مجريات وثائق المؤتمر التشاوري لبعض المستقلين والمعارضين غير الحزبيين المنعقد في دمشق بتاريخ27/6/2011

 


منذر خدام
الحوار المتمدن - العدد: 3411 - 2011 / 6 / 29
 
     

 

جدول أعمال اللقاء التشاوري
للمستقلين والمعارضين غير الحزبيين المنعقد في فندق سمير أميس بتاريخ 27/6/2011
استقبال: 11.30 إلى 12.30
الافتتاح: 12.30-13 لؤي حسين و منذر خدام
النشيد العربي السوري
دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء الحرية من المدنيين والعسكريين.
افتتاح اللقاء: كلمة تمهيدية للسيد لؤي حسين وتسليم رئاسة الجلسة للدكتور منذر خدام لرئاسة المؤتمر.
الجلسة الأولى: لمدة ساعتين
قراءة الوضع الراهن- يقدمها الأستاذ ميشيل كيلو
كيفية الانتقال السلمي والآمن إلى دولة ديمقراطية مدنية- يقدمها الدكتور منذر خدام
استراحة الغداء لمدة نصف ساعة
الجلسة الثانية وتستمر لمدة ساعة
مناقشات عامة حول الورقتين السابقتين
استراحة قصيرة لمدة ربع ساعة
الجلسة الثالثة لمدة ساعة
دور المثقفين والناشطين المستقلين في عملية الانتقال السلمي والآمن إلى دولة ديمقراطية مدنية- يلقيها الأستاذ حسان عباس
استراحة قصيرة
الجلسة الرابعة لمدة ساعة
متابعة النقاشات حول الأوراق المقدمة ومن ثم مناقشة البيان الختامي والمقترحات والتوصيات والتصويت عليها.



الكلمة الافتتاحية ألقاها السيد لؤي حسين
أيتها السوريات أيها السوريون المجتمعون اليوم هنا لأول مرة علناً منذ عقود أمام شعبكم اسمحوا لي أن أعرف بكم: إن شعبنا العظيم الذي ينظر إليكم الآن منتظراً ومتعشماً بكم أن تحملوا مسؤولياتكم التي انبريتم لها بكل جرأة وشجاعة ومخاطرة .
الحاضرون هنا ليسوا مسلحين أو إرهابيين ولا مخربين أو لديهم أي أجندة مرسومة مسبقاً سوى ما قالوه دوماً، إن النظام الاستبدادي الذي يحكم البلاد لابد له من الزوال وإقامة نظام ديمقراطي مدني على أسس المواطنة وحقوق الإنسان ليحقق العدالة والمساواة لجميع السوريين دون تمييز بينهم على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو اللون أو أي أساس آخر.
إننا نجتمع هنا اليوم في محاولة لتحديد أسباب إعاقة انتقالنا إلى دولة ديمقراطية مدنية ولنحاول استناداً لقراءة واقعنا الراهن وما ينذرنا به من مخاطر مدمرة أن نضع تصور عن كيفية إنهاء حالة الاستبداد والانتقال السلمي والآمن إلى الدولة المنشودة , دولة الحرية والعدالة والمساواة.
أيتها السوريات أيها السوريون, نحن نجتمع هنا ليس لندافع عن أنفسنا أمام سلطات تتهمنا بأبشع التهم, وليس لندافع عن أنفسنا أمام من يتهمنا بطيش أو لا مسؤولية بأننا نخون مطامح شعبنا أو نساوم على دماء شهداء الحرية, وليس لنقدم صك براءة أو شفاعة لأي شكاك لا يعرف أن قسماً كبيراً ممن يجتمع هنا في هذه القاعة هو من الذين أسسوا لمقولات النضال التي ترتفع اليوم على لسان آلاف المناضلين ينشدونها عالياً في سماء بلادنا,لا نجتمع لكل ذلك، بل لنقول قولاً حراً, لا سقف له ولا حدود له سوى ما يمليه علينا ضميرنا من مسؤولية تجاه شعبنا, الذي ينتظر منا أن نساهم في تبديد هواجسه من قادم أيامه, الذي يبدو له مجهولاً بكل ما يحمل المجهول من مخاوف. وذلك في أن نقرأ اللحظة الراهنة بوضوح: فإن كان راهننا مشوش الصورة فإن غدنا الذي لا نعرف ملامحه, والذي قد تكون إحدى احتمالاته انهيار النظام السياسي, فإن علينا أن نعمل منذ الآن لما بعد غدنا كي نحول دون انهيار الدولة و انفراط المجتمع.
من الخطأ التاريخي اختزال الحراك التظاهري والاحتجاجي الذي انطلق في سوريا منذ حوالي الثلاثة أشهر والنصف إلى مجرد صراع على بالسلطة، وبالتالي فإن ما قامت به السلطات السورية في التعامل مع هذا الحراك ليس أكثر من فعل يعاكس مسار التطور واتجاه التاريخ
اسمحوا لي بإسم أرواحكم الحرة أن أعلن افتتاح هذا اللقاء متمنياً على الدكتور منذر خدام أن يتفضل ويرأس الجلسة متمنيا له التوفيق في مهمته الشاقة.
دمتم ودام الوطن

كلمة الدكتور منذر خدام في بداية الجلسة الأولى
من كان منا يتصور أن هكذا اجتماع لقوى معارضة للنظام السوري ممكن عقده في دمشق قبل بضعة أشهر. لقد كانوا يحصون علينا أنفاسنا، ومن كان يخرج عن قواعدهم يلقون به في غياهب السجون. لم تكن حياة السوريين المعارضين تعنيهم، فهم مجرد أرقام مكتوبة بحبر تسهل إزالته دون أن يترك أي أثر.. لقد ردت الروح إلينا جميعا فصرنا نفكر بصوت مسموع...لقد ضاق القيد علينا فانكسر... الفضل في كل ذلك يعود إلى انتفاضة شعبنا السوري الباسلة، إلى مئات الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل أن يصير كل ذلك ممكنا..
أيها الإخوة
ينعقد لقائنا التشاوري هذا في ظروف معقدة جداً، وقد بدأ يرتسم من خلالها طريقان: فإما مسار واضح، غير قابل للنكوص، نحو تحول سلمي وآمن لنظامنا السياسي إلى نظام ديمقراطي، وفي ذلك إنقاذ لبلدنا وشعبنا، ووضعهما على طريق التطور الديناميكي والحضاري، طريق المنعة والازدهار والتقدم..... وإما طريق يفضي إلى المجهول حيث الدمار والخراب ينتظرنا جميعا. نحن مصممون على السير مع شعبنا على الطريق الأول، وليذهب من لا يريد السير معنا إلى الجحيم. ولا ينبغي أن ننسى أن ما نقوم به، وما نعمل عليه مع شعبنا ومع قوى التغيير فيه، هو من منظار التاريخ كبير جدا، وسوف يحسب علينا نجاحه أو فشله.
أيها الإخوة
نعلم جميعا حجم الضغوطات التي تعرض لها المؤتمر، وحجم الإشاعات التي راجت حوله، وقد صدر كثير منها للأسف عن إخوة لنا وأصدقاء يقفون معنا في الخندق الواحد، وفي الجهة الواحدة. كل ذلك يلقي علينا مسؤوليات كبيرة لإنجاح المؤتمر وتوصيل رسالة واضحة وقوية بأننا مع شعبنا لم نعد نريد العيش بالطريقة السابقة، نريد الحرية نريد الكرامة نريد الديمقراطية...
بعد ذلك أعطيت الكلمة للأستاذ ميشيل كيلو
لقد ألقى الأستاذ ميشيل كلمة شبه مرتجلة أفتقدها في الوقت الحالي، وعندما أحصل عليها سوف انشرها ضمن هذا الملف.
بعد ذلك ألقيت ورقت الدكتور منذر خدام وكانت بعنوان" مستلزمات المرحلة الانتقالية على طريق التحول الديمقراطي في سورية"
مستلزمات المرحلة الانتقالية
على طريق التحول الديمقراطي في سورية
تمر سورية بمرحلة تاريخية من وجودها عنوانها العريض أن الشعب السوري لم يعد يرضى العيش بالطريقة السابقة، وأنه يرفض نظام الاستبداد، ويتطلع نحو الحرية عبر نظام سياسي ديمقراطي يؤسس لبناء دولة مدنية ديمقراطية.
وحيث أن حركة الاحتجاج السلمي للشعب السوري تستهدف تحقيق انتقال بلدنا من وضعية الاستبداد إلى وضعية الحرية والديمقراطية فإن اعتماد الخيار الأمني لا يحل الأزمة السياسية الراهنة، بل يعرض بلادنا لمخاطر الاقتتال الداخلي، واستثارة التدخل الخارجي، لذلك فإننا ندعو للاستجابة لمطالب السوريين في الحرية والعدالة وصولاً إلى عقد اجتماعي جديد يعبر عنه بدستور ديمقراطي يؤسس لسلطة شرعية منتخبة.
وإذ نؤكد على ثوابت سورية الوطنية في تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة، بما فيها الجولان السوري المحتل، واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس، ومقاومة جميع سياسات الهيمنة على منطقتنا العربية...فإننا على قناعة بأن هذه الثوابت الوطنية التي هي ثوابت للشعب السوري سوف تتعزز أكثر في ظل نظام سياسي ديمقراطي، ودولة مدنية. ومن أجل ذلك، وتحقيقا لمطالب الشعب السوري الذي انتفض في سبيل كرامته وحريته، وضحى بدماء العديد من أبنائه من أجلها، وتأميناً لانتقال سلمي وآمن من النظام السياسي الاستبدادي إلى نظام سياسي ديمقراطي، فإننا نقترح الإجراءات الآتية:
في مجال المبادئ
ينبغي أن يكون واضحاً أن أي مؤتمر وطني يتم تشكيله سوف يكون هدفه وضع الإجراءات العملية للتحول نحو الديمقراطية في سورية، وليس الحوار أو التفاوض على حلول وسط، فلا حل وسط بين الاستبداد والديمقراطية. لهذا الغرض ينبغي العمل وفق المبادئ الآتية:
1- الانتقال بصورة آمنة وسلمية ومتدرجة من النظام الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي.
2- ينبغي أن يسترشد الدستور الجديد، وجميع القوانين الناظمة لحقوق المواطنين وواجباتهم بالمبادئ العامة للديمقراطية وشرعة حقوق الإنسان.
3- جميع المواطنين سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات.
4- لا احد فوق القانون، ولا حصانة لأحد من المساءلة.
5- لا ثأر ولا انتقام، بل تطبيق للعدالة.
6- الدولة المنشودة هي دولة مدنية ديمقراطية.
إجراءات المرحلة الانتقالية
من المعلوم جيدا أن أغلب فئات الشعب، والقوى السياسية المعارضة، لا تثق بالنظام القائم،وليس مطلوباً أبدا استعادة هذه الثقة، بل الشروع باتخاذ إجراءات عملية تجعل من عملية تفكيك الاستبداد عملية لا رجعة عنها، ولذلك، ومن أجل تنفيذ خطة التحول إلى النظام الديمقراطي خلال المرحلة الانتقالية، لا بد من اتخاذ جملة من الإجراءات العملية، التي يمكن تقسيمها إلى قسمين: إجراءات أولية وملحة تتطلب التنفيذ المباشر، وإجراءات تحتاج إلى تشاور وإعداد ومن ثم تنفيذ.
في باب الإجراءات الأولية والملحة نرى ضرورة تنفيذ الآتي:
1--تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة أحد الشخصيات المعارضة. إن تنفيذ هذا الخطوة الضرورية والملحة يوجه رسالة قوية للداخل والخارج بأن عملية التحول الديمقراطي قد بدأت، وان لا رجعة عنها. إضافة لذلك فإن خطوة كهذه سوف تطمئن الأصدقاء وتكشف نوايا الأعداء، وتخلق مناخا ملائما لاستعادة النشاط الاقتصادي حيويته وفعاليته. تبدأ حكومة الوحدة الوطنية فورا بالإجراءات الآتية:
1-التأكيد على حق الشعب السوري بالتظاهر السلمي، وتأمين الظروف الملائمة كي يعبر الشعب عن مطالبه بكل حرية وآمان.
2-الوقف الفوري لاستخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين، وسحب الأجهزة الأمنية من الشارع، وإعادة الجيش الوطني إلى ثكناته، وأماكن تمركزه في وجه العدو، على أن تتولى قوات الشرطة بالتعاون مع هيئات المجتمع المدني والأحزاب السياسية بمهمة حفظ الأمن أثناء المظاهرات.
3- العمل الفوري على عودة اللاجئين السوريين من الدول المجاورة بكرامة، وتأمين جميع مستلزمات ذلك.
4-إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية المظاهرات التي عمت المدن السورية.
4-إصدار عفو شامل عن جميع سجناء الرأي في سورية، وإغلاق ملف السجن السياسي نهائياً.
5- -تشكيل لجنة تحقيق مستقلة ذات مصداقية للنظر في أحداث العنف التي رافقت المظاهرات الشعبية، والكشف عن قتلة المتظاهرين ورجال الجيش والأمن ومحاكمتهم.
6-إلغاء جميع القوانين الاستثنائية التي صدرت في ظل إعلان حالة الطوارئ، مثل المرسوم رقم 4 والمرسوم رقم6 والقانون رقم 49، وقانون أمن الحزب، والقانون رقم 14 المتعلق بحماية الأجهزة الأمنية ومنتسبيها من المساءلة القانونية وغيرها من القوانين.
7- البدء بتسوية أوضاع جميع السجناء السياسيين السابقين، والتعويض عليهم، كل بحسب حالته.
8- تشكيل لجنة للمصالحة الوطنية والبدء بتسوية ملفات الأحداث في الثمانينات، وفي الوقت الراهن وإغلاقها نهائيا، والتعويض حيث تطلب الأمر ذلك.
9-السماح بعودة المنفيين طوعا أو كرها إلى الوطن وتسوية أوضاعهم.
10-الإعلان عن فصل حزب البعث عن جميع مؤسسات الدولة، وإخراجه منها.
11- البدء بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وحصر مهامها في المجال المحدد لذلك، وتطبيق القانون عليها.
12- تغيير الخطاب الإعلامي للسلطة تجاه الحراك الشعبي والمعارضة، و السماح بحرية الإعلام العربي والدولي، بما يساعد على تامين مناخ إعلامي ملائم يساهم بدوره بإنضاج الحلول الممكنة للتحول الديمقراطي بكل شفافية ووضوح ومراقبة.
13- تأمين الوصول إلى المعلومات بحرية، وتحرير النت.
أما في باب الاجراءات التي تحتاج إلى تشاور وإنضاج واعداد وتنفيذ فإننا نقترح الآتي:
1- الدعوة إلى مؤتمر وطني يشارك فيه ممثلين عن مختلف فئات الشعب السوري بما في ذلك ممثلين عن المعارضة بكل أطيافها وفي مقدمتهم ممثلين عن الحراك الشعبي في المدن والبلدات السورية تناط به مهام البرلمان خلال المرحلة الانتقالية، التي تنتهي بانتخاب هيئات السلطة بصورة ديمقراطية. يعلن هذا المؤتمر في أول اجتماع له عن تعليق العمل بالدستور الحالي، مع استثناء تلك المواد التي تتعلق بالسلطة الإجرائية ومنها صلاحيات الرئيس ومجلس الوزراء ومجلس الشعب، على أن يعاد صياغتها من منطلق تحقيق التوازن بينها، وإصدارها في صيغة لائحة دستورية يجري العمل بموجبها خلال المرحلة الانتقالية.
2--تشكيل لجنة من كبار الحقوقيين والمختصين بالقانون الدستوري لإعداد مسودة مشروع دستور جديد لنظام ديمقراطي برلماني أو رئاسي يجري الاتفاق عليه، يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية يطرح للاستفتاء العام خلال سنة. ينبغي أن يراعي الدستور الجديد بصورة خاصة:
أ-الاعتراف بالحقوق القومية للأقليات، على أساس المواطنة وفي إطار وحدة سورية أرضاً وشعباً.
ب-تحديد مدة الرئاسة بما لا يزيد عن خمس سنوات، ولدورتين متتاليتين.
ت-فصل السلطات الثلاث وتامين التوازن بينها.
ث-تشكيل مجلس للأمن القومي، يحدد القانون تكوينه وصلاحياته،ومسؤوليات.
ج - تشكيل غرفة ثانية للبرلمان (مجلس شورى) يتكون من ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية المعترف بها قانونا، وعن هيئات المجتمع المدني،والأهلي، والنقابات، يتم الاتفاق على تحديد صلاحياته التي منها القيام في أدوار رقابية والمساعدة في إنضاج ودعم التشريعات والقوانين والقرارات الإدارية المختلفة .
3--تشكيل لجان بحسب مقتضى الحال لإعداد مشاريع قوانين تتعلق بتنظيم الحريات العامة والشخصية، ومنها قانون ينظم العمل السياسي وتشكيل الأحزاب، وقانون للإعلام، وقانون للانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية، وغيرها من القوانين التي يتطلبها الدستور الجديد، على أن يتم عرضها للنقاش العام والاستفتاء عليها مع الدستور خلال سنة.
4-البدء بإعادة هيكلة جميع أجهزة الدولة بما يتناسب مع ضرورة التحول إلى النظام الديمقراطي.
إن تنفيذ المطالب السابقة الذكر كفيل بوضع سورية على طريق آمن وسلمي ومتدرج للخروج من نطاق الاستبداد إلى فضاء الحرية والديمقراطية خلال ثلاث سنوات على أبعد تقدير، بحيث تجري الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية القادمة على أسس تنافسية، في ضوء الدستور الجديد، والمعايير الديمقراطية المعروفة.
ملامح النظام الديمقراطي المنشود
في نهاية الفترة الانتقالية وبعد إجراء الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية وفق الدستور الجديد والقوانين الناظمة لها سوف يكون لدى السوريين نظام سياسي ديمقراطي يتسم بالملامح الآتية:
1-مواطن منتخب على أسس تنافسية يكون شرعيا بغالبية صوت واحد، وليس بنسبة 99.99% ليؤدي وظيفة رئيس الجمهورية، يمكن محاسبته وإقالته حسب القانون في حال قصر في أداء الوظيفة التي انتخبه الشعب من اجلها.
2- برلمان منتخب بصورة تنافسية، يعكس الخيارات الحقيقة للناخبين.
3- رئيس وزراء يتم تكليفه من بين الأغلبية البرلمانية(حزب أو تحالف).
4- مجلس وزراء بلا وزارة إعلام وثقافة( نقترح استبدال هاتين الوزارتين بمجلس وطني للإعلام ومجلس وطني للثقافة)، يؤدي الوظائف التنفيذية المناط به بكل شفافية، ومسؤولية، في ظل رقابة متعددة المستويات، ومحاسبة على التقصير.
5- تعددية حزبية، ونقابية حقيقة تعيد الروح إلى الحياة السياسية والنقابية التي افتقدها المجتمع السوري لعقود عديدة خلت، وتعكس خيارات المواطنين ومصالحهم.
6-إعلام حر ومسؤول ومتعدد يشكل سلطة رابعة حقيقة.
7-سلطات محلية منتخبة تعكس خيارات الناس ومصالحهم.
8-في ظل النظام الديمقراطي المنشود سوف تبدأ حياة السوريين بالتغير وتظهر فيها مشاهد مرغوبة كثيرة لم يألفوها من قبل. مثلا سوف يشاهدون وزيرا يستقيل أو يرغم على الاستقالة لتقصيره، حكومة تسقط بفقدان الثقة، نقاشات حامية وأصوات ترتفع في البرلمان دفاعا عن وجهة نظر،لا أيادي تصفق وترتفع أو تنخفض بناء على الأوامر. خطاب سياسي متعدد إلى حد الفوضى، لكنها الفوضى الجميلة " فوضى من الزهر" على حد قول شاعرنا الكبير بدوي الجبل.
أيها الأخوة
إن إنجاز عملية التحول المنشودة إلى نظام سياسي ديمقراطي تعددي، يحترم حقوق الإنسان، ويتيح تبادل السلطة عبر صناديق الاقتراع ... ليس سوى الجزء السهل من عملية هزيمة الاستبداد. فلا يتوهمن أحد بأن الاستبداد هو معطى في الحقل السياسي فقط، بل هو حاضر بقوة في الحقل الثقافي والاجتماعي وفي منظومة القيم العامة وفي طرائق التفكير... باختصار في جميع مناحي حياتنا، وإن هزيمته في هذه الحقول يحتاج إلى عقود من السنين، وإلى جهود هائلة. مع ذلك فإن بوابة العبور إلى تحقيق هزيمته تكمن بالضبط في الحقل السياسي، إي في بناء نظام سياسي ديمقراطي.
بعد فترة الاستراحة التي دامت حوالي نصف ساعة بدأ المجتمعون بمناقشة الورقتين اللتين تقدم بهما الأستاذ ميشيل كيلو والدكتور منذر خدام
لقد ساهم بالمناقشات عدد من الإخوة أذكر من بينهم الآتية أسماؤهم(ثلاث دقائق لكل متحدث)
1- الشاعر شوقي بغدادي 2 – حسن العلي 3-أكرم أنطاكي 4-صباح حلاق 5- محمد الحلاق 6- محمد العمار 6- د-أنيس كنحو 7- جوزيف إبراهيم 8- جودت سعيد 9- أحمد علي زرقة 10 – برهان ناصيف 11- سليمان يوسف 12 – جورجيت عطية 13 – فيصل يوسف 14 – موسى حنا عيسى 15 – نعيم هيلانة 16 – جلال توفيق 17 – فاديا سعد 18 –ممتاز الحسن 19 – قتيبة الحسيني 20 – نبيل مرزوق 21 – إبراهيم ياخور 22 - سمير سعيفان 23 – نبيل سليمان 24 – إسماعيل شكري 25 - أديب جورج مينا 26 – حبيب صالح 27 - رستم محمود 28 – تمام عباس 29- جواد آيو 30 – فؤاد حميرة 31 – أنور محمد 32 – فائق حويجة 33- فردوس البحرة 34 – فخر زيدان 35 – عادل محمود 36 – سلامة كيلي 37 - نادر جبلي 38 – علي الوراد 39 – فيبدا سمور 40 –زياد وطفة 41 – لويز عبد الكريم 42 – طلال الميهني 43 – ماهر أبو ميالة 44 – دريد جبور 45 – الشيخ ماهر صلة 46 – سمر أبو حرب 47 – خضر عبد الكريم 48 – مجد نيازي 49- رزق الله هيلان 50 – محمد سراج جوي 51 –غسان العساف 52 – نور العقاد 53 –ميشيل كيلو
في نهاية المناقشات رفعت الجلسة لاستراحة من خمس عشر دقيقية.
فيما يلي مساهمتين مكتوبتين لكل من السيد إبراهيم زورو والدكتور أنيس كنجو

رؤية سياسية لحل أزمة البلاد
إبراهيم زورو
أيها الحضور الكريم
أترحم في البداية على أرواح شهداء سوريا
لا يختلف اثنان على عمق الأزمة السياسية في بلادنا, التي تركت ظلالها قاتمة على حياة الناس اليومية، فالأزمة السياسية باتت تمس حياتنا جميعاً بل وجودنا في الحياة, ورغم ذلك لا يعترف النظام السوري بها, ويتعامل معها بأسلوب أمني مفرط في القوة, مما أدخل البلاد في متاهات سياسية وأمنية قد يصعب الخروج منها قريباً. فشبح قتامة الواقع ينذر بخطر كبير, وعلينا جميعاً تقع المسؤولية الوطنية والأخلاقية للعمل من أجل إيجاد حل سياسي ينقذ سوريا من الهاوية.
قبل الدخول إلى الرؤية التي نراها أفقاً وأملاً للخروج من الأزمة, نرى أن هناك حالة ظلم وغبن عاشها الشعب الكردي في سوريا, والذي ترتكز كثافته السكانية في المناطق الشمالية و الشمالية الشرقية ( محافظات الحسكة والرقة وحلب), ومعروف لكم جميعاً أن الكرد ليسوا طارئين على سوريا ولا على الشرق الأوسط, وهم من السكان الأصليين في المنطقة منذ آلاف السنين.
الكرد السوريون اختاروا العيش المشترك مع إخوتهم العرب في إطار وحدة البلاد, في إطار سوريا موحدة, فهم وفي كل المراحل التاريخية كانوا جزءاً من هذا الشعب, وهم لن يرضوا إلا أن يكونوا سوريين, لكن لهذا الشعب حقوق سياسية وثقافية, تجاهلها النظام دائماً, وتنكر لها طوال عقود, بل تعامل النظام معه بوصفه عبيداً ليس إلا, وسعى النظام إلى ترسيخ هذا التوجه في بنية المجتمع الثقافية, مما ترك أثراً عميقاً في العلاقة بين الثقافتين العربية والكردية, ونرى أن دستوراً جديداً يؤمن الاعتراف بالكرد كقومية أساسية في البلاد إلى جانب القومية العربية, ضمان للأمن والاستقرار والعيش المشترك بين المجتمع الواحد وبقية الأقليات الإثنية في البلاد.
صحيح أن الشعب السوري عانى الكثير من هذا النظام, فالآلام والجرح والمعاناة كانت واحدة, لكن الكرد كانت لديهم معاناة إضافية, فإضافة إلى المعاناة المشتركة للجميع, تم تجريد مئة وخمسين ألفاً من هويتهم السورية عام 1962م, وعليكم أن تتخيلوا حجم معاناة من لا هوية له في بلاده!! كما تم الاستيلاء على آلاف الهكتارات من القرى الكردية فيما سمي بمشروع الحزام العربي, فتم حرمان آلاف العوائل من مصدر رزقهم فتشردوا في داخل البلاد وخارجها, إضافة إلى محاربة اللغة الكردية, وملاحقة وزج المئات منهم في السجون ولا ننسى تعريب اسماء قراهم ومدنهم واسمائهم الشخصية . حاول النظام تقديم صورة الكردي بوصفه عدواً يريد تقسيم وتمزيق سوريا , ويطول الحديث في شآن المظالم على الكرد .
عليكم ايها السادة : أن تنظروا إلى وضع الشعب الكردي نظرة أخلاقية وثقافية وسياسية بوصفكم كمثقفين , حيث لا يعبث بالوطن إياد خارجية , وهو شرط ضروري لوجه سوريا الحضاري الذي يسعى إليه الكرد كونهم كانوا مدافعين عن الوطن السوري والأمثلة كثيرة على ذلك .
وحيث أن الكرد كانوا الأكثر تضرراً ولعل أزمة 2004 اكبر مثال على ذلك والتي نجح النظام في تقديم ابشع صورة عن الشعب الكردي , واعتقد بأنكم وضعتم الحلول ولكن بغياب هذه القضية والتي هي نصف الحل تركتموه جزافاً وبهذا لا فرق بينكم وبين أي نظام في هذا المنحى الذي بين المثقف والسياسي وكلكم تعرفون جيداً
ويبدو أن النظام كان يعمل منذ عقود لإيجاد هوة بين القوميات السورية وطوائفه الدينية ليتمكن من إحكام سيطرته على الشعب السوري
أيها الأخوة الحضور :
سمعنا بطروحات صادرة عن النظام , تدعو إلى حوار سياسي , لكن النظام لم يحدد من هؤلاء الذين سيتحاور معهم ؟
سيكون الحوار مقبولاً على اساس واحد : الحوار من أجل التغيير السلمي الديمقراطي لسوريا , بمعنى انتقال سوريا من دولة الحزب الواحد المؤله , والاستبداد والفساد والاستئثار بالسلطة والنفوذ والمال والإعلام , إلى دولة القانون والتعددية والديمقراطية , إلى دولة المواطنة تكون لجميع السوريين بمختلف أعراقهم ودياناتهم . وبشكل مباشر , لكن حتى الحوار من أجل هذا , يجب أن تتوفر البيئة المناسبة لها , كسحب الجيش مباشرة إلى ثكناته , وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين . والسماح بالتظاهر السلمي , وكف يد الأجهزة الأمنية من حياة الناس , وتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة ونزيهة وشفافة بمشاركة ممثلين عن المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في سوريا , تقوم بالكشف عن المسببين للعنف والممارسين له , وعن المسؤولين الذيت تسببوا في وقوع الضحايا , وإحالتهم إلى القضاء ومحاسبتهم.
عندها يمكن الحديث عن الحوار الوطني الشامل , الذي من شأنه إيجاد كل الحلول السياسية للأزمة التي تعصف بالبلاد .
عندها كل القضايا ستجد طريقها وسبيلها إلى الحل بما فيها صياغة دستور عصري جديد ( بوصفه عقداً اجتماعياً وسياسياً شاملاً ينظم حياة المواطنين ويحمي الوطن )
يوفّر المناخ السياسي السليم للتشريعات والقوانين الناظمة للحياة السياسية والاجتماعية للشعب السوري , ويمنح الحريات العامة للمواطنين بما لا يتعارض مع المواثيق الدولية ذات الصلة . فالوطن لا يكون حراً إلا إذا كان مواطنوه أحرار .
إن صياغة دستور عصري يلبي طموحات الشعب السوري قد لا يكفي , فلا بدّ من إصلاح قانوني شامل بالاعتماد على مختلف الخبرات القضائية والقانونية والحقوقية , من أجل تعديل وصياغة القوانين التي تنظم عمل الجمعيات المدنية والأهلية , والعمل الحزبي السياسي والإعلام والأحوال الشخصية والعقوبات وغيرها مما سينقل سوريا إلى دولة عصرية ديمقراطية .
مداخلة د . أنيس كنجو
وعياً لخطورة وعمق الأزمة التي تمر بها بلادنا ولمدى انعكاساتها السياسية على المستوى العربي والاقليمي وانطلاقاً من الحس الوطني بضرورة الخروج من هذه الأزمة ووضع البلاد على طريق التغيير الشامل الذي يلبي مطالب الشعب في الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي أقدم فيما يلي رؤيتي لمضامين عملية التغيير وللتدابير الواجب اتخاذها لترجمة هذه المضامين إلى واقع عمل ملموس :
1_ انتقال الدولة من الحكم الشمولي إلى دولة مدنية ديمقراطية يكون الشعب فيها مصدر السلطات الوحيد وسيد القرار , إذ لاشرعية إلا الشرعية المستمدة من الشعب,
2_ العدل هو اساس كل حكم وطني والمشاركة في القرار حق من حقوق المواطن العربي السوري وترجمة هذه المشاركة إلى واقع ملموس عن طريق دستوري جديد وانتخابات حرة شفافة يضمنها قانون انتخابات جديد هي واجب وطني يضمن الاستقرار والأمن ويعزز اللحمة الوطنية بكل مكوناتها الاجتماعية والعقيدية والعرقية
3_ المواطنون كافة متساوون أمام القانون وليس لأي فرد أو جماعة ان تتجاوز بأي صورة من الصور أمام القانون .
4_أن احتكار السلطة وإغلاق الباب امام التداول السلمي لها يشكل حاضنة وتربة خصبة لنمو الفساد والتربح غير المشروع , ويضع عقبات يصعب تجاوزها في طريق التوزيع العادل للثروة القومية ويسبب انتشار الفقر والقهر واتساع دائرة المحرومين
5_ إن افضل الطرق لمحاربة الفساد هو طريق الديمقراطية والتمثيل الشعبي الحر مما يؤدي إلى سيادة القانون واستقلال القضاء ونزاهته وإلى إعلام كفؤ يضمن حرية التعبير ويعزز الرقابة الشعبية على الفساد والمفسدين .
6_ أن الشعب السوري قادر على إصلاح شأنه بنفسه دون أي تدخل خارجي
7_أي تحرك مسلح يعتدي على الأرواح وعلى الممتلكات العامة او الخاصة هو تحرك مدان وطنياً ويجب وقفه وتجفيف منابعه .
8_التظاهر السلمي المرخص حق ومصان ويجب عدم وضع أي قيود عليه أو عراقيل في طريقه
9_إعلان نتائج تحقيقات اللجنة القضائية المشكلة منذ بداية الأحداث ومعاقبة المتورطين في إطلاق النار وازهاق الأرواح
10_في هذا الخضم من الرؤى والمقترحات والمطالب ومع هذا الحراك الرسمي والشعبي لتحقيق التغيير المطلوب من خلال اصلاحات وطنية شاملة ينبغي وضع خارطة طريق مبرمجة في توقيتها وآلياتها ومرتبة ترتيباً منطقياً قدر الإمكان وفيما يلي مقترح لمثل هذه الخارطة :

خطة الطريق
1_ السحب التدريجي والشامل لقوى الجيش والأمن من الشوارع والمدن والمناطق واعادة تمركزها وفقاً لمقتضيات السلامة الوطنية والأمن الوطني . وعدم تعرض القوى الأمنية بمختلف مسمياتها لأية تجمعات سلمية أياً كانت الشعارات أو الهتافات التي تطلق من هذه التجمعات .
2_ يصدر قانون عفو رئاسي يجري معه تبييض كافة السجون والمعتقلات من جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي .
3_صدور قرار جمهوري معلن بتشكيل لجنة من المختصين في الشؤون القانونية والدستورية برئاسة رئيس محكمة النقض الحالي أو رئيس محكمة نقض متقاعد مشهود له بالكفاءة والحياد مهمتها إعادة صياغة الدستور بما يحقق الانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية يجري فيها تداول السلطة وممارستها وفق أفضل معايير الديمقراطية المتبعة في العالم . على أن تقوم هذه اللجنة بإنجاز مهمتها خلال اسبوعين من تاريخ تشكيلها .
4_يصدر على التوازي قرار تسمية هيئة الحوار الوطني من لجنة الحوار الوطني والمشكلة بقرار جمهوري خلال اسبوع على الأكثر وتبقى اللجنة مفتوحة لانضمام أي قوى سياسية على الساحة الوطنية
5_تقوم هيئة الحوار الوطني بانتخاب مكتب لها يقوم إلى جانب المهام المعتادة بإدارة الحوار بالاتصال المستمر والنشط بجميع القوى السياسية المعارضة في الداخل والخارج التي لم تتمثل في الهيئة بغية اقناعها بالمشاركة وتسمية ممثليها لضمهم إلى الهيئة
6_تقوم الهيئة بمناقشة وانجاز قانوني الاحزاب والانتخابات ثم قانوني الإعلام والإدارة المحلية وتنقسم لهذه الغاية إلى لجان تشكل ورشات عمل مستمرة تصل الليل بالنهار بحيث تنجز كل لجنة قانوناً من هذه القوانين الاساسية تمهيداً لإقرارها في اجتماعات لكامل الهيئة في صورتها النهائية ورفعها إلى رئيس الجمهورية لإصدارها .
7_يجري طرح مشروع الدستور الجديد على الاستفتاء الشعبي العام خلال شهر من تاريخ إقراره بصيغته النهائية إلى هيئة الحوار الوطني
8_بعد إعلان نتائج الاستفتاء الشعبي يجري إعادة تشكيل الحكومة لتكون الحكومة المشرفة على الانتخابات العامة ويتولى وزارة الداخلية فيها شخصية مستقلة حيادية مشهود لها بالنزاهة ومقبولة من كافة الأطراف في هيئة الحوار الوطني
9_تترك فترة كافية تتسم بحراك شعبي عام تمارس فيها الأحزاب كافة نشاطها الجماهيري الذي يسبق موعد إجراء الانتخابات العامة وانتخابات الإدارة المحلية .
10_ بعد الانتخابات العامة يجري تشكيل حكومة جديدة وفقاً لأحكام الدستور , تحكم البلاد حتى نهاية الفترة الحالية لرئيس الجمهورية.
11_تجري انتخابات الرئاسة وفقاً لأحكام الدستور عام 2014


خصصت الجلسة الثالثة للورقة التي تقدم بها الأستاذ حسان عباس بعناون:
دور النخب الثقافية والسياسية في عملية الانتقال
أيتها السيدات أيها السادة
انخرطت سورية في التغيير وقطعت، بعد مرور أكثر من مائة يوم على انطلاقة الحراك الثوري، شوطا لا يستهان به على هذا الدرب الوعر الطويل بتضحيات الشهداء وبعزيمة الشعب الذي يجابه عنف السلطة بالتظاهر والاحتجاج السلميين، وبوعي النخب الثقافية والسياسية التي ترسم صورة المستقبل المنشود. يتباطأ إيقاع عملية التغيير حينا ويشدّ حينا آخر، لكنها، في المحصلة العامة، عمليةٌ متسارعة رغم ما تلاقيه من عوائق، وعمليةٌ وحيدة الوجهة لا بد لها أن تُنجز ولا تقبل بأية حال بالتوقف وهو ما يعني النكوص والعودة إلى أسوأ مما كان.
تطال عملية التغيير هذه أركان بناء الوطن كاملة: الشعب والمجتمع المنظم والدولة. وغاية العملية تحقيق المواطنة على مستوى الشعب، وتحقيق المدنية على مستوى التنظيم الاجتماعي وتحقيق الديمقراطية على مستوى الدولة. وللنخب الثقافية، والناشطون السياسيون يشكلون الجزء الأهم من هذه النخب، دور أساسي في التغيير في كل من هذه المستويات الثلاثة. وما قامت به حتى الآن هذه النخب، ممثلة بأعضاء التنسيقيات المنتشرة الآن على مساحة البلاد، وبالناشطين الملتزمين منهم في العمل السياسي أو المستقلين، يرقى بحق إلى مستوى المسؤولية التاريخية المناطة بها، وهذا ما أعطى لهذه النخب المصداقية التي جعلت المواطنين المنخرطين في الحراك الثوري يلتفون حولها ويثقون بها. وهذه المصداقية هي الضمانة الكبرى لجذب مزيد من المواطنين الكامنين الذين يشكلون الكتلة الأكبر من المجتمع السوري والذين لا بد من جذبهم لدعم عملية التغيير وإنجاحها. وهي الضمانة أيضا بألا يحيدَ الحراك الثوري الشعبي عن سَمته الصحيح.
إن مصداقية النخب شرط حيوي لتأدية دورها في عملية التغيير، واسمحوا لي بإبداء بعض الملاحظات في هذا السياق:
1- تستمد النخب مصداقيتها من مدى تلازم خطابها مع الشعارات التي يطلقها المواطنون المنخرطون في الحراك الثوري، فهؤلاء هم في النهاية المحرك المركزي في التغيير، وبتضحياتهم يرسمون الدروب التي يمكن لعملية التغيير أن تجري فيها، لكن أظن أنه من الخطأ اعتبارُ النخب ببغاوات تستبطن تلك الشعارات وترددُها فحسب دون أن تقوم بنقدها وتقويمها وبتنقيتها مما قد يلحق بها من شطط وانفعالية لا تتماشى مع التطلعات المدنية والديمقراطية للقسم الأكبر من المواطنين. بل ربما كان على هذه النخب التدخل المواظب لاستباق الطروحات والأعمال المتطرفة، وذلك حسب آليات العمل القائمة (التنسيقيات) أو حسب آليات جديدة.
2- تستمد النخب مصداقيتها من مدى تلازم أفعالها وتحركاتها مع الهدف النهائي للتغيير وهو التأسيس لدولة ديمقراطية يتمتع شعبها بحقوق المواطنة الحقة وينتظم مجتمعها على أسس مدنية يحكمها القانون. وعليه يجب على هذه النخب أن تلتزم بالامتناع عن اتخاذ أي إجراء أو مبادرة لا تتناسب مع هذه الأهداف. إن أي محاولة لركوب عملية التغيير القائمة يقدم عليها أفراد أو أحزاب أو جماعات وتؤدي إلى إقصاء أطراف أخرى من المجتمع هي فعل مدان يتنافى مع الأهداف المنشودة للتغيير. إن التلازم بين الأفعال والأهداف هو مصدر ثقة الناس بالنخب، والثقة هذه ليست قضية تعبوية فحسب، إنها أيضا ضمانة عملية لحماية الحراك الثوري من ارتداد أنصاره عنه وتحولهم إلى معارضين له.
3- وتستمد النخب مصداقيتها أخيرا من جديتها في التزامها بعملية التغيير من الموقع الذي تحتله في هذه العملية، فهي قد لا تشارك ميدانيا في المظاهرات والاحتجاجات لكنها تبقى فعالة من خلال نشاطاتها الدعاوية والتحريضية والتحليلية والتوجيهية...الخ. وهنا لا بد من القول بأن أحد مقاتل المصداقية يكمن في المهاترات التي قد تنزلق إليها النخب أثناء تلك النشاطات فتستهلك طاقاتها ووعيها في معارك جانبية لا طائل فيها، وتشتت جهودها وتركيزها، وتسيء إلى صورة النضال المنخرطة فيه. ناهيك عن أن بعض هذه المهاترات قد يكون مسيّرا من العاملين على تخريب الحراك الثوري وعلى إجهاضه. إن ما نشاهده منذ فترة على شبكة التواصل الاجتماعي من اتهام وتخوين وتخوين معنوي ومن خطابات كيدية وثأرية ومن تخندقات واصطفافات ينجر إليها بعض المثقفين والناشطين السياسيين يدعو إلى التشكيك في جدية التزام هؤلاء بعملية التغيير التي تعصف بالبلد. لقد أصبح الفيسبوك مَوحَلة يتجنب الكثيرون ارتيادَها، ويتجنب الكثير من مرتاديها مقاربة صفحات الناشطين فيها بل ينفرون منها بسبب المهاترات التي تظهر عليها.
انطلاقا من هذه الملاحظات أعتقد أن ثمة مبادرات وتوجهات قد يشكل اتخاذها وتفعيلها ضمانة للحفاظ على مصداقية النخب المنخرطة في عملية التغيير من جهة، كما قد تساعد هذه النخب على زيادة فعاليتها وفعالية الحَراك الثوري للوصول إلى ما ينشده من أهداف. وفي هذا السياق أقترح:
1- إعلان ميثاق شرف يلتزم من خلاله المثقفون والناشطون بالامتناع عن القيام أو المشاركة بأي فعل فكري أو عملي، وبالعمل على إبطال أي عمل فكري أو عملي، يؤدي إلى الإساءة المادية أو المعنوية إلى أي شخصيات أو أحزاب أو جماعات منخرطة في عملية التغيير مادامت تلك الشخصيات والأحزاب والجماعات ملتزمة بهدف بناء الدولة الديمقراطية المدنية دولة المواطنة الحقة لكل السوريين، ومادامت ملتزمة بالطابع السلمي للحراك وبرفض أي تدخل أجنبي أيا كانت جهته.
2- تشكيل لجنة من المتخصصين والخبراء في الإعلام تضم ممثلين عن القوى العاملة ميدانيا ومكتبيا من تلك التي لم تشارك في هذا اللقاء للعمل على:
ا- توحيد الخطاب الإعلامي الصادر عن الحراك الثوري بشكل يتم من خلاله تجنب التضارب والتخبط والمعارك الجانبية.
ب- إيجاد آليات عمل منظمة لكشف كذب الإعلام الرسمي وتفنيده بشكل سمعي بصري وتقني محكم ومقنع ، أي لا يكتفي بالتكذيب الكلامي.
جـ- إيجاد آليات توعية منظمة للأهداف التي تسير عملية التغيير نحوها.
د- إيجاد آليات توعية منظمة للمخاطر التي تحيق بسورية والناتجة عن محاولات التجييش الطائفي والأقلوي التي يمارسها النظام.
3- تشكيل لجان متخصصة في الميادين التي يتوجب تغييرها، على سبيل المثال لا الحصر:
- لجنة قانونية تعمل على دراسة مشاريع القوانين المقترحة وتبيان نواقصها وطرح تعديلات لها. وتقوم اللجنة أيضا بتحديد القوانين الواجب تغييرها وباقتراح أسس تنظيم السلطة القضائية بما يتناسب مع سورية الجديدة.
- لجنة متخصصة بملفات الفساد الكبرى تعمل على جمع المعطيات وتفنيدها وكشفها أمام المواطنين
- لجنة متخصصة بالتوعية على قضايا المواطنة وشروط تحققها.... إلى ما هنالك من ميادين أخرى..
4- إيجاد آليات عمل لكسب النخب المبتعدة أو المبعدة عن الحياة العامة أو المستقيلة منها والتي تشكل طاقة فكرية واجتماعية كامنة تنتظر من يدعوها لممارسة حقها في المشاركة السياسية والثقافية والفكرية.
5- تشكيل لجنة مشتركة من مثقفين مستقلين وحزبيين ومن ناشطين ميدانيين تناقش موضوع الحوار مع السلطة، وتعمل على صياغة مذكِّرة مشتركة ملزمة تتضمن الحد الأدنى من الشروط المطلوب تحقيقها لكي تنخرط القوى الفاعلة في الحراك الثوري في الحوار، كما تتضمن عرضا بالضمانات التي يجب على الطرفين توفيرها قبل الشروع في الحوار. وأعتقد أن هذا العمل ضروري جدا لكي نضع حدا للصدع الذي بات يتشكل بين القوى الفاعلة في الحراك والذي قد يؤدي، إذا ما تحول إلى شرخ حقيقي، إلى إضعاف الحراك وتفتيته.
ليست هذه المقترحات الخمسة سوى مقترحات أولية حول ما يبدو لي ملحا في الوقت الراهن، لكن عملية التغيير تفرز باستمرار اقتراحات أخرى وأكثر أولوية مما يتوجب على النخب القيام به. لكن، ولكي تستطيع هذه النخب العمل، لا بد من تحقق شروط القدرة على العمل وهذا ما يجب على السلطة ممثلة بقياداتها الداعية إلى الإصلاح وإلى الحوار القيام به إن كانت جادة بدعوتها. وأهم هذه الشروط:
- الالتزام الفعلي برفع حالة الطوارئ وهذا يعني في الواقع العملي:
- الإفراج عن الناشطين السياسيين والمستقلين المعتقلين والكف عن ملاحقتهم
- توقف الحملة الإعلامية المغرضة والموجهة ضد المثقفين والسياسيين في المعارضة، وهي حملة رسمية أحيانا و تأخذ صفة شعبية أحيانا أخرى لكنها تدار من أطراف في السلطة.
- إيقاف سياسة التضييق على سفر المثقفين والسياسيين المعارضين والسماح لهم بالتنقل بكل حرية داخل البلاد، للمشاركة في ميادين الاحتجاج مثلا، أو خارجها.
- إيقاف سياسة التضييق على التجمع والسماح بعقد الاجتماعات واللقاءات والندوات.
أيتها السيدات أيها السادة
إننا في بداية الطريق الطويل للتغيير ولنقل سورية من دولة الاستبداد، إلى سورية المدنية الديمقراطية القوية بوحدتها الوطنية المتحررة من أية هيمنة لفرد أو لحزب أو لجماعة. ولا بد للنخب الثقافية والسياسية الديمقراطية الوطنية من أن تستنفر لتقوم بالأعباء التاريخية الملقاة على عاتقها، ولكن لا بد لها أيضا من أن تتسلح بأكبر قدر ممكن من البصيرة والحكمة والحذر فالقضية قضية وطن، والرهان على مصيره.

بعد أن أنهى السيد حسان عباس عرض ورقته جرت متابعة للمناقشات على الأوراق الثلاث.
في نهاية المناقشات تم تشكيل لجنة لصياغة البيان الختامي والمقترحات، وبعد أن أنجزت صياغة مسودته جرت مناقشته والتصويت عليه وإقراره فقرة فقرة، وبندا بندا
انعقد في دمشق بتاريخ 27- 6-2011 اللقاء التشاوري الأوّل, بحضور شخصيات ثقافية واجتماعية تمثّل طيفاً من المجتمع السوري, وقد تمّ افتتاح اللقاء بالنشيد الوطني العربي السوري, ثمّ وقف المشاركون دقيقة صمتٍ حداداً على أرواح شهداء الحريّة من المدنيين والعسكريين, وبحضورٍ إعلاميٍ كثيف ,تليت كلمة الافتتاح, ثمّ ناقش المؤتمر ثلاث أوراق عمل حول الواقع الراهن والدولة الديمقراطية المدنيّة, ودور المثقفين والناشطين في المرحلة الراهنة. و أصدر المجتمعون (عهد من أجل بلادنا التي نحب ) .
وناقش المؤتمر أيضاً موضوعات طرحها المشاركون تتصّل بالأزمة العميقة التي تعيشها بلادنا اليوم, وانتهى إلى إقرار ما يلي:
1- دعم الانتفاضة الشعبية السلمية من أجل تحقيق أهدافها في الانتقال إلى دولة ديمقراطية مدنيّة تعدديّة, تضمن حقوق وحريات جميع المواطنين السوريين السياسية والثقافية والاجتماعية. كما تضمن العدالة والمساواة بين جميع المواطنين والمواطنات بغض النظر عن العرق والدين والجنس.
2- إنهاء الخيار الأمني, وسحب القوى الأمنيّة من المدن والبلدات والقرى. و تشكيل لجنة تحقيق مستقلة ذات مصداقية للتحقيق في جرائم القتل التي تعرّض لها المتظاهرون وعناصر الجيش السوري.
3- ضمان حريّة التظاهر السلمي بدون أذن مُسبق, وضمان سلامة المتظاهرين.
4- إطلاق سراح المعتقلين السياسيين, ومعتقلي الرأي, والمعتقلين على خلفيّة الأحداث الأخيرة دون استثناء.
5- رفض التجييش الإعلامي من أيّ جهة جاء, كما نطالب الإعلام المحلي الرسمي وشبه الرسمي بعدم التمييّز بين المواطنين وفتحه أمام الموالين والمعارضين للتعبير عن آراءهم ومواقفهم بحريّة.
6- إدانة جميع أنواع التحريض الطائفي والجهوي والتأكيد على وحدة الشعب السوري.
7- إعادة اللاجئين والمهجرين إلى منازلهم, وحفظ أمنهم, وكرامتهم وحقوقهم, والتعويض عليهم.
8- إدانة أي سياسات أو ممارسات أو دعوات من أية جهة صدرت تشجع على التدخل الأجنبي أو تمهد له أو تطالب به بأي شكل من الأشكال، ونرى أن العملية الأمنية الجارية هي التي تستدعي فعل هذه التدخلات.
9- ندعو إلى السماح للإعلام العربي و الدولي لتغطية ما يجري في سورية بكل حرية
10- عقد لقاءات مماثلة في مختلف محافظات سورية تنظمها و تدعو إليها هيئة تنسيق دائمة تنبثق عن هذا اللقاء.



عهد
من أجل بلادنا التي نحب, نتعاهد – نحن - المواطنين والمثقفين والمفكرين والشخصيات الوطنية المجتمعين بتاريخ 27 حزيران 2011 في فندق سميراميس – دمشق بأن نبقى جزءاً من انتفاضة شعبنا السوري السلمية في سبيل الحرية والديمقراطية والتعددية, وان نعمل بكل طاقتنا على تحقيق انتقال سورية إلى نظام ديمقراطي، يؤسس لدولة ديمقراطية مدنية بصورة سلمية وآمنة, ولذلك؛ نعلن رفضنا اللجوء إلى الخيار الأمني لحل الأزمة السياسية البنيوية العميقة التي تعاني منها سورية, كما أننا نرفض وندين أي خطاب وسلوك يفرق بين السوريين على أساس طائفي أو مذهبي أو عرقي, ونتعاهد بأن لا ننجر مع أي جهة تحاول إثارة هذه النعرات فيما بيننا, وأن نواجهها بثقافة التسامح، والعدالة، بأسلوب حضاري وسلمي, ونرفض أيضاً أي دعوة للتدويل أو التدخل الخارجي في شؤون سوريا وأن نغلب مصلحة الوطن وحرية المواطن على كل مصلحة أخرى كي نتركه لنا وللأجيال القادمة وطناً حراً وديمقراطياً وآمناً وموحداً شعباً وأرضاً.
عاشت سوريا حرة وديمقراطية
المشاركون في اللقاء التشاوري
دمشق في 27 حزيران 2011
في سياق التحضير والإعداد للمؤتمر حصلت مشكلة كبيرة أثرت على انعقاد المؤتمر، وعلى عدد المشاركين فيه، وحصلت أيضاً بعض المشكلات الصغيرة التي أعطت انطباعاً غير مرغوب به.
المشكلة الكبيرة التي واجهة اللجنة التحضيرية تتعلق بتأمين المكان لانعقاد المؤتمر. لقد جرى البحث في خيارات عديدة، منها البحث عن مزرعة لعقده، أو مطعم أو مقهى أو صالة فلم نجد، سواء بسبب عدم توفر الحماية اللازمة للمؤتمرين، أو بسبب عدم موافقة الأجهزة الأمنية المختصة على ذلك. لقد كنا واضحين منذ البداية بأننا لن نطلب إذنا من أحد فتوجهت الأنظار إلى فندق الشيراتون باعتباره يتبع شركة دولية، ظننا أنها لا تحتاج إلى موافقة أمنية، وبعد أن تم الحجز، ووجهت الدعوات للمدعوين فوجئنا قبل أقل من يوم على الموعد المحدد للمؤتمر برفض الفندق استقبالنا لعدم توفر الموافقة الأمنية على ذلك. فتوجهت الأنظار إلى فندق سمير أميس مستفيدة من علاقات شخصية. وبعد أن وعدنا بقاعة المؤتمرات في الفندق بدأنا الاتصالات من جديد لتوجيه المدعوين إلى فندق سمير أميس، وعند الساعة العاشرة ليلاً أي قبل انعقاد المؤتمر بأقل من خمس عشر ساعة برفض الفندق استقبالنا، وبالتالي وضعنا أمام خيار وحيد وهو إلغاء المؤتمر، علما أن بعض المدعوين كانوا قد وصلوا إلى دمشق من محافظات سورية كافة. وبعد تشاور سريع قررت اللجنة المنظمة كتابة بيان شديد اللهجة يحمل الحكومة السورية المسؤولية عن فشل انعقاد المؤتمر. وقد ارتأ احد أعضاء اللجنة الاتصال بالدكتور إبراهيم درّاجي أحد أعضاء لجنة الحوار الرسمية في محاولة لوضعه في صورة الموقف، وإعلامه بأننا سوف نصدر بياناً شديد اللهجة ضد الحكومة السورية، وأمهلناه نصف ساعة للإجابة. وفعلا بعد أقل من نصف ساعة بقليل أبلغتنا إدارة الفندق بأن قاعة المؤتمرات فيه تحت تصرفنا. وبدأت على الفور حركة نشيطة لإبلاغ المدعوين الذين تم إبلاغهم بعدم انعقاد المؤتمر، بأن المؤتمر سوف ينعقد في موعده ومكانه.
لقد أثرت هذه المشكلة على عدد الذين حضروا المؤتمر، مع ذلك شارك في المؤتمر نحو 175 مشاركاً. إن بروز هذه المشكلة شكل فضيحة لكذبة ما سمي برفع حالة الطوارئ.
المشكلات الصغيرة التي حصلت واستغلت إعلاميا من وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية لإعطاء انطباع غير إيجابي عن المؤتمر أذكر ثلاث مخالفات لقواعد الدخول إلى القاعة والتي تنص على عدم السماح لأي شخص بالدخول إذا لم يكن اسمه واردا في سجلات المدعوين.
المشكلة الأولى أتحمل أنا شخصيا المسؤولية الكاملة عنها، وتتعلق باستغلال أحد رفاقي السابقين في السجن معرفتي به لكي يدخل فأدخلته. لقد كان قد مضى أكثر من خمس عشرة سنة لم أره خلالها وبالتالي لم أعرف ما هي مواقفه السياسية الراهنة. علما بأنني كنت قد نبهت بصفتي رئيس المؤتمر بأن أي تصريح صحفي ينبغي أن ينسبه صاحبه إليه، ولا ينبغي الحديث عن المؤتمر إلا للمعنيين بذلك. وبالذات كنت قد نبهت الشخص المعني بعدم الظهور أما وسائل الإعلام لمعرفتي بأن في طبعه خفة. وقبل أن يبدأ المؤتمر فوجئت بأنه يصرح لوكالات الأنباء بأمور لا علاقة للمؤتمر بها : التصريح الأول يقول فيه بأننا في المؤتمر قد طلبنا موافقة الجهات الأمنية المختصة وهذا لم يحصل. التصريح الثاني يقول بان المؤتمر يقر ويعترف بوجود عصابات مسلحة تقتل المتظاهرين ورجال الجيش والأمن، وهذا موضوع لم يكن مطروحا أصلا على جدول الأعمال، وترك لكل شخص الحرية بأن يعبر عن موقفه منه. التصريح الثالث يقول بان المؤتمر سوف يشكل وفدا للحوار مع السلطة، وهذا غير صحيح ولم يكن مستهدفا أبدا من المؤتمر.
وعندما اخبرني بعض أعضاء الفريق اللوجستي بذلك ذهبت لإيقافه والتقليل من الضرر الذي حاول إلحاقه بالمؤتمر، وكنت في حالة متوترة أثر على أسلوبي في معالجة المشكلة، فظهر الموقف في وسائل الإعلام وكأننا نتشاجر، وهذا لم يحصل نهائياً. أعتذر للمؤتمرين أولا، ولجميع من شعروا بالحرج من هذا المشهد من أبناء شعبنا السوري...هل ثمة تأهيل له للقيام بهذا الدور؟ أم هو مجرد سلوك شخصي غير مسؤول؟ ليس لدي جواب واترك الحكم لكم.
المشكلة الصغيرة الأخرى تتعلق بدخول نبيل صالح وهو غير مدعو وقد سمح له بذلك أحد أعضاء اللجنة التحضيرية، وكذلك حضور الفنان السوري الكبير عباس النوري رغم معرفة الجميع بتصريحاته ضد المنتفضين السوريين. لست ادري بمعية من دخل، ولم أشاهده إلا على وسائل الإعلام. وعموما فقد انسحب الضيفان في وقت مبكر من انعقاد جلسات المؤتمر، ليستقبلا مباشرة على تلفزيون الدنيا.
المشكلة الثالثة و تتعلق بورقة الأستاذ ميشيل كيلو التي ارتجلها ولم يعدّها مكتوبة كما كان متوقعاً، وكذلك بظهور بعض الارتجال في اللجنة المنظمة.
لقد تعرض المؤتمر أثناء التحضير له وكذلك أثناء انعقاده لحرب إعلامية شرسة سواء من قبل المعارضة أو من قبل النظام. لقد أحزننا كثيرا بعض التسرع في الحكم عليه، وعلى نتائجه مسبقا، من قبل بعض المعارضين ومن قبل الحراك الشعبي في الشوارع، وهذا ما نتفهمه جيدا، ونأمل أن تكون الصورة عن المؤتمر قد أصبحت واضحة أكثر.
أما التشويه الإعلامي للمؤتمر من قبل الإعلام الرسمي، وكذلك تحريك المسيرات ضده أمام باب الفندق، أو التشبيح الذي قام به بعض الإعلاميين السوريين في نهاية المؤتمر الصحفي، فنعده وسام شرف، وتأكيدا على نجاح المؤتمر.
لقد استمر المؤتمر نحو ثمانية ساعات متواصلة حقق في نهايتها، بغض النظر عن المشكلات التي واجهته، نجاحا باهرا بكل المقاييس، وسوف نترك الحكم عليه، وعلى نتائجه، وعلى أثاره للأيام والأسابيع القادمة. وليكن واضحا أن نجاح المؤتمر يعود الفضل فيه لجميع من شاركوا فيه، وبتنظيمه وخدمته لوجستياً
كلمة أخيرة وحميمية بودي توجيهها للزملاء في اللجنة التحضيرية، وفي مقدمتهم الصديق لؤي حسين الذي لولاه لما انعقد المؤتمر أصلا. كما أوجه الشكر والتقدير للصبايا والشباب الرائعين الذين كانت بصماتهم متروكة بوضوح على جميع جوانب ومشاغل المؤتمر. لكم جميعا تحيتي ومحبتي الخالصة بدون استثناء. دمشق في 27/6/2011.
ملاحظة: في اليوم التالي(28/6/2011) حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا حرك النظام شبيحته، وتجمعوا أمام بيتي، وأخذوا بالسباب علي وبتهديدي وعائلتي. في حينه لم أكن موجودا في البيت، بل زوجتي وولديا، الذين تفجأوا بما يحصل في الشارع وشعروا بخوف شديد).