☻
العلاقات السورية العراقية حاجة أميركية
والمستقبل اللبناني مرهون بتطورهاسامي كليب
من السابق لأوانه القول إن زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، تطوي صفحة التأزم الأميركي السوري، ولكن الأكيد أن ما يحصل يدخل في سياق الإعداد لتحولات مهمة تجعل من سوريا حاجة أميركية للمساهمة في تهدئة الأوضاع في العراق. يفترض هذا التطور أن يكون لبنان في الأشهر المقبلة أمام استحقاقات كثيرة وأن تشهد العلاقات اللبنانية السورية منعطفات عديدة.
الزيارة ليست عادية، ومهما قيل في أسبابها، فهي تأتي بالتنسيق مع الاميركيين أو على الأقل برغبة وضوء أخضر منهم، والمعلومات التي نشرتها الصحف الأميركية والبريطانية بهذا الصدد كثيرة، وبينها ما نقلته صحيفة <نيويورك تايمز>عن السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى الذي كشف عن لقاءات حصلت قبل فترة بين المعلم ووزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر الذي يتولى حالياً مجموعة دراسة الاوضاع في العراق. والمعلومات نفسها تقريباً أشارت اليها صحيفة <الصانداي تايمز>اللندنية التي اشارت الى ان الثمن الذي سيطلبه الرئيس بشار الاسد من الاميركيين لن يقلّ عن استعادة هضبة الجولان.
كلام الصحافة مهم طبعاً، ولكن الأهم هو أن زيارة المعلم الى بغداد، جاءت بعد تطورين بارزين، أولهما تأييد رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير إشراك سوريا وايران في حل المشكلة العراقية، وثانيهما لقاء الرئيس الأميركي جورج بوش مع رئيس وزراء إسرائيل ايهود اولمرت في اعقاب هزيمة الاول في الانتخابات التشريعية الجزئية. فهل حصل اتفاق ضمني أميركي بريطاني إسرائيلي على تغيير المعادلة وإشراك سوريا في الحل العراقي المنشود؟
الاحتمال وارد جداً حتى ولو ان تصريحات الايام المقبلة ستتضمن كلاماً سورياً مطالباً بالانسحاب الأميركي من العراق، وكلاماً أميركياً مطالباً سوريا بالمزيد، فهذه امور عادية في مراحل التحولات الأهم.
الواضح أن التوجه صوب سوريا يتزامن مع النصائح الكثيرة التي قدّمت لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بالتخلي عن فكرة المواجهة مع إيران، تماماً كما تزامن مع تنامي قناعة بعض المقربين من إدارة بوش باستحالة القيام بعمل عسكري ضد المنشآت النووية الايرانية دون الوقوع في فخ أمني كبير.
النصائح جاءت من خبراء عديدين وبينهم فرنسيون، ذلك ان التوقعات العسكرية والاستخباراتية تفيد بأن الهجوم على هذه المنشآت، أكان اسرائيليا ام اميركيا ام مشتركا، سيحدث حرائق كثيرة في المنطقة، ويدفع إيران لمزيد من التشدّد، ويرفع اسعار النفط، والاهم من كل ذلك انه قد لا ينجح نظراً لضعف المعلومات المتعلقة بمواقع المنشآت الايرانية واهميتها ونظراً لاستعداد إيران للمواجهة. واما دبلوماسياً فقد يصل الوضع الى ازمة بسبب رفض عدد من اعضاء مجلس الامن فكرة الضربة العسكرية بعد كارثة العراق.
الانفتاح على سوريا حصل، او لعلها بداية الانفتاح، فهل يستكمل، وماذا ستكون آثار ذلك على لبنان؟
كل شيء متعلق بصدق النوايا الاميركية، فهل بوش المهزوم انتخابياً والمترنح عراقياً والضائع شرق اوسطياً، اقتنع بالعودة الى منطق اسلافه والاعتماد على سوريا، ام انه ينتظر فرصة افضل للانقضاض مجدداً عليها؟
ستكون سوريا قادرة في الاسابيع المقبلة على إثبات قدرتها على التهدئة في العراق، فلديها علاقات هائلة مع العشائر هناك، ولكن من الصعب انتظار أن تقدم كل اوراقها دفعة واحدة. ولذلك نحن أمام فترة ستشهد الكثير من الأخذ والرد بين الأميركيين والسوريين قبل الاستقرار على شاطئ معين.
اما لبنان، فهو قد يجد نفسه مضطراً بعد حين لإعادة فتح الجسور مع سوريا، وعلى الأرجح بشروط سورية. ومن المهم النظر الى تصريحات السيد حسن نصرالله وتحذيرات العماد ميشال عون من هذا المنظور. يبدو أن الرجلين شاعران وأكثر من السابق بأن التحولات المقبلة في المنطقة ستصبّ في مصلحتيهما.
السفير