مشروع الحكيم لتقسيم العراق إلى أقاليم طائفية كارثة محدقة على الشرفاء التصدي لها ...
علاء اللامي
وأخيرا نجحت قائمة الائتلاف أو الطرف الرئيس
فيها أي المجلس الأعلى بزعامة عبد العزيز الحكيم في إدراج مشروع قانون تقسيم العراق
إلى أقاليم اتحادية على الأساس الطائفي في جدول أعمال مجلس النواب ناقص الشرعية .
قبل هذا " الإنجاز " المشؤوم بأيام طرح إبراهيم الجعفري فكرة إقامة إقليم اتحادي "
فيدرالي واحد " للعرب الشيعة والسنة ولا يبدو أن الرجل قد طرح هذه الفكرة القديمة
الجديدة من باب المناورة الشخصية أو لإيجاد متنفس الهدف منه تمشية مشروع الحكيم بل
يبدو أنه يرقى إلى مستوى الخطوة الاستباقية لكارثة قادمة قد يكون لدى الجعفري
معلومات مفصلة عنها في حال تمرير مشروع آل الحكيم لتقسيم العراق طائفيا .
بالعودة إلى خلفية المشهد يمكن القول أن المشاريع المطروحة حاليا لتقسيم العراق
إلى أقاليم ذات حكم ذاتي هي أربعة مشاريع نوجزها في العرض المبتسر التالي :
1- مشروع إقليم الجنوب المؤلف من محافظات الناصرية والعمارة والبصرة وإقليم آخر
للفرات الأوسط وثالث للمناطق الشمال غربية . هذا المشروع لم يطرح بهذا الوضوح
والتحديد ، ولكنه يفهم كمؤدى لمشروع الإقليم الجنوبي الذي يعارضه حزب عبد العزيز
الحكيم بقوة لأنه يحرمه من السيطرة على نفط الجنوب ويساويه بمن يريد حرمانهم لأسباب
انتقامية وطائفية في المناطق الشمال غربية ، ويساند هذا المشروع حزب الفضيلة ذو
الوجود الكثيف في البصرة خصوصا وبعض القوميين العربيين المرتدين على ماضيهم من
أمثال باقر يأسين العضو السابق في القيادة القومية لحزب البعث / جناح سوريا والذي
تكرم عليه جلال الطالباني فعيَّنه كمستشار شخصي له لشؤون " الفيدرالية " .
2- المشروع الثاني هو الداعي لإقامة إقليم من تسع محافظات في الجنوب والوسط الذي
يضم ضمنا الفرات الأوسط والمدن المقدسة . ويتبنى هذا المشروع بحماس محموم أقرب إلى
الهلوسة حزب المجلس الأعلى كما سلفت الإشارة ، فيما يتحفظ على توقيته التيار الصدري
دون أن يرفضه رفضا مطلقا وبما ينسجم مع المبادئ الوطنية التي تكررها قيادته دائما ،
أما حزب الدعوة بفرعيه فموقفه مائع وضبابي ويبدو أن هناك أكثر من رأي أو تيار فيه
ومنها التيار الذي يقوده رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري والذي يطرح بديلا آخر
لنسمه المشروع الثالث .
3- يدعو هذا المشروع القديم قدم فكرة قيام الإقليم الكردي ذاتها والذي تكرر طرح
مجددا على لسان الجعفري إلى تقسيم العراق الاتحادي إلى إقليمين كردي في الشمال
وعربي يشمل السنة والشيعة وأبناء الأقليات في الجنوب والوسط والشمال الغربي .وهذا
المشروع يرتضيه العراقيون في مناطق الشمال الغربي لأنه سيمنع حزب الحكيم وحلفاءه من
الهيمنة على ثروات العراق النفطية في الجنوب وترتضيه أيضا جماهير واسعة في الوسط و
الجنوب ممن لم تصادر الأحزاب الطائفية عقولهم ووعيهم الوطني حتى الآن .
4- المشروع الرابع والذي يطرحه البعض والذي لا رواج له حاليا ، هو مشروع يجعل من
المحافظات العراقية أقاليم . أي أن كل محافظة تكون إقليما اتحاديا قائما بذاته .
وهذا المشروع يذكرنا بمشروع النظام اللامركزي للمحافظات . ويبدو أن غالبية القوى
السياسية المشاركة في العملية السياسية تعتبر هذا المشروع غير قابل للتطبيق لأنه
سيبقي الأوضاع على ما هي عليه .
تلك هي المشاريع المطروحة لتقسيم العراق الاتحادي إلى أقاليم . وإذا ما تذكرنا
بأن الدستور العراقي يجيز لكل ثلاث محافظات فما فوق تأسيس إقليم اتحادي سنرى أن
العلة هنا أي في الدستور الذي فبرك في الليلة الظلماء وسلق سلقا على نار لصوصية من
قبل خبراء اشتغلوا تحت إشراف الاحتلال الأجنبي وبالضبط في المادة التي تتحدث عن أسس
قيام وتشكيل الأقاليم . لماذا ؟ لأن هذه المادة لا توضح الأساس الذي تقوم عليه
الأقاليم ، بل تركت الأمر سائبا أو لنقل غامضا : ففي معرض الكلام على أسس تشكيل
الإقليم الاتحادي تطرح هذه المادة أساسين هما الأساس الجغرافي والثاني هو التاريخي
. الأحزاب والمليشيات القومية الكردية كانت تطالب بأكثر من ذلك أي باعتماد الأساس
القومي ولكن سلطات الاحتلال حسمت الأمر حينها وقيل لتلك الأحزاب : يمكنكم تفسير
العامل التاريخي بأنه هو نفسه العامل القومي ! أما الأحزاب الطائفية الشيعية وبخاصة
حزب المجلس الأعلى فهو من حيث الشكل يرفع راية العامل الجغرافي الذي يجمع بين
المحافظات التسع ولكنه في العمق والمضمون يعتمد على الأساس الطائفي . لتأكيد هذه
الحقيقة نطرح سؤالين على أصحاب هذا المشروع : أولا لماذا ترفضون أن تنضم المحافظات
الغربية الملاصقة للمحافظات التسع والتي ترتبط بها جغرافيا وتاريخا ؟ وثانيا : هل
يوجد مائز أو فارق أو عامل يجمع بين المحافظات التسع التي تريدون جمعها في إقليم
غير غلبة الانتماء الطائفي الشيعي و وجود النفط والغاز ؟
نعم شكليا يرفع حزب المجلس الأعلى العامل أو الأساس الجغرافي أما عمليا فإن هذه
الدعوة الشيطانية لإقامة إقليم التسع محافظات في الجنوب والوسط هي دعوة طائفية
رجعية لأنها تمزق النسيج المجتمعي الوطني أولا ، ولأن الغرض المركزي منها انتقامي
ومرفوض يبتغي معاقبة وحرمان ملايين العرب العراقيين في الشمال الغربي من حصتهم من
ثروات وطنهم لا لشيء إلا لأ