2005/11/26

logo.jpg (5438 bytes)

 

 

front




المخرج المؤقت
من اختناق 1636

جوزف سماحة
المرحلة التي افتتحها صدور القرار 1636 توقفت أمس في محطة مهمة، في <<توافق اللحظة الأخيرة>> الذي أعلن عنه في دمشق بين الجهة السورية ولجنة التحقيق الدولية برئاسة ديتليف ميليس.
القرار 1636 هو، بمعنى ما، ترجمة دقيقة للسياسة الأميركية حيال دمشق: ثمة مطالب لا تترك مجالاً إلا لتنفيذ غير مشروط. بكلام آخر جرى تدويل الموقف الأميركي حيال سوريا، والممارَس منذ سنوات، وإن كان جرى حصره في عنوان واحد هو <<التحقيق>>. ولقد كان لافتاً أن كوندليسا رايس صرّحت، وتبعها مسؤولون أميركيون آخرون، بأن <<على سوريا أن تكف عن التفاوض>>.
إلا أن سوريا لم تكف عن التفاوض. ويمكن، بهذا المعنى، اعتبار خطاب الرئيس بشار الأسد <<المتشدد>> شكلاً من أشكال التفاوض خاصة أن الأبواب بقيت مفتوحة للموفدين والزوار والوسطاء، وأن الموقف الإجمالي بقي تحت سقف <<الرغبة في التعاون>>.
ما أعلن عنه في دمشق أمس يدل على أن الخروج من عنق الزجاجة، من هذا الاختناق، تمّ بواسطة تسوية أخذت في الاعتبار بعض الأجواء الإقليمية والدولية. تطال هذه التسوية، وهي مرحلية بالتأكيد، ثلاثة عناوين.
كنا أمام استجواب ستة مشتبه فيهم وشاهد. أصبحنا أمام استجواب خمسة. ربما يكونون دفعة أولى ولكن التقسيط، هنا، جزء من المخرج.
كنا أمام سجال حول مكان الاستجواب. اقترح ميليس لبنان واقترحت سوريا الجولان في مقر للأمم المتحدة. جرى التوصل إلى حل وسط إذ رسا الأمر على فيينا بمبادرة من اللجنة كما يبدو.
وإذا كانت قضية المكان قد حُلّت أولاً فإن السجال استمر حول إمكانية توقيع بروتوكول أو <<مذكرة تفاهم>> بين اللجنة والسلطات السورية. وانتهى السجال إلى الاكتفاء بضمانات هي كناية عن محضر اجتماع برشلونة وعن وعود أعطيت من دول معنية ونافذة إلى الجانب السوري. ولقد كشف النقاب أمس عن قسم من هذه الضمانات إلا أن التعتيم مستمر على تفاصيلها. ومن أبرز هذه الضمانات عدم توقيف أحد خارج الأراضي الوطنية، وحضور محامين لجلسات الاستجواب.
إن نظرة أولى إلى هذه التسوية توحي أن دمشق ربحت هذه الجولة بالنقاط. فهي أظهرت جديتها في الاستعداد للتعاون، وعطّلت إمكانية الإسراع في فرض عقوبات، وبقيت ممسكة، جزئياً، بالمصير اللاحق لعدد من مسؤوليها. إلا أن الربح الفعلي، ويمكن أن يقال عنه إنه، بالأحرى، تحديد للخسارة، أن الخطوة السورية تسمح لدمشق بتسليح المدافعين عنها، أو الخائفين عليها، أو المهتمين فعلاً بالتحقيق لا بغيره، بتسليحهم بمادة يمكنهم بواسطتها امتلاك القدرة على الفعل في المؤسسات الدولية.
إلا أن هذه التسوية لا تعني، إطلاقاً، أي خسارة لميليس. والأمر كذلك لسببين على الأقل:
الأول: أظهر ميليس أنه مهتم بالجوهر لا بالشكليات وأنه يريد القيام بعمله وليس معنياً بأمر آخر. لقد اكتسب صدقية عندما وافق على المخرج. فلا شيء في التسوية المشار إليها يناقض بنود القرار 1636. ولكن، في المقابل، يمكن القول إن التسوية تمثل قراءة متسامحة بعض الشيء للقرار. إن تحويل <<الضمانات>> إلى بديل للبروتوكول يعني الحفاظ على <<نص>> 1636، وعدم الانتقاص منه ب<<نص>> مقابل، كما يعني إعلان
نوايا من جانب لجنة التحقيق بأنها ستتواضع، مرحلياً، في تفسير الصلاحيات الممنوحة لها.
الثاني: يعلم ميليس، علم اليقين، أنه ممسك بالحلقة الثانية التالية لفعل الاستجواب، وربما بحلقات أخرى. ففي إمكانه، ساعة يشاء، أن يطلب توقيف مَن يشاء. وليس مستبعداً أن تتطور الأمور نحو اقتراح محكمة دولية تمارس حقوقها الكاملة حيث مقرها. يعني ما تقدم أن القدرة على المبادرة لا تزال في يده، وأن الخروج من لحظة الاختناق الحالية لا يلغي احتمال الدخول في لحظة اختناق أخرى قد لا يكون موعدها بالضرورة في 15 كانون الأول المقبل.
لقد دخل التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في منعطف هام أمس بعد أن كان بدا أنه قد يبدأ بالمراوحة. ولكن يخطئ كل من يعتبر أن طريق <<الحقيقة>> بات مفروشاً بالورود.
... الى منتدى الحوار
Discussion Forum
 
الصفحة الأولى| أخبار لبنان| عربي ودولي| اقتصاد| ثقافة
رياضة| قضايا وآراء| الصفحة الأخيرة| صوت وصورة
 
©2005 جريدة السفير