*عصر الردات الزاحفة… والمخاطر المحيقة بقضية فلسطين*
افتتاحية الديمقراطي
تحتاج متابعة الأحداث اليومية الكارثية المتلاحقة في فلسطين والعراق والصومال والسودان وسائر أرجاء الوطن العربي المنكوبة… التي فقدت استقلالها الوطني، ومكتسبات مراحل النهوض التحرري.. بهذه الردات الحالية.. التي حوّلت وطننا العربي إلى نقطة الضعف الأولى في العالم… ومنطلقا لهيمنة المخطط الأمريكي – الصهيوني الشرق الأوسطي الكبير عليه… واستغلال موقعه (الجيوسياسي) المتميز وثرواته الطبيعية الهائلة المنهوبة… لبسط نفوذها على العالم بأسره…
نقول تحتاج متابعة كل ذلك: لأكثر من صحيفة يومية مؤهلة ومتخصصة… ومجلدات الدراسات العلمية الضخمة.. الأمر الذي يفتقر حزبنا المحاصر إليه… وكذلك معظم، إن لم يكن جميع، الأحزاب الوطنية الديمقراطية المعارضة في الوطن العربي – مع وجود بعض الكتاب المؤهلين الشرفاء الذين يجاهدون لتحليل وفضح هذه الكوارث وتحريض القراء للنهوض إلى مجابهتها.. وكذلك الحال لبعض البيانات التي تصدر عن المؤتمر القومي العربي- والإسلامي وغيره.. ولا تصل غالبا إلى الجماهير المحتقنة..من جهة و(المخدرة) من جهة أخرى بفعل عقود متواصلة من (القمع المركب) الذي لم يعرفه تاريخ المنطقة من قبل، من قبل أنظمة استبدادية همجية (مؤبدة) وفاسدة وعميلة…
وضعف وشيخوخة، بل هزال، وتخلخل (بقايا) الأحزاب الوطنية والقومية الديمقراطية، التي خسرت عددا من خيرة قادتها الأبطال كشهداء في سجون المرتدين الطغاة… وملاحقة وقمع وتشريد بعضهم الآخر منذ ثلث قرن وحتى الآن… الأمر الذي مازالت الجماهير تفتقد معه إلى الطلائع الثورية القادرة على تحريكها، واستنهاضها وتنظيمها.. وقيادة نضالها ضد هذه الردات الكارثية الشاملة في الوطن العربي… والطغيان الإمبريالي الصهيوني المتوحش الذي يفترس أمتنا باحتلاله (المركب والمأجور).
وفي مواجهة هذا الواقع الفاجع التعيس، وتفكك معظم القوى المعارضة التي لا يزال بعضها فريسة أمراض العصبوية الذاتية العمياء المقيتة المزمنة والقميئة، التي لا تظهر بوادر الشفاء الواجب والضروري منها حتى الآن؟!!!… وذلك بدلا من التلاحم الرفاقي والأخوي الحميم الذي يغني الحياة النضالية والإنسانية، ويفجر الطاقات، و الحرص على تكامل مهام التوعية والإنهاض الشعبي.. وصولا إلى التغيير الوطني الديمقراطي المنشود…
وأمام وضعنا الخاص، الصعب، الذي يحول بيننا وبين الاحتكاك الحي المباشر بالجماهير… وانطلاقا من إيماننا الراسخ العميق بقضية وطننا وأمتنا العربية المقدسة… مازال الحماس الثوري يغمر حياتنا بأسرها… والحيوية النضالية المتوقدة بكل الوسائل والإمكانات المتاحة.. وقوفا حتى الاستشهاد… تستهلك وجودنا رغم قلة الإمكانات.. وندرة وتفرق المناضلين الثوريين.. نسبة لحاجات هذه المرحلة الخطيرة البالغة الإلحاح… بحيث لا نتمكن- على سبيل المثال- أن نصدر "الديمقراطي" منذ فترة غير قصيرة إلاّ كل ثلاثة أشهر فقط… الأمر الذي يحول بيننا وبين متابعة وشرح وتوضيح كل الأحداث المتسارعة قطريا وعربيا ودوليا… ويدعونا للاكتفاء بإبراز الأفكار الأساسية وكشف القوانين المحركة لهذه الأحداث… بما يساعد الرفاق والأصدقاء من قراء "الديمقراطي" –بقدر الإمكان- على فهم وإدراك خلفياتها وأبعادها… وتسلحهم بالوضوح اللازم لمواجهتها… والتصرّف إزاءها، بما يخدم نضالنا الجماعي القومي الديمقراطي المنقذ…
مع اعتذارنا المسبق لهؤلاء الرفاق والأخوة الأعزاء عن الإطالة، التي نضطر إليها-غالبا- في افتتاحياتنا ومقالاتنا نتيجة للظروف الموضوعية الضاغطة المذكورة…
*لقد كان في مقدمة أهداف عدوان الخامس من حزيران 1967 الصهيوني-الامبريالي، التي حللها بيان القيادة القومية في العاشر من حزيران ذاته… إسقاط النظامين التقدميين في سوريا ومصر.. و إجهاض محاولاتهما الجدية لإعادة الوحدة، ومحاصرة الثورة الجزائرية، وبقية القوى التقدمية المعارضة في المغرب والسودان على الخصوص…بحيث يتسنى للعدو التركيز الأساسي على تصفية قضية فلسطين المقدسة وفرض هيمنة (إسرائيل) على المنطقة بأسرها.
وبدلا من التصدي الحازم لذلك العدوان، بعقلية ثورية علمية جديدة وإستراتيجية تحررية شعبية شاملة- كما حاولنا إذ ذاك - جاءت وفاة الرئيس عبد الناصر المفاجئة الفاجعة في 28/ أيلول –سبتمبر 1970 وقامت الردة على حزبنا ونظامه التقدمي في 13 تشرين الثاني- نوفمبر 1970.. حيث تم (تدشين) عصر الردات الحالي المتواصلة في الوطن العربي بأسره.. الذي انقلب من طليعة مشعة للعالم الثالث، في مرحلة النهوض التحرري الصاعد.. إلى قاعدة للاستعمار الأمريكي الصهيوني الغربي (المأجور)…
وبالتالي.. فإن الموقف من عدوان حزيران 1967/كان يتجسد بترسيخ الإيمان والعزيمة والتصميم على معركة التحرير لدى المناضلين الشرفاء… بينما أخذ ينعكس بانتشار مناخات التخاذل والاستسلام لدى اليائسين المرتدين.. تبعا لمواقعهم الطبقية في الحزب والمجتمع ككل…
وللمقارنة-بما حدث لاحقا- لبض قيادات الثورة الفلسطينية- نذكر مجددا- بدون إطالة- حالة قيادة الجيش السوري بعد هزيمة حزيران.. حيث أصيب وزير الدفاع (حافظ الأسد) بإحباط نفسي شديد واكتئاب حاد، جعله ينكفئ لفترة زمنية طويلة في غرفته الخاصة بمطار دمشق القديم، بحراسة أخيه الملازم الأول رفعت، ثم في بيته، بعد ذلك، فلا يزور قطعات الجيش ولا يقابل أحدا إلا نادرا (باستثناء طبيبه الخاص جوزيف الصائغ= الذي اغتيل لاحقا؟!!…) في الوقت الذي كان فيه الجيش المتأثر بفاجعة الهزيمة، يحتاج لعناية خاصة عبر الاتصالات اليومية المكثفة من قياداته العسكرية العليا… وتعايشها المباشر معه في الميدان.. الأمر الذي لم يتم ،مع الأسف الشديد…
ولتعويض ما يمكن من ذلك وضع الرفيق الشهيد صلاح جديد-الأمين العام المساعد للحزب- برنامجا شاملا يقضي بتعايش أعضاء القيادتين القومية والقطرية السورية، مع الجيش في الجبهة مع العدو… بحيث يقضي كل رفيق بين (48) ساعة وثلاثة أيام مع الجنود في خنادقهم الأمامية يرد على أسئلتهم، ويوضح لهم الأوضاع بصراحة وصدق وكيفية وحتمية الرد على هذه الهزيمة.. ودحر العدو الصهيوني ومخططاته، والعودة إلى مواصلة الاستراتيجية الثورية وحرب التحرير الشعبية التي وضعها الحزب لتحرير فلسطين في المستقبل..
ونعود لوضع وزير الدفاع المنكفئ الذي كنا نهتم به ونحرص عليه، ونعامله بمنتهى الرفق والمحبة… حتى أن الرفيقين الشهيدين: الدكتور نور الدين الأمين العام ورئيس الدولة، وصلاح جديد الأمين العام المساعد للحزب، والرفيق الدكتور يوسف زعين رئيس الوزراء (أمد الله في عمره) كانوا يقترحون خلال محاولتنا التخفيف عنه أن أزوره باستمرار بحكم معرفتنا القديمة، منذ أيام الدراسة الثانوية في (تجهيز اللاذقية) حيث كان بعثيا قبل التحاقه بكلية الطيران، وبالتالي لعلاقتنا الرفاقية الحميمة، بغية الإطمئنان عن أحواله الصحية والنفسية على الخصوص…
وما أود ذكره هنا، بهذه المناسبة، أن (الرفيق السابق) حافظ، صارحني في إحدى اللقاءات قائلا: يا رفيق أبو أحمد، الدول الإمبريالية والصهيونية المعادية موافقة على قرار مجلس الأمن (242) وهي ضدنا وهذا مفهوم، ولا حيلة لنا به، ولكن الاتحاد السوفييتي الصديق العالمي الأول لنا، يعترف به أيضا، ويضغط علينا كي نفعل ذلك، كما أن صديقنا وأخانا الرئيس عبد الناصر وشريكنا في معركة التحرير يعترف به أيضا… فماذا بإمكان سورية أن تفعل وحدها، في مواجهة هذه الأوضاع المذكورة… وأضاف: حتى لو أعطيتمونا في مجلس الوزراء كل ميزانية الدولة للجيش (الذي كان يأخذ حوالي 70% منذ عام 1948) ماذا نفعل مقابل ميزانية إسرائيل وإمكانياتها المدعمة من أمريكا؟… وحاولت بصدق وإيمان أن أشدّه وأجدد عزيمته وإيمانه بالمستقبل، وأؤكد له أن الرئيس عبد الناصر أخبرني أنه يتفهم موقفنا ويستفيد منه ومن رفض الفلسطينيين أيضا لقرار مجلس الأمن (242) في الضغط على الاتحاد السوفييتي والدول الأخرى المهتمة.. وأن تحرير الشعوب لا يحسب هكذا فقط.. وإلا ما تحرر شعب مستعمر في العالم… فلم تكن ميزانية وإمكانية الثورة الجزائرية المادية تساوي إلاّ القليل جدا بالنسبة لميزانية وإمكانيات الاستعمار الفرنسي… الذي انهزم مدحورا… وهكذا…
ومن خلال تذكيره باستراتيجية الحزب الثورية التي وافق عليها في حينه بمنتهى الحماس، وبعض ما جاء في تقرير المؤتمر القومي التاسع، بعد حركة 23 شباط 1966/ حول الصراع مع العدو الصهيوني-الإمبريالي :…"قد يهدّم كل ما بنيناه ونضطر للعيش في الكهوف وعلى ضوء الشموع.. إذ لا يمكن تحقيق التنمية الحقيقية الحديثة المستقلة والسير في طريق استكمال تحرير وتوحيد الأمة وتحقيق أهداف الحزب المعروفة ما لم نتخلص من السرطان الصهيوني الجاثم في قلب الوطن العربي ونحرر فلسطين العزيزة… أي كنا نتوقع الكثير من المصاعب في معركة الحياة والموت والمصير مع التحالف الإمبريالي – الصهيوني الذي لا بد من دحره لتحقيق أهداف الحزب والأمة في الوحدة والحرية والاشتراكية…
ولكنه ظلّ على تعاسته وإحباطه ويأسه من (الخط الثوري)-كما تبين لاحقا… ولن أدخل هنا في مسلسل إمكانية تغيير قيادة الجيش المهزومة، بالأسلوب الحزبي الديمقراطي، فهي معروفة وموثقة في مقررات الحزب… الأمر الذي بدا في منتهى السهولة… ثم أخذ يتعقد تدريجيا.. تبعا (ليقظة) قيادة الجيش من ذلك (البحران والذهول)و(لملمتها) للعناصر العسكرية الانتهازية والمهزومة واتصالاتها مع الجهات الرجعية الداخلية والعربية والدولية الضالعة في عملية (التسوية-السياسية) المطروحة… وذلك تبعا لحرص قيادة الحزب على النهج الديمقراطي من جهة والذي لم يعد مجديا بأي حال، وسذاجة و(مثالية) وتخوفات بعض الرفاق… الذين زج كل من وصلت إليه أيدي المرتدين، منهم في السجون لحوالي ربع قرن… وشرّد البعض الآخر… أي لم يقبل أي منهم التعاون مع المرتدين بأي حال.. حيث بادر المرتدون إلى انقلابهم العسكري على الحزب، بعيد اختتام المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي الذي صوّت (بالإجماع)على استراتيجية الحزب الثورية… وتغيير قيادة الجيش (باستثناء خمسة أعضاء فقط هم: حافظ الأسد، ومصطفى طلاس، وعبد الحليم خدام، وعبد الله الأحمر، ومحمد حيدر)… وذلك في 13 تشرين الثاني (نوفمبر)1970/… بكل كوارثه المعروفة –حتى الآن- داخليا، وفي فلسطين، ولبنان، والعراق… الخ، التي شرحناها مرارا وتكرارا، مع استمرار احتلال الجولان، واستيطانه، وعدم إطلاق رصاصة واحدة لمقاومته-باعتراف قادة العدو بالذات، بعد أن أجهض خطة الحزب بمنعه من الاستقرار في الجولان، وتجنيد كل الحزبيين الأصحاء، في العمل الفدائي لمباشرة ذلك.. وفصل من يتقاعس من الحزب والوظيفة التي يشغلها باسم الحزب.. مهما كان…
والنقطة الهامة جدا التي أود التركيز عليها، قبل الانتقال إلى موضوعنا الحالي، هي التأكيد على دور الواقع الطبقي البرقراطي البرجوازي الطفيلي الجديد، في قيام تلك الردة، ففي الوقت الذي كان يتقاضى فيه الوزير الحزبي، وعضو القيادة، ألف ليرة سورية شهريا، ويعيش حياة تقشف صارمة مدروسة بإخلاص وإيمان.. كانت ميزانية الجيش التي تبلغ /70% من الميزانية العامة للدولة(1)، ولا تخضع للمراقبة بدعوى السرية، ويمكن لقيادة الجيش أن تتصرف بها كما تشاء بما في ذلك (شراء) الانتهازيين والمرتزقة، ونشر الفساد والإفساد… بحيث تدفعهم المواقع الطبقية الجديدة (بمصالحها المعروفة) إلى رفض النهج الثوري الصارم… والارتماء في مستنقع الارتداد واللصوصية، وتبني النهج التصفوي المطروح لفلسطين وسائر قضايا الأمة… بحيث أصبح كل المواطنين يعرفون، حاليا، مدى (ثراء) (وجهاء العسكر) وأقاربهم وأتباعهم وتدميرهم لاقتصاد القطر…
وعلى سبيل المثال فقط-وحسب ما نشرته مفصلا بعض وسائل الإعلام العالمية، فإن (ثروة عبد الحليم خدام وعائلته) قد بلغت (مبلغ مليار ومائة مليون دولار)… وهكذا… دون حساب (ثروات إمبراطورية) رفعت الأسد وأقربائه والبقية من المرتدين، والبرجوازية المتضخمة الجديدة والقديمة، وسائر خونة الوطن والأمة…
*وهنا، وفي السياق ذاته (نصل إلى بيت القصيد) وكيفية ردود أفعال بعض القيادات الفلسطينية التي تأثرت بدورها بهزيمة حزيران ومفاعلاتها (بقصد توضيح هذه الحقائق فقط وليس التعريض بأحد منهم) ودور (القانون الطبقي)… الذي كان من عوامل الردة الأساسية لدى بعضهم…
* فكما ذكرنا سابقا، وفي حينه، (2)…" إن موضوع الظروف العالمية والعربية والفلسطينية الجديدة… وانعكاساتها على موازين القوى الراهنة لصالح العدو… ليس هو-على أهميته البالغة- السبب الأساسي الذي دفع "فريق التسوية"إلى توقيع "اتفاقية أوسلو-واشنطن" بل الحجة الكبرى التي استخدمت لتبرير وتغطية الاستسلام… ذلك أن الحقيقة التي تفسّر هذا النهج تكمن في الطبيعة البيروقراطية المتبرجزة… لهذه الشريحة السائدة في منظمة التحرير الفلسطينية، التي أصيبت –بكل أسف- بداء الردة، وتحولت تدريجيا من "منظمة ثورية" إلى سلطة بيروقراطية شبيهة بالأنظمة العربية التقليدية الأخرى… ومن هنا بدأ يتكون (جنين) النهج التصفوي الذي أخذ ينمو في رحم الأجهزة السرية وكواليسها المغلقة… ثم يبرز تدريجيا، حتى أصبح نهجا" مهيمنا في قيادة المنظمة التي أقدمت على توقيع "اتفاقية واشنطن"!!!>>…
وخاصة بعد استشهاد خيرة قادتها، وفي طليعتهم الأخين العزيزين: أبو جهاد وأبو إياد.. وصولا إلى اغتيال (أب)الثورة الشهيد أبو عمار.. رحمهم الله جميعا، وطيّب ثراهم…
وهنا، وفي مناخات الهزيمة والإحباط.. وكيفية ردود أفعال بعض القيادات الفلسطينية التي تأثرت بدورها بهزيمة حزيران 1967/ ومفاعلاتها السلبية…((بدأ الصراع بين الخطين: الوطني الثوري والتسووي الانتهازي… ونذكر -مجددا-أن (مجموعة)من القادة الفلسطينيين قد بدأت تفكر بتبني "شعار الدولتين" منذ عام (1968) حسب تصريح الأخ هاني الحسن، أحد قادة فتح ومنظمة التحرير البارزين لجريدة("القبس الدولية" التي كانت تصدر في لندن) (بتاريخ 31 أيار –مايو 1989) وتعمل سرا لإعداد المنظمة والشعب لتقبل ذلك…) (ونذكر هذا-لتوضيح بعض الحقائق، دون التعريض بأحد من الأخوة في فتح).
…"وهذا قبل (التحجج) بظهور الانهيارات العربية والعالمية الراهنة بسنوات… (أي بوجود الرئيس عبد الناصر والرئيس بومدين، ونظام الحزب التقدمي في سوريا، وقبل ضرب العراق، وطبعا إبان وجود المعسكر الاشتراكي في عز قوة الاتحاد السوفييتي"!!!
"حيث أخذ هذا التيار يقوى ويشتد… ويبشر بمقولاته، بمختلف الأساليب (الملتبسة) التي منها على سبيل المثال: تكليف بعض عناصره بإطلاق التصريحات التي تعبر عن ذلك في الخارج غالبا (كبالونات) اختبار تستهدف الرأي العام الغربي من جهة، كما تستهدف جس نبض الجماهير الفلسطينية والعربية، وردود أفعال قواها الحية من جهة ثانية… ثم تبادر-حسب متطلبات الظروف الداخلية- إلى تكذيب تلك التصريحات… وتنفيس تلك (البالونات) والتنصل من أصحابها… والادعاء أنهم غير مكلفين ولا يمثلون إلاّ أنفسهم فقط… علما أن بعضهم ذهب ضحية ذلك-كما هو معروف-"كالسرطاوي"و"الحمامي" وغيرهما من (فدائيي) النهج التصفوي المذكور.. الذين كانوا مكلفين-فعلا بالاتصالات السرية مع العدو الصهيوني"…
"وتدريجيا تمكن هذا التيار من التعبير عن نفسه في وثائق الثورة الفلسطينية… عبر ما سمي "بالنقاط العشر"و"البرنامج المرحلي" الذي أقره "المجلس الوطني الفلسطيني" عام 1974… وهكذا وصولا إلى الدورة (19) للمجلس الوطني الفلسطيني (تشرين الثاني-نوفمبر 1988) الذي كرّس الانعطافة النوعية التراجعية في تاريخ الثورة بتمرير اعترافه بقرار مجلس الأمن (242)، بشكل مغلّف (بشروط) وهمية حجبت الحقيقة عن بعض أعضاء المجلس… لأن هذا القرار يعني الاعتراف ب(دولة إسرائيل)، ويتعامل مع قضية فلسطين (كمسألة) لاجئين فقط)… ويتناقض كلية مع الميثاق الوطني الفلسطيني)…
ذلك (الاعتراف الكارثي) الذي تم التواطؤ على تغطيته بأعراس (الإعلان عن قيام دولة فلسطين) لتسهيل تمريره، بضجيج الأعراس وتبليعه للجماهير مطليا بعسل الأوهام والآمال الزاهية الزائفة… "وأن شامير" الذي يدرك-كما يبدو-حقيقة قومية قضية فلسطين، أكثر من بعض هؤلاء القادة القطريين" قد طلب عن طريق الرئيس (بوش) الأب، عقد مؤتمر قمة عربي، لتكريس قرار "المجلس الوطني الفلسطيني" المذكور، و(تعريب مسيرة الاستسلام) وهو ما تم عقده في المغرب فعلا وتنفيذ ما طلب منه) (راجع الافتتاحية المذكورة).
…"ولعل في المقطعين التاليين من حديث الأخ هاني الحسن الذي نشرته "القبس الدولي" في 30 أيار-مايو 1989/ ما يفسر بعض النقاط الأساسية المذكورة:
…"إن القمة أعطت مساندتها الكاملة لتصرفات قيادة منظمة التحرير الماضية والمستقبلية. وأن المنظمة بعد ما مارست استقلاليتها، عادت وعرّبت القضية."
…"إن على أمريكا أن تعمل على خلق الظروف من أجل تسوية شاملة، وقد قام الفلسطينيون بواجبهم في هذه التسوية" ونحن اليوم، كل المطالب التي طلبت منا قد جرى إعطاؤها فلسطينيا، ثم اعتمادها عربيا في مؤتمر القمة الحاضر… (3) وهذا الاعتماد في القمة العربية مهم لأن "شامير" ذهب وقال لأمريكا: أنا أريد حلا يؤيده العرب وليس فقط الفلسطينيون" فها نحن ،أيضا، من أجل أن لا نبقي "لشامير" ذريعة، قد حققنا هذا الطلب"..
…ملاحظة هامة: "وقد كرس ذلك المؤتمر… استراتيجية الغزو الاقتصادي للوطن العربي ومحاولة الهيمنة عليه "بتزاوج العبقرية اليهودية مع المال العربي" حسب تعبير الملك الحسن الثاني رئيس مؤتمر القمة العتيد"
-ثم جاءت الدورة ال(20) "للمجلس الوطني الفلسطيني"التي أجازت المشاركة في "مؤتمر مدريد" لتتوج هيمنة ذلك النهج التصفوي القديم… وتقود-بطبيعة الحال-إلى "اتفاقية واشنطن" والخروج الكامل عن خط الثورة وميثاقها ومكونات وجودها من الأساس..الخ..الخ..الخ.."
ولابد أن نشير هنا إلى دور بعض تجار ومزاودي (اليسار) الكاذب، وافتخارهم بتمرير كل التراجعات… والذين مازال بعضهم من المتساقطين من (منظماتهم الأصلية السابقة) يحترفون الارتزاق عبر مواصلة التآمر مع العدو الصهيوني-الأمريكي،في "جنيف" وغيرها، بتوجيه (من بعض المنحرفين في قيادة السلطة الفلسطينية) لتصفية قضية فلسطين من الأساس…
ونحن مع ما أبرزه بعض المفكرين الثوريين الفلسطينيين الصادقين حول جوهر هذا النهج الذي أقر "اتفاقية واشنطن" كونه تجسيدا لموقف طبقي، ونمط حياة استهلاكي طفيلي على غرار الأنظمة العربية المرتدة…
- ونحن إذ نسمح لأنفسنا بهذه المصارحة الأخوية التي وردت في (نفس الافتتاحية).. فإننا نقول ذلك من موقع الحرص والاحترام والتقدير لجميع الأخوة والرفاق المناضلين، الذين مازالوا على (عهد فلسطين) دون الاستهانة بتاريخ وتضحيات أحد منهم، ودون أدنى ميل "للتفسير البوليسي للتاريخ"…
فقد مارسنا نقدنا الذاتي لتجربة حزبنا منذ تأسيسه بمنتهى الصراحة والقسوة، في أربعة أجزاء أقرها المؤتمر القومي الحادي عشر للحزب عام 1980/.. مؤكدين أن ليس من حق أحد مصادرة التطور.. والحكم النهائي على أي كان طالما هو على قيد الحياة…(4)
*وقبل أن ننتقل إلى الوضع الحالي الفلسطيني المتفجر والبالغ الخطورة، نذكر أن الأخ الشهيد أبو عمار-رحمه الله وطيب ثراه، الذي أدرك عبثية تلك التنازلات المجانية المتتالية من الجانب الفلسطيني فقط… ورفض في (لقاء كامب-ديفد- مع باراك/ وبإشراف الرئيس كلينتون/التنازل عن الثوابت الفلسطينية.. سرعان ما همش وتعرض لذلك الحصار الأمريكي-الصهيوني-العربي الرجعي المعروف.. في مقره برام الله.. والقصف الإسرائيلي الوحشي المدمر لمعظم مكونات ذلك المقر (الرئاسي).. وتوالي تصريحات قادة العدو العلنية، بتصميمهم على قتله، وإزالته من الوجود كونه الحاجز الأساسي، لمواصلة عملية التسوية-التصفوية.. واعتباره من قبل كل أطراف تلك التسوية، أنه لم يعد شريكا صالحا.. حيث بقي مقاطعا صامدا مشعا، حتى (اغتياله) بالسم… دون أن يتحرك ما يسمى (بالمجتمع الدولي) المقرف الحقير.. أو يقدم الحكام العرب الأذلاء الأتباع على احتضانه، كرئيس منتخب من شعبه، وكرمز متميز للثورة الفلسطينية الوحيدة في وطننا العربي، بل في عصرنا الراهن..حتى أن السلطة الفلسطينية (المدجنة) المزعومة، وكذلك قيادة "فتح" بالذات.. لم تتابع مسألة (التحقيق) الجدي في اغتياله-حتى الآن؟ !! بل تساهم معظم الأطراف في (إخماد ذكراه) والدفع به إلى مهاوي النسيان.. في الوقت الذي تقوم الدنيا ولا تقعد ويتحول (مجلس الأمن) إلى مجرد مخفر شرطة و(محكمة تحقيق) في قضايا الاغتيالات الأخرى المشبوهة –علما أننا ضد أي اغتيال.. أو تصفية جسدية للخصوم السياسيين بأي حال…
كما تقوم الدنيا ولا تقعد - ونحن نعد هذه الافتتاحية- من أجل (أسر جندي إسرائيلي) في معركة مع المقاومة الفلسطينية.. حيث تتدخل الدول.. وتهدد أمريكا بإعطاء الحق (لإسرائيل) التي أصبحت تعج بالسلاح الفظيع لاقتحام غزة وإبادة وتدمير كل ما يواجهها فيه من بشر وعمران… بينما لم يتحرك أحد لصرخات استغاثة (الطفلة الملائكية هدى)… ولا للعائلة التي اقتحم منزلها خلال هذا الأسبوع الأخير ذاته، فقتلت الأم ، ودمر المنزل، و(اختطف الشقيقان الفلسطينيان من داخله).. وهكذا يتجسد الطغيان البالغ الهمجية والاستهتار ويعبر صمت العالم عن سقوط الحضارة الإنسانية المريع…
* وبكلمة نارية غاضبة ودامية وحيدة، فإن ما جرى للأخ الشهيد أبو عمار (أب الثورة الفلسطينية) لم يحدث لأي رئيس آخر منتخب في العالم بأسره… الأمر الذي يؤكد مع النتائج الهزيلة.. والفاشلة لمسيرة المفاوضات مع العدو الصهيوني منذ بداية العدوان وحتى الآن.. باتجاه المزيد من التنازلات والانحدار والتصفية النهائية لقضية فلسطين المقدسة.. ضرورة التخلي الفوري عن هذا النهج المدمر.. والعودة إلى تبني نهج المقاومة بقيادة فلسطينية موحدة.. حتى التحرير…
*وفعلا وفي أجواء هذه المناخات التي تجسد فشل (التسوية-السياسية) مع العدو الصهيوني، وتبعث اليأس من إمكانية انتزاع أي حق فلسطيني عبر هذا النهج المضلل الملغوم… تفجرت (انتفاضة الأقصى)الحالية البطولية… التي شكلت شعلة الأمل الوحيدة في واقع هذه الأمة المظلم… بالإضافة لشعلة المقاومة الحالية في العراق الشقيق المحتل.. وبالتالي.. احتمالات إيقاظ جماهير الأمة.. وامتداد لهيب المقاومة إلى (كراسي وعروش) الأنظمة العربية الطاغية العميلة..
وهكذا… وبغية إجهاض هذا الأمل الحقيقي المذكور.. وفي ظل الظروف العربية الخانقة والدولية الطاغية، التي تهيمن فيها الإمبريالية الأمريكي العنصرية المعادية لهذه الأمة، والمرتبطة عضويا ومصيريا مع العدو الصهيوني… تبين لهذا التحالف العدواني، أن الفرصة ملائمة-كما لم تكن من قبل-لتصفية قضية فلسطين نهائيا، وتحويل الكيان الصهيوني إلى القوة الأولى في المنطقة في إطار المخطط الأمريكي الشرق الأوسطي الكبير.. و(المبادرة السعودية-الصهيونية التي عربت في (قمة بيروت)…
ومع تقديرنا لحركة (فتح) الصديقة ودورها التاريخي البطولي في تفجير الثورة… وقيادتها وتقديم آلاف الشهداء الخالدين الأبرار على طريق التحرير واستمرارها كعمود فقري لهذه الثورة.. ومواصلة جناحها المقاوم الذي تجسده "كتائب شهداء الأقصى" الباسلة… فقد أدى ارتداد أعداد من قادتها… وفسادهم… بل وتعاطي بعضهم مع العدو الصهيوني-الأمريكي ومخابراته ضد الثورة… واغتيال قادة فصائل المقاومة/ كما جاء في العديد من وسائل الإعلام الموثوقة.. وتصرفات هؤلاء المعروفة، في الواقع/…
فقد برز دور (حركة حماس) بالذات، التي قدمت العديد من قادتها كشهداء لقضية فلسطين..وتميزها الجهادي والاستشهادي المشرف في الانتفاضة الحالية.. بالإضافة إلى (حركة الجهاد) و(الجبهة الشعبية) وغيرهما من المناضلين الشرفاء… وصولا إلى انتصار "حركة حماس" في الانتخابات الديمقراطية التشريعية الأخيرة..
ولعّله من الهام أن نشير هنا، إلى ما يقال: أن الأخ (أبو عمار) كان قد نبه قبل اغتياله بالسم إلى خطورة الذهاب إلى الانتخابات في ظل الاحتلال، وخطورة إيقاف المقاومة.. الأمر الذي يعني العودة إلى المقاومة الشاملة حاليا، والتخلي عن شكليات السلطة، في ظل الاحتلال…
ولكن مما يلفت النظر أن أمريكا شجعت على الانتخابات، التي امتدحت ديمقراطيتها ونزاهتها التي تمت بإشراف دولي برئاسة كارتر…
كما ساهم الأخ أبو مازن في تشجيع ودفع حماس للمشاركة في الانتخابات، ولكن ليس بهذه النتيجة.. ولغير ما أراده الشعب الفلسطيني وقواه المناضلة "لحركة حماس".. بل لتنفيذ مخططهم (باصطياد) حماس المجاهدة المستعصية عليهم… ومحاولة ترويضها وتدجينها وإغراقها معهم في مستنقع (التسوية-التصفوية)…
ونشير بهذه المناسبة إلى (نصيحة) رفيقنا السابق عبد الله الحوراني (عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية" المقيم في غزة حاليا) لحركة حماس، "بأن لا تشكل الحكومة، وألاّ تكون طرفا فيها.. وإنما تستفيد من حصولها على الأغلبية البرلمانية التي تتيح لها أن تكون في موقع من يتحكم في تشكيل أي حكومة أو إسقاطها (…) مع احتفاظها بخيار المقاومة.. أي (بكلمة واحدة تتولى من موقعها هذا حراسة مصالح الشعب الفلسطيني والمحافظة على الثوابت الفلسطينية..الخ" (راجع "الشروق" 24أيار2006).
وإذ يبدو هذا الطرح جديرا بالتمعن العميق.. كونه يبدو جيدا من الناحية النظرية، إلاّ أن (أطراف أوسلو) ومن ورائها الأنظمة العربية والعالمية (المجمعة على تصفية قضية فلسطين/ في هذه الظروف البالغة الانحطاط.. لن تقف متفرجة على ذلك.. بل ستواصل محاصرتها(لحماس) وتركيعها.. أو ضربها…
*ولإدراكنا العميق لخطورة الأوضاع، فقد تابعنا، بكل جوارحنا، مسار الأحداث المقلقة منذ ذلك الوقت وحتى الآن… والتي تفجرت مؤخرا حول ما يسمى "وثيقة الأسرى" (المنشورة رفقا)…
بينما تعود الأزمة إلى بداية فوز حماس في الانتخابات التشريعية… وإذ نعود لاستعراض بعض جوانبها باختصار فنشير إلى أنها أبعد وأقدم وأعمق من مسألة (وثيقة الأسرى).. التي أصبحت تستخدم من قبل البعض (كقرآن مقدس) وحجة الجميع بالنسبة للقضية الفلسطينية بأسرها…
ذلك أن كل المتتبعين يدركون كيف حاولت السلطة الفلسطينية، استمرار عقد "المجلس التشريعي" السابق بعد انتهاء ولايته قانونيا، وواقعيا، إثر انتخاب (المجلس التشريعي الجديد)… وذلك بغية استصدار (مرسوم تشريعي)-غير شرعي طبعا-يعطي الحق(لرئيس السلطة-أبو مازن) بحل هذا "المجلس الجديد" وإجراء انتخابات تشريعية مسبقة.. حين يشاء..الخ!!!.
ثم ما جاء في خطاب الأخ محمود عباس (الرئاسي)بمناسبة تشكيل حكومة حماس، بعد فشل تشكيل حكومة وحدة وطنية، بسبب رفض حركة فتح المشاركة في ذلك… بأن على الحكومة أن تلتزم ببرنامج الرئيس السياسي، الذي انتخب على أساسه، وهو البرنامج المعروف، الذي يقوم على الاعتراف (بدولة إسرائيل)واتفاقية أوسلو-واشنطن" "وخارطة الطريق" وغيرها من المشاريع الدولية-الإسرائيلية المعروفة.. المناقضة كليا لبرنامج حماس الذي انتخبت على أساسه… وتلويحه مرارا بأنه قد يقدم على حلّ هذه الحكومة في حال معارضتها لذلك البرنامج..الخ…الخ…
أي أن الخلاف النوعي العميق بين النهجين والبرنامجين كان قائما منذ القديم… والجهود كل الجهود كان يجب أن تنصب على الوصول إلى برنامج وطني مرحلي موحد يجسّد الثوابت الوطنية، التي قامت على أساسها الثورة، ويحمي مصالح الشعب الفلسطيني الحيوية المقدسة… وتشكيل حكومة وحدة وطنية من جميع الفصائل الوطنية والإسلامية لتولي تحقيق هذا البرنامج.. وتنفيذ "اتفاقية القاهرة" القديم المعروف، بإعادة تشكيل "منظمة التحرير الفلسطينية" بحيث تضم كل الفصائل ومكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.. وتجسد فعلا وحدة الشعب الفلسطيني الحقيقية.. بدلا من بعض المنظرين التصفويين المرتزقة السماسرة… الذين لم يعودوا يمثلون أية منظمة فلسطينية على الإطلاق.. ومجلس وطني فلسطيني جديد منتخب ديمقراطيا، من داخل فلسطين، ولاجئي الشتات… يكون هو و"المنظمة" المرجعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره… الأمر الذي لم يحصل منه أي شيء، حتى الآن… لإهمال أبو مازن المتعمد كونه المسؤول الأول عن ذلك..
فبعيد الترحيب- أمريكيا وأوروبيا وغيرها- بنجاح (حماس) واعتراف الجميع بشفافية وديمقراطية تلك الانتخابات التي لم يشهد لها الوطن العربي الغارق في الاستبداد مثيلا –حتى الآن… وذلك بهدف الالتفاف على (حماس) ومحاولة احتوائها وإغراقها في مستنقع التسوية… بحيث يفقد الفلسطينيون والأمة العربية الأمل بانتزاع الحقوق الوطنية الفلسطينية حتى المرحلية المعروفة…
بعيد ذلك.. ولخيبة هذه الأوساط من عدم تجاوب حماس معها-كما يبدو-سرعان ما قامت الدنيا ولم تقعد.. بشن حملة ضغوط شاملة، وحصار وحشي للشعب الفلسطيني، وإخضاعه لعملية تجويع وخنق يومي شامل متصاعد… لم يعرفه التاريخ من قبل… ويشكل لعنة أبدية للنظام العالمي بأسره.. ونسفا وحشيا قذرا متعمدا لكل قوانين الأرض والسماء… حيث تم قطع جميع المعونات السابقة أو المحتملة، وحتى حقوق الشعب الفلسطيني الضريبية لدى (إسرائيل) وعدم التعامل مع حكومته (الإرهابية)… كما بادر أبو مازن لإصدار (الفرمانات) الرئاسية المتلاحقة، الخارجة عن القانون، والمنطق، والشعور الوطني بالمسؤولية، بحصر كل مسؤوليات الدولة وصلاحيات الحكومة المعروفة بشخصه الكريم.. تجسيدا (لديكتاتورية) تجاوزت ديكتاتورية الأنظمة الاستبدادية المعروفة.. بحيث أصبحت الحكومة الجديدة العارية من أية صلاحيات، تواجه-عبثا-مسؤولياتها وواجباتها نحو شعبها الفلسطيني.. بما ينطبق عليها قول الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء..
في مؤامرة دنيئة.. لإفشالها وإظهارها كحكومة عاجزة تماما أمام الشعب.. الذي يعملون على دفعه إلى الانفضاض من حولها تدريجيا..الخ.. وذلك حتى تقبل ببرنامجهم (التصفوي) وشروطهم المعلنة، فتقدم على تلبية شروط الصهيونية الدولية المدعمة من الأنظمة العربية العميلة.. المناقضة-عمليا-لأية شرعية دولية حقيقية، أو سماوية على وجه الأرض.. والتي تعني هدر كل تضحيات شعبنا الفلسطينية المقدسة منذ أوائل القرن الماضي وحتى الآن… بحيث أصبح الشعب الوحيد، الخاضع للاستعمار الاستيطاني، الذي اغتصب وطنه، وشرد أكثر من نصفه، في شتات الأرض.. ويواصل عملية إبادة ما تبقى منه تباعا وسط دعم الإمبريالية الأمريكية والغربية عامة، وصمت وتواطؤ معظم الأنظمة العربية العميلة…
*وحتى مؤتمر القمة العربي في الخرطوم، لم يدع مندوبين عن حركة حماس.. بل تمخض وولد فأرا (بتقرير مساعدات هزيلة ومخجلة (50)مليون دولار فقط، عن كل الدول العربية.. لم يصل منها أي شيء حتى الآن، لأن (البنوك العربية) ملتزمة بقرارات واشنطن، التي تمنع ذلك.. وهو الموقف العربي الرسمي الذي لخصه (عمرو موسى) أمين عام الجامعة العربية بوضوح عندما أبلغ وزير خارجية الحكومة الفلسطينية أن عليها أن تعلن قبولها "بالمبادرة العربية للسلام" ومن ثم فسيكون مرحبا بها…
بينما كلّف (الاحتلال المأجور-لأول مرة في تاريخ العالم)لدول الخليج.. وخاصة إبان العدوان الأول والحالي على العراق أكثر من (150)مليار دولار… تكلفت به هذه الدول الخليجية المحتلة.. لتمويل مخططات العدوان الأمريكي على الأمة العربية…
كما سارعت أنظمة الخليج إياها، (بالتبرع) لمنكوبي (إعصار كاترينا) بمبالغ ضخمة (600) مليون من الكويت ومثلها من قطر.. وأضعاف أضعافها من السعودية..وهكذا… بينما لم يصل من (المبالغ البسيطة) التي قدمت للحكومة الفلسطينية الجديدة أي شيء…
دون الحديث عن تبذيرهم المليارات في مباذلهم السفيهة.. في الملاهي الغربية وغيرها-حيث تبرع الوليد بن طلال مؤخرا لمنتخب غانا الرياضي ب(100)ألف دولار.. دون أن ننسى تبرعاته (السخية) بأضعاف ذلك مرارا للراقصات والمغنيات (الكاسيات العاريات) وسلسلة محطاته التلفزيونية المعروفة المتخصصة بالخلاعة وتخريب الأجيال العربية الجديدة.. بينما يحجمون-تنفيذا لأوامر أمريكا و(إسرائيل) عن التكفل بفك الحصار الخانق عن شعب فلسطين الشهيد الحي وتلبية حاجاته الإنسانية الكاملة الملحة…
*وأمام فيض المعلومات والتعليقات السياسية المتواصلة المتدفقة يوميا في وسائل الإعلام.. حول ما يتعلق بمأساة شعبنا الفلسطيني المحاصر… نكتفي بالإشارة إلى بعض النماذج المعبرة، التي تجسد العار الأبدي لبعض المسؤولين الذين يتحكمون برقاب الجماهير العربية.. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، -(وما خفي كان أعظم):
مبادرة حسني مبارك، للاتصال الهاتفي بـ"إيهود أولمرت" لتهنئته بفوزه وحزبه اليميني العنصري في الانتخابات الأخيرة… ويدعوه لزيارته في (شرم الشيخ) الذي تحوّل إلى مركز للخيانة والتآمر على قضايا الوطن والأمة.. بحيث يكاد المواطن العربي (العاجز) يتفجر من الغيظ، عندما يشاهدهما يتصافحان، حتى تكاد ذراع مبارك (تنخلع) من كتفه، من كثرة هزه ليد(أولمرت) الصهيوني المخضبة بدماء أطفال ونساء فلسطين الشهيدة.. بينما يرفض، هو ووزيره للخارجية، استقبال وزير خارجية حكومة فلسطين المجاهد المنتخبة ديمقراطيا… تنفيذا لأوامر (أولمرت) (وربهما بوش)… حيث تحولت مصر العروبة، عمود الأمة العربية الفقري، من قاعدة لتحرير فلسطين، وتوحيد الأمة.. إلى قاعدة للتحالف الإمبريالي الصهيوني، و أداة قذرة خسيسة (للسمسرة) على قضايا الوطن والأمة..
كما يكاد المواطن العربي (العاجز) أن يتفجر ويتمنى من أعماقه، لو تحول إلى قنبلة ذرية ناسفة لهذا الواقع العربي من الجذور… عندما يشاهد (أبو مازن) في لقاء بالغ الحرارة والحميمية، مع الإرهابي المجرم "أولمرت" والاستراتيجي الأشد خطرا في تاريخ (إسرائيل) (بيريز) أبو القنبلة الذرية.. وذلك على (مائدة) (الملك عبد الله) في الأردن الذي اصطنعته بريطانيا، لحماية (إسرائيل) وكحاجز عن العمق العربي، ومركز لاستخباراتها من جهة أخرى.. تحت (مظلة) الاحتفال بالحائزين على جائزة "نوبل" التي هيمن عليها الصهاينة وحولوها إلى منبر للدفاع عن (إسرائيل) وتبرير عدوانها على شعبنا الفلسطيني (الذين اعتبروا مقاومته الباسلة للاحتلال وإرهاب (الدولة الصهيونية العنصرية) إرهابا… وكل ذلك (التطبيع) كان على نفقتنا-كما قال المصري الوحيد الحائز على جائزة نوبل، الذي حضر تلك الحفلة..المشبوهة…
لقد كان أبو مازن، وأولمرت وبيريز، يتعانقون، كأنهم في مناسبة أخوية، ويتضاحكون ملء أشداقهم السامة… في الوقت الذي كان (أولمرت) يهدد بمحو غزة من الوجود.. ويواصل جيشه الصهيوني المدجج بالسلاح الثقيل تدمير غزة.. وقتل المدنيين الأبرياء.. التي كانت الجماهير الفلسطينية الغاضبة تحمل نعوشهم المقدسة، إلى مثواها الأخير…(5)
وذلك بدون ذرة من الخجل والحياء، ومراعاة قدسية حرمة الشهداء من رئيس السلطة الفلسطينية بالذات!!! في الوقت الذي كان يدين فيه أية عملية استشهادية ويعتبرها (قذرة وحقيرة).. للدفاع المشروع عن النفس، بالسلاح الوحيد الذي ابتكره شعبنا الفلسطيني البطل.. نعني (الجسد المتفجر) كإضافة نوعية متميزة فريدة لتاريخ النضال الإنساني بأسره…
وأمام مذبحة شاطئ غزة المأساوية التي سارعت أمريكا لتبريرها كحق (لإسرائيل) ودفاع مشروع عن النفس!!!… كنا ننتظر أن تهب الجماهير العربية وقواها الوطنية من المحيط إلى الخليج… لتلبي صرخات الطفلة هدى الحبيبة، وهي تتقلب فيي الرمال أمام جثمان والدها الشهيد.. وتناديه: أبويا.. أبويا.. وبالقرب منه أجساد والدتها وأشقائها الخمسة… الذين قضوا ضحية العنصرية الهمجية الصهيوينة، تصرخ وتصرخ..بدون جواب… صورة كانت كفيلة بتحريك ضمير العالم بأسره…
نقول كنا نود أن تفجر المظاهرات الطوفانية الوطن العربي بأسره.. وتحاصر سفارات العدو الصهيوني، والدول الإمبريالية، فلا تغادر الشوارع إلاّ بعد قطع الأنظمة العربية المعنية لعلاقاتها مع (إسرائيل) وإغلاق سفاراتها ومقراتها… ولكن صرخات هدى الملائكية، أحد رموز مأساة الأمة الفريدة.. وكأنها في واد سحيق وسط أمة صماء… كما مرت صرخات الطفل الشهيد محمد الدرة ووالده سابقا.. إذ لا يوجد /معتصم/ واجد شريف يلبي النداء واستغاثة المظلومين في هذا الوطن العربي المنكوب.. فإلى متى سيستمر هذا الخنوع الذليل الحقير والفاجع في هذه الأمة؟…
-هذا في الوقت الذي تطلق السلطة الفلسطينية عملاءها لاجتياح وحرق مقر رئاسة الوزارة، والمجلس التشريعي في رام الله.. بينما اختفت تماما، عندما احتل الصهاينة قلب رام الله، وقتلوا ثلاث شهداء وحوالي 50 جريحا.. غير بعيد عن مقر الرئيس أبو مازن.. لتقابلهم الجماهير الشعبية العزلاء بوابل من الحجارة!!..، فالجلاوزة جاهزون لجلد الشعب، بدلا من حمايته، ولكنهم يختفون عن مواجهة العدو الصهيوني.. فيا للعار البالغ الفظاعة والاستنكار.. فالكلام أصبح أعجز من أن يعبر عن كل ذلك…
*وفي سياق مخاطر الاختراقات الإسرائيلية لأجهزة الأمن الفلسطينية، وتسهيل (اصطيادها) لقادة وكوادر المقاومة في سياراتهم وتحركاتهم بطيرانها، بفعل ذلك…"يتعين لفت الانتباه إلى مغزى التحذيرات التي أطلقها مؤخرا الأخ هاني الحسن، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" من وجود محاولات أمريكية للسيطرة على هذه الحركة، بسطوة الأموال التي توضع بيد قادتها المتنفذين…
(…) وقبل ذلك تصريحات وزير الداخلية الفلسطيني السابق:ناصر يوسف (الأبلغ تعبيرا عن هؤلاء وفسادهم من تصريحات السيد خالد مشعل) عندما قال وهو من أنظف رجال فتح وعضو منتخب في لجنتها المركزية… أمام المجلس التشريعي الفلسطيني السابق يوم /19/10/2005/ بأن قيادة بعض هذه الأجهزة الأمنية مدعومة من الخارج ولا تستجيب لتعليماته، وبأن هناك مرتكزا قويا داخل الأجهزة لصالح تلك القوى الخارجية…"
"ومغزى ذلك أن من الأحرز التسليم بأن احتمالات اندلاع حرب أهلية فلسطينية تظل واردة وإن لم تكن مرجحة، وأن جوهر الأزمة في هذا السياق يتعلق بحركة فتح التي ينبعي أن تستعيد قرارها المختطف، من قبل فئة حاولت الانقلاب من قبل على الرئيس عرفات (يقصد هنا محمد دحلان)-كما ورد في مكان آخر-) ومازالت غير معنية بالدم الفلسطيني، فيما هي تحظى بدعم الولايات المتحدة وإسرائيل، وترفض الاعتراف بنتائج الانتخابات وتصر على منح حماس هياكل فارغة من أي مضمون، وصولا إلى التواطؤ مع كل مساعي حصارها ومن ثم إسقاطها. * محمد جمعة " فتح وحماس ونموذج الدولة الأمنية "
الفلسطينيون-في ضوء ذلك-عليهم مهمات أساسية كي يخرجوا من عنق الزجاجة، وتبدأ بالطبع من قيام "عقلاء" فتح بتحرير الحركة من الزمرة الفاسدة المرتبطة بدوائر خارجية، ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية، دعا إلى تشكيلها مؤخرا الأسير مروان البرغوثي من سجنه، مع إنجاز مهمة أخرى عنوانها التوافق على برنامج وطني لمواجهة مخطط حزب "كاديما" لاستكمال الانفصال الأحادي الجانب الذي يشكل نكبة جديدة للشعب الفلسطيني…"…(6)
ونعود للتحركات السياسية المكثفة للمزيد من إحكام الحصار على (الشعب الفلسطيني) للضغط على (حماس) وتركيعها.. وتطويعها فيي مخططهم التصفوي المعلن أو إسقاطها..الخ.
فنشير إلى افتتاحية الأخ عبد الباري عطوان، التي جاء فيها: (…) "وبدلا من دعم حكومة حماس الشرعية المنتخبة ديمقراطيا باعتراف الجميع: فلسطينيا وعربيا ودوليا.. طالب الرئيس عباس-على سبيل المثال- المسؤولين الذين التقاهم أثناء جولته الخليجية بعدم دعم حكومة حماس، وفعلت الشيء نفسه قيادات في حركة فتح، ووزراء سابقون في حكومة قريع زاروا عواصم عربية بهدف التحريض ضد حماس وحكومتها.."..الخ..الخ.. القدس العربي " تهميش خطير للأولويات الفلسطينية " 02/05/2006
"وإجماع الرئيسين: المصري والأردني، إبان لقائهما مع أبو مازن أنه هو الشريك المخول فلسطينيا بالتفاوض".. مع تجاهل كامل لحكومة حماس.. وأكثر من هذا اتهامها من قبل حكومة الأردن العميلة تاريخيا، بالإرهاب، والعمل على تهريب أسلحة، (من سوريا وإيران) لضرب استقرار الأردن…
*وفي خضم تصاعد الأزمة المرعبة في الضفة والقطاع… ودفع بعض العملاء بها إلى الفتنة.. وبوادر الحرب الأهلية الإجرامية الخيانية المدمرة.. تفتقت /عبقرية/ بعض قيادات فتح المحيطة بأبي مازن… "وفجأة دخل عليه عبد القادر فارس عضو اللجنة المركزية الفتحاوي البارز، الذي يحظى باحترام واسع، ويقضي بالسجون الإسرائيلية عقوبة المؤبد، فارس هذا تربطه أيضا علاقات وثيقة مع العديد من الشخصيات اليهودية في إسرائيل، وأعضاء في الكنيست-البرلمان-العرب واليهود، وهو بمثابة حلقة اتصال مع الإسرائيليين، وقد خرج من مشاوراته واتصالاته بفكرة أن على الأسرى أن يتحركوا كقوة ضاغطة على حكومة حماس، لتعديل الوضع في السلطة لحساب أبو مازن، وبرنامجه واقترح على أبو مازن الفكرة والسماح له وللمجموعة التي تعمل معه، لعب هذه الورقة، على شكل مبادرة سياسية من الحركة الأسيرة، وحصل على المباركة منه، وشرع فارس هذا بالاتصال مع "البرغوثي" في السجن، ومع قادة آخرين في نفس السجن بمن فيهم الشيخ الشكعة القيادي في حركة حماس، بتسهيلات مع السلطات الإسرائيلية وإدارة السجون الذين سهّلوا زياراته، وعرض عليهم (الورقة-الوثيقة) طالبا التوقيع عليها، لعرضها على الحوار الوطني، ولدرء الحرب الأهلية الوشيكة.."…* مقال هام بقلم صابر عبد الغني عضو المجلس الوطني الفلسطيني برام الله –فلسطين" جريدة الشروق اليومي الجزائرية" الثلاثاء 06/حزيران2006 *
حيث يعرف الجميع أن الأخ أبو مازن، أراد فرضها-كما هي-خلال عشرة أيام من (الحوار).. وإلاّ سيطرحها للاستفتاء الشعبي.. مع كل ما رافق ذلك من تأزم وتناحر واقتتال متصاعد، كاد يتحول إلى فتنة دموية خطيرة مأساوية مع الأسف الشديد.. ثم اضطراره للتراجع (الجزئي) بمواصلة الحوار في (غزة) حتى يوم الاستفتاء في أواخر آب، الذي يصبح غير وارد-إذا تم الاتفاق على الوثيقة قبل ذلك).. علما أنهم لم يلجئوا للاستفتاء "عند توقيعهم اتفاقية –أوسلو-واشنطن-التصفوية الرهيبة وغيرها من القضايا الأخرى البالغة الخطورة المعروفة..الخ..
ومن الجدير بالذكر أن الوثيقة (المنشورة رفقا) موقعة من خمسة أطراف فقط هم الأخوة: 1-مروان البرغوثي-عن حركة فتح+2-الشيخ عبد الخالق النتشة(عن حماس)+3-الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين+4-عبد الرحيم ملوح(عن الجبهة الشعبية)+5-الشيخ بسام السعدي(حركة الجهاد الإسلامي).
علما أن ممثلي (حماس) و(الجهاد) المذكورين، قد أعلنا سحب توقيعهما لاحقا، بعد توضح ما يجري في الخارج، من استغلال (البعض) لتلك (الوثيقة) لإثارة الفتنة، وتبني (مشروع السلطة) عكس ما يتوقعون-كما أعلنت الجبهة الشعبية تحفظها أيضا…
وعلما أن أصحاب (الوثيقة) كلهم أساسا من (سجن إسرائيلي) واحد بينما يوجد حوالي (9)آلاف أسير موزعين في السجون الإسرائيلية الأخرى-لم يشاركوا في تحضير أو تدارس تلك الوثيقة..
وكما يلاحظ القارئ المنصف، فإن "الوثيقة" جيدة، ولا خلاف عليها، بصورة عامة، سوى بعض الفقرات.. التالية:
الفقرة الثالثة- التي يمكن الوصول إلى تفاهم حولها-عبر الحوار الديمقراطي-
الفقرة الرابعة-المرفوضة: رغم العبارات التوضيحية (الاحتياطية)الجيدة، التي تبقى مجرد عبارات (إنشائية) لا يمكنها عمليا إلغاء الجوهر (نعني مسألة القبول=بالشرعية العربية-أي (المبادرة العربية-التي قدمها ولي العهد السعودي-في حينه-وأقرت في قمة بيروت/2002/ …بعد (ذكر مسألة عودة اللاجئين) والتي أعد مشروعها الأساسي الصحفي اليهودي الأمريكي-الصهيوني المعروف: "توماس فريدمان" وعالجناها في افتتاحية خاصة في حينه * (بحيث تعني عمليا تصفية قضية فلسطين وفتح الوطن العربي بأسره (لإسرائيل) وعدم جواز معاداتها إلى الأبد…*
*قمة العار والتخاذل وتعريب "المبادرة الأمريكية- السعودية الاستسلامية التصفوية الخيانية " -الديمقراطي العدد 174 الربع الأول عام 2002
وكذلك مسألة قرارات (الشرعية الدولية) المعروفة، التي لا يغير أي شيء من حقيقتها (الخادمة لمصالح إسرائيل) بوضع بعض الكلمات (الإنشائية) الفارغة (مثل المنصفة لشعبنا)… لأنها تعني (الاعتراف بشرعية الدولة اليهودية) في فلسطين، وتنفيذ اتفاقية (أوسلو-واشنطن) الإجرامية.. وكل (الاتفاقات) والمشاريع الأخرى الدولية المعروفة التي وضعت أخيرا (كخارطة الطريق) التي تخدم مصالح إسرائيل.. التي لم تتزحزح قيد أنملة عن اغتصابها لحقوق الشعب الفلسطيني الشهيد..
إذ لعلّه من المفيد أن نذّكر (فلعلّ الذكرى تنفع المؤمنين) بقرار التقسيم (الذي رفضناه ولا نزال) القاضي بعدم اعتراف الأمم المتحدة (بإسرائيل) ما لم تقم معها وفورا (دولة فلسطين المستقلة) في القسم الخاص بذلك وفقا لقرار التقسيم (المشؤوم) وتدخلان معا كعضوين في الجمعية العامة للأمم المتحدة.. الأمر الذي لم يحصل حتى الآن-كما يعرف الجميع-حيث انحصر الصراع حاليا على حوالي (20%)من فلسطين فقط.. دون الوصول إلى نتيجة.. وكذلك الحال بالنسبة لقرار عودة اللاجئين الذي يقرر سنويا منذ نكبة فلسطين عام 1948 وحتى الآن حيث لازال حوالي 5ملايين لاجئ فلسطيني في مخيمات التشرد حتى الآن…
-أما مسألة "منظمة التحرير" الحالية، المهترئة.. فحلها بتنفيذ (اتفاق القاهرة) المعروف بإعادة تشكيلها ديمقراطيا.. بحيث تضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي وكافة القوى الفلسطينية الأخرى داخل الأرض المحتلة وفي الشتات مع /مجلس وطني فلسطيني/جديد منتخب (من داخل الأرض المحتلة والشتات…/يجسد المرجعية الأساسية للشعب الفلسطيني.. مع (منظمة التحرير الجديدة) المذكورة… بحيث تقود المفاوضات مع العدو.. مع المرجعية المذكورة.
الفقرة السابعة-التي تنص على حصر إدارة المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية بتركيبتها الحالية (غير التمثيلية) ورئيس السلطة الفلسطينية فقط، مع تغييب كامل لحكومة حماس…
*وهنا لابد أن نحذر من منطلق الثقة بوطنية ومبدئية ووعي حركة حماس المناضلة.. وكوادر فتح الثورية من احتمالات التضليل.. بإضافات لفظية إنشائية، لتغطية وتمرير الفقرات المتعلقة (بقبول الشرعية العربية وقرارات الشرعية الدولية).. كالحرص على مصالح الشعب الفلسطيني، وبما لا يتناقض مع ثوابته الوطنية..الخ.. التي لا تقدم ولا تؤخر.. لدفع حماس إلى الموافقة عليها… واحتوائها عمليا، في (مخطط التسوية) المعتمد حاليا…
*وإننا ننتظر جميعا، باستبشار، أن يصل المتحاورون إلى اتفاق جماعي حول: النقاط البرنامجية الأساسية المطروحة.. التي صرحوا أنهم توصلوا إليها… كما ستعلن في (الوثيقة) الرسمية النهائية المعدلة.. بعد موافقة الرئيسين أبو مازن وهنية.. الأمر الذي /انقطع بفعل الاجتياح الصهيوني المتواصل… فإننا نؤكد مجددا على توحيد القيادة الفلسطينية في جبهة موحدة باسم (جبهة المقاومة الفلسطينية) كما جاء في (الوثيقة) لأنه لم تنجح أية حركة تحرير في التاريخ-حسب علمنا-عندما تخوض نضالها ضد المستعمر، بفصائل متعددة بل بتوحدها في (جبهة تحرير وطني موحدة) كما حصل في الجزائر والفيتنام-كأبرز مثال على ذلك…
*وأخيرا إذ نرجو أن يستمر تغلب العقل، والالتزام بتضحيات الشعب الفلسطيني التي لم يسبق لها مثيل.. والحرص على الدم الفلسطيني المقدس، والترفع النبيل عن كل المصالح (التنظيمية والعصبويات الضيقة والصراعات السخيفة) تحت جزم جنود الاستعمار وجنازير دبابات وقنابل طائرات العدو الصهيوني… والارتفاع إلى قمة المثل الأعلى النضالي الفلسطيني العظيم… بالاتفاق الديمقراطي الإجماعي على ذلك…
فإننا نناشد الأخ المناضل مروان البرغوثي، بالذات، أن يدفع الجميع إلى ذلك، وإلاّ إذا حاول البعض استغلال (وثيقة الأسرى) واسمه الثوري الكريم، لتمرير الاعتراف بشرعية إسرائيل…الخ.. وإثارة التفرقة والفتنة الإجرامية، التي عمل طيلة حياته على تفاديها.. نناشده-في هذه الحالة التي قد تحدث لا قدّر الله-أن يعلن (سحبه لهذه الوثيقة من الأساس)…
أما إذا استعصى الوفاق الوطني الحقيقي، المبرأ من شباك (الشرعية العربية وقرارات الشرعية الدولية) وهو ما نرجو من أعماق قلوبنا، أن لا يحدث-خاصة بعد إعلان الموافقة على (مسودة الوثيقة) المعدلة فالأفضل لحركة حماس، أن تستقيل من الحكومة وتعود لمواصلة المقاومة المسلحة، حتى لا تخيب أمل الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية عامة، بالقول أنها انقلبت على عقيدتها وتخلت عن مبادئها التي انتخبها الشعب على أساسها…
خاصة في مناخات التشكيك السائدة حاليا، من جراء تصرفات بعض الحركات الإسلامية (الوسطية) التي تعاونت مع الاحتلال الأمريكي-البريطاني فيي العراق، منذ اللحظة الأولى وحتى الآن-مع الأسف الشديد… وكذلك جماعة الأخوان المسلمين السورية، التي تتوجه للتعاون مع أمريكا (بعد أن فتحنا لها ، كمعارضة وطنية ديمقراطية، صدورنا وقلوبنا، للتعاون معا-بصورة ديمقراطية أخوية موحدة-لتغيير النظام السوري الاستبدادي الحالي الفاسد، وتحويل القطر السوري إلى قلعة صامدة موحدة منيعة في مواجهة المخطط الإمبريالي-الصهيوني المعروف ودحره…)
وكذلك محاولات الدوائر الأمريكية مع بعض الحركات الإسلامية (الوسطية) المعروفة في الأردن ومصر والمغرب والجزائر.. التي نرجو أن تظل صامدة ومنيعة عن الاحتواء…
ولنا في موقف حركة حماس المجاهدة، وموقف حزب الله المبدئي في لبنان وزخم المقاومة العراقية المتصاعدة، ضد القوات المتعددة الجنسيات وعملائها في العراق.. الأمل الكبير أن تشكل منارات مشعة للوطنية-والقومية-وروحها الإسلامي الثوري الحقيقي المعروف..
*وقبيل أن نختتم هذه "الافتتاحية" بتفاؤل انتظار (إعلان الوثيقة المعدلة) ومباشرة تطبيقها في أرض الواقع.. على طريق النهوض الثوري الجديد.. نفاجأ باجتياح القوات الصهيونية البرية والجوية والبحرية لقطاع غزة، والبدء بتدمير معظم بناه التحتية من جسور وجامعات وكهرباء ومياه، وتعريضه للاختناق مع التهديد بتصفية قادة المقاومة والحكومة بالذات..
هذا الاجتياح المحضر مسبقا، تبعا لمخطط الوحش العنصري الصهيوني (أولمرت) والذي انطلق بحجة استرجاع (الجندي) الأسير، الذي جاء (متطوعا) من وطنه الأصلي فرنسا، بدافع صهيونيته ليقتل شعبنا في فلسطين..
حيث قامت الدنيا ولم تقعد، من أجل (الإفراج)عنه.. بينما لا أحد يهتم مطلقا،(بالأخين الشابين اللذين اختطفا من بيتهما في غزة قبل حوالي أسبوع، وقتلت والدتهما، ودمر بيتهم.. ناهيكم عن وجود حوالي (9)آلاف أسير في سجون (العدو الإسرائيلي) بينهم عدد كبير من النساء والأطفال.. كون (العنصر الصهيوني) كائنا مقدسا.. ونحن العرب (كما قال أحد حاخامات (إسرائيل) مجرد نمل وحشرات قذرة تستحق السحق بالأقدام...)…
وقد امتدت الاستباحة صباح هذا اليوم الخميس 29حزيران2006 إلى الضفة الغربية حيث اختطف جيش العدو الصهيوني (8وزراء)من وزراء الحكومة و(28نائبا) من نواب المجلس التشريعي ذوي الحصانة المعروفة والمنتخبين جميعهم ديمقراطيا وصولا إلى اعتقال 60شخصية من حركة حماس وليس بينهم (عسكري أو مقاتل واحد) دون أن يتحرك أحد في هذا العالم، الذي عاد إلى أقدم عصور البدائية والتوحش ولكن بتسليح حديث مدمر.. هذا العالم الذي تحول إلى غابة أمريكية متوحشة، بلا قانون ولا مؤسسات دولية، أو قيم أخلاقية أو دينية وإنسانية، تنطلق فيه ضواري وحوش القيادة الأمريكية اليمينية المتصهينة المسعورة لافتراس كل القيم الإنسانية التي كرسها تاريخ البشرية.. مع تركيز خاص بالغ الحقد على وطننا العربي وقلبه فلسطين بالذات…
…لاجدوى من الصراخ والمناشدة والتحريض.. طالما استمر هذا النظام المصري العميل بالذات وكذلك الأردني والسعودي والسوري، أساسا…
أين البرلمان العربي البروتوكولي الشكلي؟ وبقية البرلمانات العربية (المزورة)…
أين الحكومات العربية والإسلامية.. التي أهينت عمليا.. إن كان لا زال بينها من يحس بالإهانة؟..
أين الجماهير العربية وقواها الوطنية.. حيث لم يتحرك منها أحد سوى بعض المظاهرات الشعبية المبشرة في المغرب الأبعد جغرافيا، والأقرب قوميا من فلسطين، رغم نظامه الملكي المعروف.. والمظاهرات الجماهيرية في السودان المنكوب والمستهدف بتركيز استعماري صهيوني متواصل لتفجيره ونهبه؟.. لا أحد يتحرك حتى الآن في سوريا ولبنان ومصر/ والجزائر (التي كانت تشكل بالنسبة لجيلنا، الثورة الكبرى الثانية بعد ثورة الإسلام الربانية الأولى.. حيث تحولت /جبهة التحرير الوطني/ إلى مجرد واجهة للأنظمة المتعاقبة، مقابل منافع مادية وسياسية لبعض وجهائها المرتدين، كما حصل في حزبنا، وبقية الأحزاب التقدمية السابقة في الوطن العربي بأسره)
*وأمام هذا الاجتياح الاستباحي المسعور، المستهتر بكل قيم الأرض والسماء، وتواطؤ وصمت وتخاذل العالم بأسره.. لم يعد من حل-حسب رأينا-سوى مبادرة المسؤولين في فلسطين إلى (حلّ كل مؤسسات السلطة من الرئاسة إلى الحكومة وتشكيل (جبهة مقاومة موحدة) تقود وتنظم نضال الشعب الفلسطيني-الشهيد الحي البطل- وتحوله بأسره إلى فدائيين واستشهاديين، يفجرون جحافل العدو الصهيوني حتى التحرير..
الخميس 29/ حزيران/2006
هيئة التحرير
عنها الدكتور ابراهيم ماخوس.
الهوامش
كانت ميزانية وزارة الصحة حوالي 24 مليون ليرة سورية، ووزارة الخارجية حوالي 20 مليون ليرة سورية فقط على سبيل المثال.
راجع افتتاحية الديمقراطي العدد 135 تشرين الثاني – كانون الأول 1993 " اتفاقية واشنطن " تقنين لنكبة قيام )إسرائيل(.
راجع "افتتاحية الديمقراطي"- حزيران/ تموز 1989" القمة العربية الاستثنائية في الدار البيضاء" "النهوض والتحرير أم تعريب وتكريس التسوية التصفوية".
الحديث النبوي" إنما الأعمال بخواتمها".
موقف وفدنا إلى الأمم المتحدة في نيويورك بعد عدوان حزيران 1967، أثناء انعقاد الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة، لمناقشة عدوان حزيران الامبريالي الصهيوني وذلك بطلب خاص من الإتحاد السوفيتي وبحضور الرئيس كوسغين –شخصيا- ألح علينا الأخ الرئيس جمال عبد الناصر على ضرورة الحضور( لأني كوزير خارجية لم أكن احضر قبل ذلك لقناعتنا بعدم جدوى هذه المؤسسات).
وصدف أن كانت مقاعد وفدنا- حسب الحروف اللاتينية- في الصف التالي مباشرة للوفد الأمريكي بقيادة رئيسه اليهودي الصهيوني وقد استمر الرفيق الدكتور نور الدين رئيس الدولة على رأس وفدنا لمدة أسبوع فقط، حيث ألقى كلمة سوريا الرسمية وأجرى الوفد عددا من الاتصالات السياسية الهامة مع الوفد السوفيتي خاصة وبعض الوفود الصديقة الأخرى ثم عاد إلى دمشق ثم واصلنا بعده لاستكمال الشهر الذي استغرقته الدورة.
والذي نود الإشارة إليه هنا بمناسبة عناق أبو مازن البالغ الحرارة مع السفاح أولمرت رئيس وزراء( إسرائيل) ونائبه العنصري الأشد خطرا بيريز، الغارقين بالدم الفلسطيني المهدور..الخ أننا رفضنا طيلة وجودنا في تلك الدورة أن نصافح أحدا من الوفد الأمريكي الذي كان بجوارنا- كما ذكرنا- أو نبتسم في وجهه أو نجيبه بأية إشارة على الإطلاق وكانت كلماتنا في منتهى الصراحة والعنف، بحيث صفق لنا معظم أعضاء الجمعية وقوفا حتى عودتنا إلى مقاعدنا .
وقد فشلت تلك الدورة ولم تخرج بأي قرار، لأول مرة لأن مشاريع القرارات الأمريكية التي تعبر عن الاعتراف( بإسرائيل) وتبرر عدوانها قد أسقطناها والقرارات العادلة الصحيحة التي تدين العدوان وتطالب بالانسحاب الفوري لقوات العدو من الأراضي العربية المحتلة والتعويض على المتضررين من العدوان.
التي قدمناها بالتعاون مع الإتحاد السوفيتي والدول الصديقة الأخرى، لم تنجح بفضل التدخل الأمريكي والدول التابعة لها.
لقد وقفنا بشرف وشموخ وتمسكنا بمواقفنا المبدئية الراسخة من قضية فلسطين المقدسة وحق امتننا العربية الذي لا يقبل أية مساومة أو تنازل على الإطلاق رغم وجود الاحتلال في سيناء حتى قناة السويس والضفة الغربية وغزة والجولان حتى بعد القنيطرة.
هامش حول الأجهزة الأمنية إن ما استنكره الأخ أبو مازن -وكان على حق- على الأخ أبو عمار من جمع كل الأجهزة الأمنية بين يديه كرئيس للسلطة الفلسطينية وضرورة إصلاح الأوضاع عامة واستقال من رئاسة الوزارة من اجله، وقع فيه بصورة مضخمة بعد أن أصبح رئيسا للسلطة الفلسطينية، بحيث تفاقم الفساد وجمع كل هذه الأجهزة السابقة في مؤسسة الرئاسة بالإضافة إلى سلطات ومؤسسات العلاقات الخارجية والإعلامية الإذاعة والتلفزة والصحافة وغيرها، مما يعني إفراغ حكومة حماس وتجريدها من معظم الصلاحيات القانونية العادية التي لابد منها لممارسة صلاحياتها كحكومة مسئولة منتخبة.. وهكذا (حلال علينا حرام عليكم.)
- وقد بلغت أجهزة الأمن حاليا 13 جهاز أو مؤسسة أمنية تستهلك 62 % من الميزانية السنوية للسلطة مع 9000 شرطي،الأمر الذي لم اعرف له مثيل في أية دولة في العالم .
ومع ذلك لم تساهم في حماية الشعب الفلسطيني في مواجهة الاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة المدمرة في الضفة والقطاع ولم تتحرك قيد أنملة في واجب حماية الوزراء والنواب ...الخ وإحباط عملية اعتقالهم هكذا علنا وبكل سهولة من رام الله بالذات، حيث تستقر رئاسة السلطة الفلسطينية و حرس الرئيس أبو مازن المدجج بالسلاح.
راجع المقال الكامل المذهل المرفق حول كل ذلك، للسيد محمد جمعة باحث متخصص في الشأن الفلسطيني.