أيها المسؤولون انظروا إلى أولادكم وزوجاتكم ماذا يفعلون
تراث خالد
:
مجلة
الغربال
يُقال إن كلب الأمير أمير، وإن ابن المسؤول
مسؤول، لكن إن تصرف ابن المسؤول تصرفات غير مسؤولة فهنالك حتماًً مشكلة كبيرة.
بعض من المسؤولين وبسبب انشغالهم لا يعرفون
الكثير عما يحدث في منازلهم، ولحسن الحظ أو لسوئه، أقطن في منطقة أتاحت لي أكثر من
غيري فرصة التعامل مع أولاد المسؤولين ومعرفتهم عن قرب، ولأني لا أصدق كلام الناس
فإن ما سأكتبه من حوادث هو ما رأيته بأم عينيّ، راجياً من جميع المسؤولين أن يولوا
مزيداً من الاهتمام والرقابة على تصرفات أولادهم وزوجاتهم كيلا يسيئوا لأنفسهم
وغيرهم..
ابن مسؤول مرهف الإحساس يلاعب القطط!!..
منذ سنوات ليست بالكثيرة كنت ذاهباً لمنزل
صديقي حين التقيت بابن مسؤول تربطني به معرفة سطحية، كان يبلغ من العمر حينها
16
عاماً، وجدته يحتجز قطةً داخل صندوق كرتوني
بمساعدة بعض العناصر، طلب مني البقاء لأشاهد عرضاً مثيراً لم يسبق لي أن شاهدته في
حياتي على حد تعبيره، ثم أمسك بقنينة من البنزين الحكومي وصب بحرص على ذيل القطة،
ثم أشعل النار في قطعة منديل بغية إحراق الذيل، لم أتمالك نفسي، نعته بالمجنون
وطلبت منه ألا يقدم على ذلك دون جدوى، وبقدرة قادر قفزت القطة من الصندوق وهربت
بعيداً، حينها تضايق صاحبنا لإخفاق المهمة وبدأ يروي لي عن محاولة ناجحة له، عبر
خلالها قائلاً:
(مثل
أفلام الكرتون صارت تركض بسرعة جنونية والنار تشب في ذيلها
"فاقستلها
التيربو"
وذهبت تطفئ نفسها في العشب اليابس فهب العشب
كله ناراً، ها ها ها)ز.
ألم يعلم هذا أن امرأة دخلت النار في هرة لا هي
أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
كف مجاناً لكل من يمر أمام المنزل..
كنت أملك دراجة آلية حمراء جميلة وجديدة، كنت
متعلقاً بها لدرجة أني كنت لا أعيرها لأحد حتى لأخي، الحادثة بدأت عندما طلب مني
ابن مسؤول استعارتها فرفضت، وبعد أسبوع وأنا أوصل رفيقي إلى منزله على دراجتي، قررت
بغباء أن أسلك الطريق الأقرب، ولماذا بغباء؟!،
لأن هذا الطريق يمر بشارع ذلك المسؤول المتخم بأربع مطبات وكولبتين وعدة سيارات
تبيت يومياً، فاعترضني ابن ذلك المسؤول البالغ من العمر آنذاك
23
عاماًً
مع مجموعة من العناصر وسألني بفوقية:
"ليش
مارق من هون ولاك؟"،
أجبته بكل أدب:
كي أوصل رفيقي، فقال لي:
"هي
كف إلك وكف لرفيقك"،
وأكلنا كفين أنا ورفيقي، ولأن الموضوع لا يحل بالشجار قررت متابعة طريقي، وعندما
رويت ما حدث معي أمام أحد الأشخاص طمأنني بأنني لست الأول وبأن ما أصابني هين جداً
بالمقارنة مع ما يفعله أولاد هذا المسؤول بكل من يمر بالشارع الذي يطل منزلهم عليه،
فتقدمنا بشكوى للسلطات العليا وبدورهم أرسلوا شخصاً بسيارة مدنية للتحقق من صحة
الشكوى، مر هذا الشخص أمام منزلهم في المرة الأولى فلم يحدث شيء، مر في المرة
الثانية فاعترضوه وأمطروه بصفعات مجانية ولكمات كُسر على إثرها سناً له، بعدها
بفترة أزيلت المطبات والكولبتان، لاحقاً وبسبب ازدياد المشكلات التي كان أولاد هذا
المسؤول يسببونها باستمرار، ومنها مشكلة المرسيدس النملة التي سنذكرها لاحقاً، تم
تسريح هذا المسؤول من منصبه وسحب جميع سياراته..
(بعد
تسريحه بفترة ظهرت سيارات أخرى كانت مخبأة).
إطلاق النار مثل
"عضة
الكوساية"
كنت ذاهباً لشراء المثلجات حين لفت انتباهي جمع
من الناس يتبادلون الشتائم، أوقفت سيارتي على مقربة منهم وبدأت أراقب ما يحدث من
داخلها، ظهر لي جلياً ابن مسؤول كبير آنذاك يتشاجر مع ابن مسؤول أصغر منصاَ، وبركلة
مزدوجة أقسم أني لم أشاهدها إلا في الأفلام ركل ابن المسؤول الأصغر منصباً خصمه على
وجهه، كانت الركلة كفيلة بإشعال الموقف، وبدأ التهديد والوعيد، ثم ركب كل واحد
منهما في سيارته وغادرا المكان على أن يلتقيا في مكان مهجور نوعاً ما في المنطقة
نفسها لإثبات رجولتهما أو لست أدري!!..
إلا أن ابن المسؤول الكبير كان أسرع بجلب
ترسانة من الأسلحة والعناصر فباغت الثاني الذي كان ما يزال في طريقه إلى منزله
بإطلاق رصاصة أصابته في خاصرت، بعدها تم طي الموضوع بتدخل من أبويهما مباشرةًً.
يذكر أن سبب الخلاف كان كلمة
"تفو
عليك"
التي قالها أحدهما للآخر لأنه كان مسرعاً
بسيارته ومر ملاصقاً لسيارة الأول ولا تخلو القصة من وجود أنثى!.
النملة وبس وباقي سياراتي خس..
يذكر جارنا الدكتور
"ل"
في إفادته:
"أن
ثلاثة مسلحين يلبسون جوارب نسائية سوداء اللون في رؤوسهم اعترضوه في الليل وهو يقوم
بفتح باب مرآبه لإدخال سيارته المرسيدس التي نطلق عليها نحن السوريون اسم النملة،
حيث أجبروه على الوقوف دون حراك تحت تهديد السلاح في حين استقلوا سيارته وغادروا
بها المكان"،
وعندما انكشفت الحادثة تبين أن ابن مسؤول بمساعدة صديقين له أقدم على سرقة سيارة
المرسيدس البيضاء التي لم يقاومها رغم وجود ست سيارات تحت أمره أمام منزل والده،
وطار بها إلى اللاذقية حيث عرضها للبيع على أحد الأشخاص البارزين الذي كشف بدوره
الموضوع وأبلغ عنه، فتم القبض عليهم في جبلة ومعهم السيارة وبحوزتهم سلاح، حُكم على
الثلاثة بالسجن لمدة خمس سنوات، لكن ابن المسؤول استطاع الخروج من السجن الذي لم
ينم به إلا بضعة أيام بعد استخراج شهادة مجنون له، وهي الشهادة الثانية التي
يمتلكها في حياته بعد سحب إحدى شهادتي الثانوية العامة
(الأدبية)
و
(التجارية)
لإقدامه على التسجيل والتقديم لكلتا الشهادتين
في الوقت نفسه، وهو أمر ممنوع وغير ممكن عملياً، وهي سابقة لم تحدث في سورية من
قبل، وكان من المفروض أن يتم حرمانه من الشهادتين معاً، والأغرب من ذلك أنه تمكن من
الحصول على وظيفة حكومية بعد ذلك وهو مجنون، أما صديقاه فربما لا يزالان في السجن
إلى يومنا هذا.
(بعد
القبض عليه لسرقته للمرسيدس تبين من خلال التحقيق أنه سبق وأن سرق سيارة والد
المرسيدس الحكومية وباعها في اللاذقية).
عشيقة ابن وزير سابق تعرضني لإطلاق نار
أذكر أني كنت في المنزل عندما قَرَع الجرس
مسؤول ابن مسؤول، فتحت الباب وإذ بشخص مضطرب وغاضب وسكران يسألني عن أخته المختفية
منذ الصباح والتي ادعت أنها ذاهبة إلى منزلنا لزيارة أختي، في حين تبين لاحقاً أنها
كانت برفقة ابن وزير سابق كان على رأس عمله آنذاك.
المشكلة كانت بأن المسؤول ابن المسؤول لم يصدق
أن أخته غير موجودة عندنا رم سماحنا له بالدخول إلى منزلنا ليتأكد بنفسه، ومع
إصراره وازدياد غضبه حمل مسدسه ووجهه نحوي، وفي اللحظة التي ضغط بها الزناد ارتمى
عليه أحد العناصر المرافقة له مبعداً المسدس عن وجهتي، ما أذكره أني أغمضت عيني
وانبطحت حين سمعت صوت إطلاق ما يقارب
7
رصاصات خرجت بسرعة كبيرة من
هذا المسدس الغريب الذي عرفت فيما بعد أن اسمه
(مسدس
غاز آلي)،
أصيبت سيارتنا بثلاث رصاصات، أما وجهة الرصاصات الباقية فالله أعلم بها، بعدها
بساعات جاء برفقة والدته وقدم اعتذاره لنا وأصلح السيارة على حساب وظيفته ووظيفة
والده، لكني أتساءل هل كان ينفع أي اعتذار لأهلي إن أنا أصبت بالنار؟!.
زوجة مسؤول تحول مدرسة إلى ثكنة عسكرية وابنتها
الأولى على المدرسة!!..
القصة بدأت عندما تولت زوجة مسؤول إدارة مدرسة
ثانوية في المنطقة، حدثت بعدها على الفور سلسلة من التغيرات الرهيبة والمؤثرة سلباً
على العملية التعليمية في الثانوية، حيث تم نقل أكثر من
13
مدرساً
من أعمدة التدريس من المدرسة لسبب أو لآخر، أذكر أن معلمة العلوم القديرة والقديمة
طلبت نقلها إلى مدرسة أبعد لعدم تحملها الطريقة السيئة التي كانت تُعامل بها من قبل
الإدارة.
الأفظع من هذا هو أن دوريات الشرطة كانت تأتي
يومياً إلى المدرسة لحل الخلافات بين الطلاب على طريقتها وكأن المدرسة أحد شوارع
(شيكاغو)
المشبوهة، وبأم عيني رأيت كيف كان أحد الطلاب
مقيداً بكلبشات ومقتاداً إلى سيارة الشرطة، حيث تم دفعه إلى داخلها لأخذه إلى
المخفر، هذا هو الأسلوب الذي اتبعته المديرة لحل مشكلات بسيطة بين الطلاب لا تحتاج
لأكثر من إرشاد من الموجه أو استدعاء لولي الأمر، أذكر يوماً أنني تشاجرت أنا
وزميلي فأخذونا إلى هذه المديرة التي قالت لنا بالحرف الواحد:
"
تتصالحو ولا بجبلكم الشرطة"
فتصالحنا وتباوسنا وتصافحنا أمامها..
هذه المديرة وبسبب ممارساتها تسببت لاحقاً في
تسريح زوجها، وهذا كله في كفة، وقصة أولوية ابنتها في كفة أخرى، فمنذ وصولها إلى
المدرسة تم تقسيم الصف الثاني ثانوي إلى شعبتين، شعبة بنت المديرة التي ضمت جميع
المتفوقين، وشعبتي التي ضمت جميع الكسالى والمشاغبين، والتي ربما كان لها الدور في
جعلي أكتب مقالاتي المشاغبة، ولقول الأمانة تعرفت إلى ابنة المديرة وهي فتاة ذكية
مقبلة على المعرفة رغم عنجهيتها وغرورها، وليس عيباً إن كان لها مدرسوها الخصوصيون
(مدرسو
المدرسة أنفسهم)
ليساعدوها على التفوق، لكن رغم كل هذا الاهتمام
لم تستطع ابنة المديرة التفوق على الطالبة الفقيرة التي اعتدنا أن نراها الأولى على
مدرستنا في كل سنة، حيث كان الفرق بينهما ثلاث علامات فقط، ولأن المديرة زوجة
المسؤول صَعُب عليها أن تكون ابنتها في المركز الثاني، تم التلاعب بعلامات الفتاة
الفقيرة في مادة التربية الرياضية باعتبار أن امتحانها لا يتم إثباته بأوراق رسمية،
حيث تم إنقاص أربع علامات من الطالبة الفقيرة لتتفوق بالتالي ابنة المديرة عليها
بفارق علامة واحدة وتصبح الأولى على مدرستنا.
سايق دبابة ولا على بالي..
سيارات وتصليح وبنزين ببلاش..
خادمات فلبينيات على شكل عساكر..
سيارة رانج روفر كالدبابة يسوقها ابن مسؤول،
طوله مترين وعرضه متر وعقله صفر، يبلغ من العمر
19
عاماً،
يستمتع بمداعبة سيارات أصدقائه وذلك بخبطها من الوراء، يرعب أصدقاءه ويقول لهم:
"التصليح
عندي ببلاش أما أنتو يا حسرتكم".
إنها قصة قصيرة لكنها تعكس طبيعة ونفسية كثيراً
من أولاد المسؤولين الذين عرفتهم، فظاظة واستعلاء واستهتار بما رزقهم ربهم، مع
العلم أن معظم أبائهم ليسوا مثلهم.
وهناك ظاهرة مزعجة حقيقةً، وهي تسخير سيارات
الدولة وخاصة من قبل زوجة المسؤول وبناته لخدمة صديقاتهن، حيث تخدم السيارة أكثر من
عائلة بشكل استهتاري.