لماذا لم يكن التوقيت خاطئاً عندما حضرت الدولة كلها احتفال مبادلة اسرى لبنانيين ‏بإسرائيليين

المقاومة بدأت منذ اندحار قوات الاحتلال ببناء قوتها العسكرية لمواجهة عدوان مخطط له

المنازلة البرية التي بدأت عند الحدود ستفضح من جديد الجيش الذي لا يقهر

 

كمال ذبيان


 

لم تغامر قيادة «حزب الله» عندما اسرت الجنديين الاسرائيليين، بل قامت بعملية مدروسة كانت ‏تعد لها منذ اشهر، لا بل سنوات، وهي لم تكن تخفي انها لجوءها الى هذا الاسلوب الذي سبق لها ‏واستخدمته ونجحت في مبادلة اسرى اسرائييين بآخرين لبنانيين، وقد لقيت عمليتها تلك تأييد ‏الدولة اللبنانية وكل الشعب اللبناني، وقد حضر الرؤساء الثلاثة والوزراء وعدد كبير من ‏النواب، لاستقبال الاسرى اللبنانيين في مطار بيروت ولم يقل احد ان ما قامت به «المقاومة ‏الاسلامية» كان مغامرة، لا بل ان احدا لم يحذرها من ان لا تلجأ الى اسلوب الاسر من جديد، ‏لاطلاق سراح من بقي في السجون الاسرائيلية.‏

فأسر الجنديين لم يكن مغامرة كما تقول مصادر قيادية في «حزب الله»، وفي الساعات الاولى لحصول ‏العملية، وقبل ان تشن اسرائيل عدوانها على لبنان، كانت موضع تقدير وتأييد من جهات ‏رسمية وسياسية لبنانية وعربية، ولكن رد الفعل عند العدو التي كانت مدمرة وهي محسوبة ‏له، تركت بعض التصريحات تتحدث عن توقيت خاطئ ومغامرة، من دون النظر الى العقل التدميري ‏والدموي الذي يحكم الكيان الصهيوني.‏

فاسرائيل اقدمت على عدوانها، وفق التوقيت الاميركي، وهي استعدت له، لا بل لم تشطب من ‏مفكرتها موضوع العودة الى لبنان «لتكسير المقاومة» فيه عندما تحين الفرصة الدولية واللحظة ‏الاقليمية، كما تقول مصادر «حزب الله» التي تشير الى ان العدو الاسرائيلي يخطط منذ خروجه ‏المذل من لبنان، الى ان يأتي يوم وينتقم فيه من المقاومة ويمنع انتصار وبقاء نموذجها.‏

فالمقاومة بدأت منذ 25 أيار عام 2000 ، الى بناء قوتها الدفاعية لمنع اي عدوان على ‏لبنان، واذا حصل لتردعه وتصد اي اجتياح لاراضيه، وهي هيأت كوادرها وعناصرها لذلك، لانها ‏تعلم ومن خلال متابعة العدو الاسرائيلي، انه لن يقبل ان يمتلك لبنان قوة دفاعية، كما ‏تقول المصادر التي تؤكد بان لدى المقاومة من الترسانة الصاروخية والعتاد، ما يمكنها من ‏ان تصمد وتقاوم وتردع وتقصف، العدو الاسرائيلي ولأشهر بعيدة وليس لايام او اسابيع كما ‏يظن قادة العدو الذين لم تقدم لهم استخباراتهم المعلومات الدقيقة عن القدرة القتالية ‏للمقاومة، التي اثبتت خلال الايام التسعة من العدوان انها هزت هيبة العدو، الذي لم تتمكن ‏قواته البرية من ان تتخطى الحدود، وتم تدمير دبابات له وقتل عدد من جنوده بلغ 15 اضافة ‏الى عدد اكبر من الجرحى.‏

وتنتظر المقاومة المنازلة البرية مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، لتلقنه درساً سيكون مفاجئاً ‏له، وهو ما اشار اليه الامين العام لحزب الله «السيد حسن نصر الله»، في رسالته المتلفزة ‏الاخيرة الى اللبنانيين والامة، حيث حذر القيادة الاسرائيلية، من انها ستدفع ثمناً كبيراً، اذا ‏ما فكرت القيام باجتياح بري، الذي تؤكد مصادر «حزب الله» انها اعدت له العدة العسكرية ‏الكاملة، وستكبده المقاومة خسائر بشرية، من خلال حرب العصابات التي ستخوضها معه، وقد ‏اتقنتها عندما كانت قواته تحتل لبنان، وقد شهد قادة العدو الشراسة التي يقاتل فيها ‏رجال المقاومة محاولات التقدم البرية لقوات الاحتلال، التي اثبتت مرة جديدة انها تقهر.‏

من هنا فان الصمود الذي احرزه المقاومون في الجنوب، يشير الى انهم استعدوا لمعركة كانوا ‏ينتظرونها، فمعرفتهم بخطط العدو الذي بدأ قبل اشهر وبعد الانسحاب من غزة في ايلول ‏الماضي، بنقل ألويته الى الجبهة الشمالية عند الحدود مع لبنان، لتصفية حسابه مع ‏المقاومة، التي باغتته باسر الجنديين وقتل ثمانية جنود، فاخذت منه توقيت المعركة وربحت ‏نصفها، كما تقول المصادر التي تشير، ان التوقيت الخاطئ الذي يتحدث عنه البعض، سيأتي يوم ‏وتخبرهم المقاومة، ان التوقيت كان سليماً، لان خطة الحرب على لبنان كانت موضوعة وتنتظر ‏اشارة البدء فيها، من الادارة الاميركية.‏