دولة الأمن القومي وصناعة القرار الأميركي: تفسيرات ومفاهيم* ( 1 / 3 )
 

 

د. منذر سليمان1


( كلنا شركاء ) 9/3/2006

 



أولاً: مقولات لتفسير ما يجري في العالم
تنشغل الساحة الإعلامية والسياسية هذه الأيام بالتعامل مع فكرة "الفوضى الخلاّقة أو البنّاءة" في معرض التفسير أو التبرير للخطة الأميركية الشاملة للتعامل مع شؤون الوطن العربي بدءا من الغزو الأميركي واحتلال العراق مرورا بالسودان وصولا إلى لبنان وسوريا مع اختلاف في الوسائل المتبعة من عسكرية، سياسية ودبلوماسية أو حتى سرية.
لنلاحظ بداية أن هذه الفكرة أطلقها روبرت ساتلوف مدير مركز واشنطن لسياسة الشرق الأدنى على شكل مقال تحليلي دوري بتاريخ 15-16 مارس 2005، وهو مركز معروف بكونه الذراع السياسية والفكرية الضاربة والمروّجة للمصالح الإسرائيلية داخل الولايات المتحدة الأميركية. وقدم السيد ساتلوف هذه الفكرة/المقولة بوصفها تفسيرا للسياسة التي تتبعها إدارة الرئيس بوش الإبن تجاه الوطن العربي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا تحظى هذه الفكرة بهذا الاهتمام الواسع وتعتمد كنوع من المرجعية في التفسير لسياسة الولايات المتحدة في منطقتنا رغم أنها ليست صادرة عن أي مؤسسة رسمية أميركية مثل البيت الأبيض أو مجلس الأمن القومي أو الخارجية أو الدفاع ولم تلحظ في أي وثيقة رسمية أميركية؟
الجواب الأولي والجزئي يكمن في الانطباع السائد بأن معظم مراكز الدراسات والأبحاث الأميركية وخاصة النافذة منها والمؤيدة لإسرائيل تلعب دورا مؤثرا وفاعلا في صياغة وتوجيه السياسة الخارجية الأميركية تجاه الوطن العربي لدرجة أن ما تقدمه من أفكار ومقترحات أو تحليلات ترتقي إلى مستوى السياسة الرسمية المتبعة، خاصة عندما لا ترغب الإدارة الأميركية في تبنيها رسميا لأسباب محض تكتيكية.
ربما أفاجئكم بالقول بأنني لا أتفق كليا مع هذا التصور في هذه الحالة وأدعو إلى التمييز الدقيق بين الخطة الفعلية التي تعتمدها الإدارة في هذه المنطقة من العالم وفقا لاستراتيجية "التدخل الانتقائي المرن" وبين محاولات الاجتهاد في التسويق والترويج والتأثير في هذه الاستراتيجية من قبل أطراف مؤيدة لإسرائيل خاصة عندما تصطدم هذه الاستراتيجية بعقبات فعلية تزرع الشك بإمكانية انجازها.
إذن دعونا نتساءل معا ف ي هذه الفكرة "الفوضى البنّاءة" ونضيف هل تقع في دائرة التعبير المكثف عن الاستراتيجية أم التكتيك؟
وبديهي أن نتساءل كم هو العمر الزمني لهذه الفوضى المقترحة ومن يستطيع التحكم بمدتها؟ وهل فعلا يشكل الولوج في دائرة الفوضى وسيلة اضطرارية للولايات المتحدة لتحقيق مصالحها؟ ثم نتساءل بنّاءة لمن؟ وعلى يد من؟ وما هي الضمانات بأن تخرج من الفوضى إلى مرحلة البناء خدمة لهذه المصالح؟
إذا كانت المنطقة بغالبيتها تخضع للنفوذ الأميركي إضافة إلى تحول الولايات المتحدة عبر احتلالها للعراق إلى قوة إقليمية أيضا كما هي بالطبع قوة عالمية متفردة، فلماذا تلجأ إلى الفوضى بدلا من تثبيت الاستقرار ولماذا يجب أن تتحول إلى الفوضى الشاملة لكي تصل إلى مرحلة بنّاءة لصالحها؟
واقع الأمر أن الفوضى مطلوبة أو مرغوبة فقط في الساحات العصية على التطويع والالحاق وليس في كل البلدان العربية. وحتى في الدول أو الساحات العصية والممانعة فإن الخطة مرنة لدرجة أنها لا تستدعي دائما ولوج دائرة الفوضى بل قد يكتفى بترتيب الأدوار لقوى محلية مستعدة وراغبة في أن تؤدي أي غرض فوضوي.
أسوق هنا هذه التساؤلات لأدلل على أمر خطير يكتنف تعاطينا مع ما ينتجه الخطاب الإعلامي والفكري الغربي عموما والأميركي خاصة .... إذ يبدو أن لدينا استعدادا طبيعيا لتلقف ما يرمى إلينا دون التمحيص الدقيق بمغزاه أو بصحته وجدواه، وقد نقع دون وعي في فخ الترويج الدعائي له.
ولأبيّن ما أحذّر منه هنا فلنبحث عن الفكرة المعاكسة "للفوضى البنّاءة" فستكون صياغتها "الاستقرار الهدام" مثلا. فكما أنه لا يمكن للاستقرار أن يكون هداما لأنه لا يبدو منطقيا فالفوضى لن تكون بناءة أيضا مثلها مثل ما اصطلح على ترويجه لبنانيا منذ زمن بعيد حول الوضع الاقتصادي والسياسي اللبناني عندما أطلق عليه تجاوزا عبارة الفوضى المنظمة".
إن من مصلحة ساتلوف والقوى التي يمثلها أن تنتشر الفوضى في الوطن العربي على أساس إيقاظ المشاعر الطائفية والانقسامات العرقية وفق سياسة تشجع على المزيد من التفتيت والتجزئة لأوصال الوطن العربي وخاصة الدول القوية المركزية فيه لأن ذلك يساهم في خدمة إسرائيل وأمنها في المدى المنظور حسب اعتقاده ... ولكن مغامرة تشجيع نشر الفوضى ستبقى مفتوحة على احتمالات شتى، فكما أنها قد تسير على السطح في اتجاه تمزيق الكيانات القائمة فإنها أيضا قد تقود إلى بلورة تيار شعبي متفاعل وجارف على امتداد الساحة العربية. ولنأ خذ العبرة من التحولات التي تجري في الحديقة الأمامية للولايات المتحدة في أميركا الوسطى والجنوبية كأمثلة ساطعة على إمكانية حدوث تطورات ليست في الحسبان ولا تصب في صالح مروّجي الفوضى.
ثانياً : حول نهاية التاريخ وصدام الحضارات
منذ أواخر الثمانينيات وبعد استهلاك مقولتي غورباتشيف البروسترويكا والغلاسنوت «إعادة البناء والانفتاح» وإزاحتهما عن مسرح المتداول السياسي والفكري ومع غروب نجم غورباتشيف نفسه، طغى على المسرح الدولي في حقبة التسعينيات مفهومان أو مقولتان، مصدرهما الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً هما:
مقولة نهاية التاريخ لفوكوياما وصدام الحضارات لهنتينغتون، ويبدو أن فكرة فوكوياما التي تقرر انتصار الليبرالية بصورة نهائية رغم تقديمها خدمة دعائية ومعنوية ضخمة لتكريس سيطرة الغرب وتفوقه، لا تساعد على تبرير الاستمرار في الانفاق العسكري بمعدلات خيالية أو نهج التدخل الاستباقي، لذلك خبا وهجها ووضعت على الرف مؤقتاً بعد أن نال صاحبها شهرة واسعة.
أما فكرة هنتينغتون التي تراجع بريق توظيفها قليلاً فيعاد شحن بطاريتها المتقادمة منذ هجمات الحادي عشر من أيلول التي تعرضت لها الولايات المتحدة وانتهاء بالاضطرابات التي شهدتها فرنسا مؤخراً.
وقد يعود مرد الاهتمام الواسع الذي لاقته هذه المقولة- الفكرة لتعطش الساحة الفكرية العالمية لالتقاط أي مقولة جديدة تحاول تقديم تفسير مبسط ومقنع لما يجري في العالم، ولا يجوز أن نلغي دور القوة الإعلامية الطاغية للغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً في تسويق وترويج بعض المقولات لفرضها مكونات خطاب مركزي مهيمن يخدم الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة.
ولدى تحديده للعوامل والعناصر المكونة للحضارة الغربية نجد تركيز هنتينغتون الشديد على المسيحية الغربية، كعامل رئيس في تكوينها، ولكنه حاول اخفاءه بوضع ما يمكن أن يطلق عليه «المساحيق» مثل التراث الكلاسيكي، والحرية الفردية وسلطة القانون.. واذا أزلنا كل هذه المساحيق التجميلية نجد مقولته عارية إلا من العنصر الديني.. أي أصولية دينية مغطاة بعباءة فكرية مطرزة أكاديمياً.
وكما أشار الأستاذ محمد عابد الجابري في أحد مقالاته** فإن هنتينغتون في تصنيفه للحضارات لا يلتزم بمقياس واحد، فالحضارة الغربية نسبة الى الغرب وهي جهة جغرافية، والحضارة الكونفوشيوسية نسبة الى الفيلسوف الصيني كونفوشيوس الحكيم «القرن الرابع قبل الميلاد» والحضارة اليابانية نسبة الى بلد، والحضارة الاسلامية نسبة الى دين والهندية الى بلد، والسلافية الأرثوذكسية، نسبة الى عرق ودين في آن واحد، أما الحضارة الأميركية اللاتينية والحضارة الأميركية فنسبة الى قارة وعرق.
فاذا كان الدين هو العنصر الأهم في التمييز بين الحضارات- كما يزعم- فلماذا لا نسمي جميع الحضارات باسم الدين الذي تعتنقه؟ وستكون عندنا حينئذ الحضارات التالية: الحضارة المسيحية والحضارة الاسلامية، البوذية، ...الخ. يبدو أن هنتينغتون لا يرغب في أن يقدم لنا تفسيراً حول الصدامات والحروب التي شهدها التاريخ طوال ما لا يقل عن 23 قرناً منذ القرن الثالث قبل الميلاد وهي جميعها حروب شنتها أوروبا على معظم مناطق العالم ابتداء من حروب وفتوحات اسكندر المقدوني، مروراً بالحروب الصليبية، إبادة سكان أميركا الأصليين- الهنود الحمر، إلى فتوحات نابليون إلى الحرب العالمية الأولى والثانية، إلى حرب فرنسا في الهند الصينية ثم في الجزائر، إلى حرب الولايات المتحدة في فيتنام، ومن ثم حرب الخليج واحتلال العراق.
فالقاسم المشترك في كل هذه الحروب انها كانت حروباً توسعية للهيمنة والسيطرة على الموارد الاقتصادية ولتحقيق المصالح، على أي حال ما يحاول انكاره السيد هنتينغتون هو الحقيقة الساطعة ومفادها أنه لا يوجد شيء إسمه "حضارة صافية" بل حضارة إنسانية واحدة تكون لها سمات معينة في هذه الحقبة أو تلك وتكون حاصل التفاعل المستمر والتاريخي للشعوب، ربما يحتاج هنتينغتون المولع بتعبير الحضارة الى من يذّكره بمراجعة أهم مؤلف عن الحضارات وهو موسوعة وول ديورانت "قصة الحضارة"، والتي يعود نشرها لأكثر من 70 سنة مضت، حين اعترف ببعض الحقيقة عن أثر الانجازات العلمية العربية في مؤلفات علماء الغرب الذين مهدوا بدورهم للنهضة العلمية الأوروبية، وقال ديورانت: "إن قصتنا (أي قصة الحضارة) تبدأ من الشرق، لا لأن آسيا كانت مسرحاً لأقدم مدنية معروفة لنا فحسب، بل كذلك لأن تلك المدنيات كونت البطانة والأساس للثقافة اليونانية والرومانية التي ظن السيد هنري مين خطأ أنها المصدر الوحيد الذي استقى منه العقل الحديث فسيدهشنا أن نعلم كم مخترعاً من الاختراعات الضرورية في حياتنا وكم من نظامنا الاقتصادي والسياسي ومما لدينا من علوم وآداب وما لنا من فلسفة ودين، يرتد الى الشرق، في هذه اللحظة - أكثر من 70 عاماً مضت - نرى أن ا لتعصب الاقليمي الذي ساد كتاباتنا للتاريخ، حيث نبدأ رواية التاريخ من اليونان ونلخص آسيا كلها في سطر واحد، لم يعد مجرد غلطة علمية، بل ربما إخفاقاً ذريعاً في تصوير الواقع ونقص فاضح في ذكائنا."
وحيث لا يمكنني تبرئة هنتينغتون من ارتكابه غلطات علمية.. لا مجال لحصرها كلها هنا، أدعو لعدم الاستخفاف بمقولته لأنها دعوة مدروسة عن سابق تصور وتصميم وصادرة عن منظّر يحتل موقعاً أكاديمياً مرموقاً وتلقى ترحيباً وقبولاً من دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة رغم لغة التشفير والرمزية التي تطغى على الخطاب السياسي والإعلامي لإدارة بوش في محاولة لإخفاء الجوهر العنصري والعدائي للعرب والمسلمين في الحملة المفتوحة جغرافياً وزمنياً التي تشنها تحت مسمى محاربة الإرهاب.
هناك جانب من مقولة هنتينغتون لم يحظ بما يستحق من التركيز وهو إدراكه للقنبلة الموقوتة، ذات الشحنة العالية الانفجار الكامنة داخل المجتمعات الغربية والمجتمع الأميركي خاصة والمتعلقة بتقاطع العامل الطبقي مع العامل الاثني في أحزمة الفقر التي تلف المدن الرئيسية أو "الغيتوات" المفروضة للمهاجرين الجدد أو القدامى، ورغم محاولة إسباغ البعد الديني على أحداث فرنسا الأخيرة إلا أنها تجليات طبقية اجتماعية إثنية ودينية للبنية الاقتصادية المأزومة في المجتمعات الغربية.
ورغم عدم دعوة هنتينغتون الصريحة بضرورة نقل الصراع عبر شن الحروب الى خارج حدود ما يطلق عليه الحضارة الغربية إلا أنه يساهم في الدعوة الى ما يسميه وقف الانحدار في نفوذ الغرب، وحيث لا يمكن ولا يجوز أن تفسر نزعة التدخل العسكري الخارجي الأميركي بهاجس تأجيل وتعطيل الصواعق الداخلية إلا أنه لا يجوز إغفال هذا العامل الداخلي خاصة اذا نظرنا الى تفاعلات الوضع الديمغرافي- الاجتماعي الداخلي في أميركا حالياً وما يمكن أن يحمله للمستقبل.
يقدر مكتب الاحصاء السكاني أنه بحلول عام 2050 سيضم الشعب الأميركي %23 من الناطقين بالإسبانية «أصول أميركا الجنوبية والوسطى»، %16 من الأميركيين السود، و%10 من الأميركيين الآسيويين.
ويتحسر هنتينغتون على الماضي حيث كانت الولايات المتحدة تستوعب بصورة ناجحة ملايين المهاجرين من عشرات البلدان لأنهم يتكيفون مع الثقافة الأوروبية السائدة ويثبتون بحماس المفاهيم الأميركية عن الحرية والمساواة الفردية والديمقراطية، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل سيستمر هذا النمط سائداً عندما يصبح %50 من السكان من الإسبان أو غير ال بيض؟
فاذا كف الأميركيون عن الالتزام بأيديولوجيتهم السياسية الديمقراطية ذات الجذور الأوروبية فإن الولايات المتحدة كما نعرفها- حسب هنتينغتون- ستكف عن الوجود وهو كان قد حذر أيضاً من مخاطر زيادة الهجرة للناطقين من الاسبانية في كتاباته الأخيرة.
وتجدر الإشارة هنا الى أنه يعبّر عن امتعاضه وقلقه من التحولات والانجازات التي حققتها حركة الحقوق المدنية التي قادها القس مارتن لوثر كينغ في الخمسينيات والستينيات لأن المطالبة بالتمييز الإيجابي (
Affirmative) تتناقض- حسب رأيه- مع المبادئ الراسخة المؤسّسة للوحدة السياسية الأميركية ولأنها ترفض المجتمع الذي يميز الألوان (Color Blind Society) المكون من أفراد متساوين، وتروّج بدلاً من ذلك للمجتمع الواعي بالألوان. كما ينتقد بروز حركة موازية بدأها مثقفون وسياسيون روّجوا لفكرة التعدد الثقافي (Multicultural) والاصرار على إعادة كتابة التاريخ السياسي والاجتماعي والأدبي من وجهة نظر لا تعتمد المركزية الأوروبية (Euro Centrism) بل المركزية الأفريقية (Afro Centrism) وينعت بعض روادها بالتطرف لأنهم ينزعون الى رفع مكانة قادة مغمورين لمجموعات الأقلية غير الأوروبية الأصل الى مستوى من الأهمية يقارنهم بالآباء المؤسسين. وبرأيه أنهم يشجعون على تفكيك وحدة أميركا..
يعيب هنتينغتون وغيره على المجتمعات العربية والإسلامية بأنها تقاوم عمليات التحديث وتواجه أزمة هوية وتحاول معالجتها باللجوء للدين كجواب ووسيلة للعودة الى ثقافتها الخاصة.
ولكن ظاهرة الإحياء الديني لا تقتصر على مجتمع دون آخر لا بل إننا نجد انتشاراً لأصولية دينية جديدة في الغرب والأمثلة ساطعة داخل أميركا نفسها من تنامي نفوذ "الأغلبية الأخلاقية" سابقاً واليمين الديني المحافظ (
Christian Coalition) حالياً والذي ينسب اليه القوة في إيصال بوش إلى البيت الأبيض للمرة الثانية بدعم ما يطلق عليهم الحزام الانجيلي في الولايات الوسطى والجنوبية، دون أن ننسى نمو بعض الميليشيات المسلحة على أساس ديني وتنامي حركة مناهضي الاجهاض لدرجة استخدام العنف وتفجير العيادات الطبي، ولكن لا نسمع عن توصيف الدين المسيحي بالإرهاب مثلاً كما يحصل عادة مع الإسلام.
هوامش :
* مقتطفات من محاضرة ألقيت في ديسمبر 2005 في فندق البريستول بدعوة من مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت.
** راجع سلسلة مقالات في جريدة الشرق الأوسط


: باحث ومحلل في شؤون الأمن القومي/مدير مكتب مجلة "المستقبل العربي"، واشنطن1