لنتعظ جميعا بعبر الماضي ونبادر معا لإنقاذ سورية
كمنطلق أساسي لمعركة إنقاذ الأمة
ابراهيم ماخوس
* قبل أن نتحدث عن الردة التشرينية عام 1970 على الحزب، ومسارها الكارثي على القطر والمنطقة منذ ذلك الوقت وحتى الآن، لابد أن نستعرض- بشكل موجز- بعض ملامح ومنجزات الحزب وسلطته التقدمية بعد حركة 23 شباط 1966 وحتى الردة /1970/ وذلك على ضوء ما نلاحظه- ليس فقط من قبل الأطراف السياسية المعادية للحزب- بل حتى من بعض أصدقائه وحلفائه- مع الأسف الشديد- من مواصلة إصرارهم على الخلط المتعمد الظالم وغير الموضوعي، بين المراحل منذ حركة 8 آذار 1963 وحتى الردة /1970/ رغم تنبيهنا المتكرر لهؤلاء الأصدقاء، منذ البداية وحتى الآن، الأمر الذي لا يخدم الحقيقة ولا نضالنا المشترك للتغيير الديمقراطي المنشود.
علما بأنه باستثناء المناضلين المتقدمين بالسن من حزبنا أو إخواننا في المعارضة السورية عامة، من الذين عايشوا تلك الفترة منذ 8 آذار1963 ، فان الذين ولدوا بعد الردة عام 1970، بل و قبلها بعدة سنوات، لا يعرفون شيئا مباشرا عن تلك المرحلة بين 23 شباط 1966 والردة 1970، الأمر الذي رأينا من واجبنا استعراض بعض ملامح ومنجزات تلك المرحلة المضيئة –نسبة لغيرها-مع المعذرة منهم للإطالة.
ولقد حرصنا في نقدنا الأولي لتجربة حزبنا، منذ ولادته عام 1947 وحتى المؤتمر القومي الحادي عشر عام 1980، الذي صدر في أربعة أجزاء ، على نقد وإبراز أهم أخطاء وسلبيات تلك المراحل ، قبل تسجيل الإيجابيات ، لأهمية ذلك بالنسبة لتحذير الأجيال الجديدة من تكرار مثل تلك الأخطاء.
ولكن هذا الموقف النقدي المبدئي الصارم ، لا يعني جلد الذات " وإدعاء الحكمة بأثر رجعي"- كما يقول هيكل- ونسف كل إيجابيات ومنجزات تلك المراحل ، الأمر الذي يدفع بهذه الأجيال الجديدة إلى الإلحاد بالنضال، والكفر بكل تضحيات الأجيال السابقة.
ونذكر -على سبيل المثال- تعميم وهيمنة صيغة الحزب الواحد في مراحل بروز الإتحاد السوفييتي في المعسكر الاشتراكي بأسره ، والحرب الباردة مع الإمبريالية الأمريكية ، وانتشار تلك الصيغة في معظم البلدان التقدمية المتعاطفة مع ذلك المعسكر، في العالم الثالث والأنظمة التقدمية في وطننا العربي كما كان الوضع في سورية والعراق ومصر والجزائر- إذ ذاك- وصيغة الديمقراطية الشعبية المقننة والقاصرة عن تحقيق الديمقراطية الحقيقية الكاملة المعروفة..
إذ لم يكن من المألوف أن يصل أحد الأحزاب إلى السلطة بجهوده وأساليبه الخاصة( الثورية أو الانقلابية) وغيرها، ليعمد بعد ذلك إلى إشراك الأطراف الأخرى، التي لم تساهم معه في تحمل مسؤولية ومخاطر ذلك التغيير في تلك السلطة خاصة ، وقد تميزت معظم تلك المراحل بصراعات خاطئة وبالغة الضرر بين القوى التقدمية الثلاث التي كانت بارزة في المنطقة ، نعني "البعث والناصريين والشيوعيين" صاحبة المصلحة الواحدة في التعاون الأخوي المشترك ، لتحرر وتقدم وتوحيد تلك المنطقة،كما حصل في بعض فترات النهوض ليعود ذلك الصراع المؤسف فيصب عمليا في خدمة العدو الإمبريالي الصهيوني الرجعي.
* وعلى طريق الخروج من تلك الوضعية الكارثية، حدد حزبنا بعد حركة 23 شباط 1966، التناقض الرئيسي بين الجماهير الشعبية وقواها الوطنية والتقدمية من جهة، وبين التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي من جهة ثانية ، وضرورة حل الخلافات الثانوية وغير العدائية التي يمكن أن توجد بين القوى التقدمية بحكم طبيعة النشأة وعوامل التجزئة، بواسطة الحوار الديمقراطي الودي، لاعتماد ما يمكن الإتفاق عليه، وترك ما تبقى لتجربة الحياة لتبين ما هو أفضل، ورفع شعار لقاء القوى التقدمية ، من خلال معارك التحرير والتوحيد القومي.
وبادرنا لتطبيق ذلك في القطر السوري بعد حركة 23 شباط، بالإتصال مع سائر القوى التقدمية التي رغبت في ذلك وإشراكها في الحكومة منذ الوزارة الأولى وحتى الردة ،التي كانت تضم ممثلين عن الحزب الشيوعي والناصري (الوحدويين والإشتراكيين) و الإشتراكيين العرب، والعديد من الشخصيات الوطنية المؤهلة المستقلة(1)
وكذلك مشاركة الجميع في الهيئات الدستورية المؤقتة، والمنظمات العمالية والشعبية الأخرى في القطر.
ومع معرفتنا جميعا، نحن وحلفاؤنا، بأنهم يمثلون أحزابا حقيقية موجودة، لكن -مع ذلك- كان يتم التعامل معهم (كعناصر) وطنية فقط، إذ لم تكن الظروف ناضجة -إذ ذاك- للوصول إلى الخطوة الأساسية المطلوبة في التعامل الرسمي المعلن معهم- كأحزاب مرخصة- وتشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية المطلوبة، التي طرحت في المؤتمر القومي العاشر الإستثنائي و(سرقها المرتدون) الذين كانوا يعارضونها بشدة -إذ ذاك- كما يعارضون الإعتراف الرسمي بتلك الأحزاب، ليفرغوها من مضامينها كما فعلوا بمشروع الدستور الديمقراطي الحديث وغيره ويحولونها إلى مجرد ديكورات مضللة لستر حقيقتهم الاستبدادية المرتدة.
هذا مع العلم بأن حرية تلك الأحزاب الحقيقة وكرامتها والتعاون الأخوي فيما بيننا –إبان حكم الحزب- كانت متقدمة ومصانة بما لا يقاس معها، بعد دخولهم المعروف في جبهة النظام الكرتونية الواجهية، التي اكتشف بعضهم حقيقتها وزيغها وانفصلوا عنها تباعا منذ 1973 وحتى 1976 وصولا إلى حوارنا معا، لتشكيل "التجمع الوطني الديمقراطي" الحالي في أواخر 1979 ، بينما حرص النظام على تمزيقها والإحتفاظ ببعض أجزائها المنشقة الإنتهازية حتى الآن.
- ولم يتم التعرض للآخرين إلا بعد عدوان حزيران 1967 ،عندما عمد البعض إلى تكوين( جبهة رجعية) لإسقاط النظام، كما عمد البعض الآخر من الذين يفترض أن يكونوا -حسب نشأتهم- متعاونين مع الحزب، إلى تشكيل (جبهة أخرى) لإسقاط النظام أيضا ، كما هو مؤكد وموثق رسميا ، حيث كنا في موقع الدفاع إزاء تلك المؤامرات لإسقاطنا، ونحن نواجه العدو الصهيوني المحتل ، ومع ذلك، فقد انتقدنا أنفسنا لتعامل بعض الجهات الأمنية مع بعض رموز تلك الجبهة المذكورة من الرفاق السابقين والتقدميين بطرق سيئة ومدانة على الإطلاق، ورغم عدم معرفتنا بتلك التصرفات المرفوضة في حينه ، فلم نعف أنفسنا كأعضاء في قيادة الحزب، من المشاركة في تحمل مسؤولية كل ذلك، حتى بعد أن تأكدنا مجددا من عملية التحضير للإنقلاب على الحزب، في تلك الفترة المذكورة..
- ورغم بعض المؤامرات التي واجهناها في 8 أيلول 1966، وبعدها وقبلها، والتي أجهضت في حينه وتأكد إرتباطها العلني بالرجعية الأردنية والعربية الأخرى ، فقد تحقق ولأول مرة في القطر ما يمكن تسميته بالإستقرار الطوعي ، حيث كان الأمن مستتبا ، وكان جميع مسئولي الحزب والدولة يعيشون كسائر المواطنين في شقق عادية مستأجرة، لأن معظمهم كان لا يملك بيتا ، ويعيش حياة تقشفية لم يسبق لها مثيل ، بمن في ذلك الرفيق الشهيد الدكتور نور الدين الأتاسي (الأمين العام للحزب ورئيس الدولة ) الذي إعتذر عن السكن في القصر الجمهوري واستأجر شقة عادية في بناية سكنية، تضم عددا من العائلات الأخرى التي لا يعرفها من قبل، بلا خدم ولا حشم ، الأمر الذي لم يوجد-كما نعلم- في أي بلد عربي آخر.
وانطلاقا من خطة التنمية الوطنية الحديثة المستقلة، بالإعتماد على الذات أساسا ، نذكر بعض الإنجازات التالية :
*إنشاء سد الفرات العظيم بالتعاون مع الإتحاد السوفييتي الصديق ، حيث لم يكن على سوريا أي دين لأي جهة ، حتى الردة ، سوى 150 مليون روبلا للمساعدة في بناء ذلك السد، وتكاليف إعادة تسليح الجيش بعد عدوان حزيران وبتسهيلات ميسرة جدا .
* محاسبة شركة البترول الإنكليزية العراقية (I.P.C) واسترجاع حقوق القطر منها.
* تحقيق استثمار البترول وطنيا من آباره في الجزيرة إلى مصبه في مرفأ طرطوس، لأول مرة في الوطن العربي ، تطبيقا لشعار الحزب " بترول العرب للعرب" الذي كنا نرفعه في المظاهرات الشعبية إبان دراستنا الجامعية .
* خط السكة الحديدية – مطار دمشق الجديد- مرفأ طرطوس الجديد – توسيع مصفاة البترول في حمص-استخراج الفوسفات وبناء معامل السماد الكيماوي- شبكة الطرق الريفية الواسعة، ودور العمل الشعبي في ذلك وتطبيق شعار " الجيش للحرب والإعمار"
* انجاز توزيع أراضي الإصلاح الزراعي، التي لم يكن قد وزع منها منذ ماقبل الوحدة وابانها وبعد حركة 8 آذار 1963 سوى 20 ٪ في محافظتي اللاذقية وطرطوس وبين 40 إلى 60 ٪ في بقية المحافظات ، رغم تكرر قرارات المؤتمرات الحزبية المتتالية ، أن يتم ذلك خلال عام واحد فقط، وكذلك أملاك الدولة التي لم يكن قد وزع منها أي شيء.
وقد تحقق كل ذلك خلال حوالي ستة أشهر فقط عام 1968، رغم بدء "مرحلة الإزدواجية" ، عن طريق المشاركة الشعبية المباشرة ، بتشكيل لجنة مركزية من رئيس مكتب الفلاحين القطري ووزير الزراعة والإصلاح الزراعي ورئيس إتحاد الفلاحين ولجان مشابهة متسلسلة في جميع المحافظات والقرى المعنية وهكذا.
* إقامة تعاونيات زراعية طوعية، وإنشاء مدارس فلاحية وعمالية في المحافظات ، مع مدرسة مركزية فلاحية وعمالية في العاصمة، وإرسال المتفوقين إلى البلدان الإشتراكية، وفق خطة تكوين إطارات فلاحية وعمالية مؤهلة ، يتولون إدارة تعاونياتهم ومنظماتهم النقابية ، بهدف الوصول تدريجيا إلى تغطية قرى القطر( التي كانت حوالي ستة آلاف قرية) و إدارة بقية أمورهم، مباشرة.
* تأميم مدارس القطاع الخاص (التابعة للبعثات الأجنبية والدينية والتجارية) وتوحيد التعليم في القطر ، الأمر التي إعتبرته بعض الدول التقدمية الكبرى الصديقة من أهم القرارات الثورية في سورية.
* مراعاة أحقية المتفوقين في البعثات ، بغض النظر عن منابتهم الطبقية، وتكريمهم من قبل الرفيق رئيس الدولة ، مع تركيز الإهتمام على أبناء الكادحين، وعناية خاصة بالمحافظات الشرقية البعيدة في دير الزور والجزيرة وغيرها من المناطق التي كانت محرومة وتشكو من نقص الكوادر المحلية المؤهلة في مختلف التخصصات ، حيث كان يعتبر إرسال بعض المؤهلين إلى هناك سابقا، كنوع من العقوبة بالنسبة لهم.
* وكذلك الحال بالنسبة للكليات العسكرية في الجيش ، فقد كانت الترشيحات تأتي عن طريق جميع قيادات الفروع في كافة محافظات القطر، لتدرس على ضوء ذلك في القيادة القطرية للحزب ، وعلى أسس طبقية كادحة.
علما أن الرفاق العسكريين الذين كان لديهم سيارات خاصة من الجيش، قد أعادوها طوعا إلى الدولة ليستخدموا حافلات النقل العادية التابعة للجيش باستثناء الإبقاء على سيارات جيب لقادة الألوية والفرق العسكرية فقط.
- كما كانت السلطة تقاد -لأول مرة- عن طريق الإجتماع المشترك للقيادتين القومية والقطرية ولا يوجد فيها سوى رفيقين عسكريين فقط ، هما وزير الدفاع ورئيس الأركان ، بحكم وظيفتهما.
* تشكيل الجيش الشعبي المفتوح للرفاق الحزبيين والقوى التقدمية وسائر المواطنين .
* وتشكيل " لجان الدفاع عن الوطن" المفتوحة للجميع، بعد عدوان حزيران، بقيادة الأخ الفريق التقدمي "عفيف البذري" ومن الجدير بالذكر أنه تم توزيع حوالي أربعين ألف قطعة سلاح في دمشق وحدها -إذ ذاك- لم تفقد واحدة منها وبدون أي حادث.
ورغم عدوان حزيران وتقديم الدول الرجعية المساعدة المالية المعلنة لمصر والأردن في قمة الخرطوم /آب 1967/ فان القطر السوري لم يتلق أي دعم منها على الإطلاق ، ومع ذلك بقيت أسعار وتكاليف المتطلبات المعيشية فيه أرخص من أي بلد آخر في العالم ( وفق دراسات موثقة في حينه)
* وعلى المستوى القومي ، فقد تبنى الحزب دعم الثورة الفلسطينية، بكل الإمكانات المتاحة وشارك فيها أيضا عن طريق" منظمة الصاعقة" في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين المحتلة، وقرر تجنيد جميع مناضليه في الوطن العربي، في دورات تدريبية متتالية، تشمل كل رفيق صحيح الجسم ومادون سن الأربعين، وإلا فيخدم في إدارة المعسكرات، ومن يمتنع عن ذلك يفقد وظيفته التي شغلها بصفته الحزبية، التي يفقدها أيضا ،الأمر الذي كان كفيلا بتخليص الحزب من الانتهازيين والمتسلقين، وصهر مناضليه في بوتقة المقاومة، كما حصل في الثورة الجزائرية والثورة الفيتنامية، ونشير هنا إلى قرار الحزب بعدم السماح للاحتلال الصهيوني ومستعمراته بالإسقرار في الجولان بأي حال.
ولكن منذ بداية "مرحلة الإزدواجية" عام 1968 وحتى الردة 1970 ، حالت قيادة الجيش دون ذلك، ومنعت المجموعات الحزبية الفدائية وكل أطراف المقاومة الفلسطينية أيضا، من العبور إلى الأراضي المحتلة في الجولان وفلسطين.
ونتيجة لتبني الحزب لإستراتيجية حرب التحرير الشعبية ودعمه للثورة الفلسطينية ، فقد صرح مسئولو الحكومة الإسرائيلية ،لأول مرة، على لسان رئيسها "أشكول" ورئيس أركان جيشها "اسحاق رابين"- علنا- بأن أمنهم لن يستتب أو تعرف المنطقة أي استقرار، ما لم يتم احتلال دمشق وإسقاط هذا النظام الثوري.
* وقد تمكنت قيادة الحزب من استعادة الثقة مع الرئيس عبد الناصر، بعد أن كانت مفقودة سابقا بينه وبين القيادة التاريخية السابقة –كما يعرف الجميع – (2) وتمكنا من عقد " اتفاقية الدفاع المشترك" على طريق الإلحاح التواصل، لإستعادة الوحدة الثنائية بمضمونها الديمقراطي الشعبي ، الأمر الذي جاء عدوان حزيران لإجهاضه والعمل على إسقاط النظامين التقدميين في مصر وسوريا وتصفية القضية الفلسطينية ، علما أننا واصلنا تقديم المشاريع الوحدوية الخطية، بعد العدوان بإلحاح أشد ولكن الرئيس عبد الناصر كان يستمهل لما بعد إزالة آثار العدوان كما كان يقول(3)
- وإبان مجازر أيلول الأسود 1970 في الأردن ، هب الحزب للتدخل العسكري المباشر لنجدة المقاومة الفلسطينية، وصولا إلى وفاة الرئيس عبد الناصر الفاجعة المفاجئة في 28 أيلول من الشهر ذاته، لتبادر قيادة الجيش إلى سحب القوات السورية من الأردن وتشدد من ضغوطها على الحزب وتصفية الرفاق العسكريين المناضلين والملتزمين بالحزب من الجيش ، بعد مجيء السادات وحتى الردة الإنقلابية على الحزب في 13 تشرين الثاني 1970- كما ذكرنا.
- ومن الجدير بالذكر ، أن العلاقات الأخوية بين سوريا والجزائر كانت حميمية ومتميزة جدا ، كون الأطباء الثلاثة الدكتور نور الدين( رئيس الدولة والأمين العام للحزب) والدكتور يوسف زعين (رئيس مجلس الوزراء) والدكتور ابراهيم ماخوس (نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية) كانوا أطباء مجاهدين متطوعين في الثورة الجزائرية العظيمة.
- وكانت علاقات الحزب مع جميع القوى التقدمية المعارضة في الوطن العربي جيدة جدا ، حيث تولى التكفل بدعم ومساعدة المعارضة التقدمية وعائلات المعتقلين السياسيين في كل من المغرب وتونس ، الأمر الذي دفع الملك" الحسن الثاني" والرئيس" بورقيبة" إلى إبعاد السفيرين السوريين فورا من البلدين ، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا حتى قيام الردة.
- وبعد اضطرار الرئيس عبد الناصر لسحب قواته من اليمن الشمالي وحصار صنعاء من قبل القوات الملكية والمرتزقة ، ساهم رفاقنا الطيارون في تحطيم ذلك الحصار لثلاث مرات وإنقاذ الجمهورية، كما ساهم رفاقنا العسكريون في دعم اليمن الجنوبي ضد العدوان السعودي على" الوديعة".
- وكنا أول من ساهم في دعم الثورة الأرتيرية ، كما رفض الحزب طلب إمبراطورة الحبشة "هيلاسيلاسى" لزيارة سوريا بسبب ذلك (4)
وعلى المستوى الدولي، فقد توثقت علاقات الصداقة النضالية مع الإتحاد السوفييتي والصين وسائر دول المعسكر الإشتراكي، كما أقام الحزب علاقات الصداقة والتعاون مع معظم الأحزاب الشيوعية والقوى الديمقراطية العالمية ، حتى أصبح يطلق على سوريا" كوبا الشرق الأوسط".
وكما يعرف الجميع، فقد تم الإنقلاب الكامل على تلك الإستراتيجية الثورية بعد الردة في كافة ، المجالات الداخلية والعربية والدولية ، وصولا إلى العار القومي بدفع الجيش السوري الأبي إلى المشاركة في العدوان على العراق الشقيق عام 1991، تحت أعلام الإمبريالية الأمريكية والحلف الأطلسي..الخ
الردة التشرينية 1970
منذ تلك الردة الإنقلابية على حزبنا ونظامه القومي التقدمي وزج خيرة رفاقنا في غياهب السجون ومواصلة التركيز على اضطهاد وملاحقة الآخرين، ومن ثم الإنتقال إلى اضطهاد القوى الوطنية والإسلامية الأخرى، مازال القطر العربي السوري يواصل انحداره في غياهب الإستبداد و(القمع المركب) و الفساد والإفساد وصولا به إلى عين الإعصار الحالي الذي يهدده بالاستباحة والتفتيت، على غرار الكارثة التي تدمر العراق الشقيق .
- وأمام هذه المخاطر الحالية المحدقة، لن نعيد الدخول في تفاصيل تلك الردة التي طالما عالجناها مرارا سواء في تقرير المؤتمر القومي العاشر الإستثنائي-على الخصوص- أو الدراسة الأولية لنقد تجربة الحزب أو عشرات الإفتتاحيات والمقالات المتواصلة التي نشرت في "الديمقراطي".
بل نكتفي بالتذكير ، أن قيادة الجيش التي أصيبت بالإحباط النفسي الشديد بعد هزيمة حزيران ، ونخص بالذكر وزير الدفاع بالذات ، وحاولت قيادة الحزب إحاطتها بكل العناية الرفاقية الحريصة لمساعدتها على الخروج من تلك الحالة ، وتعاملت معها بالروح الديمقراطية الحريصة، لم تقدر تلك المحبة الرفاقية الصادقة وتستجيب لذلك الحرص، لتستعيد مسيرتها النضالية وفقا لأهداف واستراتيجيه الحزب المعروفة، التي شارك في وضعها الجميع ، بل انتقلت من حالة الإحباط- الذي كنا نظنه مؤقتا ونحاول المساعدة على تجاوزه – إلى حالة اليأس المطلق من إمكانية الإستمرار في ذلك الخط الثوري المعتمد والذي برهنت الحياة أن لابديل له حتى الآن ، وبدأت عمليا مسيرة الإرتداد عليه والتخطيط لتبني نهج التسوية السياسية التصفوية المطروحة ، والتصالح مع العدو الصهيوني المحتل ...وبالتالي التقرب تدريجيا وسرا من الرجعية العربية ونظام السادات ومن ثم الدول الأجنبية التي ترعى المخطط السياسي المذكور.
ليدخل الحزب والقطر في "مرحلة الإزدواجية"، منذ المؤتمر القومي العاشر العادي أيلول 1968 التي شلت الحزب والسلطة عن تنفيذ العديد من المقررات والخطط الموضوعة في جميع المجالات لصالح معركة التحرير،وكانت قيادة الجيش خلال تلك الفترة، تواصل العمل على توثيق علاقاتها بالرجعية الداخلية والعربية والدولية ، من جهة ومحاولة احتواء الحزب ككل وجره إلى القبول بمخطط التسوية ، بينما كانت قيادة الحزب تحاول جاهدة ، بالمقابل ، معالجة الأزمة بصورة ديمقراطية وإعادة قيادة الجيش المنحرفة إلى الطريق الحزبي الصحيح.
* وهكذا بعد مجازر أيلول الأسود 1970 ، ووفاة الرئيس عبد الناصر المفاجئة الفاجعة، وفشل كل محاولات معالجة الأزمة وتداعياتها المعروفة لمن عاشوا تلك المرحلة و اطلعوا على ما كتبه عنها الحزب ...لجأت قيادة الحزب ، في إصرارها على الحلول الديمقراطية والإبتعاد عن العنف والصدام الدموي -والبلد تحت الإحتلال الصهيوني- إلى المؤتمر القومي العاشر ، كأعلى هيئة ديمقراطية في الحزب ، ليعقد في دورة استثنائية بتاريخ 30/10/ إلى 12/11/1970 حيث طرحت عليه الأزمة بكل وضوح،و بعد موافقته الإجماعية على التقرير العام الشامل ، قدمت القيادة اقتراحا بتغيير عمل قيادة الجيش (وزير الدفاع ورئيس الأركان) (5) بأرق العبارات الرفاقية، إلى عمل آخر في الحزب أو السلطة ، وضرورة استعادة سيطرة الحزب على الجيش والسلطة وإنهاء كل مظاهر الإزدواجية والطلب إلى الرفيق وزير الدفاع مساعدة الحزب في تنفيذ تلك القرارات...الخ وهو الإقتراح الذي صوت عليه المؤتمر أيضا بشبه اجماع، باستثناء عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة هم ( وزير الدفاع حافظ الأسد ورئيس الأركان مصطفى طلاس وعبد الحليم خدام وعبد الله الأحمر ومحمد حيدر) وذلك رغم أن المؤتمر كان يعقد جلساته وسط تهديدات ومناورات قيادة الجيش (6) وهو مطوق بسرايا رفعت الأسد الشهيرة التي تطلق الرصاص أحيانا وتهجم على المؤتمر وتستفز الرفاق وتحاول إخافتهم أحيانا أخرى..ولكن عبثا، حيث جسد الرفاق ذروة الشجاعة النضالية المشرفة في تاريخ الحزب.
وبدلا من التزام قيادة الجيش بذلك القرار الديمقراطي ، بادرت فورا وبمجرد اختتام المؤتمر إلى اعتقال كل من استطاعت الوصول إليه من قيادتي الحزب القومية والقطرية وقيادات المنظمات الشعبية، بعد أن تم تسفير عدة رفاق من أعضاء القيادة القومية إلى لبنان لمواصلة قيادة الحزب(7) و تمكن البعض الآخر من التخفي ومحاولة إعادة ترتيب الأمور، ومن ثم مغادرة القطر لاحقا بعد استحالة الإستمرار في التخفي...لعدم تحضير القيادة للأماكن اللازمة لذلك قبل المؤتمر.
- وحسب علمنا ، لم تتعرض أية قيادة سياسية في تاريخ القطر والمنطقة لما تعرضت له قيادة حزبنا طيلة أكثر من ربع قرن من الإعتقال التعسفي ، حيث استشهد البعض بفعل ذلك ، وعلى رأسهم الرفيق الدكتور نور الدين الأمين العام للحزب ورئيس الدولة ، الذي أهمل علاجه قصدا وكتم أمره ، حيث كان يمكن شفاؤه ، حتى استفحل المرض وأصبح مستعصيا على العلاج..ليتلوه الرفيق اللواء صلاح جديد الأمين العام المساعد للحزب الذي كان بصحة جيدة –حسب آخر زيارة لعائلته –باستثناء بعض الآلام المفصلية، بفعل جو السجن البارد الشنيع، ولكنهم بادروا- بعيد تلك الزيارة- إلى اغتياله بحقنة سامة، لتنهار أجهزته الحيوية وينتقل إلى رحمة الله، بالإضافة إلى العديد من الرفاق القادة، الذين خرجوا من السجن بأمراض قاتلة، ليستشهدوا بسبب ذلك، كالرفيق محمد رباح الطويل (عضو القيادة القطرية ووزير الداخلية السابق) والرفيق سليمان الخش (وزير التربية والتعليم السابق) وآخرون ما زالوا يحملون أمراضهم المزمنة حتى الآن...
- نقول ذلك في سياق ما يعرفه الجميع عن نهج النظام إبان مرحلة (الأب القائد الأوحد) على الخصوص ، الذي لم يكن يتورع عن إزاحة وتصفية أي إنسان يرى فيه أي خطر عليه ، كما حصل أيضا باغتيال الأستاذ صلاح الدين البيطار أحد مؤسسي الحزب في قلب مدينة باريس، وعز النهار، أمام مكتبه في المجلة التي كان يصدرها إذ ذاك، واغتيال اللواء محمد عمران الذي شارك مع الرفيق مصطفى حمدون في إعلان الإنقلاب على أديب الشيشكلي من إذاعة حلب ورئيس اللجنة العسكرية الشهيرة، التي ساهمت بشكل أساسي في حركة 8 آذار1963 ضد النظام الإنفصالي العميل، وذلك بصورة غادرة لئيمة في مقر سكنه بمدينة طرابلس التي لجأ إليها بعد الردة، رغم أن جماعته في الجيش ساهمت في دعمها، قبل ذلك، لأنه كان يتصور أن( تحالف عمران-البيطار) يمكن أن يشكل خطرا على النظام.
مرورا باغتيال كمال جنبلاط ، قائد الحركة الوطنية في لبنان وغيره.. وغيره... وغيره، وصولا إلى قمة المجازر الجماعية الهمجية في مدينة حماه الشهيدة، التي أدانها حزبنا بقوة في حينه ، ونذكر أن الأستاذ أكرم الحوراني قال لنا ، عند زيارتنا له في منزله بباريس بعد عودته من بغداد وتخليه عن (التحالف الوطني) المعروف لأسباب لا مجال لذكرها حاليا : أن البيان الهام الذي أصدره الحزب حول تلك المجزرة الوحشية ، كان أروع ما قرأه في هذا المجال ، لذلك فقد طلب من معاونيه إعادة طباعته وتوزيعه على أكبر عدد ممكن من المواطنين.
* ونحن إذ نستعرض بعض هذه المآسي الفريدة من نوعها في تاريخ القطر السوري والمنطقة ، لا نفعل ذلك من أجل نكأ الجراح التي نعض عليها حاليا ، لنركز على معركة إنقاذ القطر السوري والمنطقة بأسرها ، ولنذكر المعنيين في الوطن العربي والعالم بأسره، أن أحدا لم يحقق في تلك الجرائم المتكررة الفردية والجماعية، أو يهتم بها على الإطلاق حتى الآن، حيث كان النظام المذكور يحظى برعاية ورضا معظم الفاعلين في العالم.
كما لم يحقق أحد بعد ذلك في جريمة تسميم الشهيد القومي الأخ أبو عمار –رحمه الله وطيب ثراه- الذي حوصر في مقره المهدم في رام الله، وهو الزعيم الثوري المنتخب من شعبه والقائد لأطول ثورة تحررية في عصرنا..كما لم يتحرك أي حاكم عربي أو هيئة دولية مسؤولة لإخراجه من سجن الحصار الصهيوني، حتى استشهاده وكذلك الحال لاغتيال قادة حماس وعلى رأسهم الشيخ الجليل أحمد ياسين وبقية قادة الفصائل الفلسطينية من الأخ أبو على مصطفى (أمين عام الجبهة الشعبية) وغيره من الثوار، ومواصلة الإعتقالات والاغتيالات والمجازر الوحشية لشعبنا الفلسطيني المحاصر ومجازر شعبنا العراقي الهمجية المدمرة، من قبل الجحافل الأمريكية والبريطانية المحتلة وعملائها وهكذا...بحيث يشعر الإنسان بفقدان المنطق والقانون والقيم الأخلاقية الحضارية والإنسانية وغياب وصمت الهيئات الدولية المعنية بحرية وسلام العالم، الذي تحول إلى غابة من الوحوش المسعورة.
ولنقول أيضا ، أن النظام السوري ، وان كان لا يتورع عن شيء-كما ذكرنا- ومع رفضنا المبدئي القاطع المانع لعمليات الإغتيال السياسي وغيرها بأي حال من الأحوال ، فإنها المرة الأولى التي تقوم بها الدنيا ولا تقعد وبأعلى مؤسساتها الدولية المتمثلة بمجلس الأمن الدولي بالذات، لاستنكار جريمة اغتيال رفيق الحريري( رحمه الله) وتشكيل اللجنة الدولية المعروفة للتحقيق في ذلك التي مازالت تتابع عملها حتى الآن وتوجه الإتهام للنظام السوري أساسا.
نقول-رغم كل ماذكرنا- عن طبيعة النظام وتاريخه الإجرامي المتواصل ، فان المنطق يقول-وريثما تظهر الحقيقة والجهة المسؤولة عن الجريمة – أنه لا مصلحة له في عملية اغتيال رفيق الحريري والرفيق جورج حاوي الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني وجبران التويني..الخ وهو في حالة الحصار الحالي الخانق ، ليجر على نفسه كل هذه العواصف اللبنانية والعالمية المتواصلة.
وإذ نتصور ذلك ، فهذا ليس من قبيل تبرئة النظام أو غيره من أي شيء ، بل نستحضر المأساة القومية الماثلة أمامنا في العراق ، حيث ملأ "بوش" و"بلير" بالذات وكل الأجهزة الإمبريالية الضخمة في العالم، الدنيا بالأكاذيب لمحاولة إقناع العالم بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، بالإضافة إلى علاقته" بالقاعدة" رغم أكثر من عشر سنوات من لجان التفتيش المتعاقبة، المدارة عمليا من المخابرات الأمريكية التي لم تخرج بشيء ، بل استيقظ ضمير بعض رؤسائها من عتاة تلك المخابرات بالذات- حتى قبل العدوان لحالي على العراق- ليملؤوا الدنيا بتصريحاتهم وكتاباتهم بنفي وجود أية أسلحة دمار شامل في العراق، وكونهم كانوا مجبرين على ترديد تلك الأكاذيب السابقة وصولا إلى اضطرار "بوش" نفسه مؤخرا إلى الإعتراف بان المخابرات قد ضللته وقدمت معلومات غير صحيحة، بعد أن صرح وزير خارجيته السابق" كولن باول" قبل ذلك بأنه ضلل وارتكب بذلك أسوء عمل شائن في حياته، ومع ذلك اتخذ قرار الحرب على العراق ويتحمل مسؤوليته وهو غير نادم على ذلك لأن "صدام" يشكل خطرا على أمن الولايات المتحدة و(إسرائيل) طبعا ويريد إقامة نظام ديمقراطي نموذجي، يشع في المنطقة على الدول المجاورة كسوريا وإيران ، الأمر الذي يشير إلى المعلومات التي نشرت سابقا ، بان قرار احتلال العراق موجود قبل أحداث سبتمبر 2001 ومحضر من قبل العصابة اليمينية الصهيونية النافذة في القيادة الأمريكية.
وكذلك الحالب النسبة لبلير" الذي كان قد صرح- بكل صفاقته المذهلة- أمام مجلس العموم البريطاني، أن "صدام" يستطيع ب 45 دقيقة فقط تدمير العالم ، ليعترف بعد ذلك، أنه ضلل أيضا ولكنه غير نادم على احتلالهم للعراق.
وهكذا، إذ يرددون كل تلك الأكاذيب دون ذرة من الحياء ولا يندمون على جرائمهم ويبادروا للإنسحاب الفوري على الأقل والتعويض للعراق، بدلا من التصميم على نهب ثرواته البترولية الضخمة ، الأمر الذي يدفعنا- نحن والكثيرين غيرنا- للقول بان التحالف الإمبريالية الصهيوني، وبغض النظر عن المجرم الحقيقي المباشر في اغتيال الحريري وغيره من السياسيين اللبنانيين، هو المستفيد الأول والأساسي من كل ذلك...وفقا للتحليل المنطقي لتصرفاتهم في العراق وكونهم لا يقيمون أي إعتبار للقيم الإنسانية والحضارية ولا لعقول الشعوب، ويحتقرون كل شيء في سبيل مصالحهم الخاصة ، ومع تجديد تأكيدنا بأننا لا نبرئ ولا نتهم أحدا بصورة مسبقة ، إلا أننا ننطلق من كل ما ذكرناه عن مؤامرة احتلال العراق ، أنهم سيستغلون ما جرى في لبنان للهيمنة عليه وتحويله إلى قاعدة أمامية وغرفة عمليات متقدمة لمتابعة تنفيذ" مشروع الشرق الأوسط والشمال الإفريقي الكبير" وكيفية الخروج من المستنقع العراقي مع إحكام سيطرتهم عليه في الوقت ذاته .
ونشير في هذا المجال إلى تصريح الشيخ المناضل "حسن نصر الله" مؤخرا لقناة المنار، بان الصهيونية لم تتورع عبر تاريخها عن حرق وتدمير العديد من الكنس اليهودية وغيرها من المنشآت اليهودية لإستغلال ذلك في مهاجمة وابتزاز الدول المعنية من جهة ، ودفع اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين المحتلة، وكذلك الحال بالنسبة للأجهزة الأمريكية... وهكذا.
وفي هذا المجال تحاول السيطرة أيضا على القطر السوري بالضغط على النظام لتنفيذ الأهداف المعلنة المطلوبة والتي لم تعد بحاجة لتحليلات وعبقريات سياسية، بعد أن كررها" بوش" و"كونداليزا رايس" عدة مرات وتلخص بما يلي :
1- تصفية المقاومة اللبنانية، أي حزب الله الذي هزم إسرائيل لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وتصفية المخيمات الفلسطينية في لبنان -سلاحا وبشرا- بتوطين البعض القليل و تهجير البعض الآخر إلى بلدان العالم وتحقيق الصلح التصفوي الإستسلامي بين( إسرائيل) والنظام اللبناني العميل ، الذي يجري إعداده لهذه الغاية- عبر إحياء" أمراء الحرب" السابقين للسيطرة عليه واستخدامهم مجددا في مخططهم المذكور.
2- مساهمة النظام السوري مع الأنظمة العربية الأخرى التابعة في مصر والأردن والسعودية، في محاصرة وخنق المقاومة الوطنية والإسلامية الفلسطينية البطلة وتصفية القضية الفلسطينية نهائيا وفقا للمخطط المرسوم لذلك.
3- تصالح النظام السوري مع (إسرائيل) بشروط مذلة، حتى دون استرجاع كامل للجولان المحتل، الأمر الذي لم يقبل به النظام سابقا حتى الآن، وصولا إلى إخضاع القطر السوري للنفوذ الإسرائيلي، كونه قلب العروبة النابض بالنسبة لقضية فلسطين وقضايا الأمة العربية جمعاء.
4- مساهمة النظام السوري المباشرة وبكل الوسائل والأساليب المطلوبة مع القوى الإمبريالية المحتلة وعملائها الخونة في العراق، في الحرب ضد المقاومة العراقية الباسلة و(تعريب الخيانة) وتسهيل تنفيذ مخطط سيطرة أمريكا وبريطانيا و(إسرائيل) على العراق ، الأمر الذي يشكل خطوات نوعية بالغة الخطورة، على طريق استكمال" المخطط الشرق الأوسطي الشمال الأفريقي" المذكور، بالقضاء على كل قواعد المقاومة القومية العربية المعروفة تاريخيا، كمنطلق لحماية كيان ومصالح الأمة واستعادة النهوض التحرري الوحدوي الجديد ، كون دول الخليج، كما يعرف الجميع قد أصبحت مجرد محميات خاضعة للاستعمار القديم الجديد و(المأجور) لأول مرة في تاريخ العالم ، أي تتولى دفع كل تكاليف الاحتلال والعدوان، بالإضافة إلى هيمنة شركات البترول الإمبريالية على ثرواتها النفطية الهائلة ، مرورا بالأردن ومصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وصولا إلى موريتانيا والسودان ودول القرن الإفريقي العربية الإستراتيجية بأسرها ، بحيث يجري تفتيت وتدمير الوطن العربي وطمس واستئصال كيان وهوية الأمة وجذورها العربية الإسلامية الحضارية وتحويل سكان الوطن العربي إلى عبيد يعملون في خدمة إقطاعياتها الكبرى ، ويستهلكون فضلات منتجاتها الكريهة.
وهكذا فان هذه المطالب المعلنة والمتكررة التي طرحت من قبل جريمة اغتيال المرحوم" رفيق الحريري" وقبل ذريعة التجديد للرئيس الوطني" لحود" ، منذ قرار الكونغرس السابق بمعاقبة سوريا تارة ومحاسبتها تارة أخرى والتي ذكرها الدكتور بشار الأسد في خطابه الأخير أيضا ، هي فوق طاقة النظام السوري وأخطر وأثقل من قدرته العملية على تنفيذها- حتى لو أراد ذلك- لأنها تعني سقوطه المحتم ، ومسارعة أمريكا ذاتها للتخلي عنه بعد استهلاكه كما فعلت وتفعل مع جميع أتباعها الذين رمتهم منذ شاه إيران وحتى الآن.
* إن كل ذلك وغيره من المهام الوطنية الأخرى المطروحة ، يؤكد وبإلحاح شديد جدا ولمصلحة الوطن والشعب قبل أي شيء آخر ، ضرورة مبادرة هذا النظام العاجلة ، لو كانت لديه ذرة من الوعي ، للاستجابة لمطالب" التجمع الوطني الديمقراطي" المعروفة وكافة قوى المعارضة الأخرى الشريفة في القطر السوري ، كونها الحل الوحيد لتحقيق المصالحة الوطنية وترسيخ الوحدة الوطنية الصلبة التي تتحطم على صخرتها كل محاولات العدوان.
- إننا كبشر لا يمكن أن ننسى شهداءنا الخالدين الأعزاء ، ولا معاناة رفاقنا المناضلين الفظيعة لأكثر من ثلث قرن وحتى الآن ، وكذلك شهداء وتضحيات بقية الفصائل الوطنية الديمقراطية الغالية ، إذ لا يمكن لأي شيء في هذه الدنيا أن يعوضنا عن كل ذلك ، إلا أن تتوج تلك التضحيات بتحقيق الأهداف الوطنية والقومية التي بذلت في سبيلها ، ونعني في حالة سوريا الراهنة ووطننا العربي بأسره ، تحقيق التغيير الديمقراطي المنشود كطريق لابد منه و لا بديل له لضمان الحشد الشعبي الشامل القادر على مواجهة العدو ودحره.
والمطلوب أن يتخلى النظام عن استمراره في المكابرة العمياء والمقامرة بمصير الوطن والشعب ويبرهن عن إدراكه العميق للمخاطر المحيقة، ويتعظ بكارثة العراق الشقيق ويؤكد حسن نيته تجاه المعارضة الوطنية والإسلامية الديمقراطية، ويعمل على التخلص من كابوس (المركب الأمني- الكهنوتي- البرجوازي- الطفيلي الهجين والمسعور) ويبادر إلى البدء الفوري بتحقيق الخطوات الأولية التالية :
1-الاعتذار الرسمي للشعب.
2-إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الوطنيين.
3-إصدار مرسوم بعودة جميع المنفيين دون قيد أو شرط.
4-إصدار قانون الأحزاب التعددي الديمقراطي الحديث .
وذلك كعملية تمهيدية لابد منها، للدخول في الحوار الوطني الشامل، وصولا إلى تحقيق بقية مطالب الجماهير الشعبية وقواها الوطنية الديمقراطية المعروفة، على طريق التغيير الوطني الديمقراطي السلمي الحقيقي الشامل الذي لابد منه، لإحباط المخطط الأمريكي الصهيوني الزاحف.
* ومع إدراكنا لجبروت القوة الأمريكية الهائلة وعدم استهانتنا بوحشية التحالف الإمبريالي الصهيوني، إلا أننا ندرك كذلك أنها ليست قدرا إلهيا لا يرد ، بل يمكن هزيمتها ودحرها ، كما أثبتت تجربة المقاومة الوطنية والإسلامية العراقية الباسلة ، وبتحالف سوريا الديمقراطية، معها، ومع القوى الوطنية اللبنانية ومقاومتها العظيمة (حزب الله) ومع قوى الثورة الفلسطينية الجبارة التي شكلت إضافة نوعية جديدة للنضال الإنساني بأسره والقوى الوطنية في الأردن والقوى الشعبية المتصاعدة في مصر ، الأمر الذي يستنفر كل القوى الحية في الوطن العربي بأسره ويقلب المخطط الإمبريالي الصهيوني ليشكل منطلقا خلاقا لنهوض قومي تحرري وحدوي جديد.
وإذا كان العلم الحديث البالغ التقدم ، لم يستطع حتى الآن اكتشاف حدوث الزلازل الأرضية قبيل وقوعها ، رغم أنها مادية وقابلة للقياس ، فكيف يمكن أن يتنبأ بحدوث الزلازل الشعبية الهائلة المحتملة القادمة ، رغم السكون السطحي الحالي الذي تغلي تحته كل الاحتقانات والأحقاد والغضب المتصاعد ضد ممارسات التحالف الإمبريالي الصهيوني الوحشية المتغطرسة وظلم عملائه المستبدين الفاسدين.
* وفي الختام ، فإننا نؤكد على ضرورة تلاحم جميع فصائل المعارضة الديمقراطية، على قاعدة المحافظة على وحدة وعروبة سوريا كحدقات العيون وتحويلها إلى قلعة حصينة مشعة ومنطلق لإستعادة نهوض الأمة ، وقطع الطريق على أية إنزلاقات مشبوهة باتجاه العلاقات الخفية أو العلنية مع الإمبريالية الأمريكية والمراهنة عليها بأي حال، والتعاهد المطلق على الوقوف صفا واحدا وحتى الإستشهاد في مواجهة أي تدخل أجنبي على الإطلاق وضرورة عزل وطرد وفضح أية جهة تحاول المراهنة على أمريكا.
ومن هذا الموقف الوطني الراسخ، تتواصل معارضة النظام والضغط عليه بكل الوسائل الديمقراطية السلمية الممكنة وصولا إلى العصيان المدني- عند اللزوم- لتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود، وفق المنطلقات التي أعلنها "التجمع" وبقية أطراف المعارضة في سوريا.
كما نناشد الإخوة في المعارضة الديمقراطية على التلاحم الأخوي الصادق النبيل وأقصى درجات التواضع، لإشاعة روح المحبة والمودة التي تعزز عزيمة المناضلين وأن يتخلى البعض، من الذين لازالوا أسرى عصبويات العقود الماضية والرغبة المرضية في إضعاف و تهميش وتفتيت إخوانهم في أحزاب المعارضة ، عن كل هذا النهج المدمر والتفرد الاحتكاري المتغطرس الذي لا يجوز أن يستمر بأي حال، حرصا على رصيدهم النضالي الثمين وضرورة المحافظة على أواصر المحبة الأخوية التاريخية العريقة ، التي نحرص عليها من جهتنا كما نحرص على أنفسنا ، بحيث تكون صورة المعارضة الديمقراطية نموذجا مشعا وملهما ، كنقيض لدكتاتورية النظام وطغيانه ، بحيث توجه كل الطاقات نحو تحقيق التغيير الديمقراطي الملح، الذي قدمنا جميعا وبدون استثناء ، من أجله الشهداء والتضحيات، على طريق إنقاذ القطر السوري العزيز من الخطر الإمبريالي الصهيوني المحدق.
والنصر المؤكد للشعوب الحرة المناضلة وطلائعها الديمقراطية المتحالفة الحية.
الجزائر 30/12/2005
الدكتور إبراهيم ماخوس
هوامش
(1) وقد سافرت على متن طائرة عسكرية ، إبان إنعقاد المؤتمر القطري السوري – بعيد حركة23 شباط – لحضور إجتماع وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية في القاهرة واستغربت عندما استقبلني الأخ عبد العزيز بوتفلقية، ليخبرني بأن الجامعة تعتبرنا بأننا أصبحنا شيوعيين في مجلس الوزراء السوري، واقترح أن أقابل الرئيس عبد الناصر فورا لإعلامه بالحقيقة، وهكذا كان، حيث يوجد وزير شيوعي واحد فقط ، وكانت بداية علاقتنا الأخوية الجديدة مع عبد الناصر وهياج الرجعية ضدنا في الوقت ذاته.
(2) ومن الجدير بالذكر والتسجيل تاريخيا- كأحد الأدلة الكبرى على صدق الأخ عبد الناصر ووعيه القومي العميق - واقعة زيارة الأخ الدكتور جمال الأتاسي مع الأخ الدكتور سامي الدروبي الذي كان سفيرنا في القاهرة، للأخ الرئيس عبد الناصر في مقره بالإسكندرية بعد الإفراج عن الأخ جمال، وما ذكره لي الأخ الدروبي -إذ ذاك - بأن الرئيس جمال عبد الناصر لام الدكتور جمال الأتاسي على تعاونه مع أكرم الحوراني ضد حزبنا ، وذكره بممارساته السابقة المعروفة وحذره منه قائلا انه كان أول من سيضربك لو نجحتم في اسقاط النظام ونصحه بان يتوجه فورا للإتصال بنا والتعاون معنا كونه- كما قال الدروبي – لم يتعرف حتى الآن على شباب بمثل إخلاصنا وصدقنا ووطنيتنا في الوطن العربي.
وقد أكد لنا أحد قيادي الإتحاد الإشتراكي العربي الديمقراطي -عن لسان الأخ الدكتور جمال قبيل رحيله الى رحمة الله- أن الرئيس عبد الناصر أبلغه أنه يكن لنا محبة أخوية خاصة وأكد ما سمعناه سابقا حول الموضوع.
(3) إن تلك المشاريع الوحدوية الخطية الثنائية والرباعية، موجودة في نقد تجربة الحزب مع كل ما يتعلق بذلك.
(4) أذكر أن الأخ الرئيس عبد الناصر أخبرني إبان زيارتي له في منزله أن الإمبراطور هيلاسيلاسى طلب منه أن يبلغنا برغبته بزيارة سوريا، واني أخبرت الأخ الرئيس برفضنا لذلك...طالما هو يسحق الثورة الأرتيرية، كما يسحق الشعب في أثيوبيا ذاتها، وينقل ما يتم استخراجه من مناجم الذهب-كما هو-إلى حسابه في سويسرا،كونه لا يعرف الشبع والارتواء ، ولذلك فلن نسمح له بأن يدخل سوريا بأي حال،وأذكر أن الأخ الرئيس انفجر ضاحكا وقال: تفعلون هذا في الوقت الذي يتسابق الإتحاد السوفييتي والصين لدعوته لزيارتهما، كونه بمثابة (عمدة) إفريقيا .
(5) حول قرار تغيير قيادة الجيش ( كراس التقرير السياسي ومقررات المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي ، ص225-231 ) :
في الإجراءات التنفيذية لمعالجة الأزمة : انطلاقا من تقرير القيادة القومية الذي قدم إلى المؤتمر القومي العاشر في دورته الإستثنائية المنعقدة في دمشق بين 30/10 و12/11/1970 والذي ناقشه المؤتمر وأقره .
ولما كان حزبنا أمام إمتحان خطير ، لابد أن يجتازه بنجاح معتمدا على وعي مناضليه والتزامهم الثوري المطلق لتجاوز الأزمة والسير في طريق تحقيق أهداف الجماهير العربية الكادحة وتحرير أرض الوطن المحتلة.
ولابد لنا من أجل النهوض بمهماتنا التي حددناها وضبط مجمل ممارساتنا ووضع كافة فعالياتنا لإنجاحها، من تحقيق الشرط الأساسي الذي لا بديل له ولا غنى عنه، إذا أردنا أن تستمر ثورة الحزب في هذا القطر ،ألا وهو عودة السلطة - كل السلطة- إلى الحزب باعتباره قائدا للثورة والجماهير، وممارسة ذلك من خلال مؤسساته الشرعية المختلفة وبروح الديمقراطية المركزية والقيادة الجماعية والالتزام المطلق بإستراتيجيته ومقررات مؤتمرات الحزب وقياداته المسؤولة وذلك من أجل البدء الفوري بمرحلة نهوض ثوري متصاعد تتطابق فيها النظرية مع الممارسة والفكر بالعمل والشعار مع السلوك.
وانطلاقا من ذلك كله، ونتيجة استقالة الرفيق الأمين العام للحزب وفشل جميع الأساليب السابقة التي اتبعتها القيادة القومية والاجتماع المشترك طيلة العامين الماضيين لمعالجة أزمة الحزب والثورة التي لم تعد تحتمل الإرجاء...
وباعتبار الثورة في القطر العربي السوري هي حصيلة نضال الحزب القومي والجماهير العربية الكادحة في كل مكان وهي ملك الأمة العربية وأمل جماهيرها المناضلة، فان المؤتمر القومي العاشر الإستثنائي الذي انعقد في ظروف صعبة وخطيرة بالنسبة لحياة الحزب والثورة والوطن العربي، باعتباره أعلى مؤسسات هذا الحزب ومحط آمال وثقة مناضليه وحارس قيمه ومبادئه المقدسة في حمل رسالة أمته العربية الوحدوية الإشتراكية التحررية الإنسانية...
استلهاما منه لروح حركة 23 شباط ومبرراتها التاريخية في إنهاء العقلية اليمينية التي كانت متسلطة على الحزب والتي كانت تتجاوز على قيمه النضالية وأسسه التنظيمية و مؤسساته الشرعية المختلفة.
ولترسيخ المفهوم الثوري للحزب ، الذي يستمد حياته وقدرته على النهوض برسالته التاريخية من التزام مناضليه بمبادئ القيادة الجماعية والديمقراطية المركزية وتنفيذ إستراتيجيته ومقررات مؤتمراته ومؤسساته الشرعية الأخرى المسؤولة...
وتعزيزا لهذه الروح النضالية العالية وتلك المبادئ والقيم التي رسختها مؤتمرات حزبنا بعد 23 شباط والتي تجعل من الحزب طليعة ثورية للجماهير العربية الكادحة حاملة رسالة أمتنا العربية التاريخية الخالدة.
وانطلاقا من إيمان المؤتمر بأن التقييم الذي يتم من خلال المؤسسات الحزبية المختصة هو التقييم الموضوعي الوحيد الذي يرسخ القيم الحزبية ويعزز الأخلاقية الثورية في الحزب ويطهر نفوس المناضلين وينير أفكارهم ويشحذ عزائمهم ويزيدهم ثقة بأنفسهم وتجربتهم وبالمستقبل ، كما يخلصهم من الواقع المعقد الذي يعيشون فيه إلى آفاق ثورية رحبة...
ولثقة المؤتمر بالتزام جميع الرفاق المناضلين بمقررات حزبهم وحرصهم على حياته ورسالته التاريخية التي هي مبرر وجودهم وحياتهم ، وأن المناضل الحقيقي لا يمكن أن يتمرد على قراراته أو يضع نفسه فوق الحزب والقضية...
وحرصا على الحزب والثورة من الضياع ولوضعهما في المكان الطليعي والمسؤول عن حركة الثورة العربية ، فان المؤتمر يقرر ما يلي :
1- إنهاء الإزدواجية القائمة في قيادة الثورة وإعادة السلطة إلى الحزب متمثلا بقياداته الشرعية المسؤولة وذلك في جميع مجالات الحزب والسلطة ومؤسساتها العسكرية والمدنية المختلفة كشرط أساسي لتنفيذ إستراتيجية الحزب الثورية ومواجهة المهام التاريخية الملحة الملقاة على عاتق الحزب والثورة.
2- إدانة الإجراءات الإنقلابية التي تمت وفرض الآراء بالقوة باعتباره أسلوبا مرفوضا من الحزب ومخالفا لأسسه الديمقراطية وقيمه النضالية.
3- إدانة كل التجاوزات التي حصلت على قيادات الحزب وقيمه وأنظمته وإستراتيجيته.
4- إدانة كل المواقف والتحركات والإجراءات المخالفة لإستراتيجة الحزب ومقررات مؤتمراته القومية (....)
5-إعتبار كل القرارات المخالفة لإستراتيجية الحزب ومقررات مؤتمراته القومية والتي اتخذت خلال العامين الماضيين ملغاة حكما.
6- تسجيل فشل الأسلوب التوفيقي الذي أتبع في المرحلة لماضية لحل أزمة الحزب.
7- إعادة النظر في كل الأوضاع الإستثنائية التي تمت في القوات المسلحة وذلك بغية تعزيز دور الحزب وتنفيذ مقرراته وضمان إشرافه الكامل على القوات المسلحة لتكون طليعة ثورية مدافعة عن مصالح الجماهير العربية الكادحة الممثلة الحقيقة لأمتنا العربية...تجسيدا لإيمان الحزب بدور هذا الجيش العقائدي المناضل وتقاليده الوطنية والثورية الراسخة في الوفاء للحزب والثورة وقضية لوطن المقدسة في معركة التحرير.
8- إعادة النظر من قبل الإجتماع المشترك في كل المؤسسات المنبثقة عن الحزب وفي صلاحية هذه المؤسسات.
9- عدم الجمع بين المسؤوليات في الدولة.
10- إدراكا من المؤتمر أن مراكز القوى في الحزب والسلطة -في ظروفنا الراهنة- قد تشكل في حالة استفحالها خطرا حقيقيا على الحزب والثورة وعلى الرفاق المسؤولين أنفسهم، كما حصل بالنسبة لمركز القوى البارز في وزارة الدفاع والذي تأكد وتضخم، خاصة منذ الأزمة وحتى الآن ، بحيث أصبح يشكل ظاهرة خطيرة، أحدثت خللا عميقا في حياة الحزب والثورة.
وإيمانا من المؤتمر بان تبديل المراكز ليس استهدافا شخصيا لأي رفيق على الإطلاق وأن الرفيق المناضل يضل خلية حية في جسم الحزب ، قادرا على التفاعل والعطاء ، لا من خلال المسؤولية التي يفرضها هو بالذات على الحزب بالأساليب والوسائل غير الحزبية ، بل من خلال المسؤولية التي يختارها له الحزب بالوسائل والأساليب الحزبية الصحيحة.
وثقة من المؤتمر بأن الرفاق المناضلين لا يمكن أن يفرطوا بحزبهم وثورتهم وقضية الأجيال والوطن العربي المقدسة من أجل التمسك بأية مراكز يضعهم فيها الحزب ، مهما كانت أهمية هذه المراكز وخاصة بالنسبة للرفاق القياديين الذين يجب أن يمارسوا أدوارهم في قيادة الحزب والثورة من خلال قيادة الحزب، وأن يشكلوا القدوة المثلى في الوحدة والتفاعل، والعقل الجماعي الديمقراطي الملتزم ، ومن أجل إعادة الثقة والطمأنينة والحالة الطبيعية إلى الحزب والثورة والبدء فورا بالنهوض بمهام المرحلة الخطيرة بروح نضالية جديدة وتماسك ثوري مطلق.
فان المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي يقرر:
أ- تشكيل حكومة جديدة في القطر العربي السوري تحشد فيها كل الكفاءات الحزبية الجيدة والعناصر التقدمية المخلصة القديرة لمواجهة أعباء المرحلة الحاسمة المقبلة.
ب-إبدال العمل الحالي للرفيقين وزير الدفاع ورئيس الأركان العامة ، بعمل آخر في الحزب والثورة ، حسب المسؤولية التي تحددها قيادة الحزب المختصة...ونظرا للظروف السائدة حاليا في الحزب والجيش فان المؤتمر يطلب من الرفيق وزير الدفاع التعاون مع قيادة الحزب في تنفيذ هذا القرار بما يضمن وحدة الحزب والجيش ويعزز مسيرة الثورة في المرحلة القادمة.
11- تشكيل لجنة محاسبة من قبل الإجتماع المشترك لمحاسبة الذين أثروا بشكل غير مشروع أو استغلوا مسؤولياتهم بالإساءة للجماهير وأهدافها وسمعة الحزب والثورة.
12- يرى المؤتمر أن المواقف السابقة التي اتخذها بعض الرفاق خلال فترة الأزمة لا تعبر عن حقيقتهم النضالية وارتباطهم بالحزب ، وتاريخهم السابق في الدفاع عن الثورة أو مواكبة مسيرتها وحماية مكتسبات الجماهير وإنما أملتها عليهم مجمل الظروف غير الطبيعية التي أحاطت بالحزب والثورة خلال العامين الماضيين.
لذلك، وانطلاقا من روح الثقة بجميع الرفاق ومن حرص المؤتمر عليهم جميعا ولإيجاد الظروف الموضوعية والمناخ الثوري الإيجابي لتحقيق وحدة الحزب ، وتحقيق التماسك الثوري بين الرفاق جميعا وبنهم وبين الجماهير ، لحمل رسالة أمتنا العربية وحماية قضية الوطن المقدسة في تحرير الأراضي العربية المحتلة.
فان المؤتمر يقرر تجاوز كل المواقف التي أتخذت خلال العامين الماضيين، وعدم اعتبارها أساسا في تقييم الرفاق والبدء بمرحلة جديدة للنضال واعتبار إلتزام الرفاق جميعا بمقررات مؤتمرات الحزب السابقة وإستراتيجيته العامة وقيادته الشرعية المسؤولة وبمقررات هذا المؤتمر القومي العاشر الإستثنائي بصورة خاصة ، هي المقياس الأساسي في تقييم الرفاق والانطلاق بإيمان ثوري نحو المستقبل.
13- يتولى الإجتماع المشترك تنفيذ هذه القرارات الواقعة ضمن اختصاصه .
(6) دخلت قاعة المؤتمر فرأيت الرفيق الدكتور نور الدين على المنصة يصرخ منددا ومحذرا: إنكم تلعبون بالراية السوداء التي تستخدمها الرجعية والإستعمار ضد المناضلين والتي ستحرقكم وربما تحرق البلد معكم... وفي يده ورقة صغيرة عرفت عندما لاحظت الرفاق ينظرون إليها بهدف تهدئتي أنها بطاقات كأوراق السينما أعدتها ووزعتها أجهزة المخابرات بإشراف مصطفى طلاس غالبا فيها ما يلي : إلحاد الرفيق الدكتور إبراهيم ماخوس... الرفيق الدكتور إبراهيم ماخوس يقول في مؤتمر الحزب القومي العاشر الاستثنائي :" حبذا لو تحول الجوامع والكنائس إلى دور للهو والرقص والموسيقى" حيث وزعت منها آلاف القصاصات على الجوامع والمدارس والكنائس وثكنات الجيش وذلك بغية تشويهي وهدر دمي.
وأقول بهذه المناسبة وباختصار شديد أنني لم أقل مثل هذا الكلام السخيف أو أسمع به طيلة حياتي ،وكل المؤتمر يشهد على صحة ما أقول، علما أني من (عائلة روحية تاريخية مستنيرة) واني أذكر خلال إحدى محاضراتي الحوارية مع طلبة جامعة دمشق ، كنت أستشهد بالعديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تعبر عن جوهر الإسلام وتحث على العلم والحرية والعدالة والمساواة والتضامن ورفض الظلم والاستغلال واكتناز الأموال على حساب الشعب وكذلك بعض كلمات السيد المسيح مثل" الحق أقول لكم، إن دخول الجمل من سم الخياط أسهل من دخول الغني ملكوت السماوات" بالإضافة إلى الكلام عن الإشتراكية وثورة أكتوبر....الخ وأن أحد الطلاب اليساريين من غير حزبنا وقف يستنكر استشهادي بالتراث الديني مع التراث الإشتراكي وقد أفهمته أن معظم القوى التقدمية العربية كانت مخطئة بتجاهل جوهر الإسلام الثوري العظيم وبدلا من وضعه كسلاح بأيدي الجماهير الكادحة ، ترك ليكون سلاحا مضللا، بعد تشويهه من قبل القوى الإمبريالية لتستخدمه بشكل مقلوب ضد الإسلام والمسلمين في العالم.
وخلال فترة الإختفاء بعد الردة ، زارني أحد الرفاق الضباط (الذي توفي بعد ذلك إلى رحمة الله) ، ليخبرني بأنه بعد أن سرحوا جميعا من الجيش لم يعد بإمكانهم فعل أي شيء حاليا وان المخابرات العسكرية تخطط لاغتيالي واتهام بعض (المتطرفين الإسلاميين) كذبا بذلك ومن الأفضل أن أغادر القطر ، خاصة لعدم إمكانية عمل أي شيء مؤثر حاليا وهكذا كان بعد حوالي شهرين أو أكثر من الردة.
(7) أرسل النظام (عصابة) من مخابراته، لقتل الرفاق أعضاء القيادة أو خطفهم من لبنان ، حيث اقتحموا الشقة في بيروت ثم ضربوا الرفيق الدكتور فؤاد مصطفى، الذي كان يتولى الأمانة العامة المساعدة وتركوه بعد أن ظنوا بأنه توفي، وخطف الرفيقين حاكم الفائز( عضو القيادة القومية) من الأردن، والرفيق سليمان عبد الله (عضو القيادة القومية)من العراق، بعد تخديرهم وزجهم في صندوق السيارة الخلفي ، حيث قضوا ربع قرن بعد ذلك في سجن المزة ، كل ذلك دون أن تتحرك السلطات اللبنانية -إذ ذاك- علما أن قائد العصابة قتل على مدرج البناية عند إطلاق الرصاص على شقة الرفاق.
******************************