167 مليون ليرة سورية، محطة القطار، صوامع الحبوب والمطاحن، جمارك القامشلي، مؤسسة المياه، فندق الشباب.
_وفي عامودا:_
مخفر البلدة، مبنى الناحية، منزل مدير الناحية، مجلس المدينة، المصرف الزراعي القديم، المصرف الزراعي الجديد، المحكمة، شعبة التجنيد، المركز الثقافي، الفرقة الحزبية، المفارز الأمنية، 3 سيارات شرطة، سيارات المفارز.
أما في الدرباسية فقد طال التدمير:
المركز الثقافي، مصلحة الزراعة، شعبة الري، مفرزة الأمن السياسي، المستوصف.
_المالكية:_
المصرف الزراعي، المركز الثقافي، صالة التجزئة، مجلس المدينة، شعبة الحزب، شعبة التجنيد، مفرزة الجمارك، نقابة المعلمين، الرابطة الفلاحية، شعبة الخدمات الفنية، مخفر مرور المالية، منزل مدير المنطقة، 9 سيارات حكومية.
_الحسكة:_
مخفر الكراج، باصات القدموس.
_القحطانية:_
رابطة الشبيبة، ثانوية حسان بن ثابت.
_رأس العين:_
مبنى الشبيبة، سيارة المصرف الزراعي، شركة المياه، سيارة مدير المنطقة.
_دمشق:_
مساء الجمعة، وبعد وصول الأنباء المغلوطة، اعتصم طلاب أكراد سوريون في المدينة الجامعية، وقاموا في اليوم الثاني بتظاهرة توجهت إلى ساحة الأمويين وقد قام رجال حفظ النظام بتفريق المتظاهرين، بعد أن رشقوا الحجارة، وتم اعتقال عدد منهم أفرج عنهم في اليوم التالي، كذلك قاموا بتظاهرة في ساحة عرنوس مؤلفة من خمسين طالباً وتم تفريق المتظاهرين.
إلا أن حي الرز (دمّر) لم يكن أقل اضطراباً، فقام بعض سكانه بتدمير لوحات الإعلان ومواقف الباصات واللافتات الضوئية، وكان امتداداً للشغب الحاصل في القامشلي وبنفس الطريقة وحاصر رجال الأمن المخربين، ومالبث أن عُقد اجتماع بين لجنة الحي وضباط قسم شرطة مشروع دمر، شرح الأخيرون أبعاد الموضوع وعاد المتظاهرون إلى بيوتهم.
بعد يومين من اندلاع الأحداث:
شهدت محافظة حلب أعمال شغب تخللها العنف وذلك في كل من حي الأشرفية وحي الشيخ مقصود وكذلك في مناطق عفرين وعين العرب.
ففي حي الأشرفية يقول المواطن (ح.م) كانت الحال طبيعية حتى بعد سماع أخبار مباراة كرة القدم في القامشلي والأحداث التي أعقبتها مما يقوي الانطباع بأن وصول بعض الغرباء عن مجتمعنا هو الذي أشعل نار الفتنة وساعدهم بذلك بعض الغوغائيين.
أما في حي الشيخ مقصود يقول المواطن حسين شيخو: لم يحدث شيء بعد سماع أخبار القامشلي ولكن بعد يومين بدأنا نسمع إطلاق نار وتدخلت قوات الشرطة ومنعت وقوع أعمال الشغب و اليوم الأحوال هادئة تماماً والسكان مرتاحون للهدوء ومستاؤون من الذين كانوا وراء أعمال الشغب لأنها بعيدة عن روح التعايش والمحبة التي تسود الحي بكامله.
(ل.ك) طالبة في كلية العلوم: إن الحياة في الجامعة طبيعية وهادئة حيث جرت عدة مسيرات شارك بها بعض الطلبة ولم يجرِ خلالها أية أعمال عنف والانطباع السائد لدى الطلاب هو حالة من الحزن لأن الشيء الذي يحدث هو خطأ، فجميعنا يدرك أن هذا العمل لا يخدم الوطن، فكلنا أبناء وطن واحد وسورية وطن التعايش المشترك.
ونؤكد أن ما حدث كان بفعل أيد غريبة استغلت المشاعر البسيطة لدى البعض.
_في عفرين:_
يتحدث السكان عن قدوم أشخاص من خارج سورية ومن تنظيمات تسعى إلى تفجير الوضع وذلك باستغلال أي حدث وفق مخطط خارجي هدفه زعزعة الاستقرار والنيل من الوحدة الوطنية.
_أما في عين العرب:_
جرت بعض أعمال التخريب لمؤسسات عامة وذلك من قبل بعض العناصر المسلحة ويقول أحد أبناء المنطقة إن هذه الأعمال تمت بأيد مخربة لأن المؤسسات التي خُرّبت كانت لخدمة المواطن، والضرر سيدفع ثمنه المواطن بالنهاية، إن أبناء البلد لا يفعلون هذا، إنهم غرباء و للأسف استطاعوا أن يغرروا بالبعض.
ومن المفيد ذكره أن المشاعر متشابهة لدى جميع المواطنين الذين التقتهم (أبيض وأسود) من حيث إدراك أن الفئة التي تقوم بهذه الأعمال إنما تعمل بإدارة خارجية وأن شعبنا سيهزم هذه الفتنة بوحدته الوطنية كما هزم العديد من المحاولات السابقة، كل ذلك يتم من خلال وحدة وطنية أولاً وإن المطالب في الإصلاح لن تتأخر ولن يعيقها افتعال مشكلة هنا وأزمة هناك.
_مواطنون أكراد وعرب تحدثوا إلينا:_
_الشيخ محمد بن عبد الله الصقر (عميد آل صقر) قال:_
نرجو من الله صرف البلاء ولا ندري أي أيدٍ خفية أرادت اللعب في هذا الوطن، لم يحصل هذا بالمصادفة أو نتيجة لقرار من إخوتنا المواطنين الأكراد، لكن ما حدث كان بفعل فاعل ونطلب من الله تصفية الأمور ومن المواطنين عرباً كانوا أم أكراداً أن يردوا الضالين إلى الصواب، ويضيف الشيخ محمد: لقد كان المندسون يهتفون لبوش! فهل تصدق أن مواطناً سورياً عربياً كان أم كردياً يمكن أن يهتف لبوش؟ إنهم مندسون من خارج الحدود، الخسائر التي وقعت، وقعت على الجميع، تصور أنه حتى اليهود الذين كانوا يعيشون هنا كانوا يعيشون بأمان معنا.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
المطران بابكين جاريان (مطران الأرمن الأرثوذكس في الجزيرة والفرات) قال: اجتمع رجال الدين في القامشلي المسلمون والمسيحيون، وهم يرون أن أعمال الشغب التي تمت ما هي إلا نتيجة لتدخل أيد خارجية أرادت النيل من الوحدة الوطنية، لأن سوريا احتوت الجميع بتسامح وحب وهي الوحيدة التي جمعت الطوائف والشعوب ويعامل الجميع كسوريين سواء كانوا أكراداً أم أرمناً أم عرباً أم آشوريين أو كلدان ولم يسجل التاريخ خلافاً بين هؤلاء، وإن ما حصل هو عمل مبيت بدليل ما حصل في جميع المناطق معاً في الجزيرة ودمشق وحلب، كذلك في ألمانيا وبلجيكا، أنا أرى أن اليد الآثمة واحدة وهي التي حركت بعض الضعاف والجهلة، يجب أن نحافظ على الحب الموجود في سوريا لأنه نعمة من الله.
_السيد أحمد الصالح (رجل أعمال):_
المجنون لا يصدق أن ما حصل ناتج عن كرة القدم، نحن هنا كمواطنين عرب سوريين أو أكراد سوريين تربطنا روابط المصاهرة التي نتجت عنها القربى، والمواطنون الأكراد ليسوا هم الذين شاهدناهم يدمرون ويعتدون على ممتلكات الشعب، المواطنون الأكراد وطنيون حاربوا مع المواطنين العرب جنباً إلى جنب ودافعوا عن سوريا واستشهدوا من أجلها، ونحن جميعاً نعمل معاً سواء في التجارة أو الزراعة أو وظائف الدولة، ويضيف: إن أغلب رؤساء الدوائر في المحافظة هم من المواطنين الأكراد ولهم صلاحيات الإدارة تماماً كغيرهم، وثمانون في المئة من موظفي المطاحن وصوامع الحبوب هم مواطنون أكراد ومن المستحيل أن يكونوا هم الذين يدمرون المنشآت الوطنية، البعض اندفع بسبب سيطرة العقل الجمعي أو بسبب دسائس وإشاعات لا صحة لها.. وهذا البعض هم قلة لابد أنهم اكتشفوا حجم الخدعة التي وقعوا فيها، لكن الفاعلين الأصليين هم المدسوسون بينهم، ونطالب بمحاكمتهم ومحاسبتهم على ما اقترفوه.
_الحاج حسن رمضان بكداش قال:_
إنه تخريب ضد الشعب وضد سوريا، وهذا غير مقبول على الإطلاق، في السابق كانت كلمة كردي وعربي مصيبة لأنها تعني الفرقة وأنا أستغرب الآن كيف نتحدث بهذه الطريقة، لكنه أضاف: جماعة دير الزور كانوا يهتفون نعم نعم للفلوجة، نعم نعم لتكريت.. وهذا معيب.
المحامي نذير مصطفى (السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ـ بارتي) اتصلنا به وزرناه في منزله حيث أُجريت عملية (ديسك) ولازال في فراشه منذ شهرين، ورغم ذلك استقبلنا بود وبشاشة ومعه في الغرفة أصدقاؤه وبعض من أعضاء حزبه، الأستاذ نذير له وجهة نظر أخرى مغايرة لما سمعناه من المواطنين الأكراد أو العرب والأرمن.. الخ.
يقول الأستاذ نذير: نحن أكراد سوريون ولسنا عرباً ولا نريد أن نذوب في المجتمع العربي، فإن كان هناك من يحاول إذابتنا في المجتمع العربي فنحن لسنا معه، وهذا الفكر الشوفيني المطروح لإذابة الجميع تحت اسم العروبة نحن نرفضه، نحن نؤمن بشعار المزج الوطني وليس القومي، أن نكون سوريين نعم، أما عرباً فلا، قلنا له إن عدداً كبيراً من الأكراد شغلوا ويشغلون مناصب في الدولة، قال: مثل من؟ قلنا الأستاذ محمود الأيوبي كان رئيساً لمجلس الوزراء، والشيخ أحمد كفتارو مفتي الجمهورية، والأستاذ سعيد رمضان البوطي وغيرهم، أجابنا: محمود الأيوبي تعرّف منذ نعومة أظافره واختار أن يكون بعثياً، وأحمد كفتارو ليس كردياً، وسعيد البوطي تخلى عن كرديته، و.. وفي النهاية لدينا مواطنون لا يحملون الجنسية السورية والسلطات لم تمنحهم الجنسية، وبالتالي هم يعيشون بلا عمل، وأضاف حتى الذين يعملون هم بحاجة إلى موافقات أمنية، قلنا ومن لا يحتاج إلى هذه الموافقات من جميع الشعب السوري؟ ولكن هناك من يعمل وهو بلا جنسية فعلاً لكنه موظف في دوائر الدولة؟ أجاب: هذا غير صحيح، قلنا: في الرابطة الفلاحية هناك مهندس بلا جنسية موظف فيها، ومدير كهرباء معبدة أيضاً لا يحمل جنسية!! إضافة إلى ذلك فهناك من يعملون في الأرض ويملكون وهم لا يحملون الجنسية، كذلك هناك من رفض الحصول عليها وقالوا طالما أننا نعمل ونعيش كغيرنا من المواطنين فما حاجتنا إلى الجنسية، والهدف من هذا (التهرب من خدمة العلم ودفع الضرائب)، أجابنا الأستاذ نذير: يا أخي دع الدولة تعرض الجنسية وأنا أضمن لك أن الجميع سيتقدم لأخذها، قلنا له عندما طرحت الجنسية هناك من تجنّس وقد قبلت الدولة أي وثيقة صادرة عنها لإثبات الإقامة في سوريا، والبعض أبرز إيصال كهرباء أو ماء باسمه وحصل على الجنسية بموجبه، أجاب الأستاذ نذير: دعوا الدولة تطرح الجنسية وأنا أضمن أن الجميع سيتقدمون بطلبات.
وعن الملعب قال إن مشجعي الفتوة جاؤوا يحملون أكياس الحجارة وكأنهم قادمون إلى معركة وأنا أرفض رفضاً قاطعاً مقولة أن هناك مؤامرة.
وعن أحداث اليوم الثاني سألناه: علمنا أن مسيرة كان من المفترض أن تكون صامتة ترافق الجنازة (للذين توفوا في الملعب) لكنها حولت مسيرتها باتجاه دوائر الدولة وأحرقت الجمارك ومؤسسة الأعلاف وباقي ما تبقى من دوائر، ما معلوماتكم؟ أجاب الأستاذ نذير: اجتمعنا في هذه الغرفة ممثلون عن 11 حزباً وأصدرنا بياناً واحداً وهو القيام بمسيرة صامتة، وطلبنا من أحزابنا عدم السماح لأحد بالقيام بأعمال شغب، وفعلاً تم ضبط البعض والمسيرة التي رافقت الجنازة لم تغير اتجاهها لكن البعض توجه إلى المقبرة الثانية حيث أن البعض سيدفن في مقبرة والباقين في المقبرة الثانية، أما من أحرق الجمارك فأنا لا عرف، إنهم أناس غريبو السحن لا نعرفهم، وسألناه ما سبب اندلاع الشغب في البلدات الأخرى كرأس العين والمالكية.. الخ؟ أجابنا: هؤلاء جاؤوا للمشاركة في الجنازة لكنهم مُنعوا.. فعادوا وفعلوا ما فعلوا.. وأضاف الأستاذ نذير في النهاية نأسف للتخريب والحرائق التي حصلت لكنها لا تعود إلى أي حزب سياسي كردي، وسألناه عن الأعلام الأمريكية التي رُفعت والأعلام الكردية فأجاب: أعلام أمريكية لا يوجد أما الأعلام الكردية فكلهم علمان أو ثلاثة!!
_إجماع وطني على استنكار وإدانة ما جرى من محاولة افتعال فتنة:_
بعد كل هذه الشهادات التي تلخص مضمون الأحداث التي ابتدأت في ملعب القامشلي وانتشرت في مدن وبلدات أخرى، وكان لها صدى مشبوه في تحركات ضد السفارات السورية في عدة بلدان أجنبية لتضخيم الأحداث والإساءة لسمعة البلد ومساعدة الجهات المعادية لتصعيد حملة الضغوط على سوريا لتطويع قرارها لصالح المخططات الأمريكية الإسرائيلية. بعد كل ذلك يبدو المشهد السياسي واضحاً، حيث تقف جماهير المواطنين مستنكرة ومستغربة ما حدث وتشجب ذلك بقوة وترفض هذه الممارسات، كما تشير بازدراء إلى محاولات البعض من الذين يحاولون ركوب أي موجة للإساءة إلى الوطن. والواقع أن الحكومة قد تصرفت بحكمة وأناة كبيرين مما فوّت على مثيري الفتنة ما كانوا يرغبون فيه. ومما لا شك فيه أن الأكثرية الساحقة من مواطنينا تقف ضد هذه العناصر المدسوسة التي قامت بهذه الأعمال وضللت بعض العناصر والأشخاص وجرفتهم معها للمشاركة في الأحداث، ولسان حال الجميع يقول لا للفتنة ولا للتخريب، لا لمحاولات زعزعة أمن واستقرار المواطن والوطن، نعم للوحدة الوطنية.
_هـل الهـويـة الوطنيـة السوريـة هـي الملتبســة؟_
حسيبة عبد الرحمن: ( كلنا شركاء ) 25/3/2004
إن الأحداث الأخيرة في شمال شرق سوريا تطرح أسئلة كبيرة وجوهرية ليست من زاوية التوقيت أو افتراض وجود قوى إقليمية وعالمية وراءها تثتمر الحدث وتجيره لصالح سياساتها الخاصة كما جرت العادة باعتبار هذا التحميل الخارجي جزء لا يتجزأ من الأيديولوجية السائدة وهو تعليق مشاكلنا الداخلية المتفجرة على مشاجب العامل الخارجي عوضاً عن تشخيص المشكلة أو الأزمة وإيجاد الحلول لها وانتزاع فتائلها قبل أن تتفاقم أكثر كبديل عن التهم الجاهزة ضد المطالب المرفوعة أياً كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، قومية،أو ما رافق الأحداث من عنف متبادل وعدد الضحايا من الأكراد ...الخ أو ما كشفته الأحداث من عمق المشكلة التي يعانيها الأكراد السوريين من انتقاص لمواطنتهم ورغم أهمية ما تقدم لكني أرى ومن وجهة نظري أن الأهم هو طرح سؤال حول ماهية الهوية الوطنية السورية والتي كشفت الأحداث الأخيرة عن الهوة العميقة في الانتماء من خلال ما جرى _حتى وإن كانوا من المتطرفين _ وأن هناك مشكلة في الهوية الوطنية فهي إما متذرية أو مفقودة!!.
وفي هذا السياق أعتقد أن فتح الحوار حول الهوية الوطنية في سوريا من أكثر القضايا إلحاحاً في المرحلة الراهنة فأحداث القامشلي والحسكة وغيرهما قد كشفت عن أزمة في الانتماء والهوية الوطنية كانت تظهر بشكل خجول ووجل في مواقف وأحداث متباينة أهمها حوادث السويداء قبل ثلاثة أعوام ونيف ...والمشترك بينهم تنزيل العلم بما يعنيه ورفع علم خاص طائفي أو قومي آخر والاتهامات المتبادلة، وقد يحدث ويتكرر لاحقاً في مناطق مختلفة من سوريا وهذا يدفع بدوره إلى سؤال مهم وهو إلى أي درجة يوجد إحساس بالهوية الوطنية؟ وإلى أي حد لدى المواطن إحساساً بالمواطنة والانتماء لهذه الرقعة الجغرافية التي تسمى سوريا ...!!! وما هي الأسباب والخلفيات لذلك ..الخ ؟؟؟!!!
هل هو تاريخ سوريا وبلاد الشام الذي عُرف عنه استبدال الحضارة المركزية الواحدة كما هو في الحضارة المصرية أو حضارة ما بين النهرين بحضارات وممالك عديدة_الساحل، الداخل، الشمال الشرقي السوري، المتعلق ربما بالعامل الجغرافي _ ؟ وما هو اثر ذلك على حركة المجتمع السوري وتشكيل الدولة السورية الحديثة؟
أم أن سوريا بحدودها السياسية الراهنة وتاريخ نخبها السياسية والاقتصادية المتناقض و مفاعيلها ما بين النخب السياسية الصاعدة اثر الاستقلال التي حاولت القفز فوق الحدود والتطلع تارة إلى وحدة سورية الطبيعية وأخرى إلى وحدة قومية عربية، أو وحدة أممية....أو إسلامية، وبين بعض النخب السورية الحاكمة التي اعتبرت محاولة إلحاق سوريا بالتاج الهاشمي في بغداد هدفاً لسياساتها بعد الاستقلال، عُبر عن هذا الاتجاه الإلحاقي الذي يلغ ذروته في الوحدة عام 1958 بغض النظر عن القوى التي دفعت به حيث أزيح اسم سوريا عن الخارطة إبان الوحدة السورية المصرية وكان ذلك بسبب أزمات السيطرة و الهيمنة للطبقة الحاكمة ومحاولة تصديرها نحو المحيط الإقليمي مع الأخذ بعين الاعتبار المد الوحدوي، وفي معمعة تلك الدعوات والتوجهات ضاعت الخارطة الحديثة العهد لسوريا الممزقة ( فلسطين، لبنان، اسكندرونة، الجولان ) وتوسعت الخارطة نظرياً وتمددت في الأحلام ليس إلا ومعها الطموح الجامح بعيداً عن قدرة البلد وحجمه الطبيعي، وسيطرت فكرة التبشير التي غلفت البرامج السياسية التوسعية، والزمن ليس زمن التبشير!!! وقد قال أحد الباحثين الغربيين( أن الانتماءات في سوريا إما ما فوق وطنية وإما انتماءات طائفية عشائرية أسرية) !!
أما من ناحية الثقافة المجتمعية السورية فبقدر ما تمنح الغريب الأمان والتسامح بقدر ما ترفض تلك الثقافة منح ابن البلد الذي لا ينتمي للدين أو القومية أو الطائفة ا السائدة إحساساً بالأمان والمواطنة المتساوية مع باقي المواطنين _مواطن درجة ثانية- مشكوك في ولائه وانتمائه ووطنيته والذي كان نتاجاُ للصراعات السياسية والاجتماعية والدينية !!!.
وهذا ما ترك ويترك أثره النفسي والسلوكي على المواطن الذي لا تنطبق عليه شروط المواطنة من دين وقومية وطائفية رغم أن سوريا بلد التلون الفسيفسائي إن كان الديني، الطائفي ، القومي ،الأثني الأكثرية فيه أقلية ...!! الأمر يحتاج إلى دراسة معمقة وتاريخية ليس مجالها هنا ولست متخصصة.
أما سياسات وسلوك السلطات في الدولة الحديثة سواء الراهنة أو المنصرمة فقد عززت غياب المواطنة والوطن- لم تتساءل النخب لحظة واحدة عن إزاحة اسم سوريا عن الخارطة فترة الوحدة إن كانت خاطئاً أو صحيحاً !!!_ وربطت المصالح السياسية لفئة أو طبقة أو مجموعة بمصالح الوطن أما السياسات المتبعة في الثلاثين عاماً الماضية فقد جرى تحول في مفهوم الدولة إلى إمارة للمؤمنين والمجتمع إلى رعية وراع ولم تسع السلطة إلى صياغة عقد اجتماعي مع المجتمع وممثليه من نخب وفعاليات أو تطبيق شروط المواطنة الحديثة كنتاج لمفهوم الدولة الحديثة والشكل الراقي والمتطور لنواظم العلاقات المقوننة الرابطة بين السلطة والمجتمع وغاب معها مفهوم تدوال السلطة وأصبحت الطبقة الحاكمة تتعاطى كسلطة وحيدة مالكة ومخولة بالقرارات السياسية والاقتصادية ومنح الشهادات الوطنية وحسن السلوك للأفراد والمجتمع وكأنها مرجعية المرجعيات في إعطاء البشر صفة الوطنية أولاً، ضمن نسق مفاهيمها حول الوطنية التي تعني الولاء والطاعة لها فمن يعارضها هو لا وطني وهكذا وحدت بين الولاء لها والولاء للوطن واختلت الهوية أيما اختلال وتعزز الشعور بانعدام المواطنة الذي يتحدد هو الآخر بالولاء للسلطة الحاكمة حصراً (أنموذج العراق ) .
إن ما قيل سابقاً هو محاولة لإلقاء الضوء على جانب مهم مبطن لما حدث في القامشلي من جهة الشعارات والصور التي تدلل على أزمة في الهوية الوطنية السورية من جهة ومن جهة ثانية تكشف أحداث القامشلي والحسكة عن وجود مشكلة كبيرة للأكراد السوريين ليست فقط مسألة جنسية وإن كانت هي أحد أهم عوامل التفجير المباشر كما كانت قضية الفلاحين في سوريا عامل تفجير فترة الخمسينات أدت إلى صعود نخب الريف إلى السلطة وإنما تتعداها إلى الحقوق الثقافية والمواطنية الكاملة لهم كأقلية قومية في هذه المرحلة_ مرحلة النهوض القومي الكردي_ وتكشف في الوقت نفسه قصور وغياب طرح مشكلة الاقليات وعلى الأخص الأكراد في البرامج السياسية للمعارضة والسلطة على حد سواء والتغاضي عنها وهذا يدلل على التعصب القومي العربي الذي يدفع بدوره إلى تعصب قومي كردي يؤدي إلى انعدام الحوار وانفصام في المطالب وهذا لن يؤدي إلى صياغة برنامج ديمقراطي موحد لكل الأطراف في سوريا وضحيته الأولى سوريا الوطن الغير معترف بحدوده وهويته الوطنية .
وهذا يطرح بدوره ضرورة إعادة إنتاج خطاب سياسي للمعارضة السورية القومية والوطنية تدرج فيه مطالب الأكراد كجزء لا يتجزأ من المطالب الوطنية والديمقراطية السورية وعلى الحركة السياسية الكردية أيضاً إعادة إنتاج خطابها السياسي وإدراج المطالب الديمقراطية السورية على أولويات برامجها السياسية وألا تقتصر مطالبها على جانب قومي فقط ..الأمر الذي يدفع القوى والفعاليات السورية إلى توحيد نضالاتها الديمقراطية والسلمية عرباً وأكراداً كخطوة أولى باتجاه الحل الديمقراطي والوطني للمشاكل العالقة وهو أيضاً يفتح حقلاً اجتماعياً وسياسياً جديداً نحو حوار معمق وصريح حول الانتماء والهوية الوطنية والتعايش المشترك بين أفراد المجتمع السوري أياً كانت انتمائه الديني أو القومي أو الطائفي وقبول كل طرف للآخر على مستوى السلطة والنخب والفعاليات والمجتمع .
أما من جانب السلطة السورية عليها أن تباشر في حل القضايا الملحة للأكراد السوريين وأولها التجنيس لمن لا جنسية له أو جرد من الجنسية أبان إحصاء 62السيء الذكر والصيت وانفتاحها على الجميع والدخول في حوار شفاف حول القضايا والمشاكل السياسية والاجتماعية ومن بينها الحوار حول الهوية الوطنية والمواطنة السورية.
العنوان : مـن يحـاســب أصحـاب الجبهــة ؟
الكاتب : جهاد نصره
_في الوقت العصيب: من يحاسب أصحاب الجبهة؟_
جهاد نصره :أخبار الشرق - 24 آذار 2004
جدي أبو وحيد سوبر ستار حقيقي .. ولقد امتدت نجوميته إلى القرى المجاورة لا لصوته الجميل - فصوته كجاروشة البرغل - بل لأنه أول من صنع كلكة يدوية لتقطير التين اليابس مع اليانسون، ليحصل على عرق بلدي معتبر، يبيعه لمن يرغب .. لكنه، توقف عن تصنيع العرق منذ إعلان وفاة الأحزاب السياسية السورية ..! حينها ألصق جدي أذنيه بالمذياع الكبير ليسمع (النعوة) المطّولة التي يقرأها المذيع إذ استعرض ميثاق إعلان الجبهة الوطنية التقدمية بنداً بنداً .. الأمر الذي فهمه جدي على أنَّ السلطة من خلال هذا الاهتمام الكبير الذي توليه للحدث بتعميم النعوة بالراديو، تحتفل بمناسبة دفن الأحزاب تحالفياً .. ولكونها في غاية الانشراح فإنها تستأهل بطحة ولو من المؤونة ..!
سبب اهتمام الجد المفاجئ بصديقته الجبهة، هو انقضاء ثلاثة عقود على وفاتها .. وتفجر أحداث متتالية بدءاً من مسيرة الأطفال في العاصمة .. إلى الاعتصام السلمي أمام البرلمان .. إلى اعتصام الطلبة المتحضِّر في جامعة حلب والرد المتوحش الذي تُوج بفصل نهائي لعددٍ منهم - أي حرمانهم من التعليم - وفصل لمدة عام لعدد آخر (هل يوجد في هذا الكون من يلجأ إلى هكذا عقوبات) ..؟! إلى هبّة "حزب الفلوجة المفجوع بمصير الرفيق صدام" .. إلى غير ما هنالك من معطيات تدلل على شكل، ومحتوى الوحدة الوطنية التي تغنَّت بها أحزاب الجبهة وقائدها على مدى ثلاثين سنة. حيث لا يقبل الجد العزيز بغير تحميل هذه الأحزاب المسؤولية التشاركية عن كل ما اعترى البلاد من "بلاوي" وأولها: ما أصاب مفهوم الوحدة الوطنية من تشويه، و(فكفكة)، وتشتيتْ ..!
وبعد وساطتي مع الختيار، قَبِلَ أن يحمِّل كلَّ حزب جبهوي على قدر حصته التي هبشها من السلطة وذلك من باب الإنصاف فقط لا غير .. فالحزب أبو وزيرين مثلاً، غير الحزب بوزير واحد .. والحزب أبو المقاعد الثمانية (بتاع المجلس الكريم) غير الحزب المخصص له أربعة مقاعد .. والحزب الذي (ينفد) بمنصبي مدير عام غير الحزب (المسترزق) بعدد واحد من حزمة المديرين .. وهكذا. غير أنَّ جدنا العزيز، انتفض فجأةً رغم عمره المتقدم قائلاً: هذا عن مسألة الوحدة الوطنية فقط .. ولكن ليكن بمعلومك أنَّ قائمة المسؤوليات المسجَّلة برقبة أحزاب الكعكة، طويلة جداً وذلك بدءاً من الفساد، وانتهاءً بالقفزة المحققة نحو الخلف علمياً، واجتماعياً، واقتصادياً ..! ولما وجدت أنَّ الجد، جدّي في كلامه، أحببت أن أخفِّف من توتره فقلت له: يا جدي العزيز .. لماذا تتعب نفسك وأنت لست سياسياً ولا من يحزنون ..؟ فما كان منه غير أن ابتسم قائلاً: أنا من الـ (يحزنون) .. واستدار نحو بقايا الكلكة وهو يهزَّ رأسه بأسف قائلاً: كلُّ إنسان له يومان و(يفرنقع)، وتركني في وحدتي أفكِّر بما جرى من حديث. وتبين لي أنَّ الجد البسيط لامس قضايا البلد، وتفهَّمها، أكثر من تلك الأحزاب الخاوية .. التي لم تدرك مثلاً أنَّ المجتمع الموحَّد باستخدام الصمغ البعثي الجبهوي سرعان ما يتحلل عند أول عاصفة مطرية ..! فالوحدة الوطنية، لا يمكن أن تصبح حقيقةً ملموسةً من غير الحرية، والمواطنة الحقة، والعدالة الاجتماعية .. والبلاد افتقدت كل هذه المفردات، أمام نظر وسمع أحزاب الحصص .. ولم يحدث أن فكرَّ حزبٌ منها، بتسجيل موقفٍ رجوليٍ واحدٍ كبراءة ذمة تاريخية ..! كالتهديد بالانسحاب من الجبهة مثلاًً ..! لكن أليس من الإجحاف دفعها إلى مثل هذه المواقف المتطرفة ..؟! ثمَّ كيف يمكن لعاقلٍ أن يطالب، أو يأمل في حدوث مثل هذه المعجزة ..؟! وكيف لا تكون معجزة والقضية متعلقة بأحزاب قبلت، وبصمت بالأصابع العشر على تحريمها العمل السياسي جملةً وتفصيلاً ..؟! وإلا ماذا نسمي قبولها العلني، وطاعتها الكاملة، بأن لا تقترب من المدارس والجامعات لتبقى ساحات التعليم حيث الأجيال الجديدة الصاعدة، حكراً على الحزب القائد ..؟ ولماذا التساؤل من أساسه وهي (بطلَّت شغل السياسة ووجع الرأس) ويكفيها أن تتسلى مع الأجيال القديمة، فالعجائز لا ينافسون على مناصب ومواقع لم تعتد القيادات المناضلة على التفريط بها ..!
ثمَّ، هل يقبل حزبٌ سياسيٌ في الكون أن يعمل (سياسة) من هذا النوع النادر الذي فعلته أحزاب الجبهة الوطنية .. المتقدمة نحو المجد السلطوي بما فيه من منافع، ومكاسب، ومغانم، ونوم هنيء لا يمكن أن يعرفه حزب سياسي في بلد مأزوم على كل الصعد .. وجزء من أرضه محتل ..؟! حقيقة الأمر، لقد أفحمني صاحب الكلكة بهذه الاطروحة التي جعلتني أرجِّح فكرة شيطانية خطرت لي فحواها: الشك في أن يكون هذا الجد العجوز متلطِّياً في منصب العضو السري، في هذا المكتب السياسي أو ذاك، من مكاتب أحزاب معارضة تتربَّص شراً بعزيزتنا الجبهة ..؟! ولكوني ابن المنطقة العربية، فقد ورثت بجدارة عقلية المؤامرة .. لذلك لم أستبعد الافتراض إياه، غير أنني ركنته جانباً احتراما مني لخصوصية جدي الطِّيب .. واكتفيت بمطالبته بتوضيح ما يعنيه بالندرة ..!
فقال العجوز: هل يتقبل حزب طبيعيٌ - انتبه أنا أقول طبيعي وليس طليعي - أن يتحالف مع حزب حاكم يملك آلة إعلام لا أول لها ولا آخر في حين يتوجب عليه عدم إشهار جريدته الشهرية المتواضعة، وابقاء توزيعها كما جرت العادة السرية ..؟! ثمَّ .. هل يصدِّق عاقل، أن يستمر هذا الوضع ثلاثة عقود .. بالرغم من التسول، والاستجداء المتواصل .. العلني منه والسري؟ فإذا ما مات الرئيس، وجاء ابنه، وبدأت عملية إعادة إنتاج للسلطة على قاعدة الاستمرارية المسجَّلة باسم الحزب القائد حصراً، تمَّ السماح في سياقها للأحزاب الحليفة بأن تتحول (للعلنية) بمقراتها إن وجدت، وجرائدها إن صدرت، وهي لم تنس واجبها بعد انتهاء الاحتفال بهذه المنجزات التي صبرت لنيلها ثلاثين سنة فقط لا غير، حيث سارعت إلى توجيه التشكرات، والتعظيمات لصاحب العظمة الحليف القائد .. وذلك عربون وفاء لمكرمته العُلوية السخية.
و إذا ما جاء يوم القامشلي الدامي، فقدْ فَقَدَ الجد صاحب الكلكة أعصابه، وصرخ في وجهي: ألا يخجل أصحابك الجبهويون من اختفاء جبهتهم في هذا الوقت العصيب كفقاعة الصابون ..؟
مهلاً يا جدي مهلاً ..! أما الجبهة فلم يكن أحد ينتظر منها موقفاً عند الملمّات، لكن الأدهى، والأصعب من هذا، هو تلك المواقف التي كشفت أوراق بعض المثقفين والكتاب العرب، وبخاصة السوريين منهم .. والتي يمكن تصنيفها في خانة (الارتكابات) حيث فاحت منهم روائح شوفينية مدهشة لم (نشّمها) عند عتاة القومجيين المعروفين الذين تركبهم عقدة العروبة ..! تلك العروبة التي (تبهدلت وتشرشحت) أربعمائة سنة على أيدي العثمانيين .. ثمَّ ثلاثين سنة وبحبوحة، في أحضان دول مختلفة كبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وغيرها ..! ثمَّ جاء العروبيون أنفسهم، العسكريون منهم والمدنيون، فأشبعوها رفساً وجرجرةً في شوارع التخلف، وساحات الهزائم، وما أدراك ما الهزائم ..؟! ثمَّ لا أدري إلى أية ملةٍ كان ينتسب أجداد هؤلاء الكتاب، والمثقفين، قبل زحف القبائل العربية من جزيرة العرب هرباً من قيظ الصحراء، وشّح المرعى، فصاروا يخجلون من ذاك الانتماء .. ويفخرون بهويتهم الجديدة التي سطِّرت بحدِّ السيف ..! وتبهدلت على مرِّ القرون ..!
أن تكون عربياً غيوراً شيء .. وأن تكون إنسانا عربياً شيءٌ آخر .. والبون (غير بونات النفط) بين الاثنين كبيرٌ بل شاسعٌ، وما على الغيورين من المثقفين، والسياسيين الذين تقاطروا باتجاه الضحية بدافع التهدئة وشرح المخاطر، على شاكلة أنَّ سورية مستهدفة .. كعادتهم دائماً في المزج بين السلطة والوطن؛ إلا أن يحوِّلوا وجهة سيرهم باتجاه السلطة التي جرَّدت بعضهم من الحقوق المدنية - أي من المواطنة - وسخرت وتسخر على الدوام من البعض الآخر ..! وحاكمت وتحاكم من تبقى، لمجرَّد محاولة الاستماع لمحاضرة فكرية.
العنوان : العـولمـة وتـداعيـاتهـا فـي الاقتصـاد والسيـاسـة
الكاتب : د. مطانيوس حبيب
_العولمة وتداعياتها في الاقتصاد والسياسة ( 2 / 2 ) _
د. مطانيوس حبيب : ( كلنا شركاء ) 25/3/2004
_فكيف تبدو الجغرافية السياسية في ظل الاتجاه نحو العولمة؟_
في الواقع أن السير باتجاه العولمة بدأ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فقد خرجت الولايات المتحدة بنهاية الحرب القوة الاقتصادية والعسكرية الأعظم في المعسكر الغربي وظهرت في المقابل قوة المعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفيتي السابق. وبذلك تكون قد بدأت المعركة بين المعسكرين من أجل عولمة العالم. فالولايات المتحدة تريد تعميم أسلوب الإنتاج الرأسمالي ونمط الديمقراطية الغربية والاتحاد السوفيتي يريد تعميم أسلوب الإنتاج الاشتراكي ونمط الديمقراطية الشعبية أو ديكتاتورية الطبقة العاملة. فكلا المعسكرين كان يسعى إلى عولمة العالم بطريقته الخاصة وبذلك بدأت الحرب الباردة بين المعسكرين.
في الجانب الغربي تزعمت الولايات المتحدة مسيرة العولمة انطلاقاً من اتفاقيات بريتون وودز التي أسست مؤسسات العولمة الاقتصادية: صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتم توقيع الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات (الغات) مظلة لإجراء التفاوض حول تحرير التجارة بعد أن لم توافق القوى الاقتصادية الكبرى على إحداث منظمة التجارة العالمية بسبب اختلاف مستويات النمو فيها وعدم توافقها على تقاسم الكعكة.
منذ عام 1945 والولايات المتحدة الأمريكية تدعم تفوقها. وحتى بعد إعادة إعمار أوربة احتفظت بزعامتها للعالم الغربي في مواجهة «الخطر الشيوعي» من أجل عولمة العالم وفقاً لمنظورها. خلال تلك المدة كانت العولمة تسير بخفر دون الإعلان عن وجهها إلى أن انتهت الحرب الباردة.
بمناسبة حرب الخليج الثانية وجمع التحالف الدولي وراء قيادة الولايات المتحدة وأفول شمس المعسكر الاشتراكي أسفرت العولمة عن وجهها تحت شعار قيام نظام عالمي جديد يقوم على الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وتحول العالم إلى عالم القطب الواحد.
غير أن العنجهية الأمريكية ومحاولة الولايات المتحدة قيادة العالم في خدمة مصالحها وإزدواجية المكاييل التي تكيل بها وفرض إرادتها على المؤسسات الدولية بما في ذلك مجلس الأمن الدولي وإخضاع قراراته لإرادتها المنفردة, كل ذلك نبَّه العالم إلى مخاطر الاستمرار في نهج القطب الواحد وازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الدولية. فكانت ردود فعل حادة من جانب أوربة, روسيا والصين في بيانات مشتركة حول رفض هيمنة القطب الواحد.
وبعد حرب كوسوفو شعر الأوروبيون بخطر التبعية العسكرية للولايات المتحدة مما دفع بالاتحاد الأوربي للتفكير بإنشاء قوة عسكرية أوربية لحماية الأمن في أوربة. ونتيجة لانفراد الولايات المتحدة الأمريكية, وأحياناً بالتحالف مع بريطانية, في فرض العقوبات وتوجيه الضربات العسكرية لمناطق مختلفة من العالم توضحت صورة العولمة التي تريدها الولايات المتحدة أداة لفرض إرادتها وخدمة مصالحها بالدرجة الأولى. وكان نتيجة ذلك أن انتفضت بعض الدول العظمى داخل مجلس الأمن الدولي فلم تستطع الولايات المتحدة فرض قراراتها ضد العراق وأبدت فرنسا وروسيا والصين تعاطفاً مع شعب العراق والأصح معارضة للهيمنة الأمريكية. ومن ثم جاء خرق الحظر الجوي على العراق من جانب فرنسة وروسيا ومعارضة هاتين الدولتين مع الصين للقصف الجوي الأمريكي الانكليزي لهذا البلد.
ثم أن رعاية الولايات المتحدة المنفردة لعملية السلام في الشرق الأوسط والتنكر لمشاركة روسية الراعي الثاني لعملية السلام وإبعاد أوربة عن هذه العملية إضافة إلى الانحياز الأمريكي السافر إلى جانب إسرائيل أوضح للعالم أجمع عجز الولايات المتحدة عن لعب دور الوسيط المحايد في حل أي مشكلة في العالم, إذ أنها تفتقد إلى الموضوعية في معالجة المشكلات مما يهدد السلام العالمي من جهة, ويعطل دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في ترتيب شؤون العالم من جهة ثانية.
_من الناحية الاقتصادية_ يتوضح يوماً بعد يوم انقسام العالم إلى مجموعة تكتلات اقتصادية جغرافية يسميها بعض المحللين الاقتصاديين بالأقاليم: منطقة التجارة الحرة الأمريكية الشمالية (نافتا) مع اتجاه توسيعها لتشمل الأمريكيتين الشمالية والجنوبية وتتمركز حول الولايات المتحدة الأمريكية, _المنطقة الاستراتيجية الأوربية _والتي تضم إلى المركز المتمثل في الاتحاد الأوربي, أقطار أوربة الوسطى والشرقية الطامحة إلى الانضمام إلى عضوية الاتحادالأوربي. ولا يستبعد أن تسير روسيا في هذا الاتجاه, وكذلك دول جنوب وشرق المتوسط مع الدول الإفريقية ودول الكاريبي والمحيط الهادي؛ والمنطقة الاستراتيجية الآسيوية التي تضم إلى المركز الياباني دول جنوب وشرق آسية ومجموعة الآسيان.
وعلى الرغم من توقيع اتفاقية مراكش في المغرب في نهاية عام 1994 بنتيجة اختتام دورة مفاوضات الاورغواي المتضمنة إحداث منظمة التجارة العالمية بديلاً عن اتفاقية الغات لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذ رغبتها في افتتاح دورة مفاوضات جديدة لإقرار تخفيضات أكبر في الحواجز الجمركية وتحرير قوائم سلعية جديدة في التجارة العالمية. لقد تعمَّق الاتجاه نحو تثبيت التجارة في إطارها الدولي أي من خلال سيادة الدول وعدم تحويلها إلى إطارها العالمي أي من خلال الشركات المتعددة الجنسية وتجاوز دور الدول في تنظيم تجارتها الخارجية.
يعرف العالم اليوم انتفاضة حكومية من جانب الدول وشعبية حتى في الولايات المتحدة الأمريكية ضد العولمة وإحكام سيطرة الرأسمال على مقدرات العالم. فالعالم اليوم على مفترق طرق: إما أن يتكرس اتجاه الأقلمة (انقسام العالم إلى مجموعة أقاليم) أو تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أن محاولتها فرض العولمة وفق منظورها ومصالحها مناقض لحركة التاريخ وأن عليها أن تقبل مزيداً من الديمقراطية في المؤسسات الدولية كما وتقبل تفعيل قوانين الاقتصاد من حيث التخصيص الأمثل للموارد واحترام إرادة الدول في حماية مصالحها والدفاع عنها. بكلام آخر يكون على الولايات المتحدة الأمريكية, إذا أرادت فعلاً أن ترعى نمو الاقتصاد العالمي, _أن تفسح في المجال أمام عالمية الاقتصاد والسياسة والثقافة وأن تعتبر نفسها شريكاً في الموروث الإنساني وليست وصية عليه أو مالكة له_, عليها أن تعترف أنها واحد من مجموعة وليست مجموعة في واحد.
وهل العولمة هي «أمركة» العالم؟ _وكيف تكون العلاقة بين العولمة والأمركة؟_
إن دولاً عظمى مثل فرنسة وروسية والصين تعبر بوضوح تام أنها يمكن أن تكون مع العولمة ولكنها ترفض الأمركة, مما يعني أن الشعور السائد في العالم أن الولايات المتحدة تريد قولبة العالم اقتصادياً وسياسياً وثقافياً واجتماعياً في قالب أمريكي واحد, أي تعميم نمط الحياة الأمريكي وإلغاء الآخرين. وهذا أيضاً موقف المحللين السياسيين والاقتصاديين في أوربة واليابان والصين وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانية ناهيك عن التحركات والأصوات التي ترتفع من جانب الباحثين في العالم الثالث. صحيح إن القليل من حكومات العالم الثالث يجرؤ على المجاهرة بمعارضة العولمة الأمريكية ولكن الشعوب في هذه الدول تواجه بحماسة منقطعة إجراءات وتدابير مؤسسات العولمة وتظهر استنكارها لوصفات الصندوق والبنك الدوليين وكذلك تقوم الحركات العمالية ضد تحرير التجارة في بلدانها لما يترتب عليها من غزو السلع الأجنبية المستوردة وما تسببه من زيادة مستويات البطالة وانخفاض الأجور أمام المنافسة الأجنبية. وإذا كانت حكومات بلدان العالم الثالث لا تستطيع مواجهة الضغوط الأمريكية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً كما توضحت الصورة في مواجهة صدمة النفط الثالثة فإن شعوب العالم قاطبة تقف ضد سيطرة رأس المال مدافعة عن حقها في لقمة العيش والحياة الكريمة. لقد استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرض على دول الأوبك زيادة إنتاج النفط لوقف ارتفاع أسعاره في الوقت الذي تدفع هي إلى مزارعيها تعويضات سخية لوقف زراعة محصول القمح كي تحافظ على أسعاره في الوقت الذي يموت ملايين البشر من المجاعة.
هذا هو منطق العولمة التي يراد فرضها على العالم تحت ذريعة الديمقراطية وحقوق الإنسان والتخصيص الأمثل للموارد ورفع مستوى الرفاه الإنساني.
ولكن هل هذا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع كل الدول والأمم الأخرى بذات الطريقة! وهل هي قادرة على التحكم بالقرارات السيادية لكل دول العالم؟ بالطبع كلا فالولايات المتحدة تريد أمركة العالم من ناحيتين: من ناحية تعميم نمط الحياة الأمريكي, _نمط الجينز والهمبورغر_, نمط المجتمع الاستهلاكي والاقتراض, وهي بذلك تعتمد آلية السوق ومخاطبة عواطف الناس والتأثير في سلوكهم بشتى الوسائل. ومن الملاحظ أن الأمركة بهذا المعنى تنتشر بسرعة في العالم بحيث بدأ هذا النمط يغزو أسواق العالم, يجتذب, تحت تأثير التقليد, الأجيال الصاعدة. ومن ناحية قيادة العالم على _طريقة مجلس الإدارة_ بحيث تتولى الولايات المتحدة الأمريكية رئاسة مجلس إدارة العالم وتضم في عضويته القوى العظمى من المساهمين الكبار وتراعي بعضاً من مصالحهم. بهذا المعنى فإن الأمركة لا يمكن أن تستمر وستواجه حدوداً طبيعية تتوقف عندها, ذلك أن تضارب المصالح بين الولايات المتحدة وشريكاتها في مجلس إدارة العالم سيصل إلى الحد الذي يستحيل ضبطه عندما تنغلق دارة التراكم الرأسمالي على مستوى العالم, ولم يعد بالإمكان التوسع في استغلال الأجزاء الأخرى من العالم. عند هذا الحد يتحول التناقض إلى تناقض داخلي سيهدد العولمة بالانفجار. والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيمكن حل هذا التناقض سلمياً ويعاد صياغة العولمة وفقاً لتوازع القوى! أم سيحدث الانفجار كما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية أو كما حسمت الحرب الباردة باستسلام أحد المتخاصمين! والجواب على هذا السؤال متروك للتاريخ.
ومع هذا فمن المعتقد أن أمركة العالم لا يمكن أن تسير حتى نهايتها ولعل في قول جان بيير بيبو (Jean Pierre Bibeau) في أن كل القوى الكبرى في العالم سارت في مسارات متشابهة: صعود إلى القمة, فترة هيمنة أي تحقيق الغلبة الاقتصادية والعسكرية والسياسية ومن ثم انحدار بتأثر التناقضات.وهذا ينطبق على واقع الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت بتقاسم القوة الاقتصادية مع أوربة واليابان حتى أنها تحولت حالياً إلى القوة الثانية اقتصادياً بعد قيام الاتحاد الأوربي وهي ما تزال تحتفظ بهيمنتها على العالم بفعل تفوقها العسكري الذي قد لا يطول كثيراً بعد الدروس التي تعلمتها أوربة من حرب بوغوسلافية في كوسوفو.
د. منير شحود :موقع لجان إحياء المجتمع المدني
كان من نتائج التطورات الاجتماعية والسياسية التي حصلت في المجتمع السوري حدوث تحولات غرائبية, لم تكن لتحدث في الظروف السوية التي تعيشها المجتمعات. وكان للدور الذي قامت به الأجهزة الأمنية, منذ بداية عقد الثمانينات من القرن المنصرم, بأن تحولت إلى قوة هيمنت على الدولة ومؤسساتها, وألحقتها بها من الناحية الأمنية, فأصبحت مؤسسات الدولة خط الدفاع الأول في عمل هذه الأجهزة في الحفاظ على الأمن؛ بمعنى تثبيت الوضع الراهن, بغض النظر عن منطق الحياة الحقيقي, الذي يمثل الاختلاف والتباين فيه الرافعة الأساس في التطور والتقدم والتكيُّف. واستمرت هذه الهيمنة المطلقة للأجهزة الأمنية حتى أواسط التسعينيات, موزعة نفوذها على المؤسسات, ومتغلغلة في وعي الناس, ولا وعيهم, كقدر محتوم. وحدث ذلك في منا خ من التنافس بين فروعها المختلفة, والذي عزز من فعاليتها في القبض على الوضع الداخلي وتكبيله, ما عطَّل بذلك الحراك المجتمعي السوي على المستويات كافة, وصار الخوف من أي تغيير هاجس الأجهزة الأمنية. فقد عملت الأجهزة المذكورة, في الفترة المشار إليها أعلاه, على تثبيت الوضع الاجتماعي, حفاظا على دوام نفوذها, واستمرارا لـ "الانتصارات" التي حققتها على الصعيد الداخلي. وحدث ذلك كله تحت مظلة من الشعارات و"الثوابت" السياسية, التي كان التشكيك في "قدسيتها", أو الاقتراب منها بالتساؤل والنقد, سببا كافيا للتخوين الوطني, وربما الاحتراق في نارها, كفراشة حول مصباح. ويمكن القول أن المؤسسة الأمنية كانت المؤسسة الأكثر فعالية وتنظيما, وأثمر ذلك تضخما في دورها ونفوذها, وتغلغلها داخل مؤسسات الدولة الأخرى, فكان من غير الممكن الوقوف في وجهها, وموازنتها من قبل أية جهة أخرى. وفي النصف الثاني من التسعينيات, بدأت الخطوات الأولى لتحديثها, وقوننة ممارساتها, برفدها بعناصر حقوقية, وترافق ذلك بتقنين القمع إلى حدود معينة. وبعد خطاب القسم للرئيس الجديد, وجدت الأجهزة الأمنية نفسها في مواجهة حراك اجتماعي محدود, تعاملت معه بالعودة إلى أساليبها القديمة, بعد تلكؤ سمح لعشب ربيع دمشق أن يتنامى قليلا. وأكد ذلك التوجس والخوف من التغيير والإصلاح, وعدم الاستعداد لدفع ضريبة هذين الاستحقاقين. وتحت ضغط ظروف التغيير المتلاحقة, وجلها خارجي, ولعدم قدرة الدوائر السياسية التقليدية على الخروج من إطار "الثوابت" الخشبي, الذي تشرنقت داخله, فقد جاءت مبادرة الانفتاح على المعارضة, بالاعتراف بها على أقل تقدير, من خلال الدوائر الأمنية. وتمثل ذلك بالمقالة التي كتبها اللواء بهجت سليمان في جريدة السفير اللبنانية, ربيع العام المنصرم. وتباينت ردود الفعل على هذه المقالة, من مرحب خجول بها, إلى رفضها, لاعتبارات كثيرة, من أهمها, على ما يبدو, أنها جاءت من الجانب الأمني, الذي يثير بحد ذاته الحذر والتشكيك عند المعارضة التقليدية؛ بسبب الضربات التي تلقتها على يد هذه الأجهزة. ومع أنه لايمكن تبرير الاعتراض على مثل هذه المبادرات لكونها جاءت من الجهاز الأمني وحسب, فإنه من المنطقي أن تتم المبادرات السياسية في الانفتاح على المجتمع من قبل السياسيين, مع العلم أن _القيادات السياسية التقليدية تبدو عاجزة عن المبادرة إلى حد كبير,_ باستثناء المؤسسة الرئاسية, التي يمكنها مخاطبة الجميع, انطلاقا من موقعها, كرمز وطني. وثمة علاقة عكسية بين الحراك الاجتماعي الديمقراطي وتضخم صلاحيات الأجهزة الأمنية واتساع نطاق هيمنتها, بحيث لايمكن أن تدب الحركة في الركود الاجتماعي دون أن تتبدل مهام هذه الأجهزة, فتتحول إلى حماية الحراك الاجتماعي, بدل الوقوف في وجهه, واحترام المواطن والحفاظ على لقمة عيشه وكرامته, بدل "رعايته" والنظر إليه كقاصر لا يستحق سوى قيوده!. كما يمكن أن تكلَّف هذه الأجهزة بالقيام بواجبها الوطني في محاربة الفساد, وحماية المواطنين من شروره, ما يسمح بحماية عملية الإصلاح والتغيير المعقدة, إذا افترضنا حسن النية والعزم في اتخاذ القرارات المستحقة والضرورية في هذا الشأن؛ وذلك بغية تفعيل طاقات المجتمع المعطلة والمكبوتة, والتي لا يمكنها الظهور والتنامي دون توافر الحرية المقوننة. وتتوقف عملية الإصلاح على تفجر هذه الطاقات الكامنة لدى مجموع المواطنين؛ فالأمر ليس مرهونا برغبات السلطة في الإصلاح, ولا المعارضة, بل بتوافر حوامله الاجتماعية, والتي لا يمكن أن تتكشف في المناخ السياسي الحالي. إن التغيير مطروح, ولا بد منه, ويتوقف كون التغيير المرتقب إصلاحا أم لا, على الجهة التي تقرر هذا التغيير, أو تفرضه. وإذا كان الضغط الخارجي من أجل التغيير يحمل في طياته الكثير من المخاطر والاحتمالات المفتوحة, فإن الإصلاح الحقيقي من الداخل, بصورة مضبوطة, يعتبر صمام الأمان الوطني لمرحلة انتقالية, يتوقف فيها الحديث الممل عن الثوابت, لتصبح الحياة المتنامية للمجتمع "الثابت" الذي لا رجوع عنه. وبينما تحدث الاستجابة للضغوط الخارجية, أو التكيف معها, لهذه الدرجة أو تلك, يبقى الرهان الحقيقي على متانة الوحدة الوطنية, المؤسسة على أسس جديدة, لا تستثني أحدا, تحت مظلة القانون. وستشكل هذه الوحدة الوطنية الجديدة إطارا لمناقشة المشكلات الوطنية العالقة بكل شفافية ومسؤولية, على اختلافها, بغية تحقيق أكبر قدر من العدالة والحرية وتكافؤ الفرص للمواطنين السوريين, الذين يتعرفون على إمكانياتهم وقدراتهم الحقيقية خارج بلدهم في معظم الأحيان. فالحاجة ماسة إلى أن يسود الشعور بالأمان والأمل؛ لأن ذلك من أهم العوامل التي تساعد في مواجهة التحديات الخارجية, والتكيُّف معها, في سبيل تحقيق المصالح الوطنية المتفق عليها. إنها القرارات المؤجلة والمستحقة, والتي يفترض التصدي لها, ومقاربة استحقاقاتها, قبل فوات الأوان.
العنوان : عــن ( أحــداث الـقـامـشـلـي )
الكاتب : باروت والبني وسليمان
_في المسألة الكردية _
محمد جمال باروت: الوطن السعودية 25/3/2004
يشبه التعقيد الجيو- بوليتيكي للمسألة الكردية في كثيرٍ من الوجوه المسألة المقدونية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، من ناحية تقسيم المجال الترابي القومي كما يعتقده القوميون لكلٍ من الطرفين على أربع دولٍ مجاورةٍ، وتشكيله أحد أسباب الشقاق في المحيط الجيو- سياسي المعقّد، واللعب الدولي المتعدد الأطراف به. وعدم إمكانية تحقيق الوحدة القومية الشاملة في صيغة البان pan على غرار الوحدة العربية الاندماجية الكبرى في صيغة Pan-Arabe، دون حربٍ إقليميةٍ أو دوليةٍ طاحنةٍ تعيد ترتيب الخارطة الجيو- سياسية لإقليم كلٍ منهما.
لقد اشتق اسم صحن السلطة Salade الفرنسي وهو صحن Une Macedeine de legumes من واقع التمازج والتصارع في منطقة مقدونيا البلقانية، حيث يستحيل التطابق ما بين الحدود السياسية والحدود الثقافية في منطقةٍ تميزت هويتها تاريخياً بوصفها هويةً مركّبةً. ومن هنا ما كان ممكناً لمبدأ الدولة القومية التي تحتذي النموذج الاندماجي الصهري والتجانسي الأوروبي للدولة- الأمة، إلا أن يخلق في الاجتماع العثماني السابق المفكّك بل المتشظي في البلقان وآسيا العربية، وحتى في منطقة الأناضول (التركي) نفسها مشكلة الأقليات القومية، في عصرٍ كانت ما تزال فيه ميثولوجيا الأمة بمفهومها السيادي التجانسي مشعةً، ويموت من أجلها الملايين، الأمر الذي دفع المؤرخ الأوروبي الكلاسيكي العظيم فشر كي يصرخ، وهو الذي كان أحد مستشاري مؤتمر الصلح في فرساي: "هل تستحق قوميات البلقان كل هؤلاء الضحايا؟".
لقد اقترب شكل ما يمكن تسميته مؤقتاً بـ"الكرْدنة" كثيراً من بعض وجوه مسألة" المقْدنة" في اجتماعٍ مركّب الهوية، لا يصلح النموذج الأوروبي التجانسي للدولة- الأمة إطاراً مؤسسياً له. وبالنسبة إلى الأكراد الذين يمثلون أمةً راسخة الجذور في المنطقة، وإن كانت سماتها الاثنوغرافية والرمزية (السيميولوجية والفرعية اللغوية) متنوعةً كما في كل الهويّات مهما ادعت تجانسها، فإنهم كانوا من أكثر ضحايا نموذج الدولة-الأمة، الذي لم يتمثل في المنطقة منظومياً سوى في النموذج الكمالي التركي (الأتاتوركي) حيث تكمن الجذور الحقيقية للمسألة الكردية هناك، تبعاً إلى حجم التمركز الديموغرافي الجغرافي وحجم التذويب العرقي الدولاني المفرط.
لقد تمكنت الكمالية التركية من الإجهاز على الأرمن وغيرهم، وانتهت المسألة الأرمنية بتهجير وإبادة الأرمن الذين لم يعودوا اليوم يشكلون أكثر من خمسين ألف نسمة في تركيا. كانت مقايضة الشعوب مثل أحجار الشطرنج تحت اسم تبادل السكان، أو عمليات الإفناء" أخلاقيةً" في معجم العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الأولى، فما يحكم الأخلاقية يومئذٍ هو مصلحة الدولة في نموذجها الأوروبي. ولقد استقى جابوتنسكي المتوفى في عام 1941 وهو مرجع الصهيونية اليمينية التصحيحية الممتدة منه إلى بن غوريون فشامير فنتنياهو فشارون فكرة مبادلة الفلسطينيين أو طردهم أو عزلهم ضمن نطاق سورٍ حديديٍ من "أخلاقية" تلك المرحلة. ومن هنا كان يستخدم مصطلح "الاستعمار" بمعنى إيجابيٍ. لكنّ النظام الكمالي لم يتمكن من القضاء على المسألة الكردية.
كانت معاهدة سيفر (1921) قد نصّت ضمن تقسيماتها لممتلكات الدولة العثمانية على تشكيل لجنةٍ من الدول الحليفة "لتهيئة خطةٍ خلال ستة أشهر لاستقلالٍ ذاتيٍ محليٍ للمناطق ذات الغالبية الكردية شرقي الفرات وجنوبي الحدود الجنوبية لأرمينيا، كما سيجري رسمها لاحقاً (كيف في زمن قرقعات القوة والسلاح- الباحث)، وشمالي تركيا مع سوريا والعراق". والتزم مجلس عصبة الأمم بالاستجابة إلى مطلب أغلبية السكان في كردستان بتحقيق الاستقلال، وبعد التأكد من ذلك، فيما إذا تمّ تبليغه بعد عامٍ من سريان الاتفاقية. لكنّ مصطفى كمال "أتاتورك" قلب المعادلة، وحطّم اتفاقية سيفر، وحطم معها إمكانية نشوء كيانٍ كرديٍ ذاتيٍ قابلٍ للاستقلال برعايةٍ دوليةٍ.
في المنظور الكمالي كانت اتفاقية سيفر تعني محو تركيا وتحويلها إلى أثرٍ بعد أن كانت عيناً، ومن هنا تمكن الكماليون وللمفارقة بالاعتماد على الأكراد الأمينين لميراثهم الإسلامي من تحطيمها، لكنها بالنسبة إلى الشعوب الأخرى، وتحديداً بالنسبة إلى الأكراد كانت وبالاً عليهم. لقد ترافقت مع عملية تتريكٍ لا مثيل لها من ناحية المنهجية والفظاعة ومحاولة الإبادة الثقافية. ولم يحدث مثل ذلك قط في كلٍ من العراق - ولا سيما في عهده الملكي - وسوريا حتى بعد حكاية" الحزام العربي" والذي لم يشبه قط التتريك بالدرجة المعروفة عنه. ومن هنا كان أشهر رجال السياسة والجيش في كلٍ من العراق وسوريا ينحدرون من القومية الكردية أو هم من الأكراد.
كانت ناصرية عبدالناصر أبعد نظراً من رؤية الناصريين، ولقد اتخذ موقفاً نادراً في حركات الشعوب القومية تجاه الأكراد. لقد استقبلهم وفتح لهم الإذاعات، وكان دوماً حريصاً على الحقيقة التاريخية في عدم وقوع صدامٍ بين العرب والأكراد على مرّ التاريخ العربي- الإسلامي. وفي سوريا حيث وصل حزب قومي عقائدي منذ عام 1963 إلى السلطة هو حزب البعث، كانت منطقة الحسكة (منطقة الجزيرة واعتبرت منفى في زمن الانتداب الفرنسي، ونفي إليها فارس الخوري) بحكم رحى الحرب العالمية الأولى، وتفكيكها للشعوب واقتلاعهم من موطنهم الأول الذي لا يعرفون غيره موطناً لهم، قد أصبحت منطقة هجراتٍ في إقليمٍ يتفكك ويعاد تنظيمه بشكلٍ مدروسٍ أو بشكلٍ فوضويٍ. وفي هذه المنطقة المهمّشة تاريخياً، لكن فيها كل مقوّمات ثروة سوريا من غازٍ ونفطٍ وزراعة قطنٍ وقمحٍ أو ما يسمى بالمحاصيل الاستراتيجية، شكّل الأكراد أغلبيةً اثنيةً مهيمنةً لكن في إطار اجتماعٍ مركبٍ وشديد التركيب، المعنى فيه لحق الاجتماع التعاقدي وليس للحق التاريخي المزعوم.
إن الحدود التركية- السورية لم تضبط نسبياً سوى في الأمس، فكيف في زمن الانتداب؟! لقد كان قانون الحسكة هو قانون الاجتماع في آسيا العربية والصغرى، إنه قانون الهجرات من الاضطهاد أو من أجل العيْش. وفي مكانٍ آخر يحزّ في الروح، هناك عائلات فرّقت بينها الحدود السياسية السيادية التي تحرسها الألغام والرصاص. وهذا ما سميته ببوابة الدموع، حين انعكس التحسن في العلاقات السورية- التركية على التواصل البشري الطبيعي بين البشر، في شكل لقاءاتٍ لا تحتاج إلى جوازات سفر وإلى تعاملاتٍ بيروقراطيةٍ وطوابع وسماسرة طلباتٍ، وتحقيقاتٍ أمنيةٍ.
_كان ممكناً ألا يكون هناك مسألة كردية في العراق_، حيث أحس الكرد العراقيون في الأربعينيات بعراقيتهم، لكن نظام الطغيان يخلق ألف مسألة أعقد. وعلى كل حال لم تعد حقوق الأكراد في شمال العراق الذي مثّل جذرهم القومي الأول مع طيور الحجل مِشكلةً حتى لدى القوميين العرب، وكانت مشكلةً لدى النظام السابق من زوايا متعددة، من أهمها زاوية الاستبداد. لكن لا يوجد في سوريا مسألة كردية بالمعنى التركي ولا بالمعنى العراقي الذي كانت فيه حلبجة وحملة الأنفال، مع أن تقرير المخابرات المركزية اتهم الإيرانيين بها، واختار الكيماوي الافتخار بها إذا ما صدق تقرير الوكالة. ولا حتى تجربة جمهورية مهاباد في إيران. لكن هناك نظماً خاصة لها ما يرادفها للجميع دون أن يكون ذلك مبرراً لإنكار ضرورة حلّها.
لا قيمة هنا لما أعلنه حزب الاتحاد الديموقراطي الذي نشأ في سوريا على أساس إعادة بناء حزب العمال الكردستاني السابق (ب.ك.ك) من أن أكراد سوريا ليسوا سوى مهاجرين أكراد من تركيا يجب إعادتهم ضمن ما يشبه وظيفياً حق العودة إلى تركيا، بل إن تجنيسهم يغني الهوية السورية الثريّة. وهو ما يعزّز اللعبة الجيو- بوليتيكية الخطرة لهذا الحزب الذي بات ينافس في نفوذه الاجتماعي والسياسي والرمزي كل التنظيمات الكردية السورية مجتمعةً وفق التقديرات التي سمعناها ولو مؤقتاً. إذ حتى لو صحّ ذلك كما يمكن أن يؤكد بعض أساتذة التاريخ، فإنه لا ينفي ضرورة وأخلاقية وقانونية حصولهم على المواطنة المرعية بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي.
هذه مشكلة تتطلب الحل، ويعتاش منها بعض الاتجاهات" الانفصالية" الكردية السورية التي تتحدث عن "الجزء الجنوبي الكردستاني الملحق بسوريا" أو عن "كردستان سوريا" أو عن" كردستان الجنوبية- الغربية" أو عن" كردستان الجنوبية الصغيرة". بينما الأحزاب الكردية السورية والتي جرى حوار في قواعدها بعد حرب عام 1991 حول ذلك لم تقر ذلك أبداً. فهناك قضية الوضع الكردي أو قضية وضع الشعب الكردي في سوريا، وهي مسألة مختلفة عن حكاية الجزء الجنوبي الملحق الذي أخذ بعض المتعصبين له يهملون ذكره في بياناتهم، مما يكشف تطرفه ومزاودته.
الحكاية الدامية في أحداث القامشلي المؤسفة وتداعياتها، تمتلك أكثر من بعد. ولعلّ البعد الاستراتيجي هو من آخر تقديراتها بالنسبة إلى من اندفع في الأحداث من الطرفين العربي والكردي. أن تقتل عربياً في ريفٍ ناءٍ فتلك قيمة عشائرية عمياء والعكس صحيح بدقة، ووصل إلى حدّ تصفية مصابٍ هو عم شخصيةٍ كرديةٍ من أعيان أو من أشقاء حركة القوميين العرب التاريخية في المستوصف. هناك من يريد أن يحوّل نقطة الزيت إلى بحيرة نار. وهؤلاء هم جماعة اللجنة التحضيرية لكردستان الغربية في الخارج، الذين يجب أن ندع الأكراد يتحدثون عنهم. لكنّ الأكراد الوطنيين يدركون أكثر من الجميع تفويت الفرصة على هذا الطرح" الانفصالي" المراهق في بلدٍ فيه مظالم كثيرة لكل السوريين، وربما مع مزيدٍ ثقافيٍ نحو الأكراد لكنه اعتباطي حتى في منهجيته وتطبيقاته، لكن ليست فيه مسألة كردية بالمعنى التاريخي للمسألة.
في اليوم الثاني من الاضطرابات تفرغت لزيارة أصدقاء أكراد وعرب في أماكن عملهم. كان هناك بيننا بحكم طبيعة الحديث" المميز" أخذ ورد، لكن لم يكن هناك أي مشكلة بين البسطاء الذين نتحدث عنهم. جماعة التنجيم والحدس والفهم العميق يقولون غير ذلك أو يوحون به، لأنهم ينتمون إلى سلك حفاري القبور، الذين يكون عيدهم يوم يكثر الموتى. _يجب ألا تتحول هموم البشر إلى صناعةٍ تضخها شبكات الإستزبان الدولية التي تهمها أخيراً مصالحها وليس مصالح المستزْبنين._
_احداث القامشلي: مسؤولية النظام وأوهام التطرف القومي [2] _
اكرم البني : النهار 25/3/2004
الحلقة الثانية الاخيرة من تعليق الكاتب السوري اكرم البني حول أحداث القامشلي:
لاشك في أن التطرف يولد التطرف، وبالتالي من الخطر تعميم أفكار شوفينية تطعن بحق الوجود الكردي في سوريا، في محاولة دأبت عليها قوى التعصب القومي العربي، ان خارج السلطة او داخلها، لرسم تاريخ تكون المجتمع السوري على هواها، فألغت دور الكتلة الكردية وادعت بأن ما هو قائم من تشكيل قومي هو نتاج موقت وطارىء صنعه الاستعمار ومصالح القوى المتصارعة في المنطقة.
ان محاولة الاستقواء بقراءة متحزّبة قومياً لتاريخ المجتمع السوري هي محاولة خاطئة، بل تفضي الى إشكالات عميقة لا تحمد عقباها. فأي ضير من الاحتكام الى الراهن والاعتراف بالحقائق القائمة التي تؤكد ان لحمة هذا المجتمع هي خليط من قوميات مختلفة، عرب وكرد وأرمن وشراكس واشور وغيرهم، ساهموا جميعهم في صوغ تاريخه وإيصاله الى ما وصل اليه اليوم.
في المقابل لا نعرف ما ا ذا كان قصد بعض المتطرفين الاكراد من حرق الاعلام السورية ورفع الاعلام الكردية وشعارات أميركا، هو رسالة موجهة للشعب السوري وقوى العمل الديموقراطي، ودعوة صريحة لحرف الصراع نحو أبعاد قومية شوفينية قاتلة وضارة بمصالح كلا الشعبين.
ومن طبيعة الشعارات التي رفعت اعمال الشغب التي مورست بتدمير المباني والمشنآت العامة يمكن القول بصراحة أن ثمة تحللا من أي التزام وطني يمكن ان يدل على وعي طفولي او عدم نضج سياسي في الشارع الكردي عندما يرى في الانفكاك حلا لأزماته ومشكلاته، وكأنه لم يعتبر من الدروس المستخلصة من الهزائم والانكسارات التي شهدها نضاله في ثوراته المعاصرة.
الامر الذي يفترض ان يدفع الى الامام رؤية جديدة، تعتمد اساسا النضال الديموقراطي طريقا آمنا لنيل الحقوق القومية، مما يضع الشعب الكردي وقواه الحية في صلب قوى العمل من اجل بناء مجتمع ديموقراطي في كل بلد يوجد فيه، واعتماد هذا الخيار منهجاً أكيداً وثابتاً لا مجرد عمل تكتيكي ظرفي وموقت.
ان تبني الديموقراطية طريقا رئيسا لحل المسألة القومية الكردية سيعمق بلا شك حال التلاحم النضالي بين كل القوى السياسية والاجتماعية التي يوحدها هدف التغيير الديموقراطي، ويبني أواصر ضرورية من الثقة والاطمئنان بين الشعب الكردي والشعوب التي يقاسمها العيش المشترك مزيلا عند العرب "شعور التوجس والشك" بأن الكرد يخفون وراء نضالاتهم حسابات ومصالح ذاتية ليس الا، وأنهم يترقبون الفرصة المناسبة لتحقيقها دون اعتبار لمصلحة المجتمع الذي يعيشون في كنفه.
كما يزيل في المقابل الاحساس لدى الاكراد بأنهم كانوا جسرا عبرت فوقه احزاب وتنظيمات نحو أهدافها السياسية الخاصة وتناست في ما بعد ما رفعته من شعارات لنصرة حقوقهم القومية، مما يقطع الطريق تاليا على مختلف الاطراف والانظمة في اللعب بالمسألة الكردية.
_نظرة الى المستقبل... _
يصح القول إن الازمة لم تنتهِ بعد ولا تزال قابلة للاستمرار والتفاقم، وما حدث مرشح ان يتكرر وربما بصورة اكثر حدة واتساعاً تاركا الباب مفتوحا على العديد من الاحتمالات السيئة وبالتالي من الخطر الاستكانة الى لحظة هدوء مزيفة والاستمرار في الترويج لنظرية المؤامرة والاصرار على إدارة الازمة امنياً، خاصة انك تجد ويا للاسف، من لا يزال يتوهم ان التعبئة الوطنية ضد الاخطار المحدقة تعني اطاحة الحريات والديموقراطية، وان تجميد الداخل وحجزه في القمقم الامني واطلاق دور القوة العسكرية يمكن ان يصنعا نصراً، كما من المؤسف ان تسمع اصواتاً لا تزال تفاخر بنجاعة خيار العنف والقمع في مواجهة الاحداث الراهنة مثلما نجح في مواجهات سابقة، دون ان تأخذ في الحسبان خصوصية ما يحصل وانه يتم في ظل متغيرات نوعية عالمية واقليمية لا سابق لها، تنذر بعواقب مأسوية ووخيمة على حاضر البلاد ومستقبلها!
وبغض النظر ان كانت للخارج اصابع في ما حدث ام لا، فان استمرار اسبابه الداخلية يشكل موضوعياً مرتعاً خصباً لدور الخارج وتأثيراته في ظل الظروف العصيبة والضاغطة التي نعيشها، فليس ثمة امكان حقيقي لافشال نيات الخارج ومخططاته من خلال القفز فوق مهمات اولية، هي ملك يدنا، تستدعي معالجة الاسباب الداخلية وازالة المنغصات السلبية في شأن الحريات وحقوق الانسان التي لا تزال تؤخذ علينا وتضعف مجتمعنا وتمكن الخارج منه! ولنفترض جدلا اننا رفضنا أي تغيير او إصلاح ديموقراطي وتصالحنا مع واقع الفساد والاستبداد، أين تقودنا هذه الطريق؟ هل نتقوى في مواجهة الآخر الخارجي ام العكس؟! ولنفترض في المقابل ان الوضع الراهن غير ما هو عليه وان لدينا سلطة عادلة تضمن حرية الانسان وحقوقه وحكم المؤسسات والقانون، وتنصف المواطنين الكرد السوريين فأي فرصة يمكن ان تبقى للاجنبي كي يتدخل في شؤوننا؟!
ان الشروع في الاصلاح الديموقراطي وتحقيق نتائج مهمة على طريق بناء المواطنة وضمان الحريات وتوسيع فرص التعددية وحقوق التعبير لا يسبب اية خسارة على صعيد شروط مواجهة التحديات الخارجية بل على العكس لن تستقيم هذه المواجهة طالما يُقهر الانسان وتُدمر روح المبادرة والمساواة لديه، ويفقد احساسه بأنه يبذل ويضحي من اجل وطن حر كريم لا من اجل دوام حال الفساد والقهر والتمييز. الامر الذي يستدعي ارادة واضحة نحو التغيير تحكمها رؤية بسيطة لمستقبل الحياة السورية تعتبر الوطن، وطن الجميع، مما يخلق دينامية اجتماعية تشجع الناس على بذل الجهد والدفاع عن بلدهم دون ان تكون هذه المهمة مفروضة عليهم بالقوة او بالاذعان، فليس من وسيلة للرد على ما حصل والتصدي لمختلف التحديات الماثلة امامنا الا بالارتقاء بآليات عملنا ديموقراطياً وتغيير المناخات السياسية والقانونية والاطر النفسية التي يرعاها الخوف والاضطهاد، ودون ذلك يصعب رأب الصدع وتجنب الاندفاعات الحادة والمرضية وتخليص الناس من حال الشلل الوطني والسياسي العام.
_أحداث القامشلي: خـريــف دمـشــق _
خالد سليمان : النهار 25/3/2004
تطرّق بعض الكتّاب السوريين في تعليقاتهم على احداث مدينة القامشلي والمناطق ذات الغالبية الكردية الاخرى في سوريا الى العنف الريفي ضد "المدينية" الشامية. وتطرق لها بعض آخر على انها فتنة كردية تريد تشويه النسيج الاجتماعي في سوريا. وهناك طرف ثالث يرى في تلك الاحداث آثاراً حقيقية لما تنتهجه سياسة البعث في عموم البلاد بشكل عام وفي المناطق التي شكل الكرد غالبية سكانها خصوصا.
ويمكننا قراءة المشهد السياسي السوري من خلال هذه العناوين الثلاثة التي حركتها قوة الاطراف او الهامش الذي اصبح عنوانا لتحول جديد في العلاقة بين المركز الايديولوجي السلطوي والهامش المجتمعي. ولا يمكن هنا تصديق الرأي الذي يقول ان الاحتجاج الكردي ما هو سوى عنف ريفي ضد "المدينية الشامية"، لأن اشكالية المركز والهامش في المجتمع السوري اشكالية سياسية ايديولوجية تديرها السلطة لمصلحة فئة معينة على حساب فئة اخرى. وهي بالتالي حالة من تأسيس الروتين السلطوي تربط بين الانشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال المركز المتمثل في الدولة والهامش المتجسد في المجتمع.
وكان المجتمع الكردي في سياق هذه الأزمة السياسية التي خلقتها السلطة وقوضت القوى الاجتماعية السورية من خلالها في البلاد، مجالا مفتوحا لتكريس العنف، وابعاده في الوقت ذاته عن الرعاية التعليمية والصحية والمدنية الضرورية.
لقد اصبح هناك هامش الهامش وتتحرك عناصره في دوائر انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان كالحرمان من حقوق المواطنة وتجريد فئات واسعة من الحقوق المدنية مثل الجنسية والملكية والدراسة وممارسة الحرية الفردية ناهيك عن الحرية الجماعية. وضمن هذا التهميش نفسه الذي شمل المجتمع السوري بعد ان احتكرت الدولة رأسماله الاقتصادي والسياسي ونسجت علاقاته وفق ايديولوجيا التدجين، تم اخضاع الاكراد لعمليات تهميش مزدوجة. ففي وقت صارت البلاد تحت ثقل قانون الطوارئ والمحاكمات العسكرية تحولت المناطق الكردية مجالا مفتوحا لنشاط عنف اضافي اذ وضعت فيها الحكومة شريطا امنيا يسمح بموجبه تجريد الناس من الجنسية والملكيات الخاصة وجلب العرب من المحافظات الاخرى لها وتغيير الاسماء الكردية للأقضية والنواحي والقرى الى العربية. هذا بالاضافة الى تسليم جميع تلك المناطق الى مؤسسات امنية لادارتها، ولا نبالغ اذا قلنا ان شخصا مثل محمد منصورة، رئيس الشعبة الامنية السابق في محافظة الحسكة، والمؤرخ البعثي منذر الموصللي الذي شغل مناصب امنية عديدة في المنطقة نفسها كان لهما سلطة رئيس الدولة في مناطق الجزيرة.
واذا اقتصر الاستلاب الحكومي في دائرة الهامش الاول على الرأسمال الاقتصادي والسياسي للمجتمع السوري بشكل عام، فانه تجاوز ذلك في المناطق ذات الغالبية الكردية ووصل الى الرأسمال الثقافي والتاريخي، اذ تم منع اللغة الكردية واي نشاط ثقافي يتعلق بالثقافة والتاريخ الكرديين. ولهذا السبب توجهت غالبية المثقفين والفنانين الكرد في تلك المنطقة الى فن الرسم وظهرت ابداعات خلاقة في مجال الفن التشكيلي حسب شهادات سورية.
ومن هنا لا يمكن الحديث عن عنف الهامش او الاطراف دون ربطه بكل هذه العوامل السياسية التي لم تنتج سوى خريف اجتماعي واغتراب تاريخي اجهلت السلطة طوال هذه الفترة عواقبه الوخيمة. ذلك ان قوة الاطراف، والتي اصبحت مركزا في محاولتها جلب الانظار اليها واختراقها محرمات الدولة تشكل حيوية كمونية وتتجاوز الحلول الامنية في تطلعاتها ومطالبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ثم ان التعليقات السورية الرسمية والسياسية العامة المتمثلة برأي غالبية المثقفين والمحللين لم تُصِب المشكلة وابعادها المتعددة والمعقدة في آن واحد. لأن النسيج الاجتماعي الذي تحدثوا عنه هو جزء من القاموس السياسي الاستهلاكي للدولة التي لم تنتج طوال تاريخها سوى قانون الملائمة القسرية بين الايديولوجيا والواقع وفشلت تاليا في خلق مناخ المواطنة الحقيقي بين المواطنين. اما الحديث عن العنف الريفي فهو ليس الا الهروب من رؤية الواقع المر ووضع صورة الدولة بعيدا عما تشهده الاوضاع السياسية من الارتباك والمواجهة مع قوى الاطراف.
اذا قرأنا تحليلات عماد فوزي الشعيبي نرى ان الدولة تلعب دور المحايد وليس لها علاقة بكل ما جرى في الايام الاخيرة. والسؤال هنا هو اين كانت الدولة ومن هم الذين اطلقوا النار على المتظاهرين، وما هي اسباب تلك الاحتجاجات التي شملت جزءا كبيرا من البلاد؟
لقد فشلت غالبية المثقفين السوريين في الاجابة عن هذه الاسئلة التي تخص المركز قبل الاطراف!
العنوان : بنــود اصـلاح "الشـرق الأوسـط الكبيــر" ....
الكاتب : ماجد كيالي
_بنود اصلاح "الشرق الأوسط الكبير" أمركة تصدر عن موقف عدمي_
ماجد كيالي: الحياة 25/3/2004
أجملت ادارة الرئيس بوش المشاريع التي طرحتها للتعامل مع مشكلات المنطقة العربية في "مشروع الشرق الأوسط الكبير", الذي يتوخى نوعاً من الشراكة الدولية لفرض اصلاحات, وربما تغييرات.
ويلاحظ ان ادارة بوش, اعتمدت استراتيجية التغيير بدلاً من استراتيجية الحفاظ على الوضع القائم, التي كانت معتمدة. ولا شك أن ثمة عوامل دفعتها الى ذلك, منها انتهاء علاقات القوى التي كانت سائدة ابان الحرب الباردة, ونمو النزعة الامبراطورية والعسكرية والوطنية في الولايات المتحدة والهجوم الارهابي الذي تعرضت له في 11/9/2001.
ومن تفحّص السياسات التي باتت تنتهجها الإدارة الأميركية في العالم العربي, يمكن ملاحظة أن هذه الإدارة تبدو أكثر حزماً وتدخلاً وتطلباً, في التعاطي مع شؤون المنطقة, وفرض وجهة نظرها على الأطراف الآخرين. ومطالبها من الحكومات العربية لم تعد تقتصر على الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية (في المجال الخارجي) وانما باتت تشمل, أيضاً, مجال الثقافة, وطبيعة النظم السياسية ذاتها (ويشمل ذلك توجّهات النظام الاقليمي العربي), انطلاقاً من قاعدة مفادها ان احلال الاستقرار والازدهار في المنطقة يتطلب الدمج بين التطور السياسي والاقتصادي فيها. والإدارة الأميركية, في هذه النقلة, لم تعد تركز في خطاباتها على الحكومات وحدها, وانما باتت تخاطب المجتمعات ذاتها, بمعنى أنها تريد أن تضغط من تحت ومن فوق لإحداث التحولات التي تتلاءم معها.
والولايات المتحدة تبدو مستعجلة في احداث التغييرات التي تريدها, بمعزل عن ملاءمة ذلك لأوضاع المنطقة من النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية, بمعزل عن مدى التعاون الدولي معها في هذا الاتجاه. وهذا يثير الشبهة حول سعيها للانفراد في تشكيل خريطة المنطقة. وفرض هيمنتها كدولة عظمى وحيدة في العالم. وهي باتت, أكثر من أي وقت مضى, مقتنعة بوجهة نظر مفادها ان التطرف والعنف والارهاب تنبع من الفقر والجهل والتسلط وانعدام الفرص, وتؤدي الى الاحباط وانعدام الأمل. وهي تعتقد أن الواقع السياسي والاقتصادي والثقافي في المنطقة العربية هو مصدر الاعتداء عليها في 11 أيلول (سبتمبر) (2001).
وتنطلق الولايات المتحدة في استراتيجيتها المتعلقة بإقامة "نظام شرق أوسطي" جديد, من قناعة مفادها أنه ينبغي نبذ صراعات الماضي والاهتمام بالبناء للمستقبل, وتنحية عناصر الخلاف للتركيز على المشترك, والاستثمار في السلام بدلاً من الحروب. وعلى أساس أن ما يجرى في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم يؤثر على استقرار شعوب العالم ومصالحها, سلباً أو ايجاباً, وأنه لذلك ينبغي التدخل في صوغ أوضاعها والتحكم بأحداثها كما بتوجهاتها.
ومع ذلك ينبغي الانتباه الى أن "خطة الشرق الأوسط الكبير" ليست مجرد خطة أميركية, على رغم الثقل الأميركي فيها (النابع أصلاً من قوة الولايات المتحدة). فهذه الخطة باتت مطلباً دولياً. والعالم العربي يمر بمرحلة ربما يتعرض فيها لفرض نوع من "الوصاية الدولية" عليه, لا سيما أن العالم العربي, في نظر الغرب, يشكل معضلة أمنية وسياسية, ليس للولايات المتحدة فحسب وانما لأوروبا ذاتها, ان لتنامي مخاطر الإرهاب, أو لتزايد معدلات الهجرة الى أوروبا, مع التداعيات السياسية والثقافية الناجمة عنها, وعن انتشار التيارات الأصولية.
واللافت في مقترحات وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر "الحياة" في 20/2/2004, تقاطعها مع المقترحات الأميركية المتعلقة بضرورة اجراء جراحات لاستئصال بعض الأمراض التي تعاني منها المجتمعات العربية والتي تهدد بعدواها العالم الغربي. يقول فيشر: "الخطر الأكبر الذي يتهدد أمننا الاقليمي والعالمي في بداية هذا القرن, ألا وهو الارهاب الجهادي المدمر بإيديولوجيته التوتاليتارية, بؤرته الشرقان الأدنى والأوسط".
أما نقاط الخلاف الأوروبية مع الإدارة الأميركية, في استراتيجية التغيير هذه, فهي تنشأ من قناعة أوروبية مفادها ان التغلب على الارهاب لا يكون بالوسائل العسكرية فقط, وانما عبر طرح حوافز وتشجيعات في مجالات اربعة, هي: الأمن والسياسة, الاقتصاد, القانون والثقافة, المجتمع المدني. ويرى فيشر ان تعريف الأمن, في اطار مكافحة الارهاب, يشمل التحديث الاجتماعي والثقافي والديموقراطية وسيادة القانون وحقوق المرأة والحكم الرشيد. فمن الخطأ فرض عملية التغيير بموقف أبوي. وبحسب فيشر: "علينا أن نصوغ عرضاً للعمل المشترك يرتكز على تعاون أصيل, نطرحه على الدول والمجتمعات في المنطقة". ولا تستبعد المبادرة الأوروبية مكانة الصراع العربي - الاسرائيلي لاستقرار المنطقة وتطورها.
وتتجاهل المشاريع الأميركية الإصلاحية (وبالأحرى الانقلابية) حاجات أو أولويات المجتمعات العربية, ومستوى التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فيها. فهذه المشاريع "التبشيرية" تبدو أقرب ما تكون الى مشاريع استعمارية تستعير الديموقراطية لتظهرها وكأنها "عصا سحرية" يمكنها ان تحل بضربة واحدة مجمل التحديات والمشكلات التي يواجهها العالم العربي! وأخطر ما في الأمر أن يقف العرب أو بعضهم (حكاماً ومحكومين) موقفاً معادياً لقضايا الاصلاح والتطوير, السياسي والاقتصادي والتعليمي, بدعوى رفض الخضوع للإملاءات الخارجية. وهي مطالب نابعة من صميم المجتمعات العربية التي هي في أمس الحاجة اليها, ان لتطوير أوضاعها أو لجسر الفجوة بينها وبين المجتمعات الغربية, كما لتشكيل الحد الأدنى من الاجماع الوطني والمناعة الداخلية لمواجهة التحديات الخارجية ذاتها.
معنى ذلك ان من الخطورة بمكان التعاطي مع مسائل تطوير النظام السياسي (القطري والعربي) والديموقراطية والمشاركة الشعبية, ومكافحة الفساد والتطرف, وهدر الثروات الوطنية, وفصل السلطات, وتقليص الفجوات الاجتماعية, والارتقاء بالتعليم وتعزيز مكانة المرأة, وتوسيع مجال الحريات - على اعتبارها مجرد مطالب خارجية. ففي موقف عدمي كهذا لن يستطيع العالم العربي الفوز بنفسه, كما لن يستطيع الصمود أمام الإملاءات.
العنوان : كتـاب مفتـوح إلـى الـرئيــس نبيـه بــري
الكاتب : جبران عربجي
_كتاب مفتوح إلى الرئيس نبيه بري_
جبران عربجي : رئيس الحزب القومي السوري الاجتماعي
دولة الرئيس
تحية الصداقة والاحترام، وبعد
كان من الأفضل، يا دولة، الرئيس، ان لا تقفل دُرجك على المعاهدة التي احيلت الى مجلس النواب... والتي تقضي بانضمام لبنان الى <<المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة>>، وتدعو الى <<جعل الثقافة الإسلامية محور مناهج التعليم في جميع مراحله ومستوياته، وإضفاء الصبغة الإسلامية على مظاهر الفن والثقافة والحضارة>>، برغم تقديرنا للخلفيات الوطنية التي حكمت قرارك، وأنت الساهر على وحدة الوطن وتلاقي بنيه.
إنها، يا دولة الرئيس، فرصة نادرة، قد تكون الأولى في لبنان، لحسم المسألة فكريا وثقافيا، بدلا من إخمادها سياسيا، وإبقاء نارها تأكل العقول والقلوب، وتزرع الخوف هنا والشك هناك، فيسجَّل عليك أنك أرجأت الحرائق ولم تطفئها.
فالسياسة الرائدة، وأنت من أسيادها، لا تكون في تجنّب ما يثير الجدل، بل في اقحام العقل في المسائل المعقّدة، فينكشف للجميع ما فيها من حق ومن ضلال. لذا كان الأجدى لو طرحت
المعاهدة المذكورة للنقاش في مجلس النواب، وفي الاعلام وفي المنتديات الفكرية، فيعرف الناس الحقائق وينتفي الهمس، وتخرج السموم التي في الصدور، وتستقر الحال على نور اليقين.
دولة الرئيس
كمواطن من هذه الأرض، علماني، مسلم لرب العالمين بالمسيحية والمحمدية، مؤمن بأن اقتتالنا على السماء أفقدنا الأرض، أرى في المعاهدة مناسبة لحوار مسؤول، عقلاني، مسكون بهاجس بناء وطن لا يتمزّق كل عشرين سنة بحجة الخلل في التوازنات الطائفية، والتعايش المنافق، والصيغة <<الفذة>> التي لا تنتج إلا شللا وأزمات وويلات.
وإذا كنا قد درجنا في تاريخنا الاستقلالي على الخوف من مقاربة المسائل البنيوية الخطيرة، وطمرها تحت رماد التوجس فلا يلامسها حوار، فأنت وأنا وكل ذي بصيرة نعرف ماذا جنينا من هذا الأسلوب الذي يخبئ الألغام فلا يعطلها. وجميعنا يعرف كيف حوّلت تلك الألغام بلادنا الى مقابر، وشوارعنا الى متاريس، وقلوبنا الى <<فقّاسات>> عقارب وثعابين.
والخبرة تعلّمنا ان الكلام المكشوف الناصع أفيد من الغرائز المكبوتة.
والقول عندي واحد، لو كانت المعاهدة تقضي بانضمام لبنان الى <<المنظمة المسيحية للتربية والعلوم والثقافة>> (لو وُجدت) وتطالب <<بإضفاء الصبغة المسيحية على مظاهر الفن والثقافة والحضارة>>. هذا.. حتى لا يقع أحد في التباس، ولا يذهب الخيال الى أي استنتاج مشبوه، فأنا لست ممن يقرأون بعيون الطائفيين والمذهبيين والنافخين بنار العصبيات القاتلة.
دولة الرئيس
السؤال عندي، والذي أطرحه على أهل العقل والعلم والرؤية والصفاء الوطني، والذي أريده مادة لحوار هادئ ورصين بين النخب والغيارى على الوطن والمستقبل، السؤال عندي هو: أي ثقافة إسلامية (او مسيحية) يجب ان نجعلها محور مناهج التعليم، وان نصبغ بها الفن والحضارة؟
فإذا كانت الثقافة هي القيم المادية والروحية التي تولّدها المجتمعات عبر التاريخ، والتي تتجسد في أنماط متكاملة من الفهم والإبداعات والسلوك، فهل يمكننا الحديث عن ثقافة إسلامية او ثقافة مسيحية في ضوء الفروقات الضوئية في فهم الإسلام والمسيحية، وفي التعبير عنهما عبر العصور، وفي كل عصر؟
ألا ترى معي ان الإسلام اليوم، كما عبر التاريخ، <<إسلامات>> وان المسيحية <<مسيحيات>>، وان أزمة فكر وفقه وثقافة ومصطلحات ومرجعيات وسلوك وممارسات تحكم الإسلام كما تحكم المسيحية؟
فأي ثقافة إسلامية نصبغ بها الفن والحضارة؟
ثقافة نور الرسالة ونقائها أم ثقافة ما بعدها،.. يوم أفسدت السياسة والمصالح صفاء الدعوة وحوّلتها حصصا تتقاسم وغنائم تتناتش؟
ثقافة أبي العلاء المعري والمأمون وابن رشد أم ثقافة بن لادن؟
ثقافة أفغانستان وباكستان، أم ثقافة الإسلام السعودي، أم ثقافة الأزهر أم ثقافة الإسلام الإيراني؟
ثقافة الإسلام العثماني، أم ثقافة الإسلام العلماني التركي والتونسي، أم ثقافة الإسلام الافريقي؟
وفي لبنان هل نصبغ الفن والحضارة بثقافات الطوائف، أم المذاهب، أم الملل والنحل، أم بفتاوى الفرق المفارقة الى عقائد التكفير وقتل الآخر؟
وفي المسيحية نسأل: هل مسيحية بوش هي نفسها مسيحية الحبر الأعظم؟
وهل المسيحية البروتستانتية، بكل تشعباتها وكنائسها، هي نفسها المسيحية الأورثوذكسية او الكاثوليكية؟
وهل مسيحية من صفع المطران غريغوار حداد هي نفسها مسيحية البطريرك صفير؟
ثم نسأل: وهل آلاف، بل ملايين القتلى الذين سقطوا في صراعات <<الإسلامات>> و<<المسيحيات>> المتناقضة عبر التاريخ هم تعبير عن ثقافة إسلامية او ثقافة مسيحية واحدة؟
وقبل هذا وبعده نسأل: أين،.. ومن هي المرجعيات الدينية التي تستطيع ان تحتكر النطق باسم <<الإسلامات>> و<<المسيحيات>> المتعددة والمتناقضة،.. حتى نحتكم إليها ونعتمد توجهاتها؟
وأين،.. ومن هي المرجعيات الدينية التي تراقب بعض من يعلّمون الدين في المدارس والبيوت، فيسمّون العقول والقلوب بدلا من تنقيتها وتقريبها من الله؟
وأبعد من هذا نسأل: هل ثمة فهم واحد للثقافة الإسلامية عند رؤساء الدول الإسلامية الذين اقترحوا إضفاء الصبغة الإسلامية على مظاهر الفن والحضارة؟
أفلم يكن أولى بهم، وبمستشاريهم، ان يحددوا ملامح هذه الثقافة ويوحّدوا رؤيتهم لها، فنرى ونتعلّم ونستفيد؟
يا دولة الرئيس
إن الدين بطبيعته إنساني عالمي. والإسلام، كما المسيحية، اعتنقته شعوب من مشارق الأرض ومغاربها، فكان مكونا من مكونات ثقافة كل شعب، ولا يعكس. وبهذا المعنى يصحّ الكلام عن ثقافة عربية من روافدها الإسلام، ولا يصح الكلام عن ثقافة إسلامية من مكوناتها العروبة. وبهذا المعنى، فإن الحديث عن ثقافة إسلامية او مسيحية هو من خارج قوانين العلم والحقائق الاجتماعية الثابتة.
دولة الرئيس
لعلك أقفلت الدُرج على المعاهدة لحكمة منك، ونحن نرى لهذه الحكمة ان تتعمم، وان تأخذ طريقها الى النسيج الاجتماعي العام. إذ من الأنجع ان تُثار الأسئلة حولها من ان تبقى مطمورة في الصدور؟ وان تطوى المعاهدة تحت وضوح الأجوبة العقلانية الراقية بدلا من ان تطوى منعا للأسئلة والأجوبة؟
دولة الرئيس
أنت تعرف، ونحن نعرف، والعالم يعرف ان في لبنان اليوم (ناهيك عن محيطه والعالم) ألف إسلام وألف مسيحية.
أنت تعرف، ونحن نعرف، ان في لبنان مسلمين يرون في المسيحية كفّارا يجب اقصاؤهم، وان في لبنان مسيحيين، مشبعين بالعقيدة اليهوهية وبالتاريخ الصليبي، يرون في المسلمين ندا يجب القضاء عليه.
وأنت تعرف، ونحن نعرف ان هؤلاء يتشرّبون هذه المفاهيم في البيوت وفي المدارس علنا ولا رقيب ولا حسيب.
إن وحدة الحياة والمجتمع هي قضيتك وقضية المؤمنين بلبنان وطنا للتعدد المتفاعل الخلاق. ولكن، كيف نحقق هذه الوحدة في ظل التعدد المتناقض والمتحارب بين الطوائف، وفي داخل الطائفة الواحدة إن لم نواجهها بقوة العقل وصراحته؟
وحدة الحياة يا دولة الرئيس لا يحققها إلا أهل عقل ورؤيا، وأهل ايمان بيسوع رسول محبة وغفران، وبمحمد رسول سماح ورحمة. أما الدخلاء على يسوع ومحمد، المسلحون بعقيدة القتل والكراهية، فهم أعداء لبنان وأعداء المسيحية والإسلام.
ولأنك يا دولة الرئيس مسكون حقا بالخوف على مسيحية يسوع من ان تفترسها المسيحية المتصهينة، وعلى إسلام محمد من ان يفترسه الإسلام الوثني، أدعوك الى ان تُخرج المعاهدة من الدُرج، وتطرحها على العقل والعقلاء، فتجيء الأجوبة صافعة للحاقدين والمتعصبين، ويسجَّل لك انك، للمرة الأولى في لبنان، عطّلت اللغم وأبطله المجتمع، ولم يسمح له بأن يختار زمانه لينفجر في الناس والوطن والمستقبل.
العنوان : المشهـد الآشــوري الـراهـن فـي سـوريـــة
الكاتب : عزيز توما
_المشهد الآشوري الراهن في سورية_
عزيز توما : موقع ايلاف 13/3/2004
لا يخفى على أحد أن الآشوريين سميوا بأسماء مختلفة بفعل الانشقاقات الكنسية المعروفة عبر التاريخ، فقد سميوا سريانا تارة وكلدانا تارة أخرى،غير أننا لن ندخل في تفاصيل هذه الانشقاقات المؤلمة والمتعبة في آن معا سنكتفي فقط بتبعاتها والأضرار التي ألحقتها على أصعدة مختلفة، ونحن إذ نرتأي استخدام التسمية (( الآشورية )) كونها تعبر بشكل أفضل عن واقع الخصوصية القومية وواقع النضال القومي لهذا الشعب، علما أن التسميات الثلاث لها تراث واحد وتاريخ واحد ولغة واحدة.
في سورية وتحديدا في منطقة الجزيرة السورية، التي تعتبر منطقة تواجد الآشوريين التاريخية أسوة بمناطق أخرى في بلاد ما بين النهرين، يتوزع الآشوريون على شكل طوائف كنسية متعددة ( سريان أرثوذكس، سريان كاتوليك، كلدان كاتوليك، الكنيسة الشرقية الآشورية بشقيها، بروتستانت.. ). هذا التنوع المذهبي لم يكن دائما حالة ايجابية بسبب غلبة الحالة المذهبية على الحالة القومية أو عدم وجود حدود واضحة بين الحالتين، بذا فقد ذابت الخصوصية الثقافية المتوارثة عند الكثير في الخصوصية المذهبية، وألحق هذا الوضع ضررا كبيرا في الهوية الثقافية الآشورية ( الكلدانية السريانية ). و من الأهمية الإشارة إلى أن هناك تباين واضح بين هذه الطوائف فيما يتعلق بالخصوصية الثقافية ومستوى الوعي القومي، فنجد أن هذا التنوع يتوحد على مستوى اللغة والثقافة والتاريخ لكنه يعاني إلى حد ما من الانقسام في البنية الكنسية المذهبية المتراكمة منذ حقبة التصدعات اللاهوتية في أزمنة غابرة. أمام هذا المشهد (( الغرائبي )) والانتماء الحاد إلى المذهبية، كانت التحولات الهادفة إلى بناء البيت الآشوري وتحقيق الحد الأدنى من الوحدة القومية تصطدم بعراقيل كثيرة منها كيفية تجاوز ترسبات الماضي القريب المتمثلة بتعددية المسميات المذهبية (( المؤرقة )) وإيجاد صيغة مناسبة مرنة تحقق حد أدنى لصالح الوحدة الكنسية والقومية. ما حدث في العراق فيما يخص وحدة المسميات القومية والكنسية والاتفاق على صيغة مرنة من الوحدة تم إطلاق التسمية الكلدو آشورية واللغة السريانية وقد ينعكس هذا إيجابا على الواقع الآشوري في سورية، ولاسيما أن الواقعين متماثلين على المستوى التعدد المذهبي وعلى مستوى البنية الذهنية، مع الأخذ في الاعتبار إقصاء كل البنى العصبوية المذهبية وتحويلها إلى بنى ايجابية فاعلة لمصلحة الوحدة القومية.
في سورية، انخرط الآشوريون ( السريان والكلدان )، في وقت ما، في الأحزاب الشيوعية والقومية العربية. لماذا؟ ربما هناك دوافع كثيرة لا مجال لذكر جميعها هنا، غير أنني سأشير إلى دافع يبدو صارخا في هذا الصدد ربما مثل حالة الاحتماء بالآخر القوي ( حزب البعث العربي السوري على سبيل المثال بوصفه حزب السلطة )، لأن فكرة الأقلية والخوف من المستقبل والاضطهادات التي وقعت لهم على مر التاريخ كانت وراء انخراطهم بهذه الكم الهائل إلى صفوف حزب البعث العربي السوري، دون الأخذ في الاعتبار أن هذا الانخراط سيلحق بهم أكبر الضرر على الصعيد الثقافي خاصة وأن حزب البعث هو حزب يتبنى المنطلق القومي العربي في المحصلة الأخيرة. كان الوضع كارثيا، هذا الوضع دفع البعض من الآشوريين الحد الذوبان والانصهار في العروبة: لقد تخلى هؤلاء عن لغتهم وثقافتهم المتوارثة من آلاف السنين، وهذا التخلي بحد ذاته خسارة مهما كان الدافع وراء ذلك. الثقافة هي ذاكرة الإنسان ومن المؤلم أن تموت هذه الذاكرة. كما أنني معني أن المركزية الثقافية هي موت للآخر. الدافع هو نفسه وراء انخراط الآشوريين (السريان والكلدان ) إلى الأحزاب الشيوعية وأحزاب التجمع الوطني الديمقراطي في سورية باعتبار أن هذه الأحزاب هي أيضا كانت تمتلك قدرا مهما من (( القوة )) و((الحصانة )). لقد خلط هؤلاء المنتسبون أي تلك الأحزاب بين الخصوصية الثقافية والأيديولوجيا الحزبية، مما أدى ذلك إلى تشويهات ظاهرة في الشخصية الآشورية، لهذا يجري الحديث اليوم عن معرفة هؤلاء من خلال الأيديولجيا التي يتبنونها، إن هذه الصورة الاختزالية للثقافة في الأيديولوجيا كان لها دوافعها – كما ذكرنا آنفا – وكان لها قاعدتها التي تمثلت في حلقات متكررة من الإخفاقات التاريخية والانتكاسات المتعاقبة على صعيد الوعي القومي الآشوري الذي عانى من انقطاعات في المسيرة الحضارية لعقود طويلة من الزمن. واليوم أليس من الطبيعي في هذا العصر في ظل التغييرات التي تعصف بالعالم أن يقرأ الآشوريون المرحلة بذهنية متفتحة لمواجهة المشكلات الحقيقية التي تواجههم في واقعهم وفي حياتهم؟ الم يحن الوقت لهذه الدوغمائية المبتذلة الناسفة أن تزول في عصر الانفتاح؟ الم يحن الوقت للظهور ماكان مكبوتا منذ ألف عام؟
مازلنا نبحث في أسباب الأزمة،ازمة المشروع القومي الآشوري. بالطبع، لم تكن الأحزاب الآشورية ( المنظمة الآثورية الديمقراطية..؟ ) بمنأى عن هذه الأزمة، لأنها، ببساطة، صنيعة ثقافتنا المأزومة، وصنيعة نرجسيتنا الشرق أوسطية وإرهاصات الواقع الإشكالي. هذه القوى المتمثلة في الأحزاب قد يكون عجزها مبررا أحيانا – حسب رأي البعض - على مستوى الأداء السياسي لأن الواقع الآشوري يعاني طويلا من تراكمات تداخلت فيها عوامل الجغرافيا والتاريخ والتركيبة المجتمعية للآشوريين، وعلا قتهم مع الآخر التي كانت محل نزاع دائم، فبغية التصدي لها لا بد من استنباط حلول مناسبة وآليات عمل تستفيد من التغييرات الراهنة لنزع استحقاقات قومية. مظاهر العجز هذه تمثلت أحيانا في خطاب سياسي تقليدي بعيد عن الواقع ومشكلاته، خطاب ينزع إلى الماضي على شكل بكائيات، ماضي وانتصارات الإمبراطورية الآشورية والغرق في متاهات التاريخ الغابر كمخرج يتمثل في محاولة القفز على الواقع، ليتحول هذا الخطاب، أخيرا، إلى حنين هذياني إلى العصر الآشوري الذهبي،أو الاستسلام لسحر العودة إلى ثقافة فولكلورية بدءا من اللحظة التي تصبح عملية التحديث ممكنة،أو النوم على ارث (( نضالي )) حزبي انتهى عمره الافتراضي، فكلما خف تعلقنا بالماضي ازدادت فاعليتنا في الحاضر. وهذا المرض ذاته الذي وقع فيه شعوب المنطقة غير الآشوريين حين بقوا أسرى الماضي، أسرى الانغلاق.
لكي ينال الآشوريون حقوقهم والإقرار بوجودهم في سورية لا بد من توحيد كل القوى الآشورية - الكلدانية - السريانية والتغلب على مفردات الاختلاف وتفاصيلها (( الطوباوية )) المرهقة التي يسعى البعض إلى تأجيجها، لا بد من إيجاد صيغ ملائمة لتعدد التسميات التي كانت بمثابة تأزم مستمر في التاريخ الآشوري الماضي والراهن،لا بد أيضا من العمل مع القوى الفاعلة في المجتمع بهدف تثبيت الحقوق كاملة وعلى قدم المساواة مع الآخر وضرورة التعايش مع المواطنة السورية الواحدة بلا تمييز ولا تفضيل طرف على آخر. وفي هذا الصدد، لا بد من الاستفادة من التجربة العراقية حين أقدم الآشوريون في مؤتمرهم المنصرم الذي انعقد في بغداد حين اتفقوا على تسمية موحدة وهي: الكلدو- آشورية واللغة السريانية وقد جاء تمثيلهم على هذا الأساس في مجلس الحكم الانتقالي الراهن وفي الدستور العراقي المرتقب.
ولا بد لي أن أذكر في النهاية بأن الحديث عن الخصوصية الثقافية الآشورية ليس بأي حال من الأحوال دعوة إلى الانغلاق،إنما دعوة إلى التعايش مع الآخر في مجتمع فسيفسائي كمجتمعنا، مع الأخذ في الاعتبار وضع حد لسطوة الأيديولوجيات المسيطرة وبناء ثقافة الاعتراف بالآخر، ثقافة الديمقراطية التي هي شرط لازم للتعايش.
_ابد لي أن أختم مقالي بهذه الأسطر القليلة: القضية الآشورية في سورية قضية عادلة تتمثل في حقهم في الوجود المتساوي مع غيرهم بغض النظر للمؤشرات الرقمية. والآشوريون (السريان والكلدان ) مدعوون إلى تجاوز حالة التفتيت الطائفي والى عدم الانشغال بمسائل هامشية وتفصيلية، لأن القضية تتعلق بمصير وحاضر ومستقبل وحقوق وواجبات هذا الشعب_
العنوان : حــوار مـع رئيـس مجلـس الشعــب
الكاتب :
_رئيس مجلس الشعب السوري : سوريا ليست في خطر ولا تحتاج لمفاوضات سرية مع إسرائيل_
( صحيفة عكاظ ) 24/3/2004
الزمن الذي تغير فيه الثابت إلى متحول بقيت سوريا متمسكة بثوابتها منطلقة نحو التعاطي مع المتحولات الشتى من ضمن هذه الثوابت تواجه العاصفة تلو العاصفة ولعل آخره ما شهدته مؤخراً من اضطرابات لا تبدو الأصابع الخارجية بعيدة عنها وتجتاز (القطوع) تلو (القطوع). الكل يتغير إلا ثوابتها تبقى تحت سقف القومية ومتطلبات الصراع العربي الصهيوني.
ديناميكية الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد منحت الثوابت السورية مساحة شاسعة للتحرك حتى ان الساسة السوريين وعبر هذه الديناميكية استعادوا عنصر المبادرة والمفاجأة الضروري لكسب أية معركة سياسية قبل ان تكون عسكرية.
مما لا شك فيه ان سوريا اليوم غير سوريا الأمس, ومما لا شك فيه أيضاً ان الرئيس بشار الأسد يريد سوريا الغد غير سوريا اليوم, يريدها سوريا الحداثة والتطور فإن كانت الحركة التصحيحية التي قادها والده الرئيس الراحل حافظ الأسد تصحيحاً لمسيرة الحزب والدولة فإن مسيرة التحديث التي يقودها الرئيس الشاب تصحيحاً أفقياً بمنح سوريا مفردات جديدة وإطلالة جديدة ليست بالضرورة (تغيير جلد) او ربما تغيير صورة.
(سوريا وسط العاصفة بين الثابت والمتحول) مظلة لعدة حلقات عاشتها (عكاظ) في دمشق تسلط الضوء على الثابت في سوريا والمتحول فيها وسط الضغوط الأمريكية والتهديدات الإسرائيلية وما بينهما رؤية الرئيس بشار الأسد للتطوير والتحديث.
_محمود الأبرش_ رئيس مجلس الشعب السوري يؤكد الجميع انه من الوجوه الجديدة التي يراهن عليها الرئيس الدكتور بشار الأسد في رحلة التحديث والتطوير, فكان قدومه على رأس مجلس الشعب (البرلمان) في سوريا حدثاً بحد ذاته بخاصة أنه شكل نقلة نوعية إن بإدارة مجلس الشعب أو بتجديد مفردات خطابه السياسي مما منحه قدرة على ان يكون وجهاً محبباً في الأوساط السياسية والإعلامية في الداخل أم في الخارج.
(عكاظ) حاورت الأبرش في مجلس الشعب في دمشق _فكان ماهراً بوضع النقاط على الحروف_.. وفيما يلي وقائع الحوار الذي اجرته (عكاظ) مع رئيس مجلس الشعب السوري محمود الأبرش:
_أمريكا لا تحب الحوار_
_* عندما بدأت الحملة الأمريكية ضد سوريا بدأت عبر مجلس الشيوخ ما هو دوركم كهيئة تشريعية في رد هذه الحملات?_
** كنا نتمنى أن يكون زملاؤنا في الكونغرس الامريكي أكثر عدلاً ومنطقاً وحيادية في معالجة المواضيع. إن البرلمان الأمريكي يأخذ التفاصيل الطبيعية, إنه يأخذ ما هو جاهز يأخذ أفكاره من معاونيه ثم يقدمها. إن قانون محاسبة سوريا هو طرح من سلسلة قوانين محاسبة وضعوها لأكثر من ستين أو سبعين دولة, هذا نموذج عن العقوبات الأمريكية التي تعكس فكر بعض المتطرفين في الإدارة الامريكية.
في قانون محاسبة سوريا نلاحظ أن ترجمته للغة العربية صعبة جداً كما أن الادارة الأمريكية لا تحب الحوار بل (المونولوج). لقد توافقنا مع رئيس البرلمان اللبناني (نبيه بري) ونحن جاهزون لأن نشكل وفداً برلمانياً مشتركاً لبنانياً سورياً والذهاب إلى أمريكا لمناقشة الزملاء في الكونغرس وهذا الموضوع ستكون له إجراءات قريبة. يجب عليهم أن يعرفوا أن الحقيقة ليست في ملكهم, لقد نسوا أن اسرائيل تقيم جداراً عازلاً وهناك أمور كثيرة نسوها. إذاً أمريكا لا تنظر بمنظار عادل بل متحيز وإسرائيلي وأنا بقناعتي أن أمريكا إذا لم تضع ميزاناً واحداً لكل دول المنطقة فلن يحدث سلام فيها. أما اليوم فلم تعد أمريكا تلك الدولة فهي اليوم لا تسمع سوى اسرائيل, وسوريا هي اليوم بنظرها تدعم الإرهاب. إن أمريكا تعرف تماماً أن سوريا كانت هدفاً للارهاب وحواجز الباطون حول مقراتنا الرسمية ما زالت شاهدة أننا نحتاط من الإرهاب. سوريا بلد داعٍ للسلام من فترة طويلة ودائما كانت في مقدمة المحاربين للارهاب والتطرف.
_سوريا ليست في خطر_
_* هل تعتقدون أن سوريا اليوم في خطر?_
** سوريا تعرضت للخطر أكثر من اليوم, فلذلك سوريا ليست في موقع خطر لا الآن و لا من قبل, وأمريكا ليست محتاجة إلى حجة حتى تهجم على دولة. في العراق لم تحتج إلى ذريعة وأعتقد أنها لا تحتاج إلى حجج للتدخل في شؤون البلاد. أعتقد أننا متفقون مع الأمريكيين فالهاجس الأمريكي هو الإرهاب خاصة بعد 11سبتمبر ولقد كنا نحن الدولة الأولى التي تكافح الارهاب وما نزال نكافحه. وإن تعاوننا كنظام مع كل العالم هو ضد الإرهاب لكن هذا لا ينطبق ولا يصبح أمراً يتعمم علينا لمكافحة المقاومة الفلسطينية المشروعة. كيف يمكننا أن نقول للفلسطيني أن لا تقاوم. بالطبع ما يحتاجه اليوم الفلسطيني هو الحوار. إسمعوه.. إعرفوا مشاكله. نحن في سوريا قدمنا خدمات كثيرة للأمريكيين في مكافحة الارهاب وسلمنا مشتبهاً بهم إلى تركيا و لا نقبل ابداً بهذا النمط. إن الأمريكيين يدركون تماماً أن سوريا تمتلك سلاحاً يكاد لا يمتلكه الكثيرون وهو وجود 18 مليون سوري ملتصقين برئيسهم. هذه الوحدة الوطنية الهائلة تراها جيداً أمريكا وما طُبق على العراق لا يطبق على سوريا ذلك أن الشعب العراقي كان يكره نظامه بينما هناك معارضة محدودة داخل سوريا. وهذا شيء طبيعي لكن في الشكل العام هناك تلاحم بين الجميع وأعتقد أن أمريكا لا تسقط ذلك من حساباتها.
_* ماذا تريد أمريكا في الحقيقة من سوريا?_
** أن تتخلى عن ثوابتها القومية أي أن تتخلى عن الجولان وأن تقول سوريا للفلسطينيين اسمحوا بالجدار العازل. واعطوا القدس لإسرائيل, يريدون من سوريا أن تتخاذل. سوريا هي ضمير الأمة تريد فلسطين بلداً حراً وموحّداً, نحن قبلنا على مضض بالقرارين 242 و 332 وإذا قبلنا بكل ما يريده الأمريكيون فسوف تأتينا جميع المساندات. إذاً المقياس الأمريكي الداعم لاسرائيل هو السائد.
_لسنا بحاجة لمفاوضات سرية_
_* لماذا يعتبر الأمريكيون أن الرئيس بشار الاسد غير جدّي في طرح إعادة المفاوضات?_
** كيف نكون جديين أكثر من ذلك, نحن نتحداهم. لقد كانوا في السابق الغطاء لهذه المفاوضات فليطلبوا من سوريا الرجوع إلى طاولة المفاوضات وليطلبوا من اسرائيل ذلك, وعلى قواعد سليمة ولنر من سيتخلف عن التفاوض وعند مَنْ الجدية.
_* ماذا عن الترويج لمفاوضات سرية كانت قد جرت?_
** لسنا محتاجين لإجراء مفاوضات سرية تحت الطاولة, فالعلاقة الشعبية مع السلطة ليست بحاجة إلى تلك الألاعيب. نحن دائماً نفاوض فوق الطاولة.
_* هل تعتقدون بأن المفاوضات قريبة?_
** الكرة الان في المعسكر الأمريكي الاسرائيلي إذا وافقوا غداً فأهلاً وسهلاً, كرّر السيد الرئيس أكثر من مرة أن سوريا جاهزة للمفاوضات وفق المعايير المنطقية.
_* هل ترى أن الأمريكيين انزعجوا من التقارب السوري -التركي?_
** لا أتصور أنه أزعجهم بالمطلق لكن انزعج البعض منهم في الادارة الأمريكية. في المقابل أوضح هذا التقارب أن سوريا قابلة للحوار وأن الادعاءات الاسرائيلية في أن السوريين لا يتحاورون مع أحد أمور غير صحيحة, فبالعكس عن طريق العلاقات التاريخية ما بين الأتراك والأمريكيين اتضحت الصورة الطبيعية وبالاتفاقات التي أبرمها السيد الرئيس مع الأتراك رأوا من خلالها صورة سوريا الحقيقية.
_شارون لا يريد السلام _
_* هل المفاوضات السورية الاسرائيلية ستكون على حساب الموضوع الفلسطيني?_
**هذا الكلام يعيدنا إلى الطرح الأصلي هل إن اسرائيل تريد السلام? هل هي جدية, إنها في المستنقع الفلسطيني, شارون لا يرغب بالسلام لا معنا و لا مع الفلسطينيين وهو لا يفصل بين الموضوعين, ونحن في أي مفاوضات يمكن أن تجرى سيكون الموضوع الفلسطيني في صلب التفاوض. إن أحد ثوابت سوريا هو الموضوع الفلسطيني والذي يخطر في باله أن سوريا إذا حصلت المفاوضات سوف تغض النظر عن الموضوع الفلسطيني فهو مخطيء جداً خاصة لما يعني هذا الموضوع لسوريا والشعب العربي وخاصة أيضاً أن الرئيس الأسد رجل شفاف وواضح ونظيف في طرحه للأمور العربية.
_* كيف ترون الوضع الفلسطيني اليوم?_
** هل سيكون الوضع أكثر سوءاً من ما يجري اليوم, شعب يدمر ويموت في كل دقيقة. سياسة (شارون) معروفة. وأعتقد أن العالم كله يرى ما يحدث. الحقيقة لا يمكن أن تخفى فلا عودة إلى الوراء وما حدث مع الهنود الحمر تجربة لن تتكرر, نحن بلاد الحضارة والتاريخ.
_الجامعة لا تقوم بدورها_
_* قلتم إن الجامعة العربية مفلسة, ما هو البديل منها?_
** لم نقل إنها مفلسة, لكنها لا تقوم بدورها وواجبها, المطلوب التضامن العربي, وأن تعمل الجامعة على ذلك.. المشكلة أن سوريا ولبنان هما وحيدتان في مواجهة إسرائيل وهي تعرف ذلك. إن الجامعة العربية التي أوجدت للدفاع عن أي وطن عربي إذا أصيب, ووضع قواعد عربية متفق عليها من أجل مقاومة العدوان غير موجودة, لذلك طرحت إنشاء اتحاد برلماني عربي موحّد مدعوم من الأنظمة العربية على غرار البرلمان الأوروبي ليواجه كل ما يأتي على أي دولة عربية. ونحن نعتقد أن البرلمان الموحد سوف يمثل كل الشعب العربي في كل الدول, وإذا كانت بعض الأنظمة تخفي واقع الشعب العربي الذي لن يموت ولن يتخاذل, فالبرلمان الموحد سوف يزيل كل ذلك والادارة الشعبية لن تضعف ولن تتأثر.
_الامة العربية لن تموت_
_* هل أنتم متفائلون بمستقبل هذه الأمة, خاصة بعد سقوط بغداد وبعد التهديدات الأمريكية التي نسمعها بشكل يومي?_
** الحروب الصليبية دامت 48 سنة ثم تحررت الشعوب, إذاً لا يمكن للظلم أن يستمر و لا يمكن للتخاذل أن يبقى, لقد مرّت الأمة العربية بعصر الانحطاط وهذا يمر دائماً في تاريخ الأمم, أنا أؤمن بالمطلق أن الشعب العربي لا يتخاذل أبداً وكل مواطن يستطيع فهم ما يدور حوله وفي النهاية يعبّر عن رأيه من دون أية ضغوط
العنوان : أخبــار وتحليــــلات
_تل أبيب تقرر إغلاق ممثلياتها في قطر_
_وموريتانيا وتشديد الحراسة على سفارتيها في القاهرة وعمان_
أعلنت مصادر رسمية في تل أبيب أنه تقرر إغلاق الممثليات الدبلوماسية الإسرائيلية في كل من قطر وموريتانيا مؤقتاً، إضافة إلى تشديد الحراسات الأمنية على سفارتيها في كل من القاهرة وعمان، وذلك خشية تعرضها لهجمات انتقامية رداً على اغتيال الشيخ أحمد ياسين زعيم ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
ونقلت الإذاعة العبرية عن هذه المصادر قولها إنه تقرر خلال الليلة الماضية إغلاق ممثليتي تل أبيب الدبلوماسيتين في قطر وموريتانيا مؤقتاً خشية منها على أن تصبح عرضة لتنفيذ عمليات ممثلياتها وسفارتها في الخارج وذلك رداً على اغتيال الشيخ أحمد ياسين، وأضافت أنه تم اتخاذ تدابير أمنية مشددة لتأمين الحماية في كل من السفارتين الإسرائيليتين في القاهرة وعمان، وذلك من أجل تأمين الدبلوماسيين العاملين فيها، كما قالت.
_اتهام اثنين من عرب 48 بالتخطيط لأسر جنود إسرائيليين_
قدمت النيابة العامة الإسرائيلية وجهاز الاستخبارات لائحة اتهام إلى المحكمة المركزية في حيفا، صباح اليوم الأربعاء ضد شابين من مدينة طمرة وقرية كفر ياسيف في شمال فلسطين المحتلة عام 1948، بحجة أنهما خططا لأسر جنود من الجيش الإسرائيلي.
وتدعي النيابة العامة أن خالد سرحان حمدوني (23 عاماً) وأشرف نزار حسان (23 عاماً) الطالبين في كلية الشريعة الإسلامية في أم الفحم (فلسطين 48)، خططا لأسر وقتل جنود إسرائيليين والاستيلاء على أسلحتهم. وتزعم لائحة الاتهام أن المخابرات الإسرائيلية وصل إلى الشابين قبل قيامهما بتنفيذ مخططهما، واعتقلهما في مطلع الشهر الجاري (آذار/ مارس).
وجاء في لائحة الاتهام، أن حمدوني وحسان تسلحا بشبرية وسكين وخرجا للبحث عن جندي لتنفيذ العملية، ولاحظا جنديا يقف بالقرب من مستعمرة "لوحمي غبتؤوت" في منطقة نهاريا، وقررا أسره، لكن قبل وصولهما إليه، قرر الجندي العودة إلى قاعدته القريبة.
وتضيف لائحة الاتهام الزعم بأن الشابين واصلا السفر إلى نهاريا ولاحظا جنديا يقف بالقرب من المحطة المركزية، لكنهما لم يتمكنا من تنفيذ العملية بسبب وصول مجموعة أخرى من الجنود قبل وصولهما إلى المحطة.
_مشعل لـ «الرأي العام»: حماس لا تتغير باستشهاد قادتها_
جانبلات شكاي: الرأي العام الكويتية 25/3/2004
اكد رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» خالد مشعل، ان «حماس لا تتغير باستشهاد قادتها، وبرنامجها هو مع الجهاد والمقاومة ومع التمسك بالحقوق الوطنية والوحدة الوطنية».
واضاف مشعل لـ «الرأي العام» اثناء تقبله التعازي بالشيخ ياسين في مجلس عزاء اقامته قيادات الفصائل الفلسطينية في النادي العربي الفلسطيني في خيم اليرموك في دمشق «ان الجهاد والمقاومة والكفاح المسلح هو طريق حماس للتحرير, هذه مبادئ حماس ولن تحيد عنها»، مؤكدا انه «لا يوجد برنامج جديد للحركة بعد استشهاد الشيخ احمد ياسين».
وفي ما يمكن اعتباره اول ظهور رسمي لقادة الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، حضر مجلس العزاء الى جانب مشعل، نائبه في المكتب السياسي موسى ابو مرزوق، اضافة الى الامين العام لـ الجهاد الاسلامي» رمضان عبد الله شلح، والامين العام لـ «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» احمد جبريل، ومسؤول العلاقات الخارجية لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» ماهر الطاهر وزعيم «فتح الانتفاضة» العقيد ابو موسى.
واعتبر مشعل «اغتيال الصهاينة للشيخ الشهيد احمد ياسين دليل على فشل حكومة (ارييل) شارون في التصدي للمقاومة الفلسطينية، وهزيمة لهم وانتصارا للمقاومة», واضاف: «رأينا ما جرى، والجميع دان هذه الجريمة الكبرى ولن يكون لها المفعول الذي اراده آريل شارون، بل على العكس هذه الجريمة ستزيد شعبنا اصرارا على المقاومة وستدفع بطاقات اضافية لبرنامج المقاومة»
_مئات الاكراد السوريين ما زالوا معتقلين_
( أ ف ب ) 24/3/2004
علم من المحامي انور البني ان مئات من الاكراد السوريين اوقفوا اثناء الاضطرابات التي وقعت منتصف هذا الشهر في شمال شرق سوريا ما زالوا معتقلين. وقال البني الناشط في مجال حقوق الانسان ان "مئات المعتقلين لم يطلق سراحهم. وما زالت الاعتقالات جارية حتى الان في مناطق القامشلي والحسكة" بشمال شرق سوريا بحق الاكراد.
واضاف "ما زالت حالات الاحتقان لقيام الدولة بمعالجة الموضوع بطريقة امنية".
ولم يتمكن البني من اعطاء رقم دقيق عن عدد المعتقلين الاكراد لكنه اشار الى وجود "الف معتقل كحد ادنى".
وكان الامين العام للحزب الديموقراطي التقدمي الكردي المحظور صرح مؤخرا ان حوالى 600كردي سوري اعتقلوا اثناء الاضطرابات وافرج عنهم في 19 اذار/مارس الجاري.
واضاف ان حوالى 1500 اخرين ما زالوا معتقلين في محافظتي الحسكة (شمال شرق) وحلب (شمال غرب) حيث وقعت الاضطرابات.
وكانت مواجهات بدات بين الاكراد وقوات الامن او بعض العشائر العربية في 12 اذار/مارس الجاري واستمرت ستة ايام في محافظتي الحسكة وحلب. واسفرت عن سقوط 40 قتيلا بحسب مصادر كردية و25 قتيلا بحسب حصيلة رسمية سورية.
وقد اكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع امس الثلاثاء انه "لا توجد اي مشكلة" مع الاكراد في سوريا مشيرا الى عودة الهدوء الى القامشلي وحلب وشمال سوريا.
_دمشق تفرج عن 700 معتقل في أحداث القامشلي_
رزوق الغاوي: الشرق الأوسط 25/3/2004
طالب المحامي السوري أنور البني بتطبيق القانون على كل من يرتكب مخالفات من المواطنين السوريين خلال الأحداث التي شهدتها مناطق مختلفة من البلاد. وقال البني، الناشط في مجال حقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط» ان السلطات سورية أفرجت عن نحو 700 موقوف على خلفية تلك الأحداث، فيما لا يزال بضع مئات أخرى قيد التوقيف في محافظات الحسكة وحلب ودمشق بقصد التحقيق، وما تزال تجري بعض الاعتقالات نتيجة التحقيق في حين تواصل قوى الأمن مراقبة مداخل المدن.
ولفت المحامي إلى أن ثمة قرارات فصل من الجامعة اتخذت بحق طلاب نظموا اعتصاما في المدينة الجامعية (سكن الطلبة) بدمشق، بالإضافة للمعتقلين جراء الاعتصام.
، معتبراً أن السلوك المتطرف يدفع لتطرف أكثر ويجعل قوى أخرى خارجية تستغل حالات خطأ موجودة، كي تضخمها عوضاً عن معالجة الخطأ وإدانة الظواهر الناتجة عنه.
وفيما أكد البني ضرورة إعطاء كل صاحب حق حقه، ولا سيما لجهة منح الجنسية لمن يستحقها من الأكراد، أدان أية عمليات من شأنها الإساءة للوطن ورموزه، أو الإضرار بالممتلكات العامة.
_تصـريــح _
بعد أن استتبت الأوضاع نسبياً، فإن الأجهزة الأمنية تواصل استفزازاتها المترافقة مع حملات التضييق والاعتقال المستمرة، بحق المواطنين والعديد من رموز الحركة الوطنية الكردية، وعلى سبيل المثال فقد دأبت تلك الأجهزة الأمنية على مضايقة الأخ خيرالدين مراد الأمين العام للحزب اليساري الكردي في سوريا أكثر من مرة.
إننا في الحركة الوطنية الكردية التي ساهمت كثيراً في تهدئة الأوضاع، نعتبر مثل هذه الاستفزازات المتعمدة، لا تساعد في إنجاح الجهود الرامية إلى إعادة المياه إلى مجاريها.
مجموع الأحزاب الكردية في سوريا :25/3/2004
_دمشق: السعي الى حل "اشكالات" الأكراد وفق رؤية متكاملة سياسياً واجرائياً_
ابراهيم حميدي : الحياة 25/3/2004
قالت مصادر سورية مطلعة لـ"الحياة" ان دمشق ستقوم قريباً بـ"معالجة سياسية لإشكاليات" السوريين الاكراد وفق "رؤية متكاملة", لافتا الى ان "الحل لن يقتصر على الجانب الامني فقط".
وكان وزير الخارجية فاروق الشرع اكد اول من امس "انتهاء" أحداث الشغب والعنف التي راح ضحيتها نحو 25 شخصاً بحسب المصادر الرسمية. وفيما دعت الحكومة البريطانية رعاياها الى تجنب السفر الى مدن شمال شرقي سورية وشمالها, قال الشرع: "الوضع هادئ الآن ولا توجد أي مشكلة مع الاكراد, إذ يعيش في سورية المسلمون والمسيحيون والاكراد والعرب وغيرهم في تآخ لا نظير له".
ودعا قادة 11 حزبا كرديا غير مرخص لها الى "اطلاق جميع المواطنين الكرد الذين تم اعتقالهم على خلفية الأحداث الأخيرة والكف عن ملاحقة واعتقال المواطنين بدعوى التحقيق والاشتراك في المسيرات التي قامت بها الجماهير", اضافة الى "الكف عن توجيه التهم وتأليب الرأي العام ضد المواطنين الكرد في الإعلام الرسمي والتركيز بدلاً من ذلك على شعارات التفاهم والتآخي بين المواطنين بكل انتماءاتهم القومية والدينية", ودعوة الاكراد الى "الاستمرار في الهدوء وعدم الانجرار وراء الاستفزازات التي تثيرها العناصر الشوفينية والعنصرية".
كما دعت هذه الاحزاب في بيان تسلم مكتب "الحياة" نسخة عنه الى "ضرورة التزام تعويض ممتلكات المتضررين من الأهالي", اضافة الى تكرار طلبها تأمين لقاء مع الرئيس بشار الاسد.
لكن مصادر مطلعة قالت امس ان لجنة التحقيق التي تشكلت "في صدد إعداد تقرير وستتم محاسبة المتورطين وفق القوانين السورية", لافتة الى وجود "اتجاه لمعالجة سياسية للاشكالات والالتفات الى منطقة الجزيرة".
وكان الرئيس السوري زار مدينة الحسكة في نهاية العام 2002 ووعد بتقديم حلول لكثير من مشاكل تلك المنطقة الواقعة في زاوية الحدود السورية - التركية - العراقية, وتتضمن مصادر اساسية للاقتصاد السوري من نفط وغاز وحبوب ومياه.
وقالت المصادر: "ان كل القضايا العالقة هي قيد الدرس لايجاد حلول لها بما في ذلك موضوع اعطاء الجنسية", علما ان السلطات اطلقت في عيد "نوروز" اكثر من 1200 موقوف على خلفية احداث الشغب التي حصلت الاسبوع الماضي.
وكان ممثلون عن منظمات مدافعة عن حقوق الانسان واحزاب معارضة وسجناء سابقون زاروا مدن شمال شرقي سورية, ثم اصدروا بيانا تضمن "إدانة استخدام الرصاص الحي من قبل قوات الامن في معالجة الاحداث الاليمة التي وقعت في 12 آذار (مارس)".
ودانت مذكرة هذه القوى والاحزاب "كل سلوك يمس بالسيادة الوطنية ووحدة التراب الوطني والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة", اضافة الى رفضها "سياسة التمييز بين المواطنين على اساس العرق والجنس والدين (...) ورفضها الاستقواء بالقوى الخارجية". وجاء ذلك بعد "تعميم" الاحزاب الكردية على الجالية الكردية في أوروبا بـ"عدم المساس بالعلم السوري والرموز الوطنية".
ومن الامور التي تدرس الحكومة حلها موضوع اعطاء الجنسية الى آلاف الاكراد. وكان وزير الداخلية اللواء علي حمود قال في مؤتمر صحافي قبل ايام: "في كل دول العالم هناك بعض الناس المهاجرين لم يحصلوا على الجنسية. سورية منفتحة على هذا الموضوع انفتاحاً تاماً وتدرس الاشكالات كافة سواء بالنسبة الى الجنسية او التعامل مع هذا الموضوع في شكل كامل".
وتتحدث مصادر كردية عن وجود نحو 275 الف شخص لا يحملون الجنسية السورية, بينهم 75 الفا "مكتوم القيد" والباقون "محرومو الجنسية", بعد احصاء العام 1962. لكن مصادر اخرى تشير الى ان عددهم يراوح بين 120 و150 الفا. وقال خبراء لـ"الحياة" ان "معظم محرومي الجنسية جاؤوا من الاراضي التركية وان عددا كبيرا منهم ليس سوريا وهرب من اضطهاد السلطات التركية" في بداية القرن الماضي. وقالت المصادر: "منطقة الجزيرة كلها في حاجة الى تنمية في اطار رؤية متكاملة".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن المحامي أنور البني الناشط في مجال حقوق الانسان ان "مئات المعتقلين (الأكراد خلال الاضطرابات الأخيرة) لم يطلقوا, وما زالت الاعتقالات جارية حتى الان في القامشلي والحسكة".
_أزمة بين الفاتيكان واسرائيل تهدد بسحب الاعتراف_
( كونا ) 24/3/2004
كشفت وكالة انباء تابعة للكنيسة الكاثوليكية النقاب امس عن نشوب أزمة بين دولة الفاتيكان واسرائيل اعتبرتها الأسوأ منذ قيام اسرائيل وأنها تنقض بنود اتفاقية اعتراف الفاتيكان باسرائيل. وقالت وكالة أنباء «أسيا نيوز» التبشيرية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في تعليق لها على أوضاع رجال الدين والرهبان الكاثوليك المقيمين في اسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة ان السلطات الاسرائيلية تسحب تأشيرات اقامة العشرات منهم رغم أنهم يقيمون منذ عشرات السنين هناك.
ووصفت الوكالة التي عنونت مقالها المنشور امس تحت عنوان «الرهبان والراهبات الفرانشيسكانيون مثل المهجرين غير الشرعيين» أوضاع رجال الدين الذين يقومون على اقامة الشعائر في الكنائس والمرافق الدينية الكاثوليكية في فلسطين بالاضافة الى ادارة المستشفيات والمدارس وغيرها بأنها أوضاع عبثية.
واعتبرت الوكالة الأزمة التي أسفرت عنها هذه القضية بأنها أسوأ أزمة تشهدها علاقة الفاتيكان باسرائيل منذ قيامها قبل نحو 56 عاما ولم يسبق لها مثيلا حتى قبل اعتراف الفاتيكان بالدولة العبرية قبل عشر سنوات.
_عرفات يطلب من الأسد _
_دعم فلسطين في القمة_
زياد حيدر: السفير 25/3/2004
بعث رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات برسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، يطلب فيها وقوف سوريا إلى جانب القضية الفلسطينية مع انعقاد القمة العربية في تونس، وفق ما ذكرت مصادر فلسطينية في دمشق.
وتسلم وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الرسالة من وزير الثقافة في السلطة الفلسطينية يحيى يخلف حيث ذكرت وكالة الأنباء السورية <<سانا>> أن اللقاء تناول <<العدوان الاسرائيلى المتواصل الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى، واخرها الجريمة البشعة التى استهدفت الشيخ أحمد ياسين>>. وأكد الشرع على <<اهمية تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تعتبر ضمانة اساسية لصمود الشعب الفلسطينى، ورفع الظلم والعدوان عنه وصولا الى تحقيق اهدافه وحقوقه الوطنية المشروعة>>.
وقال رئيس جبهة الانقاذ الفلسطيني خالد الفاهوم ل<<السفير>> أن يحيى يخلف ينقل رسالة من عرفات إلى الأسد يطلب فيها <<مساندة القيادة السورية في دعم القضية الفلسطينية خصوصا قبل مجيء القمة العربية المقبلة>>، وأن عرفات يريد أن يقول للأسد <<ليس لنا غير سوريا>> في هذا المجال.
_في خطوة لافتة وغير معتادة_
_وزير الاعلام الفلسطيني فجأة في دمشق_
بهية مارديني : موقع إيلاف 24/3/2004
وصل الى دمشق اليوم وزير الاعلام الفلسطيني يحي يخلف في زيارة مفاجئة لم يعلن عنها مسبقا ربما تساهم في كسر الجليد المزمن الذي يسيطر على علاقة السلطة الفلسطينية بدمشق .
وبعد وصول الوزير الفلسطيني الى دمشق استقبله وزير الاعلام السوري احمد الحسن الذي بحث معه الاوضاع المتفجرة في الاراضي الفلسطينية المحتلة خصوصا بعد اغتيال الشيخ احمد ياسين مؤسس حركة حماس.
واعلنت دمشق ان وزير الاعلام السوري شدد خلال اللقاء على ضرورة رص الصفوف والوحدة الوطنية الفلسطينية لتفويت الفرصة على اسرائيل التي تمارس ارهاب الدولة بحق الشعب الفلسطيني .
يذكر ان العلاقات بين دمشق والسلطة الفلسطينية متوترة بشكل تقليدي منذ ان انفرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بمفاوضات سرية من وراء السوريين مع اسرائيل ووقع اتفاق اوسلو سنة 1993 وهو الامر الذي جرّ عليه نقمة القيادة السورية.
وجرت عدة محاولات لتقريب وجهات النظر بين الجانبين منذ وصول الرئيس بشار الاسد الى الحكم باءت جميعها بالفشل ولكن دمشق اعلنت اخيرا انها تقبل بما يقبل به الفلسطينيون بما يتعلق بالمفاوضات مع اسرائيل.
_شكلها مستطيل وتتكون من 12 برجاً_
_قلعة دمشق شاهدة على فن العمارة الإسلامية_
دمشق - عبدالستار أحمد: دار الخليج 20/2/2004
تتميز العمارة العربية الاسلامية بالشمول والتنوع في مختلف الوظائف، فما من تشييد أو بناء تمت اقامته، إلا وكان صرحاً يروي الامجاد، ويسرد التاريخ الحافل. ومن تلك الوظائف التي انيطت بالعمارة الاسلامية الوظيفة الدفاعية عن المدن من هجمات الطامعين والمتربصين، حيث ارتبطت العمارة العسكرية بالتاريخ السياسي ارتباطا وثيقا. فقد تفنن المسلمون في إنشاء تحصيناتهم لحماية دولتهم من هجمات الغزاة والطامعين، فبنوا على الحدود تحصينات اطلق عليها اسم الاربطة التي تمثل خط الدفاع المتقدم عن البلاد. ويغلب على تخطيطها الاشكال المستطيلة والجدران المنتظمة المزودة بالابراج الدفاعية، أما الداخل فكان فناء واسعا تحيط به غرف لسكن الجنود مع مسجد ومرافق اخرى.
وتعد قلعة دمشق خير شاهد لهذه العمارة المتميزة في بنائها وروعة تصميمها. حيث انها تعتبر من ارقى ما توصل إليه فن العمارة العسكرية في العهد الأيوبي في القرن الثالث عشر الميلادي، وقد استغرق بناؤها خمسة عشر عاما.
تقع قلعة دمشق في الزاوية الشمالية الغربية من سور دمشق، شمال سوق الحميدية وغرب الجامع الأموي، وعلى مقربة من نهر بردى الذي يحده شمالا، وقد شيدت القلعة في العهد السلجوقي في مكان تحصينات تعود للعهد الروماني، كما تدل على ذلك بعض العلامات الأثرية في داخلها.
لقد خضعت قلع دمشق لتطور في البناء والعمران خلال العهود المتلاحقة، فقد تجلى فن العمارة العسكرية الاسلامية خاصة في عهد الدولة النورية، حيث اقام الملك نورالدين الزنكي الحدود وفتح الحصون، واعتنى بتجديد أسوار المدن وأبوابها كباب الفرج، وكذلك تحصين المدن ولا سيما دمشق منها سنة 565ه، كما يذكر ابن كثير في تاريخه. وفي هذه السنة وقعت زلزلة عظيمة في الشام والجزيرة وعمت اكثر الأرض، وتهدمت اسوار كثيرة في الشام، وسقطت دور كثيرة على أهلها، ولا سيما في دمشق وحمص وحماه وبعلبك وسقطت اسوارها واكثر قلاعها، فجدد نورالدين عمارة اكثر ما وقع في هذه الأماكن.
ومن اهتمامات الملك نورالدين بالقلعة، ما يذكره ايضا ابن كثير في موسوعته التاريخية “البداية والنهاية” في معرض ترجمة نورالدين “كانت زوجته عصمت الدين تكثر القيام في الليل فنامت ذات ليلة عن وردها فأصبحت وهي غضبى، فسألها نورالدين عن امرها فذكرت نومها الذي فوت عليها وردها، فأمر نورالدين عند ذلك بضرب طبلخانة في القلعة وقت السحر لتوقظ النائم ذلك الوقت لقيام الليل، واعطى الضارب على الطبلخانة أجراً جزيلاً، وجزاية كثيرة”.
ويذكر ابن كثير ايضا ان الملك نورالدين قد اوقف حصة من بستان الميدان لتطيب جامع القلعة، وهو مسجد الصحابي الجليل أبوالدرداء الواقع في الجهة الشمالية من القلعة.
_العصر الأيوبي_
إلا ان بناء القلعة لم يبلغ ذروة ازدهاره إلا في العهد الايوبي، فكان للايوبيين خبرة واسعة في العمارة العسكرية، حين احدثوا تطورا مهماً في الهندسة والفنون والاساليب المعمارية العسكرية، حيث تتميز عمائرهم بالبساطة والتقشف، ولكنها من ناحية اخرى تسمو بقوتها ومنعتها واتقان تخطيطها وبنائها، وكان الاعتماد كليا على الحجر في العمارة واستخدامه بمقاييس كبيرة كما في قلعة دمشق، حيث ان هذا التطور في العمارة يشاهد في الاسوار والقلاع والابراج التي زاد ارتفاعها وحجمها الكبير وضخامة حجاراتها وقلعة دمشق شاهد مهم على هذه العمارة المتطورة، اضافة الى قلعتي حلب وبصرى.
فحين دخل السلطان صلاح الدين الايوبي مدينة دمشق عام 570/ 1174م قام بتحصين القلعة وجعلها مقرا لاقامته، وعندما توفي دفن في القلعة، ثم دفن بتربته المعروفة في المدرسة العزيزية بمقربة من الجامع الأموي. وحين تولى السلطنة الملك العادل أخو صلاح الدين اعاد بناء القلعة من جديد بين سنتي 603 613/ 1206 1216م وتجاوز في بناء القلعة القديمة، فتقدمت اسوارها من جميع الجهات، ودعمت ابوابها، واصبحت في عهده مدينة ملكية وعسكرية، ومكاتب الإدارة وفيها معامل للأسلحة. وبيت للمال وسجن الدولة واسواق وحمامات ومساجد. فهي مدينة تستطيع ان تكفي نفسها بنفسها.
وأما في العهد المملوكي فقد جرت اعمال ترميم في اسوار المدن وقلاعها وابوابها، ومنها قلعة دمشق، وقد ارخت هذه الاعمال لوحات كتابية حفظت نماذج منها في قلعة حلب وقلعة دمشق. فحين دخل التتر بقيادة هولاكو دمشق عام 658ه/ 1260م، احرقوا القلعة وهدموا ابراجها واسوارها بعد ان ضربوها بالمنجنيقات من صحن الجامع الأموي. وبعد هزيمة التتار، جدد الظاهر بيبرس ما خربوه، والذي دفن في القلعة بعد ان وافته المنية. ثم قام ولده الملك السعيد بنقل جثمان ابيه الى مبنى المدرسة الظاهرية في دمشق.
_تجديد مملوكي_
وعلى اثر اغارة تيمور لنك تهدم سورها الشمالي والغربي من جديد فجدد امراء المماليك بعض اجزاء من القلعة ولا سيما ابراجها، والباب الشمالي والبرج المجاور له من الغرب، وبرج الزاوية الجنوبية الشرقية، حيث نقشت الزنوك والكتابات التي تؤرخ اعمال التجديد في العهد المملوكي.
ونظرا لأهمية قلعة دمشق فقد جعل سلاطنة المماليك حاكما خاصا بها يرتبط مباشرة بالسلطان، وفي العهد العثماني لم تحظ القلعة بالعناية والاهتمام، كما في العهود السابقة، ونتيجة الاهمال غاب خندقها المحيط بها تحت الأتربة المتراكمة، وبنيت فيها المنازل واستندت الدكاكين إلى اسوارها، واحاطت بها الأبنية من جوانبها.
تعد قلعة دمشق من أهم معالم فن العمارة العسكرية في سوريا في العصر الايوبي، فقد تحدث عنها الكثير من المؤرخين والرحالة العرب والاجانب، ولا سيما في العصر الحديث، فهي لا تزال تحافظ على وضعها وهي على شكل مستطيل وتتألف من اثني عشر برجا، بعضها بحالة كاملة، ولها بابان رئيسيان الاول في الجهة الشرقية، والباب الآخر في الجهة الشمالية. أما بابها الغربي الحالي فكان يسمى باب السر، ولم يكن يستخدمه سوى السلطان، ويقع وراءه الى اليمين، بناء هو القصر الملكي القديم، لكن اجريت عليه تعديلات عديدة، والى جانبه على مضلع القلعة الجنوبي برجان يرجع تاريخهما الى القرن الثالث عشر الميلادي، الباب الشمالي رمم في القرن الخامس عشر، ويسمى باب الحديد ينفذ منه الى دهليز يقود الى صحن القلعة عبر طريق مرصف يصل القلعة بالسوق جنوبا ومؤديا الى باقي الاحياء المجاورة يتخلله في
المنتصف باب خال من الذرفات، من الحجر المقوس من الاعلى وعلى جانبيه ابواب خشبية بنية اللون، يبدو انها كانت تستخدم كغرف للحرس. أما باب القلعة الشرقي فهو باب للسجن الذي كان يستخدم في العصر الحالي ويعود تاريخه الى عام 1313م ويحيط بالباب الشرقي برجان، وفوق مدخليه زخرفة دقيقة الصنع تتألف من مقرنصات جميلة وعلى عارضتيه نقشت بعض مراسيم السلاطين التي تتعلق بتنظيم الجيش والقلعة من القرن الخامس عشر.
_وأهم آثار القلعة أبراجها الشاهقة التي تتألف من طوابق عدة، العليا منها كانت تستخدم لسكن الجنود، والسفلى استخدمت كمخازن للتموين استعدادا لأوقات الحرب والحصار._
وفي عام 2002 تم حفر نفق تحت الارض، ليؤدي بالمشاة الى السوق والقلعة، وليوفر عليهم عناء ومشقة عبور الطريق المكتظة بالسيارات.
ولا بد من الاشارة الى ان قلعة دمشق قد بنيت على سوية المدينة، خلافا لأكثر القلاع الإسلامية، كقلاع حلب وشيزر وحماه وحمص، التي شيدت على بعض المرتفعات.