.

نهضة المقاومة في جنوب العراق بين المذعورين منها والمستبشرين خيراً بتصاعدها ؟

 


 

البديل العراقي / بسرعة تمكنت القوى الثائرة في الجنوب ، من وضع نفسها في قلب المشهد ، لم يتمكن المحتلون ولا وسائل الاعلام المرتبطة بهم ، او التي يهيمنون عليها ، من ان يمنعوا ابناء البصرة من الظهور عبر الشاشات ، وهم يقذفون الحجارة باتجاه الجنود البريطانيين ، وطائرة الهليكوبتر البريطانيه المسقطة على ايديهم ، يتصاعد منها اللهب والدخان ، قبل ذلك كانت الناصريه ، والعمارة ، والديوانيه ، والحلة ، والكوت ، قد شهدت عمليات متواليه ، كاد الاعلام يطمس معضمها ، وسارعت قوى لم يعجبها التطور الحاصل في ارض السواد ، فتبنت عمليات لم تكن لها بها لاناقة ولاجمل ، وحسنا فعل التيار الصدري وجيش المهدي حين أعلن صراحة وعلنا أن لا علاقة له بإسقاط المروحية البريطانية في البصرة ..غير أن قوى معروفه اصيبت بالذهول ، ولم يصدر عنها اي موقف ، البعض منها ـ وياللاسف ـ "مقاوم" ، حتى ان بعض "مواقع" الانترنيت الشديدة الحماسة لاخراج المحتلين ، عاملت ما جرى ، وكانه حدث يجري على كوكب المريخ ، او يخص اهل واق الواق .
  لن يثير هذا كله اي انزعاج ، وهو بمعنى ما مبررومفهوم ، ومن حق من يترددون ، وتخيم عليهم الحيرة ، قبل ان يبادروا لاتخاذ موقف ، او من يميلون الى تجاهل الحدث احتياطا ، ان يفعلوا ذلك ، اولا لانهم يريدون ان يتاكدوا من ان هذا الذي يجري الان ، هو "تطور" فعلي ، وليس مجرد حدث طاريء اوعرضي ، ولايكفي للتاكد من هذه الظاهرة وابعادها ، ان يكون "البديل العراقي " قد بشر بها ، واعلن عن بداياتها ، قبل اكثر من شهر، كما انه ليس مما يثيرالغبطة اصلا ، لدى "مقاومين" بواسل ، ان يكون "البديل العراقي " بالذات ، هو مصدر الاعلان عن هذا الحدث ، والمواكب له ، وجهة تحليل ابعاده . ايضا ، لابد من التاكد من حقيقة القوى التي تضطلع في الفرات الاوسط ، وجنوب العراق اليوم ، بالعمل المقاوم المتصاعد هناك ، أهو جيش المهدي والتيار الصدري ؟ هل هي ايران ، تقوم بما تقوم به ، من قبيل التصعيد ضد الامريكيين ، ولاحراجهم لاسباب تتعلق بمسار الصراع ، حول موضوع توجه ايران لامتلاك الطاقة النوويه ؟ هل هي حادثة محسوبه ومحدوده ، ام انها غير هذا وذاك ؟
  بعض الاسئلة لن يحسم الجدل حولها غير الزمن ، وحتى هنا تلوح للمتابع احتمالات : ان يكون هذا الذي سمعنا اصداءه الان ، من قبيل "التطور" ، وليس الحدث العابر ، لكنه قد يكون مجرد تطور ضعيف ، ولا يتمتع بالزخم الذي يجعله يحضربسرعة ، كظاهرة وقوة جديدة حاسمه ، وهذا الاحتمال وارد ، اذا اعتبرنا القوى التي تقف وراءه "عفوية" ، ووطنيه شعبيه صاعدة من قلب تطورات لحظة الاحتلال وملابساتها ، ولاعلاقة لها باي من القوى المعروفة على الساحة في الفرات الاوسط والجنوب ، فقوى كهذه ، سيكون عليها ان تمارس عملها داخل شبكة محكمه من "الالغام" ، لامفرمن ان تاخذ حضورها ، وسطوتها ، وقدرتها على المراقبة والتغلغل بين الناس ، بنظر الاعتبار، وكل قوة مقاومة في الفرات الاوسط والجنوب ، تنشا اليوم ، وتتبلور على اسس وطنيه مناهضة للاحتلال ، مضطرة حكما ، لان تخوض معركتها على جبهتبن ، جبهة الاحتلال ، وجبهة المليشيات والقوى المهيمنة بالتحالف مع المحتلين ، او حتى القوى الاخرى المعادية للاحتلال ، لكن التي بدأ بعض منتسبيها ، يميلون الى "الدخول في اللعبة " ، ومع ان الامر الحاسم هنا ، هو الموقف الجماهيري العام ، وهذا يميل لغير صالح القوى المتعاونة مع الاحتلال اجمالا ، وبقوة احيانا ، الا ان وجود المليشيات ، والقوى المتعاونة مع الاحتلال ، والمدعومة من قوى اقليميه ، لابد ان يلقي بثقله على العمل المقاوم ، ولامهرب من ان يؤثر على مساره وزخمه .
  واذا تبين ان الامر هو كذلك بالفعل ، فان موقف بعض القوى "المقاومة" تحديدا ، سيتراوح بين الرغبة في مساعدة العمل المقاوم في الجنوب ، والتلاحم معه ، ورفده بالقدرات المتاحة ، والخبرات الضرورية له بقوه ، وبين التجاهل والتشكيك والاهمال ، ومن سيتبنون المواقف الاخيره معروفة اسبابهم ودوافعهم ، فليس الزرقاوي ومن معه واشباهه ، من يتفاعلون مع القوى المقاومة في الجنوب ووسط العراق ، ومن المؤكد ان هؤلاء سيرتعبون من هذه الظاهرة ، وسيرون فيها مقتلهم ، ومع الزرقاويين وبمسافات ليس بعيده ، ياتي الصداميون ، وهؤلاء لن يكونوا منشرحين من تصاعد ظاهرة المقاومة في الجنوب ، واذا هم لم يجرأوا على الجهر بمعاداتهم لها ، فانهم سيفعلون ماباستطاعتهم كي يضعفوها ان استطاعوا ، وسيمارسون بحقها التجاهل حتما ، ويراهنون على فشلها ، ويبتكرون الوسائل المناسبة لمحاربتها .
  بقية القوى المقاومة ، الوطنية منها والاسلاميه ، وبالذات الجماهير الشعبيه في المناطق الشمالغربية من العراق ، ستستبشر خيرا ، لابل هي ستغتبط ، وتتمنى لظاهرة المقاومة في العراق الاسفل ، ان تتطور بسرعه ، لانها ستجد فيها سندا ، وفي اللحظات الحاليه ، حيث الاوضاع في تلك المناطق يسودها الاحتقان ، وتخيم عليها سحب التضييق ، واحتمالات الخنق السياسي والعسكري ، ياتي هذا التطور الجديد ليبعث في الجماهير ، املا قويا، ويفتح افقا مضادا للطائفيه ، ولمشاريع التقسيم والمحاصصات ، ويقلص من فرص استقرار "العملية السياسية الامريكيه " ، ويضع الحكومة الجديده على كف عفريت ، ويكرس نهائيا احتمالات الانتصار الوطني ....
  وهذه كلها اسباب ستضعف من مبررات وجود تيارات التكفير، والمنادين بعودة الدكتاتورية ، وتقلص نفوذهم ، وتخفض قدرتهم على الهيمنه بالقوة والمال ، وعموما ، فان مرحلة جديده من "المقاومة" سيدخلها العراق بعمومه ، لابد ان تكنس في مجراها تماما الزرقاوية وبقايا وفلول الدكتاتوريه ، وبدل الشعارات الزرقاوية الكريهه التي تنادي بقتل ابناء العراق من الطوائف الاخرى ، او شعارات واحلام العودة الى الدكتاتوريه ، ودعاوى "الممثل الشرعي الوحيد للشعب العراقي " ، سيتعزز الموقف الوطني ، وتتكرس عمليا وباطراد ، صورة عراق المستقبل الديمقراطي ، التوافقي ، القوي باتفاق ممثليه ووحدتهم ، وتعددية ممارستهم الحياتيه والسياسيه .
  ومع هذا التطور سوف ينفتح حتما ، عهد جديد من "ادب وفكر" واعلام الثورة العراقيه الجديده ، ادب وفكر بناء العراق الجديد ، وليس التهريج واشكال الصراخ الاهوج ، اوالتطبيل والجزم الاعمى ، وتحويل الثورة الى هوس جنوني ، يلغي العقل ، وينحط بالسياسة والثورة ، الى درك الغرائز العمياء .
  ليست هذه سوى وقفه على طريق طويل من المتابعات ورصد تطور مسار الوضع العراقي المشرف على الانقلاب راسا على عقب ... على الانتقال من "المقاومة" الى " الثوره " ...