2005/06/11

logo.jpg (5438 bytes)

 

 

signature




محطة أخيرة

ساطع نور الدين
نوايا الاصلاح التي عبر عنها المؤتمر العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا حقيقية، برغم انها ليست مجانية أو تلقائية، وهي لا تعني بأي حال من الاحوال التخلي عن السلطة أو تقاسمها مع آخرين. وهذا ما لا يطالب به المجتمع الدولي حتى الآن.
لم يكن يتوقع من المؤتمر العاشر أن يدخل تعديلات جذرية على أسلوب الحكم في سوريا، خصوصاً انه لم ينعقد تحت عنوان الفشل في مواجهة تحديات وصعوبات المرحلة الماضية، ولم يختتم بالتسليم بأنه على وشك فقدان السلطة. لكن التوجيهات والتوصيات التي أصدرها يمكن أن تشكل برنامجاً طموحاً للإصلاح الداخلي حسب المعايير السورية. هي قد لا ترضي الكثير من الحالمين السوريين من المعارضة، لكنها بالتأكيد ستريح الغالبية الساحقة من الجمهور السوري الذي لا يزال النظام الحالي بديله ومشروعه الوحيد.
الرسالة التي وجهها المؤتمر الى الخارج لا تختلف كثيراً عن تلك التي تلقاها من الخارج: ثمة توافق ضمني على أن التغيير المطلوب لا يتخطى السياسة الخارجية السورية، التي تشكل مصدر الازعاج الوحيد للخارج ومصدر القوة الوحيد للداخل. لكن ليس هناك خطر حقيقي على النظام، وليس هناك تهديد جدي لاستمراره من أي جهة كانت، لا سيما من الاميركيين الذين يتعثرون في تجربتهم العراقية الصعبة ولا يودون مواجهة مشكلة اخرى مشابهة الى الغرب من حدود العراق، ولا ينوون اختبار نظرية الفوضى البناءة في سوريا، بدليل انهم تراجعوا عن فكرة الحوار مع جماعة الاخوان المسلمين.
انعقد المؤتمر العاشر في ظل هذا الاستنتاج أو بالاحرى في ظل هذا الاطمئنان العميق. ودخل في نقاشات جدية حول مختلف الشؤون الداخلية، وأوحى بأن سوريا تشهد عملية إعادة تأسيس فعلية تبدأ بتعديل الدستور وتنتهي بأدق تفاصيل الحياة اليومية للسوريين، وترسم خريطة طريق واضحة نحو المستقبل، بطيئة وتدريجية طبعاً، تتوافق مع متطلبات الوضع الداخلي السوري، ولا تترك الانطباع بأنها تستجيب لموجة عالمية عارمة أو تتكيف مع متغيرات إقليمية جذرية.
وهو شكل من أشكال التجاوب السوري مع تحديات المرحلة: الضغوط الخارجية شديدة، وهي ترقى الى مستوى الحصار والعزلة، مما يستدعي اللجوء الى توسيع القاعدة الشعبية للنظام، وتفكيك بعض آلياته التقليدية، والتخلي عن بعض رموزه القديمة، من أجل الاستمرار في ما يبدو انه تشدد في السياسة الخارجية، حتى يحين موعد التفاوض الحقيقي المنشود مع الخارج.
أرسى المؤتمر العاشر الاسس لمراجعة شاملة للتجربة الداخلية وإعادة النظر في الكثير من عناوينها، من أجل أن يتجنب إجراء أي مراجعة للتجارب الخارجية الحرجة، في لبنان أو في العراق أو في فلسطين: هو خبر سار للأشقاء السوريين لكنه ليس كذلك لسواهم.
... الى منتدى الحوار
Discussion Forum
 
الصفحة الأولى| أخبار لبنان| عربي ودولي| اقتصاد| ثقافة
رياضة| قضايا وآراء| الصفحة الأخيرة| صوت وصورة
 
©2005 جريدة السفير