الراعي الكذاب..... لعبة التصريحات الحكومية

نوار الماغوط

الراعي الكذاب..... لعبة التصريحات الحكومية - الكاتب نوار الماغوط بعد خمس سنوات من نهج التطوير و التحديث و الإصلاحات في أجهزة السلطة التنفيذية و التشريعية و القضائية ، نستطيع أن نؤكد أنه عندما تركز الاجهزة على أمر ما إعلامياَ , تجارياَ , إقتصادياَ , مالياَ , زراعياَ , صناعياَ , أو خدمياَ , لتحسين الوضع الحياتي للمواطنين في سوريا أو لإنعاش الوضع الأقتصادي أو المالي للوطن ، فمعنى ذلك أنه سيصدر قرار ما قريباً سيضر بجميع أفراد المجتمع السوري . فمثلاَ : عندما سمعت أن وزير المالية محمد الحسين أصدر قراراَ بتخفيض الضريبة على كيس الإسمنت من 48بالمئة الى 3 بالمئة ، قلت لمن حولي دون تردد أو مناقشة إن أسعار الإسمنت ستتضاعف قريباَ بعكس التحليل الرياضي لهذا التخفيض ..! وعندما سمعت الدكتور عامر حسني لطفي وزير الاقتصاد والتجارة يقول أن الاقتصاد السوري يمر حاليا بمرحلة التحول من الاقتصاد المعتمد على التخطيط المركزي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي فإن ترجمت ذلك على أرض الواقع تحرير الأسعار و قراءة الفاتحة على حياة أكثرمن 95 بالمئة من الشعب السوري من الطبقة الوسطى والسفلى و عندما ركزت الأجهزة أن هناك عقوداَ ستبرم مع شركات أجنبية للتنقيب و إستخراج النفط و أن هناك شركات عالمية تتهافت على الاستثمار في المجال النفطي في سورية، معنى هذا أن النفط سينضب قريبأ وسيرتفع سعره و علينا الإستعداد لإستخدام بدائل عنه في التدفئة و وسائل النقل . وعندما تركز على موضوع تخفيض أسعار العقارات ، أسارع على الفور و أتصل بكل من أعرفه أن يشتري بكل ما يملك دكان أو منزل أو قطعة أرض ، لأن معنى ذلك أن العقارات ستشهد إرتفاعاَ كبيراَ عما قريب. و عندما يصرح مسؤول أن سوريا أصبحت كلها خضراء بسبب حملات التشجير المكثفة و المنتشرة في جميع أنحاء سوريا , تقوم الوحدات الإدارية في المحافظات بشق الطرق في أكثر الأماكن إكتظاظاَ بالأشجار المعمرة كما حصل في شارع الغوطة في حمص , و التغاضي عن الزحف العمراني بإتجاه الأراضي الزراعية وعندما تركز على موضوع وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، استعد لسماع أو قراءة خبر مفادة تعيين أحد حملة التاريخ وزيراَ للصناعة ، أو مهندس إنشائي وزيراَ للبيئة ,أوضابط شرطة وزيراَ للإعلام وعندما تركز هذه الأجهزة على مكافحة الفساد و الهدر و الضرب بيد من حديد على الفاسدين يصدر قرار بصرف عدد من العاملين من الدولة من الخدمة لأسباب تمس النزاهة وهم من الحلقة الأضعف من السلسلة و الذين كنزوا مبالغ طائلة يبقون دون محاسبة سواء كانوا قضاة أو أمناء صندوق و عفا الله عم ّ مضى خوفاَ على باقي حلقات السلسلة و عندما تركز أجهزتها الثقافية و الإعلامية على تكريم شاعر كبير مثل محمود درويش مثلا وتستعد لإستقباله و الإحتفاء به , كونه جزء من وجدان الإنسان العربي عموماَ و السوري خصوصا , َفجأة يظهر بمقابلة على التلفزيون السوري ويًُهزّأ و يُسأل عن وضعه العائلي و العاطفي , هل هو أعزب أم متزوج , أم خاطب أم يحب ,......!!!! و أسئلة من نمط ألم تحرج عندما كرمت أنت مع نانس عجرم في قائمة و احدة , وعندما تركز الحكومة متمثلة بفريقها الإقتصادي الروماني نسبةَ الى رومانيا على أن الاقتصاد السوري جيد و متنوع و واعد و يسير بشكل مرضي ، معنى هذا أنه سيء و غير قادر على مواكبة الوضع المعيشي للمواطنين و محدود ببعض المشاريع الاستهلاكية من وزن الذبابة ، و, إلا إذا كان المقصود بالجهة المستهدفة هم المسؤولون في السلطة فقط . وعندما يتباهون أن سعر صرف الليرة يتحسن هذا يعني أن الليرة السورية ستعوّم قريباَ . و عندما يتكلمون عن المشاريع الزراعة الناجحة و الري بالتنقيط معنى هذا أن الزراعة سيئة و الخسائر بالغمر وعندما يتكلمون عن التجارة البينية أو العالمية معنى هذا أن الأسواق ستمتلئ باالبضاعة الرديئة و الرخيصة من أسيا و إفريقيا و بالمياه المحلاة المعبئة , المعقمة بالأوزون من الدول المجاورة . و كذلك الصناعة أسوأ فتكلفة كيلو السكر من معاملنا أغلى من المستورد و أردأ منه وصناعتنا غير مطلوبة بدليل أنها مطاردة بعبارة (احذروا البضاعة السورية ) بعكس ما يروج له البرنامج التلفزيوني صنع في سوريا على القناة الأولى ولا ننسى القطاعات الخدمية من صحة و تعليم و بلديات و إسكان و تعمير و إتصالات و نقل فهي الأسوء في العالم و هي من المصادر المهمة المدافع عنها لما فيها من هدر و نهب للمال العام، وكذلك قانون الاستثمارالذي غسلت به الأموال , و حتى المنظمات الدوليه العاملة لدينا تحت شعارات سامية نبيلة مثل حماية البيئة و التنمية المستدامة و تحسين الجودة التعليمية و الوضع الصحي و تقوية المجتمع المدني لم تسلم من مناخ الفساد العام فهي الوجه الأخر لنفس عملة القطاعات الحكومية فهي مصادر للسرقاتَ، و لسحق إي مشروع قد يفيد أبناء هذا الوطن , هل أتابع بين ما يصرحون به و ما هو حاصل على أرض الواقع , أم أتوقف و أدع خيالكم الخصب يتشبع بمثل هذه الأمثلة . ولكن ينتابني شيء من الخوف أن تطال تصريحاتهم قانون الأعلام الجديد و عندها أنت بحاجة لأربع شهود لتسجيل واقعة فساد ما , و لشهود لأن تسأل عن أي شيء، و لتستفسر عن أي شيء و يجب أن تحفظ وثائق أصلية أو طبق الأصل لأي شيء ، لذلك على الصحفي أن يمتلك سيارة و يضع فيها كاميرة تصوير وجهاز لتصوير الوثائق و المستندات و تدون كل ما حولك بالصوت و الصورة ، من إشغال الرصيف بالصناديق الفارغة و الفاكهة والخضروات أوبالأكشاك و السيارات إلى الشوارع القذرة و الدخان المتصاعد من المركبات. ولن تستطيع بالطبع و قتها إلا أن تلتقط ما يطاله نظرك في الشارع من مناظر مؤذية وفساد مقدور علية و يبقى الفساد الكبير فساد السلطة نفسها التي تغيب عن جميع العيون بإستثناء العين التي تحميها, و بعيدة عن أي يد يمكن أن تطالها , بإستثناء اليد التي ترعاها , إن تكلمت عنها مصيرك الحبس أو غرامة مالية تعجز عن تسديدها ما دمت صحفياَ شريفاَ و عندها أنت بحاجة إما الى التماهي مع لعبة التصريات الحكومية و قبض مستحقاتك منهم لتغطي معيشتك و تعري ( من العار ) نزاهتك الصحفية أو لأن تثبت واقعة وحدانية الله بالصوت و الصورة مع أربع شهود والى الأمام في التطوير و التحديث