لبنان دخل مرحلة المخطط الدولي وتقرير ميليس ينذر بانفجار

 

شارل أيوب


 

دخل لبنان مرحلة خطيرة جداً، ولربما يكون هذا الاسبوع مفصلاً في تاريخ الازمات اللبنانية، ‏خاصة وان المخطط الدولي على لبنان اصبح أكبر من طاقة لبنان، وان وضع لبنان على ‏الروزنامة الدولية بهذا الشكل يفوق طاقة لبنان الحالية على قاعدة انه ينذر بالتغيير ‏الداخلي.‏


وكالة رويترز ذكرت نقلاً عن لسان محقق دولي ان ميليس سيوجه أصابع الاتهام الى مسؤولين سوريين ‏كبار ويضعهم في دائرة المشتبه بهم، فيما قامت وزيرة الخارجية الاميركية غوندوليزا رايس ‏بالاجتماع على عجل مع كوفي أنان امين عام الامم المتحدة ودون موعد مسبق للاجتماع سوية ‏لبحث الوضع اللبناني والسوري، حيث يبدو أن هنالك قراراً من واشنطن لممارسة ضغوطات كبرى ‏على سوريا لمحاولة إخضاعها في الشرق الاوسط للسياسة الاميركية.‏


جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليست الهدف النهائي، وهذا ما يؤكد ما قالته ‏‏«الديار» ويبدو ان المخطط الدولي هو لاستغلال الجريمة لوضع لبنان تحت الوصاية الدولية، ‏ولإجبار سوريا على الخضوع للسياسة الاميركية، وفي المجال اللبناني، فإن وضع لبنان تحت ‏القرار الدولي واتخاذ سياسة على قاعدة ان سلاح المقاومة قد انتهى مفعوله وفق ما أبلغ ‏موفد الامين العام للامم المتحدة تيري رود لارسن الى الرئيس السنيورة سيشكل انقساماً حاداً ‏داخل لبنان، حيث من المقرر ان يتخذ نواب حزب الله وحركة امل ووزراؤهم قراراً بالحفاظ على ‏سلاح المقاومة ورفض المنطق الدولي بانتهاء مفعول سلاح المقاومة.‏


فيما الرئيس السنيورة الذي التزم في واشنطن بمؤتمر بيروت في كانون الثاني يحاول تنفيذ ‏روزنامة دولية عبر ترسيم الحدود مع سوريا، وصولاً الى مزارع شبعا، ووصولاً الى سحب السلاح ‏الفلسطيني خارج المخيمات، وسحب سلاح حزب الله قد يصطدم بمشكلة داخلية تؤدي الى انفجار كبير ‏داخل الساحة اللبنانية، وتكون بدايتها سقوط الحكومة بعد استقالة الوزراء الشيعة ‏منها، وربما وزراء الرئيس لحود.‏


تقرير ميليس ينذر بقنبلة سياسية، فهو يتهم دون أدلة، وبعد سقوط رواية محمد زهير ‏الصديق بدا واضحاً أن القاضي ميليس سيقوم بالتعويض عن هذه الخسارة بتشديد لهجته بالاتهام ‏ولو لم يجد دليلاً واضحاً عن الجريمة.‏
فقد بدا واضحاً في نيويورك وأوروبا ان ميليس سيتهم النظام الامني اللبناني السوري ‏ويطالب بمحكمة دولية لتوقيف متهمين لبنانيين وسوريين في عاصمة أوروبية وإجراء المحاكمة ‏بحقهم.‏


في هذا الوقت ذكرت وكالة رويترز ان القضاء اللبناني طلب من المصرف المركزي تجميد حسابات ‏القادة الامنيين الاربعة في خطوة أولية لاستمرار توقيفهم، وهو أمر تقول «رويترز ان المصرف ‏المركزي سيستجيب لهذا الطلب، إضافة الى أن تقرير ميليس سيتضمن المنابع المالية واتهام ‏الاجهزة اللبنانية ـ السورية باستعمالها، وهو أمر سيفتح الباب على مصراعيه أمام القول ‏أن الاجهزة اللبنانية السورية استغلت مبالغ من الاموال، فيما قام الفريق السياسي ‏باستغلال المليارات ونهبها من ميزانية الدولة طوال 15 عاماً.‏


الفضائح ستتلو الفضائح، والإتهام للأجهزة الامنية بالفضائح المالية سيؤدي الى فضح ‏السياسيين في الأموال العامة، وفي ظل هذا الجو يعيش لبنان أزمة مصير، فهنالك صراع حاد ‏سيبدأ بعد يوم الجمعة، وسيفسر كل فريق تقرير ميليس وفق رأيه، فتيار الحريري والاكثرية ‏النيابية ستعتبر أن ميليس أصدر حكمه، والتيار المضاد سيعلن أن ميليس لا أدلة لديه، ‏ولبنان ذاهب الى روزنامة دولية خطيرة، فقد تخلى العالم عنه مدة 15 عاماً، وواضح ان ‏الروزنامة الدولية تبدأ بجمع السنيورة ومحمود عباس في باريس، وصولاً الى سحب سلاح المقاومة ‏سواء في غزة ام في الجنوب اللبناني، وبالتالي فإن الازمة على الأبواب وستكون كبيرة.‏


لبنان وسوريا قادمان على أزمة كبرى، والمعركة الدولية لا تتعلق بجريمة الحريري فقط بل ‏تتجاوزها الى مطالب التسوية مع إسرائيل، والى الحدود بين سوريا والعراق، والى سحب سلاح ‏المقاومة والسلاح الفلسطيني، وهو امر لا يتحمله لبنان، خاصة وأن السنيورة يحاول استعمال ‏كل عبارات اللطف والمسايرة لتجاوز المرحلة، ولكن الاستحقاق قد وصل، والأخطر أن السنيورة ‏لم يأخذ موافقة مجلس الوزراء بشأن ترسيم الحدود وقضية سلاح المقاومة وإنشاء المحكمة ‏الدولية.‏


ان أزمة خطيرة قادمة على لبنان، واذا كان اللبنانيون يريدون من كل نخوتهم معرفة الحقيقة ‏بشأن اغتيال الرئيس الحريري، فإن الآتي على المنطقة أعظم، ويتخطى الجريمة الى حسابات ‏الدول الكبرى مع سوريا ولبنان، ولا أحد يعرف كيف تنفجر الأزمة في الداخل وكيف تنتهي في ‏ظل الصراع الدولي الإقليمي، حيث احدى ساحاته تقرير ميليس، وحيث ساحاته الاخرى مصالح ‏الدول الكبرى في تفريغ المنطقة العربية من أي سلاح مقابل بقاء السلاح الإسرائيلي بكل ‏طاقاته.‏