2005/12/23

logo.jpg (5438 bytes)

 

 

front




إذا كانت حرباً
فما هو الرد؟

جوزف سماحة
وصف العلاقات السورية اللبنانية بأنها كناية عن <<حرب إرهابية تشنّها سوريا على لبنان>> خاطئ، وناقص.
لكن، من أجل استقامة النقاش، يمكن التسليم به كفرضية. عند ذلك يصبح السؤال الذي يفرض نفسه فرضاً على اللبنانيين: <<ما العمل>>؟
لقد اقترح لقاء البريستول الأخير خطة للرد. قوام هذه الخطة ارتفاع الدولة اللبنانية إلى مستوى الدفاع عن شعبها. يمكن الزعم، بلا خوف الخطأ، أن الخطة المشار إليها ليست خطة <<ارتفاع الدولة إلى...>> وإنما انهيار الدولة. إن بيان <<انتفاضة الحرية>> هو خريطة طريق نحو تصعيد التوتر الداخلي ومفاقمة عناصر الأزمة. إنه استدعاء للآخرين إلى <<بيت طاعة>> يؤدي، فقط، إلى أن نزيد على <<الحرب الإرهابية>> نزاعاً أهلياً خطيراً. فالمخرج الفعلي من هذا القدر من التأزم الداخلي هو في سلوك وجهة متعاكسة مع البيان واقتراحاته.
إذا كانت اتضحت حدود المعالجات الداخلية للمشكلة المزدوجة في العلاقات اللبنانية اللبنانية واللبنانية السورية فهل بات مطلوباً اللجوء إلى نوع من التعريب؟ لقد بادر القائلون ب<<الحرب الإرهابية>> إلى رفض صيغة التعريب المقترحة والمعبّر عنها بما هو منسوب إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. لقد تعرّض موسى، قبل أيام، إلى تهجمات من قبل وزراء خليجيين لأنه سبق له تذكيرهم بأدبيات المؤسسة الرسمية العربية حول مخاطر الترسانة النووية الإسرائيلية. وها هو يتعرض اليوم إلى انتقادات جارحة من جانب لبنانيين لأنه بدا مهتماً بتبريد حرارة التوتر بين لبنان وسوريا.
قد يقول قائل إن موسى صاحب غرض وإنه لا يعبّر تماماً عن مزاج المؤسسة التي يترأسها. إلا أن معاينة التحركات العربية الأخيرة، وتحركات بعض السفراء العرب في لبنان، لا تسمح بهذا الاستنتاج. فما الذي حصل إذاً؟ ولماذا بادرت قوى ذات صلات عربية وثيقة إلى رفض محاولة من الأمين العام كان يفترض السماح لها بالاستكشاف واقتراح المخارج؟ إن النصاب العربي الراهن لا يمكنه أن يستقيم لصالح دمشق ضد بيروت. لم نعد في حالة تشريع <<قوات الردع العربية>> مع الإدراك المسبق أنها غطاء للنفوذ السوري في لبنان. ولقد قيل لنا، عشية الاجتماع الخليجي الأخير، إن البيان الختامي سيكون عنيفاً ضد سوريا. لم يحصل ذلك طبعاً. ولكن ما حصل يسمح فعلاً بالاطمئنان، على الأقل، إلى حيادية ونزاهة أي مبادرة يقوم بها موسى باسم الجامعة.
نفترض أن هناك من يرفض الوساطة العربية لوضع حد لهذه <<الحرب الإرهابية>> فهل يقودنا ذلك إلى الاستنتاج بأن هذا البعض حسم أمره وأنه لا يرى حلاً إلا في التدخل الأجنبي؟ لا يمكن الخلوص إلى هذا الاستنتاج بسهولة لأن تجربة القرار 1644 حاضرة.
ليس القرار بالتأكيد إيجابياً حيال دمشق حتى لو بالغ ناطقون سوريون في استعراض إيجابياته (نكاية باللبنانيين). غير أن القرار جاء أقل من <<الطموحات>> اللبنانية المعبّر عنها رسمياً في قرارات مجلس الوزراء التي تسببت بأزمة الاعتكاف. ففي ما يخص المحكمة ذات الطابع الدولي، وتوسيع التحقيق خطا مجلس الأمن خطوة نحو لبنان من غير أن يتماهى مع طلباته.
من المستحسن، ربما، استنتاج الدرس الصحيح مما جرى. إن لمجلس الأمن، بالدول الرئيسية المشكلة له، حساباته المعقدة التي تبدأ من النقاشات المفتوحة حول الهيئة الدولية وميزانيتها وقدرتها ودورها ولا تنتهي بالسياسات الإجمالية حول الشرق الأوسط وقضاياه المعقدة والصراعات المفتوحة فيه. لا وجود لدى الدول المعنية ل<<قضية لبنانية>> معزولة عن الإقليم. ومن حق
مجلس الأمن اعتبار أنه أدى واجباته اللبنانية وزاد عليها ويمكنه البحث في أي إضافة إذا كانت معقولة.
يعني ما تقدم أن قدرة ما يسمى المجتمع الدولي على العطاء محسوبة. ليس وارداً، على الأرجح، تأمين حماية دولية فعلية للبنان إذا كانت هذه الحماية تعني، بالضبط، التصدي الميداني ل<<الحرب الإرهابية>>.
إن سؤال <<ما العمل>> رداً على هذه الحرب لا يلقى أي جواب عند الذين يتبنون وصفاً معيناً للعلاقات اللبنانية السورية. ولعل المطلوب مصارحة قيادات لبنانية بأن الصفة القيادية لا تتأمّن بمجرد تقديم تعريف (خاطئ فوق ذلك) لوضع مأزوم. لا تتأمّن هذه الصفة إلا باقتراح خطة معالجة (مواجهة أو تسوية...) مقنعة تحلل طبيعة الأزمة، وتحدد موازين القوى، وتضع الأهداف القريبة والبعيدة ووسائل تحقيقها...
إن هذه هي ألف باء السياسة. إلا أن ما نشهده هو، في الواقع، الإقدام على استعارة اللغة البوشية (حرب إرهابية يرد عليها بحرب على الإرهاب). إن هذه اللغة قادت الجبروت الأميركي إلى مواجهة تحديات تجعله يتعثر فكيف إذا كان الحديث عن لبنان لا عن الولايات المتحدة الأميركية.
ليس مقبولاً، في هذا الظرف الصعب، التمترس وراء شعار <<الحرب الإرهابية>> من دون التقدم نحو توضيح سبل صد هذه الحرب لبنانياً وإقليمياً ودولياً.
... الى منتدى الحوار
Discussion Forum
 
الصفحة الأولى| أخبار لبنان| عربي ودولي| اقتصاد| ثقافة
رياضة| قضايا وآراء| الصفحة الأخيرة| صوت وصورة
 
©2005 جريدة السفير