براميرتس يبحث عن بصمات «القاعدة» في الاغتيال
الحقائق الجديدة في ملف «الحقيقة»

 

يونس عودة




الأسبوع الأخير سجّل تقدما في اتجاهين: إعادة استجواب الشاهد السوري محمد زهير الصديق بعد اطلاق سراحه في باريس, واعلان عن تقدم في تشكيل المحكمة الدولية التي سوف تتولى محاكمة المتهمين والمشتبه فيهم عندما يحين موعد هذه المحاكمة.

لكن مهمة سيرج براميرتس القاضي البلجيكي الذي يخلف ديتليف ميليس في البحث عن قتلة الرئيس رفيق الحريري, شائكة ومعقدة وطويلة, والتقرير الذي يعده الى مجلس الأمن €موعده بعد أسبوع€ يشكل انعطافاً في آلية التحقيق على المستوى السوري كما على المستوى اللبناني. كيف؟

لماذا أبلغت دمشق سيرج براميرتس ارتياحها للزيارة التي قام بها, وسرّبت الى وسائل الاعلام أن الزيارة كانت «ايجابية جداً لم تتضمن مهلاً ولا تهديدات», خلافاً لما روجه موقع «ديبكا» الاسرائيلي €نقلاً عن مصادر استخباراتية€ من ان المحقق الدولي أعطى مهلة للسلطات السورية, انتهت يوم الاثنين من الأسبوع الفائت, للرد على طلباته بشأن استجواب مسؤولين سوريين.
في معلومات «الكفاح العربي» أن للارتياح السوري ما يبرره في هذه المرحلة من التحقيق, لمجموعة اعتبارات اجرائية وقانونية وسياسية يمكن ادراجها قي النقاط الآتية:

­
إن اللقاء السوري الأول مع القاضي البلجيكي الذي خلف ديتليف ميليس في رئاسة لجنة التحقيق الدولية, حقق توافقاً حول تحديد المعايير التي سوف تعتمد في التحقيق. هذا التوافق الذي يهدف الى تمكين الفريق الدولي من انجاز مهمته, لم يكن ممكناً مع المحقق الالماني وفريقه, لأن السلطات السورية تعاملت معه على خلفية أنه يصر على تسييس التحقيق. وما توافر من معلومات يشير الى ان براميرتس سوف ينخرط في العمل مع اللجنة القضائية السورية, وربما استعان بفريق من الخبراء والقانونيين العرب في تحليل بعض الموضوعات والخلفيات, في التحقيقات القديمة والجديدة.
­
إن اللقاء الذي تم مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومستشاريه, بحضور عدد من المحققين المساعدين لبراميرتس ورئيس اللجنة القضائية السورية الخاصة القاضي محمد نبيل الخطيب, حقق التزاماً متبادلاً بضرورة الحفاظ على سرية التحقيق حرصاً على سلامة النتائج. في الوقت نفسه تسلم الجانب السوري لائحة مطالب من القاضي البلجيكي بقيت سرية, وسوف يقوم بزيارة ثانية €خلال الأسبوع الحالي على الأرجح € لتسلم اجوبة دمشق على هذه المطالب, قبل ان يصوغ تقريره الأول الى مجلس الأمن الدولي, المقرر تقديمه في 15 آذار €مارس€ الحالي. وقد فهم المسؤولون السوريون من براميرتس انه «صادق ومهني وايجابي» في تعاطيه مع الملف, وفهموا كذلك ان النقص في الادلة حتى الآن لا يسمح بإحالة هذا الملف على محكمة دولية, أياً كان شكل هذه المحكمة. وهذا يعني ان تقرير 15 آذار €مارس€ لن يشير من قريب أو بعيد الى مسؤولية سوريا في اغتيال الحريري­ خلافاً لتقريري ميليس­ وانما سوف يؤكد على التعاون السوري المبدئي, وعلى ضرورة اعادة الاستماع الى الضباط السوريين المشتبه فيهم على قاعدة الفصل الكامل بين اتهام الافراد واتهام النظام. هذه المنهجية تشكل مصدر اطمئنان للمسؤولين السوريين لأنها تبحث عن الادلة في الجريمة من دون ان تقفز الى الاستنتاجات انطلاقاً من المعطيات السياسية. في هذا السياق نقل عن مصادر سورية «مطلعة» ان سوريا كدولة شيء والأفراد شيء آخر, والبلد لا يؤخذ بجريرة فرد أو افراد, إذا ثبت تورطهم في الجريمة.
ومعروف أن دمشق كانت قد اتهمت ديتليف ميليس بعدم الحيادية والبعد عن المهنية على خلفية توصل اللجنة الى خلاصات سياسية بشأن تورط النظام في الاغتيال, وهي اليوم ترى ان التحقيق­ الذي قد يستغرق وقتاً طويلاً­ مستمر «بشكل مهني», يؤكد على ذلك السفير السوري في لندن سامي الخيمي الذي تلاقى مع «وكالة الانباء السورية» €سانا€ والمتحدثة باسم الأمم المتحدة في بيروت نصرت حسن, في وصف نتائج الاجتماع الذي تم مع براميرتس في 23 شباط €فبرايرالفائت, والذي تواصل لأربع ساعات كاملة, بأنها «ايجابية جداً».



انتكاسات

هذه الاعتبارات لا تفسر وحدها الارتياح السوري الى «المرحلة الجديدة» التي يتهيأ التحقيق الدولي لدخولها. الأسباب المتبقية يمكن معاينتها في الانتكاسات المتتالية التي حصلت في الفترة الاخيرة, والتي تسمح بطرح تساؤلات حول جدية الاستنتاجات التي توصل اليها ديتليف ميليس وفريقه, وصدقية الشهادات التي استند اليها, وأهمية الأدلة التي توصل اليها حتى الآن. وفي مراجعة سريعة لهذه الانتكاسات يمكن التوقف عند التطورات الآتية:

­
ان ميليس استند في تقريره الأول الى شهادة زهير الصديق, في اتهام عدد من المسؤولين اللبنانيين والسوريين. الصديق هذا أعطى افادته على اساس انه ضابط مخابرات سوري سابق, ودمشق تقول انه مجند فار ومتهم باختلاسات مالية. والمهم ان رئيس فريق التحقيق الدولي وجد نفسه مضطرا الى تعديل او حذف بعض الاسماء التي وردت في التقرير لاعتبارات «تقنية», لكنه كان واضحا للجميع انه اوقع نفسه في ورطة لأنه لم يراجع تقريره بدقة قبل تقديمه الى مجلس الأمن.

­
الانتكاسة الثانية جاءت من تركيا عندما أبلغ احد الموقوفين السوريين أنه تلقى رشوة مقابل افادة ادلى بها الى لجنة التحقيق الدولية, في محاولة لاتهام فريق التحقيق بأنه يتعاون مع اجهزة استخباراتية.

­
الانتكاسة الثالثة جاءت من احدى الأقنية العربية الفضائية التي استضافت خبيراً عربياً €طلعت راجح€ كشف ان ميليس تعاون في بعض مراحل حياته المهنية مع مراكز أمنية تابعة للأمم المتحدة وحلف الاطلسي, وتقاضى مبالغ كبيرة مقابل هذا التعاون. وبالرغم من ان اي دليل لم يقم على هذه الرواية, فقد تركت تساؤلات حول حياد التحقيق.

­
الانتكاسة الرابعة كانت على يد هسام طاهر هسام الذي لبس قناعا أمام لجنة التحقيق ليتهم عدداً من المسؤولين السوريين بالتورط في الاغتيال, ثم نزع هذا القناع في دمشق ليتحول الى «شاهد مضاد» في خدمة لجنة التحقيق السورية.

­
الانتكاسة الخامسة جاءت من فيينا عندما وضعت دمشق شروطاً صعبة للاستماع الى شهادات الذين طلب الاستماع اليهم, بحضور خبراء عرب ومحامين دوليين, وانتهت جلسات الاستماع الى حصيلة لم تضف شيئاً الى معلومات التحقيق, الأمر الذي ترك انطباعاً بأن التوتر السائد بين الرجل والسلطات السورية لن يسمح بتقدم التحقيق نحو نهايات واضحة.

­
الانتكاسة السادسة جاءت من برلين عندما كشفت صحيفة «يونفي فيلت» الالمانية معلومات وصفتها بأنها «خطيرة» تمكلها صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية حول دور لعبه ضابط الاستخبارات الالماني هيرهارد ليمان في التعاون مع الاستخبارات الاميركية قبل أن يتولى الى جانب صديقه ديتليف ميليس مهمة التحقيق في اغتيال الحريري. وفي المعلومات التي نشرت ان ليمان بدأ عمله في جهاز الاستخبارات الالماني منذ العام 1979 في دائرة «المهمات الخاصة» ومسرح عملياته كان يمتد من قبرص الى سوريا, وكان يشمل بناء شبكات تجسس ضد «حزب الله» والمنظمات الفلسطينية في المنطقة, وقد تعاون مع ميليس €بصفته مدعي عام برلين€ في فضح احد موظفي السفارة السورية في برلين الشرقية, وقد توطدت بينهما علاقة شخصية دفعت مليس لضمه الى فريق التحقيق الدولي.
هذه الرواية تقاطعت مع رواية مماثلة حول الدور الذي لعبته المخابرات الالمانية في الحرب على العراق, بالتعاون مع المخابرات الاميركية, وسمحت بتكثيف التساؤل حول حيادية ميليس ومعاونيه.

­
الانتكاسة السابعة كانت المانية ايضاً عندما تسربت معلومات تقول ان الفريق الالماني في لجنة التحقيق الدولية استدعي الى برلين لتفادي «فضيحة ما» قد تكون ذات طابع مخابراتي, في الوقت الذي بدأت السلطات الالمانية تحقيقاً مستقلاً في تحقيقات مدعي عام برلين ومساعده, ومدى احترامها لقواعد القانون الدولي.

­
والانتكاسة الثامنة ­ وقد لا تكون الأخيرة ­ جاءت من باريس التي رفضت طلب القضاء اللبناني استرداد زهير محمد الصديق المتهم بـ«التدخل» في الجريمة وافرجت عنه بعد استجوابه مبررة الرفض بأنها لا تملك «ضمانة بعدم تطبيق عقوبة الاعدام في حقه». هذا الافراج اعتبرته الأوساط السورية «تبرئه لأحد الشهود المزيفين» من جانب القضاء الفرنسي الذي بدأ يتعاون مع التحقيق. في هذا السياق نقلت مصادر فرنسية امنية ان التعاون قائم بين الاجهزة الفرنسية والاجهزة الالمانية في ملف اغتيال الحريري, وأن التدخل المخابراتي الأميركي في مسار التحقيق الدولي لا يلقى ارتياحاً في باريس وبرلين.



ارتياح

هل تقود هذه الانتكاسات الى انعطاف حقيقي في مسار التحقيق يعبر عنه تقرير براميرتس الأول الى مجلس الأمن الدولي؟
الجواب عن هذا السؤال سابق لأوانه إلا أن المعلومات التي تقاطعت خلال الأسبوعين الأخيرين تسمح بالقول ان اطلاق سراح زهير الصديق وفرار هسام هسام وتراجع عدد من الشهود عن افاداتهم, تعتبر محطات شكلية لا اساسية في مسار التحقيق, وهي لن تبدل هذا المسار تبديلاً جوهرياً, و ما يمكن ان يتبدل في «مرحلة براميرتس» التي سوف تمتد حتى آخر حزيران €يونيو€ المقبل هو التركيز على الادلة الثبوتية بدلاً من مواصلة الاستنتاجات السياسية, وفي هذا التركيز يعمل القاضي البلجيكي على عدة محاور دفعة واحدة, لعل ابرزها:

­
الاستعانة بالتحقيقات التي اجراها القضاء اللبناني مع الـ13 موقوفاً من فريق «القاعدة» اللبناني, في محاولة لتعيين التقاطعات الممكنة بين شريط احمد ابو عدس ومنفذي عملية التفجير.

­
اعادة استجواب الضباط والشهود السوريين الذين سبق ان استمع اليهم القاضي ميليس, بمن فيهم الذين تراجعوا عن شهاداتهم, لاستجلاء عدد من النقاط الغامضة.

­
غربلة وتمحيص افادات اكثر من 340 شاهداً لبنانياً وغير لبناني, وثقت افاداتهم حتى الآن, واستخراج الأدلة الممكنة منها لمواصلة مراحل التحقيق المتبقية.

­
الاستماع الى 170 محققاً وتقنياً شكلوا فريق الأمم المتحدة في التحقيق, وجمعوا ادلة ثبوتية من موقع الانفجار, كما راجعوا المخابرات الهاتفية الثابتة والخلوية التي اجريت في الموقع قبل وبعد حدوث الاغتيال.

­
تعيين دور الضباط اللبنانيين الموقوفين في العملية, ومدى تورطهم في الاعداد للاغتيال مع المنفذين, سواء كانوا مجموعة مخابراتية او مجموعة اصولية مجهولة, علماً ان أي أثر لأحمد أبو عدس لم يوجد في موقع الانفجار, كما بينت فحوص الحمض النووي التي اجريت على الاشلاء المتبقية.

­
التحقق من مصدر المتفجرات التي استعملت في العملية, وهوية الجهة التي ادخلتها, في ضوء المعلومات التي تضمنها تقرير ميليس الأول, وهي معلومات جمعت على دفعتين في جنيف, تقول انها استحضرت من سلوفاكيا عن طريق رجل أعمال قبل ان تستخدم في الجريمة, و كانت سلوفاكيا قد وعدت بالمساعدة في التحقق.

وباختصار يمكن القول ان مهمة براميرتس تشكل استكمالاً لمهمة ميليس, الا انها محكومة بثلاثة توجهات جديدة:

­
الأول هو الفصل بين الدولة السورية, أي النظام السوري, والأفراد الذين يمكن ان يكونوا قد تورطوا في الجريمة.

­
الثاني هو مراجعة بعض الافادات وبعض الادلة, في ضوء التطورات التي يملكها التحقيق في مراحله الأولى, والانتكاسات التي تخللته, والاتهامات اللبنانية وغير اللبنانية بتغليب التسييس على الوقائع.

­
الثالث جمع ادلة اضافية موثقة في مرحلة التحضير للمحكمة الدولية او ذات الطابع الدولي.

في هذا السياق, وعلى وقع الشائعات والحقائق, طلب براميرتس من وزير العدل اللبناني شارل رزق والفريق اللبناني الذي يتولى التحقيقات كشوفات واضحة عن الأموال التي تم سحبها او تحويلها من بنك «المدينة» الذي يفترض ان يكون قد شارك في تمويل الاغتيال, ومعلومات تفصيلية عن استجوابات عناصر مجموعة «القاعدة» الموقوفين, تاركاً للقضاء اللبناني مهمة تقرير مصير الضباط الأربعة. أما بالنسبة الى زهير الصديق فقد اصدر الانتربول اللبناني «نشرة حمراء» في حقه, تلزم الدول التي قد يقصدها بتوقيفه, عملاً بالقانون الدولي والبروتوكولات الموقعة مع لبنان حول استرداد المطلوبين, في انتظار خطوات قضائية لاحقة قد تبدأ بعد ان يقدم براميرتس تقريره الى مجلس الأمن.



الضباط الأربعة

واطلاق الصديق وضع التحقيق برمته امام معطيات جديدة يراهن البعض على انها سوف تنسف التحقيق من اساسه سيما وان فرنسا ترفض تسليمه الى لبنان للتحقيق معه في المعطيات التي ادلى بها وتراجع عنها والتي على أساسها جرى توقيف الضباط الأربعة في لبنان, مما قد يفتح الطريق امام فريق الدفاع عن الضباط الموقوفين €جميل السيد, مصطفى حمدان, ريمون عازار وعلي الحاج€.
وتعتبر مصادر قضائية ان رفض فرنسا تسليم الصديق او الاستماع اليه من جانب القضاء اللبناني, بمثابة عدم تعاون فرنسا مع التحقيق الساعي الى كشف الحقيقة خصوصاً ان القضاء اللبناني أرسل طلباً لاستجواب الصديق في فرنسا, إلا أن السلطات الفرنسية رفضت ذلك رغم ارسال فريق لبناني برئاسة المحامية العامة التمييزية جوسلين ثابت, في وقت كانت السلطات الفرنسية وضعت الصديق بتصرف القاضي السابق لرئاسة لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس الذي استند الى شهادة الصديق كشاهد رئيسي على اساس أنه شارك في اجتماعات تخطيط عقدت في شقة في حي معوض وتحدث عن سيارات قال انها استخدمت, وأعطى معلومات تبين انها غير صحيحة بالكامل. كما أفاد ميليس في تقرير آخر ان الصديق وقع على اعتراف خطي يفيد انه متورط في الاغتيال «مما يزيد من صدقيته». وقال الصديق لمحققين انه حضر عدة اجتماعات في احدى ضواحي بيروت للتخطيط للتفجير باستخدام شاحنة ملغومة.
وحسب بعض المعطيات فإن القاضي الجديد براميرتس فوجئ بنقص الادلة في جريمة الاغتيال ما كوّن لديه قناعة ان التحقيقات والمحاكمة سوف تستغرق سنوات, وانه اذا بقيت الادلة على نقصانها فإن أي محكمة دولية لن تعيش سوى بضعة أيام ما يؤدي الى كارثة على المستوى القانوني الدولي, وهذا ما يشوه سمعة المؤسسة الدولية الكبرى والأهم في العالم وهي الأمم المتحدة.
والمحور الأساسي الذي يجري التعامل معه حالياً هو لماذا اطلقت السلطات الفرنسية الصديق, غير الموقوف قضائياً, ولماذا لا تتعاون مع لبنان الذي فتح لها كل الأبواب للتحقيق في اغتيال الصحفي سمير قصير, لانه يحمل الجنسية الفرنسية.
ولذلك فقد قرر فريق الدفاع عن الضباط الأربعة القيام بحملة قضائية وسياسية وقانونية هدفها البت سريعاً بمصير الضباط لأنهم أوقفوا بناء على افادة الصديق.
وقال مرجع معني «ان المعضلة التي تواجه القضاء اللبناني تأخذ بعين الاعتبار ان الرئيس السابق للجنة التحقيق ديتليف ميليس كان تحدث عن وجود ادلة مكتومة لديه وانه يريد الاحتفاظ بها حتى موعد لاحق, وهو أوصى مرتين على الأقل بإبقاء الضباط الأربعة قيد التوقيف. ثم جاء الرئيس الجديد براميرتس الذي ابلغ فريق التحقيق اللبناني بأنه سوف يعمل على تسليمه كل ما لديه بشأن الجريمة وأي ملفات اخرى. وهو سارع اخيراً الى تقديم ما كان لدى اللجنة, كما انه عمد الى نقل مباشر لافادة نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام, والتي جرى على اساسها تجديد استجواب الضباط الأربعة مريتن خلال الاسبوعين الماضيين, الأولى من قبل النائب السابق لرئيس اللجنة الالماني غيرهارد ليمان, والثانية من قبل المحقق العدلي الياس عيد. وتبين لمصادر واسعة الاطلاع ان افادة خدام لم تقدم اي جديد على ما ورد في افادة الصديق, مع فارق ان خدام استخدم كثيراً عبارة «اعتقد انه حصل كذا وكذا» او انه «بحسب خبرتي فإن العمل يتم بهذه الصورة او تلك».
وأشار المرجع أنه بعدما بات كل من الصديق والشاهد الآخر هسام هسام طليقين, ولم يتم توقيف اي من المشتبه فيهم الآخرين ولا سيما السوريين منهم, فإن مسألة استمرار توقيف الضباط الأربعة باتت رهن السؤال, إلا إذا تبين أن لدى القاضي اللبناني ما يبرر استمرار التوقيف, الأمر الذي سيضطره الى الكشف عن هذه المعطيات. علماً بأن مصادر فريق الدفاع تشير الى أن مضمون التحقيقات الأولية والأخيرة التي أجراها القاضي عيد لم تتضمن أي عناصر مخالفة لما ورد في إفادات الشهود السوريين.
وتقول المصادر ان اتهام الصديق بالمشاركة في عملية الاغتيال ليست من جانب القضاء اللبناني, بل هي خلاصة توصل اليها «التحقيق الدولي المخدوع» من الصديق ولذلك فإن اتجاها الآن للمطالبة بالصديق على اساس جرم اختلاق الاكاذيب في الافادة وهذه الجرائم لا يعاقب عليها القانون بالاعدام.
وترجح الاوساط المعنية انه في هذه الحالة اذا ارادت فرنسا تسهيل التحقيق فقد توافق على تسليم الصديق على ان يحاكم وجاهياً.
وعليه سوف يتوجه محامو الضباط الاربعة الى العاصمة الفرنسية في محاولة لمنع «اطلاق سراح الصديق بالوسائل القضائية الفرنسية وذلك حفاظاً على مصلحة التحقيق, لانه بعد فرار «الشاهد المقنع» السوري هسام هسام, واطلاق سراح الصديق لم يعد هنالك اي شاهد مباشر على عملية الاغتيال في متناول التحقيق الدولي والقضاء اللبناني.
وكذلك فإن التركيز سوف يتناول ايضاً التحقيق الذي سبق واجراه ميليس وفريقه الالماني ولا سيما مساعده غيرهارد ليمان.

الكفاح العربي