التقرير النهائي امام المحكمة الدولية
أسرار براميرتس
القاضي البلجيكي نأى بنفسه عن أي مؤثرات للحفاظ على مهنية
التحقيق وسلامته
شطب احتمال قيام ((القاعدة)) بتنفيذ الجريمة بعد عملية تدقيق
واسع
المحور الاساس في اسرار براميرتس اتهام النظام الامني السوري –
اللبناني بالجريمة
دور بارز لملف بنك المدينة في جريمة الاغتيال من خلال التمويل
عندما يسمع براميرتس الاشاعات حول التحقيق يرد بابتسامة او
استغراب
لن يطول الوقت حتى يكشف رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة
اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي البلجيكي سيرج براميرتس ما يملك من
اسرار جمعها كنتيجة لعمله منذ عدة اشهر، الا ان هذا الوقت ليس قصيراً الى درجة
يمكن ان يتوقع معها المراقب – أي مراقب – ان يتم مهمته ويجلي الحقائق في تقريره
الذي سيقدمه الى الامين العام للأمم المتحدة آخر الشهر الجاري.
الا ان هذا التقرير الذي ينتظره الجميع لن تخلو فقراته وسطوره
من اشارات لا بل من تعبيرات واضحة تدل وترشد وتعكس ما بات يملكه من وقائع وأدلة
دامغة وثابتة حول مرتكبـي الجريمة المروعة والمتورطين فيها بأدوار اساسية او
هامشية وثانوية.
ورغم الكم الهائل من الاشاعات – من كل حدب وصوب – التي تنتشر
هذه الايام كالهشيم في النار حول وجهة التحقيق وسيره ومؤداه المرتقب، فان هذه
الاشاعات التي تصل الى براميرتس فيستمع الى فحواها كما نقل عنه اما بابتسامة
عابرة او باستغراب يعبر عن مفاجأته بـ((العقول)) التي تفبرك الحكايات والروايات
وتضع سيناريوهات تتلاءم مع تمنيات ومصالح هذه العقول، فان براميرتس كما تقول
مصادر دولية نجح في ابقاء مسار عمله وتحقيقاته بعيداً عن اية مؤثرات وتأثيرات
وخارج نطاق أي تسييس داخلي او اقليمي ودولي، حفاظاً على ((نظافة)) التحقيق
والطابع الاجرائي والقضائي البحت الذي يجب ان يبقى في نطاقه.
وعندما نقلت اليه بعض الانتقادات حول الفارق بينه وبين تقارير
سلفه القاضي الالماني ديتليف ميليس ومنها للبروفيسور شبلي ملاط وتلومه على عدم
تسمية المتهمين بأسمائهم وان من شأن ذلك عدم جعل قضية الحريري حية ونابضة، لم
يعِر اهتماماً لما سماه التسرّع معتبراً ان الامور رهن بخواتيمها.
وهذه الخواتيم بدا واضحاً ان ما يقصده براميرتس منها هو المحكمة
الدولية، اذ ليس هو من يصدر الاحكام، وعندما يصبح مدعياً عاماً امام المحكمة
كما يتوقع الجميع سيقول كلامه معززاً بالأدلة والبراهين والقرائن ومدعماً
بالوقائع والوثائق والشهود، وبشكل لن يترك لأحد التشكيك بما سيذهب اليه من
خلاصات، خصوصاً وأنه يحرص دائماً او يحاول دائماً ان يحرص على تقديم صورته
كمهني ومحترف في عالم القضاء والقانون والتحقيق.
وقبل ايام من قيام براميرتس بتقديم تقريره الى كوفي عنان، فإن
حاله حالياً تشبه حال من يحمل خزنة اسرار يقول انه لن يستخدم منها الا ما يتعلق
بجريمة اغتيال الحريري وجلاء الحقيقة كاملة دون زيادة او نقصان وهو ما بات يملك
فكرة وافية ومفصلة عنها سواء في الجانب التقني والفني او في الجانب السياسي
المتعلق بظروف ومناخ ارتكاب الجريمة او المتعلق بخلفيات القرار الخطير الذي صدر
بارتكاب هذه الجريمة وإزالة شخصية عملاقة وأساسية في الحياة السياسية اللبنانية
والعربية.. والدولية عن مسرح الاحداث.
يتكتم براميرتس على جاري عادته في البوح بأسراره حتى لأقرب
المقربين منه وحتى لو كان من طاقم التحقيق الذي يعرف كل واحد منهم ما يتعلق
باختصاصه ومهمته في حين لا يملك صورة وافية وكاملة عن كل ما توافر من معلومات
وأدلة ووثائق الا حلقة ضيقة لا يتجاوز عدد اعضائها عدد اصابع اليد الواحدة.
..
والى اليوم الذي يقرر فيه براميرتس البوح بأسراره
امكن لمتابعين متخصصين لمسار التحقيق ومندرجاته وتفرعاته ونوعية الشهود الذين
تم استجوابهم والوثائق التي تم الحصول عليها والاسئلة التي طرحت على الشهود
اضافة الى اداء بعض المحققين وأدوات العمل التي اشتغلوا بها مثل امتلاك كل محقق
هاتفين خلويين يعمل الاول ضمن عمل شبكة التخابر اللبنانية والثاني ضمن عمل شبكة
التخابر السورية.. امكن لهؤلاء ان يخلصوا الى ان أسرار براميرتس تندرج ضمن
الاطر التالية:
اولاً: شطب احتمال قيام تنظيم ((القاعدة)) بارتكاب الجريمة، وقد
تعزز ذلك بعد سلسلة هائلة من اعمال المتابعة والتحقيق والفرز، وهذا الاحتمال
كان براميرتس وضعه على قرار احتمال حدوث انفجارين فوق وتحت الارض على مسرح
الجريمة في ((السان جورج)) قبل أن يخلص إلى ان الانفجار حصل فوق الأرض بناء
لمعطيات وأدلة عديدة توافرت له وعمليات تدقيق وتمحيص قام بها. وأمكن لبراميرتس
شطب فرضية ((القاعدة)) بعد عمل مماثل وجهد واسع حصل بكثير من التأني والروية
والعلمية ومن خلال مراجعة إفادات الكثير من الشهود واستدعاء شهود جدد.
ثانياً: ان الاتهام الرئيسي موجه للنظام الأمني السوري
واللبناني. وأمكن التوصل إلى هذه الخلاصة من خلال روايات شهود جدد ومن خلال
((وثائق)) أمكن لبراميرتس الحصول عليها متقدماً بذلك على ديتليف ميليس. وقد عزز
القاضي البلجيكي قناعاته وأدلته من خلال جولات الاستجواب التي أجراها في دمشق
مع عدد من المسؤولين السوريين وفي مقدمهم الرئيس بشار الأسد.
ثالثاً: ان الجهد الرئيسي الذي تركزت عليه جهود براميرتس انصب
على معرفة الروابط بين ملف بنك المدينة وجريمة اغتيال الرئيس الحريري، وهو ما
أوصله إلى ان هناك رابطاً فعلياً تمثل بالتمويل الذي قام به بنك المدينة، عبر
تفاصيل سيكشف عنها في حينه.
رابعاً: ان براميرتس كوّن فكرة كاملة عن الجهة التي تولت تنفيذ
الجريمة وتدور حول جمعية ((إسلامية لبنانية)) أدت دوراً هاماً في فترات سابقة
كذراع للنظام الأمني السوري – اللبناني.
وفي الخلاصة يمكن القول كما يقول متابعون متخصصون ان براميرتس
وصل إلى المرحلة النهائية لعمله سواء بالنسبة لتحديد كل وقائع وتفاصيل وملابسات
الجريمة أو بالنسبة لمن أصدر القرار ومن مهد وسهل تنفيذه ومن نفذه. وهو شبه
جاهز لتقديم تقريره القرار الاتهامي أو الظني أمام محكمة ذات الطابع الدولي
التي يجري العمل على وضع آليات تشكيلها وقيامها وبدء عملها.
((الشراع))