حول العدوان الصهيوني(عمود السحاب) على غزة

بيان حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي



إن طبيعة الكيان الإسرائيلي العدوانية الإجرامية دفعته مجدداً للقيام بعدوان آخر على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة الصامد يوم : 14 / 11 / 2012 حيث قام العدو بقصف مدفعي وغارات جوية واسعةعلى القطاع ، وحظي هذا العدوان بدعم كامل من قبل حكومات الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول الأوروبية. واستغل العدو الخلافات والانقسامات الموجودة في صفوف المنظمات الفلسطينية، والأوضاع المتردية في معظم الأقطار العربية، فقام بشن عدوانه الإجرامي مفتتحاً إياه باغتيال الشهيد أحمدالجعبري، قائد الجناح العسكري لحركة حماس. وقد وضع مسؤولو الكيان الصهيوني في مقدمة أهدافهم إعادة الاعتبار لقوة الردع للجيش الإسرائيلي، وتدمير المخزون الصاروخي لحركة حماس والجهاد وغيرهما من الفصائل الفلسطينية. كما أراد رئيس وزراء الكيان الصهيوني توظيف عدوانه لأغراض انتخابية داخلية من جهة واختبار النظام المصري الجديد ومدى التزامه باتفاقية كامب ديفيد من جهة ثانية.
كان رد المقاومة الفلسطينية مفاجئاً للعدو الصهيوني من حيث كثافة النيران ونوعية الصواريخ وسرية أماكنها ومداها وأهدافها التي شملت تل أبيب والقدس المحتلة. وقد فشلت (القبة الحديدية )في التصدي لهذه الصواريخ. ولم تأبه المقاومة باستدعاء العدو لـ 70 ألفاً من قوات الاحتياط وتهديداته بشنعملية برية، ولم يزدها ذلك إلا إصرارا على التصدي للعدوان والدفاع عن شعبها ، ورفض الضغوط التي تعرّضت لها من الكثير من الأطراف الدولية والعربية التي فاجأها صمود المقاومة أيضاً ، وأمام هذا الصمود، وشعور القيادات الصهيونية وحلفائهم بأن العملية البرية قد تفشل، ويكون لها نتائج وخيمة عليهم، بادر الرئيس الأمريكي باراك أوباما للاتصال بزعماء مصر والسعودية وقطر وتركيا، طالباً منهم الضغط على المقاومةالفلسطينية لتستجيبب للمطالب الصهيونية. وقد لبّت هذه الأطراف الرغبة الأمريكية. وادّعى رئيس وزراء قطر، بأن إخواننا في فلسطين يحتاجون إلى الصراحة؛ ويجب ألا نعطيهم أملا أكبر مما نستطيع أن نفعله، وكأنه ليس في اليد قوة أو إمكانية للمقاومة، لأن أغلبية العرب، في رأيه، عبارة عن نعاج.
وقد أدت شجاعة المقاومة وثباتها ورفضها للضغوط والشروط الأمريكية والمصرية إلى التوصل إلى اتفاق يقضي بـوقف (إسرائيل) كل الأعمال العدائية على قطاع غزة براً، بحراً وجواً بما في ذلك الاجتياحات وعمليات استهداف الأشخاص مقابل وقف الفصائل الفلسطينية كل "الأعمال العدائية "من قطاع غزة تجاه (إسرائيل) بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات على خط الحدود. كما نصّ الاتفاق على فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم في المناطق الحدودية.
ويشكّل هذا الاتفاق في ظل تخاذل الأنظمة العربية، وضعف الدعم المقدّم للمقاومة، انتصاراً للمقاومة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني الذي أبدىابتهاجه بصمود المقاومة وإنجازاتها . وعبّر قادة المقاومة عن ارتياحهم لبنود الاتفاق، وشكروا كل من ساعدهم، وفي المقدمة مصر وإيران، ونوّه قادة المقاومة بإمداد إيران للمقاومة بالسلاح الذي مكّنها من الصمود والتصدي الناجح للعدوان.
وهكذا تمكّنت المقاومة الباسلة، بصمودها واستخدامها لإمكاناتها وسلاحها المتطور، من تبديد "الغيوم السوداء " للكيان الصهيوني وحماية شعبها وفتح ثغرات مهمة في الحصار المضروب على غزة.
ولا يداخل الشك أحداً بأن يغيّر العدو الصهيوني طبيعته العدوانية التوسعية التي نشأ عليها أصلاً. لذلك فالحكمة توجب على قوى المقاومة الاستعداد للجولات القادمة من الصراع، الأمر الذي يفرض على الفصائل الفلسطينية الوحدة على أسسٍ وطنية ، ونبذ الانقسام ، والمشاركة الجماعية الفعالة في التصدي للعدوان من مختلف أماكن التواجد خاصة في الضفة والقطاع، والحذر من محاولات البعض توظيف ما تمّ إنجازه من أجل " أسلو 2 ... وفي الوقت نفسه ، يتطلّب من القوى العربية تأمين الدعم السياسي والعسكري الحقيقي للشعب العربي الفلسطيني. وإذا كان العدو يراهن على استنزاف مخزون المقاومة من السلاح والصواريخ، فإن على الأطراف العربية والدولية الصديقة أن تؤمن إمداد المقاومة بالسلاح اللازم، وهي قادرة على ذلك، وتملك المليارات الكافية، وحتى صنوفاً حديثة من الأسلحة التي لم تستخدم، وسوف يأكلها الصدأ كما أكل الأسلحة الأخرى التي خُزّنت لعقود.
إن رهاننا على شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وعلى أمتنا العربية وقواها الحية سيبقى قائماً في التصدي للعدو الصهيوني ومتابعة نهج المقاومة والتمسك بالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه بالمقاومة وتحرير وطنه والعودة إليه لبناء دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني في فلسطين.
المجد للشهداء والنصر للشعب الفلسطيني المقاوم.
في : 24 / 11 / 2012