الغالبية النيابية تستعد للتعامل مع «واقع» استمرار رئيس الجمهورية حتى نهاية ولايته

«القوات» تفاضل بين بقاء لحود و«البدائل المعروضة» وغداء عون ــ جعجع له رمزيته

ايلين عيسى


 

يفيد تقاطع المعلومات الواردة من اكثر من طرف من الافرقاء المشاركين في الحوار ان الجميع ‏وضعوا انفسهم في اجواء استمرار الرئيس إميل لحود في منصبه حتى نهاية ولايته الممدّدة بعد ‏عام ونصف العام تقريبا، بعدما فشل المتحاورون في التوصل الى توافق حول تقصير ولاية رئيس ‏الجمهورية وحول الرئيس البديل، وبعدما شعرت الغالبية النيابية انها وصلت الى الحائط ‏المسدود بسبب تعثر الخطط السابقة لإسقاط لحود شعبيا، ثم تعثر اسقاطه دستوريا وانتهاء ‏بانسداد افق الحوار حول هذا الملف، كما يبدو حتى الآن على الأقلّ.

وقد عزّزت اشاعة هذه الاجواء عوامل ومواقف عدة ابرزها تجديد «حزب الله» تمسكه بلحود كخيار ‏اولوي، خصوصا بعد الموقف الذي عبّر عنه رئيس الجمهورية لدعم المقاومة في قمّة الخرطوم، ‏والذي قوبل بالشكر من جانب الحزب ويفترض ان يقابل ايضا بدعم استمرار لحود في الرئاسة، ‏ويضاف الى ذلك اقتناع افرقاء الغالبية النيابية، كل من جهته، بأن بقاء لحود قد يكون ‏افضل حاليا من الاسماء البديلة التي «تعرض» عليهم من الجانب الاخر في ظل عدم قدرتهم لوحدهم ‏على ايصال الرئيس الذي يريدونه، والذي يعبّر عن توجهات «14 اذار» ويكون قريبا من ‏الغالبية او متفهما لمواقفها.

وانطلاقا من ذلك، فإن الأفرقاء المختلفين بدأوا يعيدون النظر في استراتيجية عملهم للمرحلة ‏المقبلة، على أساس التعامل مع احتمالات استمرار رئيس الجمهورية لسنة ونصف السنة، مع ما ‏يستلزمه ذلك من «تعايش» وان يكن قسريا لدى الكثيرين، مع الرئيس لحود، ومن «دوزنة» ‏للتحالفات القائمة حاليا بما يسمح لكل فريق بتحقيق اكبر مكاسب ممكنة والإمساك بما يستطيع ‏من اوراق، بما يؤهّله لترجيح كفّة خياراته عند حلول موعد الاستحقاق في خريف العام 2007، ‏علما بأن التطورات التي قد تحملها هذه الفترة الطويلة نسبيا لا يمكن لأحد ان يتكهّن بها.

لذا، ترجّح المصادر ان يتحول الوقت المتبقي من ولاية لحود وقتا مستقطعا وإطالة لأمد ‏المراوحة «القاتلة» ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان.

ويستشفّ من المواقف المعلنة ان هذه الاستعدادات قد بدأت فعلا. وقد عبّر النائب جورج عدوان ‏عن ذلك عندما قال قبل استئناف الحوار في جولته الخامسة ما مفاده ان بقاء لحود لمدة اطول ‏افضل من الاتيان برئيس جديد لا يلبي «الحاجة الى التغيير». وقد توصلت «القوات اللبنانية» ‏الى هذا الاستنتاج لأسباب عدة، اولها شعورها بعدم جدوى التحرك الشعبي، خصوصا ان بكركي ‏ترفض اللجوء اليه، وثانيها لاقتناعها بصعوبة ايصال مرشح من «14 اذار» بسبب رفض فريق ‏‏«8 اذار» له، وبصعوبة التوافق على العماد ميشال عون في الوقت الراهن لمعطيات لدى فريق ‏‏14 و8 اذار، وثالثهما لان «القوات» ترفض وصول رئيس ضعيف ولا يعبّر عن توجهات الشارع ‏المسيحي ولا يحوز رضى بكركي، كما ويكون من الفريق المحسوب على سوريا في شكل عام. ويترافق ‏ذلك مع استياء «مسيحي» عبّر عنه النائب عدوان نفسه، عندما انتقد طلب «تيار المستقبل» ‏ان تطّلع الحكومة على كلمة رئيس الجمهورية في قمة الخرطوم، في دفاع عن صلاحيات الرئاسة، ‏التي تعرضت، مع كونها رمزاً تمثيلياً للطائفة المارونية، للكثير من التهميش والتهشيم. وقد ‏يرى البعض هنا ان تغيير الرئيس لحود وحده، ان حصل، لن يكون له تأثير كبير في «مسيرة ‏التغيير» التي تنشدها الاكثرية، لأن صلاحيات رئيس الجمهورية أصبحت بعد الطائف محدودة جداً، ‏على أساس ان السلطة التنفيذية هي عملياً في يد مجلس الوزراء مجتمعاً.

اما العماد ميشال عون، الذي بات يشعر بدوره بشبه استحالة تنحي لحود حاليا، فوضع نفسه ‏في صورة المرحلة المقبلة وتهيئة الاجواء للاستحقاق بعد سنة ونصف. وهذا ما سيفرض عليه عدم ‏حسم خياراته وتحالفاته ابقاء لكل الابواب مفتوحة امامه. لذا، يتوقع ان «يدوزن» ‏تحالفاته، وربّما ظهر ذلك «رمزياً، أمس الأول عبر الغداء الذي جمعه في وسط بيروت مع الدكتور ‏سمير جعجع والنائبة ستريدا جعجع. لان «الله يخلق في عام ونصف ما لا تعلمون».

أمّا «تيار المستقبل» الذي فهم «الامر الواقع» بدوره ففتح «حوارات» على خطوط عدة، منها ‏الخط الفلسطيني الذي ظهر في الزيارة المفاجئة لقريطم التي قام بها الأمين العام لـ«الجبهة ‏الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» أحمد جبريل، اضافة الى متابعة رئيسه النائب ‏سعد الحريري الاتصالات مع الدول العربية المعنية التي يهمها استمرار التهدئة والتوصل الى ‏تسوية تمنع الصدام مع سوريا، خصوصاً ان الملف الاقتصادي اللبناني مثقل والخطة الاقتصادية ‏للنهوض التي على اساسها سيعقد «مؤتمر بيروت ـ مطلوب اقرارها بالحاح.

وفي المقابل، يعتبر «حزب الله» انه حقّق مكسباً لصالحه باستبعاد الملف الرئاسي حالياً وكذلك ‏ملف سلاح المقاومة. بعدما تم التوافق الاولي على لبنانية مزارع شبعا والعمل لاثبات ذلك ‏امام المراجع الدولية. ويعتبر الحزب ان الوقت المتبقي من ولاية الرئيس لحود يُرجّح ان يعمل ‏لصالحه وعندها سيتمكّن من «فرض» رئيس من خطّ الرئيس لحود نفسه، لأن البديل اذ ذاك سيكون ‏فراغا دستوريا، اذا ما تعذّر انتخاب رئيس جديد، ومهما حصل من تغيير في توازنات القوى ‏داخل مجلس النواب من الآن وحتّى خريف العام 2007.