لماذا المسالة الكردية ثانية

 رد على السيد محمد الراشد: معقل زهور عدي

 


لن أقف طويلا عند مسألة الاعتراض على المنهج التي أثارها السيد محمد الراشد في مقاله المنشور في موقع الرأي بتاريخ 17/6/2005 مرتديا عمامة المرجعية الفقهية ، فالمقال الذي نشرته بعنوان المعارضة السورية والمسألة الكردية هو مقال رأي ( مثلما أشار هو ) شأنه في ذلك شأن مئات المقالات الصحفية ومنها مقالته هو ، ولا أعتقد أن من ( الرصانة العلمية ) محاولة تطبيق معايير البحث الأكاديمي على مقالات الرأي ، بل ربما كان ذلك أمرا يستدعي الاستغراب حتى لانقول أكثر من ذلك ، من ذلك أنتقل مباشرة الى الفكرة الأساسية لمقال السيد الراشد وهي : لماذا الرغبة في فتح موضوع المسألة الكردية الآن وبعد ان اشبعت بحثا ونقاشا وتم التوصل الى كثير من المشتركات بين النخب الكردية ونخب المعارضة خاصة لجان احياء المجتمع المدني . ألا يعتبر ذلك عملا منفردا وغير ضروري بل وضار بالعلاقات بين الطرفين ؟

نعم لايمكن لأحد تجاهل قيمة الجهد الذي بذله المثقفون من كلا الطرفين وأهميته وضرورة الحرص على نتائجه ، لكن المسألة لايمكن اختزالها بهذا الحيز ، فهناك اشكالية تطل من واقع الأحداث التي تجري على الأرض ( في القامشلي مؤخرا على سبيل المثال ) ، وهناك تطور وتغير مواقف القوى والأحزاب الكردية ، وقد لاحظ ذلك أيضا السيد شمعون دنحو في مقالته المعنونة ( هل يحذو الأكراد في سورية حذو أكراد العراق ) ( نشرت بجريدة القدس ) حين قال : طرأ في الآونة الأخيرة تغيير واضح على الخطاب القومي لبعض الأطراف الكردية في سورية وخارجها ..وعلى سبيل المثال نرى ان مصطلحي ( كردستان الغربية ) و(كردستان سورية ) يدخلان ضمن الخطاب القومي والسياسي لعدد غير قليل من الأطراف والنخب الكردية السورية ) اذن كيف يمكن لعاقل غض النظر عما يجري في الواقع والنوم على وسادة من حرير لحوارات محدودة مفيدة وهامة لكنها لم تستغرق الاشكالية المتفاقمة ولايمكن اعتبارها حلا لها .

الرسالة التي رغبت في ايصالها تتمثل في ضرورة مواصلة الحوار مع النخب الكردية مع وضوح الموقف من فكرة كردستان الغربية وعدم التساهل في هذا الأمر .

مواصلة الحوار ضرورة لملاقاة واقع متبدل ومتفجر ، ووضوح المواقف أمر لاغنى عنه لتأمين مصداقية الحوار .

حين نسمع أن العلم السوري قد أنزل من فوق بعض الأماكن في القامشلي ورفع العلم الكردي بدلا عنه ، وأن هتافات أطلقت مثل ( لاعرب ولاسريان هادي كردستان ) وأنه كان هناك اطلاق نار متعمد ، ألا يحق لنا أن نشعر بالقلق ونتسائل : أين هي الأحزاب الكردية التي جرى معها الحوار ؟ وأين مواقفها من مثل تلك الممارسات ؟ وماذا فعلت المعارضة الوطنية الديمقراطية كاستجابة لجرس الإنذار هذا ؟.

ضعف الحساسية لمايجري في الواقع ، وتضخيم دور الحوارات السابقة ، والنظر اليها بعين الرضى والكمال ، ومحاولة فرض نوع من الوصاية على إشكالية تهم كل من يعيش في هذا الوطن ويستشعر المخاطر التي تهدده هي أمور تعكس حالة من النرجسية الذاتية وتلك هي النغمة الصادرة من مقال السيد الراشد ، لكن ما يتمناه المرء أن تكون مثل تلك النغمة نشازا في أوساط المعارضة الوطنية الديمقراطية ، وأن يحفز طرح المسألة الكردية ثانية إثارة حوار أوسع من ذي قبل ، وأكثر صراحة دون تعصب .

لايقتصر الطيف الكردي في سورية على أحزاب محدودة ، ولكنه يتسع ليضم تعبيرات متنوعة ثقافية واجتماعية ، وقد حان الوقت لضم تلك التعبيرات للحوار الكردي – العربي ولتحويل ذلك الحوار من حوار بين النخب الى حوار ديمقراطي ذي بعد شعبي .

لايمكن مواجهة موجات التعصب القومي دون توسيع الحوار العربي- الكردي وتجذيره في المجتمع ، وتلك هي الضمانة الحقيقية لعدم انقلاب بعض النخب الكردية أو العربية على ذلك الحوار في أي وقت بتأثير ضغوط الخارج أو احتقانات الداخل ، وأكثر مايسىء الى هكذا مشروع اعتباره منجزا فقط لأن بعض المثقفين من الطرفين قد اجتمعوا حول طاولة مستديرة قبل زمن ، والأسوأ من ذلك تجاهل أجراس الإنذار المتكررة في دمشق والقامشلي وغيرها أو اعتبارها لاتستحق إعادة فتح ذلك الملف أو نفض الغبار عنه .

"الرأي / خاص"