ردّ على ردّ الدكتور خلف االطويل
حول اللجنة العسكرية
بقلم : محمود جديد
- كنت أتوقع ردّ الدكتور الطويل ، ولكنّي لم أتوقع أن يكون بمثل هذا الضعف والوهن والعصبية ، وفي الوقت نفسه - على ما يبدو- أنّ الردّ الهادىء المهذّب الرصين الموثق على كتاباته قد أربكه ، لأنّه كشف أسلوبه في الكتابة ، وتلاعبه بالقيل والقال وصياغته وفق هواه ورغباته ، ولذلك خرج الدكتور من (لبوسه الملائكي) ليستخدم ألفاظاً بذيئة لا تليق بمقامه.... وهنا اسمح لي أيّها المحترم أن أستعير مؤقتاً بعض ألفاظك التي استخدمتها في ردّك ، لأنّي لم أكن متعوّداً عليها في ردودي وكتاباتي ، وربّما أحتاج بعض ألفاظ غيرك حتى أوفيك حقك... وعلى كل حال سيكون تعقيبي متسلسلاً وفقاً تسلسل الأفكار التي طرحها الدكتور في ردّه ...
1 – يشكو الدكتور في بداية ردّه من التكرار الذي ورد في رباعيتي ، فإذا كان موجوداً فهو جاء مقتفياً آثار تكرار رباعيته ، لأنّي كنت مضطراً لملاحقة أفكاره واتهاماته، وأخطائه في سرد الوقائع حلقة فحلقةً ، أمّا حول الألقاب والمهام التي أوردتها عنه فكان هدفي تكريمه وإعطاءه حقه قبل أن أقتفي " هناته " المتعمّدة ،أو نتيجة جهل بالأحداث ،أو بسبب مغالطات الأرشيف والمراجع المعتمدة من قبله ...وعلى كل حال ، فإنّي أخذتها من لائحة عناوين أعضاء المؤتمر القومي العربي التي وزّعتها اللجنة المنظمة له في آخر دورة عقدها هذا العام ...
2 – يقول الدكتور : إنّني ارتكبت " هنة" لاتغتفر بافتقاري للدقة التاريخية " حول ما أوردته حول محاولة " انقلاب النحلاوي –الثالث في الترتيب " ويؤكّد أنّها جاءت في يناير 963 وليست في 62 وفقاً لتصحيحي ، وهنا أعيد تأكيد ما ذكرته سابقاً ، وهو أنّ محاولة العصيان العسكري الذي لجأ إليه الانفصاليون كان في 13-1-1962 ، أمّا ما حدث بعده فكانت خلافات سياسية وعسكرية لم تصل لدرجة المحاولة الانقلابية... وكما أشرت في حلقتي الأولى أنّني أبلغت المرحوم عبد الكريم الجندي بالأمر، والذي وجدته صدفة في منزل الرفيق :صلاح نعيسة (في بوّابة الصالحية) ، بينما كان الرفيق الجندي بتاريخ 13-1-963 موجوداً في سجن القلعة بدمشق بسبب مشاركته في أحداث حلب في 28-3-962 والذي بقي فيه حتى قيام انقلاب 8 آذار 63 ، ولكنّ انظروا كيف يحاول الدكتور تضليل القراء ، والتنصّل من الخطأ الذي وقع فيه باختراعه مقولة " الانقلاب الثالث للنحلاوي " .
3- يصرّ الطويل على مكابرته بأنّ الشهيد : صلاح جديد لم يعارض ترفيع حافظ الأسد إلى رتبة لواء ، ويعتبر أنّ "العكس هو الصحيح " . إنّ هذا "الخطل" وقع فيع الكثيرون قبل الدكتور الطويل ، وما زال شهود أحياء على الحقيقة ومنهم الرفيق الدكتور :إبراهيم ماخوس والذي ذهب بمعرفة المرحوم صلاح إلى الفريق :أمين الحافظ لمناقشة هذا الأمر معه ، ولكن الدكتور الطويل على ما يبدو لم يتعوّد على استقاء المعلومة إلاّ من خصوم وأعداء صلاح جديد ،مع العلم أنّ موقف المرحوم صلاح كان من أحد أسباب حقد حافظ الأسد عليه فيما بعد ، ثمّ تجاهل الطويل ذكر أيّ شيء عن اقتراح صلاح في الاجتماع المشترك للقيادتين القومية والقطرية بضرورة تبديل قيادة الجيش بعد هزيمة حزيران العسكرية ..
4 – نعم لعب حافظ الأسد دوراً مهمّاً في إفشال المخطط الانقلابي لسليم حاطوم ، ولكنّ العنصر الحاسم كان التقدّم السريع لقوات أرضية مدرّعة من القطاع الأوسط في الجبهة ، ومن الكسوة باتجاه السويداء وبقيادة رفاق شجعان أشدّاء يعرفهم حاطوم جيداً ، والتي وصلت إلى مشارف المدينة ...
5 – إن اعتماد التقييم الموضوعي في إلقاء الضوء على تشكيل اللجنة العسكرية ، وعدم دقة التهم الطائفية التي يلصقها البعض بفكرة تأسيسها ، ودوافع مؤسّسيها ، جعل الدكتور المحترم يكتشف بي " حساسية مرضية ...الخ وبأنّها عصيّة على العلاج ولن تفيدني في التحليل بمثقال ذرّة " ...تلمّسوا عصبيته المفرطة ، وتقييماته غير الصحيحة كيف جعلته ينفجر غضباً ونزقاً ، وكيف يحرمني من حقي في إبداء وجهة نظر تخالف رأيه ، وهو بالتأكيد على استعداد ليحاضر ساعات طويلة في الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان...الخ
6– يقول الدكتور الصادق المحترم في تعقيبه ما يلي : " لم أقل أنّ عدد البعثيين في الجيش صبيحة 8 آذار /63 كان ستة فقط. قلت أنّ مَن تحرّكوا ضمن قوّة الانقلاب كانوا ستة ، وهذا أكيد ." ويبدو أنّ الطويل نسي ما ذكره في ردّه على الرفيق مروان حبش ، والمنشور في " كلّنا شركاء " تاريخ 12/5/2005 وبالحرف الواحد :" أودّ أن أبيّن النقاط التالية بالتفاعل مع تعقيب السيد حبش 1..2..3 : اسأل رفيقك السابق سليمان حداد كم عدد الضباط البعثيين في الخدمة صبيحة 8 آذار ..اسأله كانوا ستة.. .ستة فقط أحدهم سليمان مَن نفّذ الانقلاب "...
أيّ قارىء راشد ذي بصر وبصيرة يفهم من النص الحرفي المنشور للدكتور المحترم أنّ حزب البعث لم يكن لديه سوى ستة ضباط في الخدمة صبيحة 8 آذار ، وواحد من هؤلاء الستة فقط الذي شارك في تنفيذ الانقلاب ...وهنا أنصح الدكتورالطويل "بترياق النسيان" لأن أيّاماً قليلة فقط مرّت على ما كتبه ونشره ...
هذا مع العلم أنّني ذكرت في الحلقة الأولى من ردّي على رباعية الطويل ما يلي:" يشير الدكتور الطويل إلى وجود نفر صغير من الضباط البعثيين المتبقين في الخدمة عند بداية حكم الانفصال فيقول :" إضافة لكنعان والجيرودي : موسى الزعبي ،وحمد عبيد ، ومحمد إبراهيم العلي ، وسليمان حدّاد ، وموسى اعلي ، وسليم حاطوم ، وعبد الحميد الجمل ، وجلال الجهني ، وآخرون " وفي مكان آخر يحصرهم بستتة ضباط قبيل 8 آذار 963 نقلاً عن لسان سليمان حدّاد ، ولمّا كنت واحداً من الدورة العسكرية التي تخرّج منها ثلاثة مذكورين ضمن هذه الأسماء (حداد ،والعلي والجهني )وذلك في نيسان959 فإنّني أزعم أنّ هذه المعلومات قاصرة ، وأنّ الدكتور الطويل قد فهم كلام سليمان حدّاد خطأً ، وربّما كان المقصود هو عدد الضباط البعثيين في لواء القطاع المالي من الجبهة .."
وهنا أناشد القارىء الكريم أن يرى كيف حاولت إرشاد الطويل إلى الطريق الصحيح نتيجة فهمه الخاطىء لكلام سليمان حداد ، ولكنه كابر ورفض الاعتراف بصوابية وجهة نظري ، ولم يكتفِ بذلك بل سطا على فكرتي ونسبها إليه ..
7 – ذكر الطويل في الحلقة الثانية من رباعيته حول المحاولة الانقلابية للناصريين قي 18 تموز/963 :" استطاعت اللجنة العسكرية أن تنفذ إلى أحشاء التجمعات الناصرية العسكرية وهي ترتقب منها تحرّكاً مضادّاً يوفر لها الغلبة على البعث خصوصاً بعد تسارع وتعاظم التسريحات وذلك عبر أحد عملائها الرائد محمد نبهان الذي استطاع أن يحوز ثقة قائد هذه التجمعات العقيد المتقاعد جاسم علوان ومنه عرفت باليوم والساعة ما يمور في أجوائهم من نقمة وما بدؤوا في الترتيب له من تحرّك."
وقد جاء في ردّي على هذا الكلام في حلقتي الثانية ما يلي :" كما أنّ المعلومات التي تسرّبت عن وجود تآمر ناصري لإحداث انقلاب زاد من ذلك القلق ( قلق البعثيين من الضغط الجماهيري للناصريين) ...ثمّ تابعت :" ومن الطبيعي أن لايبقى البعث متفرّجاً على ما يجري ، وخاصة أنّ مؤامرة 18 تموز كانت قد نضجت ، وتتحيّن الفرصة المناسبة للتنفيذ ."
وأخيراً جاء في ردّ الدكتور المحترم عليّ ما يلي : " أنت تنفي سابق معرفة اللجنة العسكرية بانقلاب جاسم علوان ..ربّما لم تعرف الموعد الدقيق بالساعة لكن الموعد التقريبي كان معروفاً وهذا ما شهد به أمين الحافظ ." كما ذكر " في ذات السياق حاولت أن تبرهن على انعدام المعرفة السابقة بالتعجّب في كيف يستقيم ذلك مع عمران /اللواء 70 / والشاعر /اللواء 18 / في الاسكندرية للتفاوض .ما أظن أن ذلك الغياب لسويعات قد كسر الجرّة أليس كذلك ؟
أليس بربّكم أيّها القرّاء الكرام أنّ قول الدكتور الطويل بأنّني نفيت سابق معرفة اللجنة العسكرية بانقلاب جاسم علوان هو تلفيق وتزوير لما كتبته ... وفي الوقت نفسه فإنّ الطويل يتناقض مع نفسه من خلال ما كتبه عن المعرفة الدقيقة لتاريخ وساعة التنفيذ في حلقته الثانية ، وما جاء في ردّه الأخير ...
ولاحظوا أيضاً كيف يتجاهل الطويل الإشارة إلى غياب رئيس الدولة مع الوفد ، ويستخف بغياب قائدي تشكيلين عسكريين ضاربين في ذلك الوقت يوم المحاولة الانقلابية في مصر التي كان المتآمرون لهم علاقة مباشرة مع قيادتها التي كانت أجهزتها قادرة بكل بساطة على حجرهم في القاهرة ، أوعلى الأقل تأخير عودتهم إلى دمشق لو صمد هؤلاء المتآمرون وقتاً إضافياً ...
8 – يقول الطويل في ردّه :" تدور وتلفّ وتعود للمسألة المذهبية بجزع غير مبرّر .نعم حكاية تقريع عبد الناصر لمحمد عمران خريف 64 متهماً إياه بالطائفية صحيحة."
لجأ الطويل إلى أسلوب المفلسين والمفضوحين في نقاشهم وردودهم ، لأن أسرع الأسلحة لديهم هو إشهار سلاح المذهبية والطائفية البغيضة فوق رؤوس الآخرين ، ولكن أريد هنا أن أبلغك أيّها المحترم بأنّ هذا السلاح مفلول معي ، ولايرهبني ، ويرتد على أصحابه من أمثالك ، فأنا ملاحق ومشرّد منذ33 سنة ، والذي مُنِعَت زوجته من زيارته مدة 13 سنة(مابين 86-99 ) ، وحُرِم من رؤية ابنه مدة 16 سنة (88-2004 ) ، وسُجِنا ولداه في زنزانتين حوالي عام ، والذي ضحّى بوقته وجهده من أجل حزبه ووطنه وأمته منذ أن كان فتىً وحتى شيخوخته دون ابتغاء جاه أو مال وغيرهما من متع الحياة ولذلك كلّه لا يجزعني عفن المذهبية والطائفية الذي ينبشه الطائفيون والحاقدون ، إضافة إلى ذلك ، لم تشر إلى مواطن الجزع ومؤشراته بالحجة والمنطق ،لأنّك كعادتك لاتعرض مقولة الآخرين بحرفيتها حتى يسهل عليك التلاعب بها ، وإيصالها للقارىء وفق رغباتك ...وعلى كل حال ،فلو كان محمد عمران من أيّ مذهب وطائفة وملّة وقوم ولون كنت سأفسّر "الحّدوثة " التي رُويَِِت عن المرحوم عبدالناصر في جلسته مع الوفد السوري برئاسة أمين الحافظ كما فسرته في ردودي عليك وعلى غيرك ، لأن اجتزاء المقولة عن ظروف الجلسة هو " الابتسار" الحقيقي للمسألة ، فالتكريم المميّز الذي حظي به عمران من عبد الناصر يدحض وينسف هذه المقولة من الأساس ، هذا التكريم الذي كنت أجهله ، والذي تحدّث عنه أحمد منصور في لقائه مع الحافظ في" شهادته على العصر" حين قال أنّ الرئيس عبد الناصر أجلسه على يمينه ، وبحضور رئيس الدولة ورئيس الوفد ، ولم ينفِ الحافظ ذلك ،لابل أضاف في الحلقة11 بأنّ " عبد الناصر وعبد الحكيم عامر أعطياه عواطف شويّة" ، ألا يتناقض هذا كلّه مع عبارة التقريع التي استخدمتها يادكتور ...كما أنّ الحافظ وحلفاءه ( الرزاز-عفلق- البيطار ) لم يفهموا قصد عبد الناصر كما فسّرته بدليل أنّهم استدعوه من الخارج وسلّموه وزارة الدفاع في عام 965 ....
9 – يقول الدكتور المحترم جدّاً في ردّه:" أضحكني تلميحك بأنّ فلسطينيتي تتطلّب التفاتاًً مكرّساً للشأن الفلسطيني تاركاً السوري لأهله . يا صاحبي أنا قومي عربي أهتمّ بموريتانيا مثل الخليج مثل الأردن مثل ليبيا مثل سوريا فالكل مهمّ والكلّ مرتبط بفلسطين . ثمّ ربّما لا تعلم أنّني بيولوجيّاً نصف سوري بل وحموي ما رأيك؟
إنّ كلامك أغشاني من الضحك الممزوج بالأسى على كادر من المفروض أن يكون صادقاً أميناً فيما ينقله عن الآخرين ، لا أن يلفّق أكاذيب عليهم ، وحبرهم لم يجفّ بعد عن الذي كتبوه ، وكلامهم منشور في أكثر من موقع إعلامي ، ولكن على ما يبدو ، أنّ انفضاح "خطلك" وشطحاتك السياسية والإعلامية أفقدك وقارك ورشدك ، ممّا أوقعك في هذا المطبّ الذي تستحقه ، وفضح أسلوبك في الكتابة من الأساس ، فالفقرة التي كتبتها وتقصدها جاءت في حلقتي الرابعة ، وهي التالي :" إنّ رواية الطويل حول دخول البعث في صراع مع حركة فتح غير صحيح على الإطلاق ، فالبعث هو الذي احتضن المقاومة بكل الحبّ والاحترام ، وأوّل رصاصة أطلقتها في عام 65 كانت من الأرض السورية ، ونظام البعث هو الوحيد الذي استجاب لاستغاثة المقاومة وهي تُذبَح في أجراش جرش وعجلون وشوارع عمّان ، ودفع حوالي 250 دبابة وآلاف الجنود لنجدتها إلى الأردن في شهر أيلول الأسود من عام 970 ،وفتح مخازن ومستودعات جيشه لمقاتليها ، وكاد أن يتعرّض لعدوان إسرائيلي جديد بسبب ذلك ، وهنا يستغرب القارىء المنصف كيف يتجاهل ابن فلسطين كمال الطويل هذا الحدث الخطير في تاريخ الثورة الفلسطينية ، ويتناسى مؤقتاً تهديدات القيادة الإسرائيلية لسورية بسبب دعمها للعمل الفدائي الذي أطلقته حركة فتح والذي شكّل سبباً مهمّاً لعدوان الخامس من حزيران ." فهل يُعقَل لدكتور بمكانتك وسنّك وثقافتك أن يفهم كلامي هذا بما ذكرته في ردّك ... وعلى كلّ حال ،إنّ تشويهك للحقائق الموثقة يلقي الضوء على الطريقة التي تكتب وتحلّل بها المسائل السياسية ، معتمداً على سذاجة القارىء كما تتوهّم وعدم رغبته في تتبّع وتفحّص ما تكتبه ، ولذلك أنصحك (بترياق ) الأمانة الصحفية ..
أمّ رأيي حول بيولوجيتك فهذا يسعدني أنّ أخوالك من مدينة حماه المناضلة ، وكم أتمنّى أن يكتسب كل مَن له نسب معها جينات شهامة ورجولة أبنائها ...ولو كنتُ (أنا) فلسطينياً مناضلاًً لما فتشتُ عن بيولوجيات أخرى ، لأنّ الانتماء الفلسطيني العربي يكفيني شرفاً وفخراً ...
10 – يذكر الدكتور في حلقته الرابعة حول اللجنة العسكرية بأنّ المؤتمر القومي للنيو – بعث في اكتوبر قرّر إنشاء منظمة الصاعقة ، ثمّ يذكر في ردّه الأخير موجّهاً الكلام إليّ ": ثمّ تقول إنّ منظمة الصاعقة خرجت إلى الوجود بعد حرب 67 بينما الأصح أنّها تخلّقت في المؤتمر القومي المنعقد في أكتوبر 66 ."
انظروا كيف أنّ نرجسية الكاتب ومكابرته ترفضان الاعراف بالحقيقة ، وكيف يتحايل عليها، بهدف تضليل القارىء ، ففي حلقته الرابعة يقول إنّ المؤتمر القومي قرّر إنشاء منظمة الصاعقة ..ثمّ يتكرّم بالتراجع نصف خطوة دون الاعتراف يالخطأ ليقول مؤخّراً إنّها تخلّقت في المؤتمر " وعلى كل حال ، فإنّ مقررات المؤتمر المذكور متوفرة لدي ، وهي مطبوعة منذ حوالي 39 سنة ولاتحتوي على أي ذكر لمنظمة الصاعقة على الإطلاق ، وأقترح على الدكتور أن أعرضها على الأستاذ الفاضل الأخ عبد الحميد المهري وهو عضو بارز في المؤتمر القومي العربي ويعرفه جيّداً وعلى ضوء حكمه يتقرّر صحّة ودقة كلام أيّ منّا ، وثمّ نعلن نتيجة الحكم في " كلّنا شركاء" ، فهل توافق يا دكتور ؟
أمّا بخصوص صغر رتبتي ووهن قربي من مركز القرار كما تقول ، فأريد أن أحيطك علماً بأنّني لم أدّعِ في يوم من الأيام بما ليس فيّ ، لا بل لا أحبّ أن أتحدّث عن ما هو فيّ ، ولكنّني مضطر هنا أن أفهمك أنّني التحقت بالكلية العسكرية في عام 957 وتخرّجت من القاهرة عام 959 ، واتبعت دورة قائد سرية في مصر ، ودورة قائد كتيبة ودورة أركان حرب ، وأنّي أعتز بالنتائج التي حصلت عليها ، وكل الضباط السورين الذين يعرفونني عن قرب سواء أكانوا رؤساء ومرؤوسين، أم حزبين وغير حزبيين ، أو زملاء في الدورات العسكرية ينصفونني ...ولكنّني لم أكن في الصفّ الأول من الضباط الذين اهتموا بالسياسة اليومية والحمد لله ، لأنّي كنت منصرفا ًبشكل أساسي لمهامي وواجباتي العسكرية والحزبية ، ولكنّ كلامي هذا لايعني أبداً أنّي كنت غائباً عن الأحداث والتطورات الهامّة ، حيث كنت مطلعا على مقدماتها ومجرياتها وتوقيتاتها ، وكنت مشاركاً بشكل مباشر أو غير مباشر بمعظمها بدءاً بالثامن من آذار ،و23شباط ، وما تمّ من مضاعفات وصراعات داخل الحزب والجيش ،مع العلم أنّني كنت مطلعاً على بعض الأمور أكثر من الكثيرين ، ومن مصادرها الأساسية الموثوقة ، أي قبل أن يتم تشويهها وتحريفها، ثمّ تفرّغت للعمل الحزبي والسياسي منذ 34 سنة أي بعد نقلي من الجيش إلى وظيفة مدنية عام971 ومتابعتي أمنياً عام 972 وحتى الآن ...ومنذ ربع قرن أتابع الأحداث يوماً بيوم ، وقد كتبت عنها الكثير ...إضافة إلى ذلك كلّه عايشت الرفيق الدكتور :إبراهيم ماخوس منذ مدّ طويلة ، واطلعت منه على كثير من دقائق الأمور التي عاشها وتراكمت لديه خلال فترة نضاله الطويلة ...وعلى كل حال ، ومهما كان " صغر رتبتي ووهن قربي من مركز القرار فهل أنت أكثر دراية مباشرة مني بتلك الحقبة التي تبرّعتَ للكتابة عنها يادكتور ؟
11- يلجأ الدكتور إلى مهنته الأصلية ليستخدمها سلاحاً إضافيا ليدعم به منطقه السياسي المتهاوي فيقول :" تذكّر يا رائد محمود أنّني طبيب ..وبالتالي فقدرتي على استشعار العصاب وتشخيصه موفورة . أنت تذكّرني بنمط كتاباتكم أواخر الستينات و"جدانوفيتها" ..."
أنصحك أيّها الطبيب المحترم أن تفتح عيادة عن بعد سمّها "عيادة الطويل للاستشعار عن بعد لكشف ومعالجة الأمراض النفسية " ،عندئذ تقدّم خدمة جليلة للبشرية ، وتريح قلمك وأمتك من " الخطل" والتلفيق والتزوير ....
وأخيراً ، أنصحك بالتزام الدقة والموضوعية في كتاباتك ، وإلاّ سأكون مضطراً للدفاع عن النفس ، وتبيان الحقائق المعتدى عليها ،ولن أكون البادىء ، واستخدم ذكاءك في الأسلوب الصحيح ، وقد سبق لي أن قلت لك مازحاً أثناء دردشة عابرة على هامش المؤتمر القومي العربي الأخير :" إنّ ذكاءك بيخوّف " ويبدو أنّني وخزتك دون قصد في مكان يوجعك ، ولكنّني الآن أقول لك جادّاً : إنّ ذكاءك مخيف جدّاً يادكتور .....
في 20-6-2005