نداء عاجل إلى جميع القوى الحية في وطننا العربي المنكوب
إننا إذ نعيش معا مراحل المخطط الإمبريالي- الصهيوني الشرق أوسطي الكبير، من العراق إلى فلسطين إلى لبنان، لاستباحة وتفتيت وطننا العربي ونهب خيراته وثرواته الطبيعية وطمس هوية وكيان امتنا العربية وتحويل هذا الوطن المتميز إلى قاعدة لبسط الهيمنة الأمريكية- الصهيونية المسعورة على العالم بأسره، واغتنام هذه الفرصة العربية والدولية المناسبة، لتصفية قضية فلسطين، نذكر باغتيال هذه القوى المعادية بالذات للشهيد رفيق الحريري واستغلال تلك الجريمة النكراء للعمل على احتلال لبنان وتحويله إلى غرفة عمليات أمامية لمواصلة تنفيذ مراحل المخطط المذكور، يوم قامت الدنيا ولم تقعد وتحول مجلس الأمن إلى (مخفر) أمامي للإمبريالية الأمريكية، بينما لم تتحرك هيئات ما يسمى (المجتمع الدولي) التي تشجع العدوان الصهيوني الوحشي على لبنان وتعمل على تغطيته وتبريره، بدءا من" قمة الثمانية" الأخيرة في روسيا (المنكوبة) ومرورا في مجلس الأمن والوفود الأممية والأوروبية المتتالية، التي تنقل جميعها-ويا لعار العصر الإنساني بأسره -مطالب (إسرائيل) المعتدية بالذات، واعتبار كل تدميرها الوحشي الشامل للبنان حقا مشروعا ودفاعا عن النفس !!! محملة الضحية مسؤولية ذلك، وكون نضال الشعب العربي في العراق وفلسطين ولبنان حاليا للدفاع عن حرية الوطن وحياته، مجرد استفزاز وعدوان على(إسرائيل) !!!
فهل يصدق أي إنسان منصف في هذا العالم أن اسر جندي محتل واحد فقط، يبرر تدمير غزة واعتقال وقتل قادتها( المنتخبين بإشراف كارتر بالذات) وحصار وخنق وتصفية شعبها.. أو أسر جنديين معتديين في لبنان، يبرر تدمير لبنان بأسره ؟!!
بينما لا يتكلم أحد من مكونات هذا( المجتمع الدول) المتعفن التي( فقدت مبررات وجودها أصلا) حرفا واحدا عن آلاف الأسرى العرب في سجون( إسرائيل) وكونها الدولة الإرهابية العنصرية الأولى في العالم بأسره والمسؤولة باحتلالها لوطننا عن كل ما يحدث.. و سيحدث لاحقا حتى التحرير.. بحيث تحول هذا( المجتمع الدولي) في انحداره وانحطاطه وافتضاحه إلى أداة بيد أمريكا وغطاء ومبرر لوحشية وعدوان (إسرائيل)، علما بان العدوان الصهيوني متواصل منذ غرس هذا الكيان السرطاني في قلب الوطن العربي لاستنزافه وتمزيقه، ففي جميع الاعتداءات السابقة - وذروتها في عدوان حزيران سنة 1967- لم يكن ثمة مسألة الأسرى، بل أهداف إسقاط النظامين التقدميين في سوريا ومصر وتصفية قضية فلسطين… وهكذا يحاولون جر هذا العالم - حاليا- إلى هذه (المناورة القذرة) لتبرير استمرارهم في المخطط الذي أنشأت من أجله (إسرائيل) أساسا.
* و الأنكى من ذلك، كشفت الأنظمة العربية العميلة عن(عوراتها) بموقفها الفاضح ضد مقاومة حزب الله اللبنانية الباسلة الفريدة، التي حققت أول تحرير غير مشروط بجنوب لبنان في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي حتى الآن.
وكذلك الحال ضد المقاومة الوطنية الإسلامية في فلسطين، والمقاومة الوطنية الإسلامية في العراق الشقيق المحتل، الذي لولا مساهمتهم( أرضا وبحرا وتمويلا) كان يستحيل على الإمبريالية احتلاله بأي حال.
* وفي إطار المخطط القديم الثابت والمتواصل فإنهم يحاولون إعادة جريمة 1982 عندما اجتاحت إسرائيل لبنان واحتلت بيروت(أول عاصمة عربية بعد الاستقلال) بالتعاون العلني الكامل مع عملائها المعروفين في لبنان، من ما سمي( جيش الجنوب) إلى ما سمي( القوات اللبنانية) بقيادة آل جميل وسمير جعجع وغيرهم… وبدعم وتغطية بعض الأنظمة العربية العميلة، حيث ضربت المقاومة الوطنية اللبنانية، وهجرت المقاومة الفلسطينية من لبنان، لتتشتت في بقاع الأرض، هؤلاء العملاء اللذين عادوا مجددا( لتصدر الواجهة السياسية) في عملية مخطط تصفية المقاومة اللبنانية الباسلة التي يجسدها حزب الله البطل وحلفائه من كل شرفاء لبنان شعبا وقوى سياسية.
* كما نذكر" بمجازر أيلول الأسود " في الأردن، التي نفذها النظام الأردني المصطنع العميل، بالتواطؤ مع أمريكا وإسرائيل، وتغطية بعض الأنظمة العربية التابعة، وعندها هب حزبنا -الذي كان لا يزال في السلطة القائمة في القطر السوري- إذ ذاك- ليستجيب لنداء المقاومة الفلسطينية في الأردن ، بالتدخل العسكري المباشر لنجدتها وإنقاذها وقامت الدنيا، وهددت أمريكا وإسرائيل بالحرب المباشرة ضد سورية ولعل مما بجدر ذكره تصريح الرئيس الأمريكي الذي كان في الباخرة القيادية للأسطول السادس في البحر المتوسط إذ ذاك عن حزبنا :" هؤلاء مجانين العالم العربي الذين عرضوني لأخطر أزمة في حياتي السياسية".. كما سمتنا الصحافة الفرنسية اليمينية" ذويي الرؤوس الحامية وفلاجة (ثوار) بومدين "
وإننا إذ نحيي هذه البطولة الواعية العظيمة التي ضربت العدو الصهيوني في أعماقه لأول مرة في تاريخ الصراع العربي- الصهيوني، في الوقت الذي تنفق فيه المليارات على تسليح الجيوش العربية التقليدية (وتشغيل معامل السلاح الإمبريالي) لتكون مجرد حرس للأنظمة وأداة لقمع الجماهير وفي خدمة المخططات الإمبريالية عند اللزوم، فإننا ندعو جميع القوى الحية، من أحزاب وطنية ديمقراطية ومنظمات مهنية ومدنية وشعبية شاملة وكل شرفاء هذه الأمة، إلى التحرك العاجل المنظم والمتواصل والتجند للتصدي للمخطط العدواني الجامح، والمبادرة لنجدة لبنان وحمايته وإنقاذه وفضح وإدانة كل الجهات الدولية والعربية المنخرطة في هذا المخطط.
* ومع تقديرنا لما أصدرته معظم هذه القوى من بيانات الاستنكار والإدانة والدعوة إلى مواجهة العدوان وإحباطه، فان كل ذلك -على أهميته وضرورة استمراره- لا يكفي بأي حال، كونه لا يصل إلى الجماهير من جهة، ولا يغني عن ضرورة الاتصال المباشر معها لتوعيتها واستنهاضها وتنظيمها وقيادة نضالها، لمواجهة هذه الاستباحة المسعورة المتواصلة وتحويل الوطن العربي بأسره، إلى محيط متلاطم بأمواج المد الجماهيري الغاضبة، التي يجب أن تفضح أنظمة العمالة، وتجبرها عل قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع العدو الصهيوني وحماته، والعمل على محاصرتها وإسقاطها مهما كلف ذلك من تضحيات في معركة الحياة والموت البالغة الحيوية والإلحاح.
* ومع إدراكنا لمعاناة رفاقنا مند الردة عام 1970 وحتى الآن وما قدمه الحزب من خيرة شهداء هذه الأمة وسنوات الشباب التي لا تقدر بثمن على وجه الأرض في سجون الطغاة..الخ ، فإننا نهيب بهم أن يبادروا- حيثما وجدوا- بالتعاون الأخوي مع سائر القوى الوطنية الديمقراطية الأخرى الحقيقية، إلى خوض معركة المواجهة والتحرير.
* كما أننا ندعو النظام السوري، بهذه المناسبة، والذي شرحنا سابقا المطالب الأمريكية الصهيونية العلنية منه في لبنان وفلسطين والعراق..الخ إلى الاستجابة الفورية لمطالب القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة المعلنة المعروفة، لتحقيق المصالحة الوطنية الطوعية، وتحويل القطر السوري إلى قلعة جبارة صامدة في وجه العدو ورفض مطالبه المذكورة .
ووضع طاقات القطر في دعم لبنان والمقاومة الفلسطينية والعراقية وإنها لجريمة تاريخية كبرى، أن يفوت النظام السوري هذه الفرصة الإنقاذية الملحة لتحقيق المصالحة الوطنية المذكورة.
* وأمام العهر العلني المكشوف( لثالوث الأنظمة العميلة المصرية والسعودية والأردنية) أصحاب اتفاقية "كامب ديفيد" و"المبادرة السعودية- الصهيونية- الأمريكية" و"اتفاقية الأردن – إسرائيل" .. دون أن ننسى أصحاب "اتفاقية أوسلو" أيضا ، الذي يفيد لحسن الحظ في توعية الجماهير على حقيقتهم واستنهاضها لإسقاطهم، فإننا نذكر بالمقولة التي طرحها حزبنا بعد عدوان حزيران (( لتحديد التناقض الرئيسي بين الجماهير الشعبية وقواها الوطنية والتقدمية من جهة، وبين التحالف الإمبريالي- الصهيوني الرجعي من جهة ثانية)).. ومعارضة المرتدين لذلك في حينه...
ونحذر من تورط بعض الأحزاب الوطنية الديمقراطية- التي نحرص عليها- في مطب نغمات الإشارة إلى مسؤولية حزب الله في العدوان الصهيوني، وكذلك المقاومة الفلسطينية، تحت شعارات( الحكمة والتعقل والمسؤولية المضللة) ..الأمر الذي يساهم وبغض النظر عن النوايا- في انكشاف ارتداد هذه الأحزاب المؤسف المناقض لتاريخها النضالي المشرف بالذات، حيث لم تجلب لأمتنا وقضاياها القومية الملحة (عقلانية ودبلوماسية) الأنظمة الراكعة الزاحفة على بطونها أي شيء سوى المزيد من الإحباط والضياع.
* وبهذا المقياس كما قال الأخ المجاهد الأستاذ عبد الحميد مهري( الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني)،.. فان(( منطق الحكومات العربية التي تجرم المقاومة، كان ينطبق على من أعلنوا الثورة في الفاتح من نوفمبر عام 1954، لأن الحرب مع فرنسا دامت سبع سنوات ونصف ولأن الشعب الجزائري دفع ثمنها مليونا ونصف مليون شهيد، فهل كانت مغامرة أم كانت عين الحساب .
وهذا المنطق يعرفه الشعب الجزائري جيدا، لأنه قام بأكبر مغامرة، عندما أعلن الحرب على فرنسا الاستعمارية، التي كانت عضوا في الحلف الأطلسي، ودفع ثمنا غاليا لانتزاع استقلاله واستعادة حريته بعد أزيد من قرن وثلث القرن من الاحتلال))
ونضيف بان منطق الحكام العرب العقلاء الراكعين( لمعبودهم) بوش، يعتبر ثورة "لينين" و"ماوتسي تونغ" التاريخيتين أيضا كانتا ثورتي مجانين ، وكذلك حركات النهوض الثوري الجديد المتتالية والمبشرة في أميركا اللاتينية..الخ
* وأخيرا، ومع إدراكنا لمدى قوة وجبروت العدو الإمبريالي- الصهيوني المنطلقة العقال فإننا ندرك أيضا أنها ليس قدرا إلهيا لا يرد، بل تحمل في أحشائها وممارساتها المعادية لكل قيم الحرية والعدالة في العالم أجمع ،عوامل انهيارها وفنائها.
وإننا في توجهنا إلى القوى المحبة للحرية والسلام العادل في العالم بأسره، لا يمكن أن نكون مؤثرين، ما لم نخرج من مستنقع الركود والإستسلام ونحمل شعلة النضال المتواصل الجبار، الذي يهدد مصالح العدو وعملائه في وطننا العربي ويعيده إلى موقعه الحضاري الإنساني المعهود .
وانطلاقا من الحكمة العربية الشهيرة " كما تكونوا يولى عليكم" فإننا نتحمل- مهما كانت ظروف القمع والتخلف- مسؤولية استمرار هذه الأنظمة العميلة ، التي يهدد وجودها في خدمة المخططات الامبريالية الصهيونية، وحدة وحرية الوطن والأمة.
ولابد أن تتحمل الجماهير الشعبية وطلائعها الديمقراطية المناضلة خوض معركة النهوض والتغيير والتحرير، مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.
النصر والفخار والتوسع للمقاومة الشعبية في لبنان وفلسطين والعراق.
والخزي والعار والاندحار للعدوان الصهيوني الإمبريالي وعملائه من الأنظمة العربية المتخاذلة العميلة .
الأربعاء 19/07/2006
حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي
المكتب السياسي القومي
عنه: الدكتور ابراهيم ماخوس