حوار قصيرمع حسين العودات مروان حبش: ( كلنا شركاء ) 5/6/2006
قد كتب الأخ حسين العودات مقالة لجريدة البيان نشرتها بتاريخ 3/6/2006 وعنوانها 39 عاماً على هزيمة 1967 ، ونشرتها كلنا شركاء يوم 3 حزيران 6 200، جاء في مطلعها : لم تكن هزيمة يونيو 1967 هزيمة عسكرية فقط بل كانت هزيمة كلية للأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية العربية التي كانت قائمة في ذلك الوقت .
ثم يستطرد: عملت الأنظمة السياسية العربية المهزومة على تخفيف هزائمها من خلال مزاعمها أن هدف العدو الأساسي هو إسقاط هذه الأنظمة والقضاء على حركة التحرر العربية، ورأت أن الرد الطبيعي على الهزيمة يكون باستمرار هذه الأنظمة حاملة (راية التحرر)، أي بإبقاء الحال على ما هو عليه .
لا أعرف فيما إذا كانت ذاكرة الصد يق حسين قادرة على استرجاع حديث جرى منذ عدة سنوات في مكتبه ، بيني وبين صحافي يحب المماحكة ولوك الكلمات والجمل ولا يرغب بالعودة إلى الوثائق والاحتكام إليها ، وكان الحديث هو نفس ما طرحه الكاتب في الفقرة المذكورة أعلاه ، وبعد أن وضحت للصحافي المماحك وجهة نظري التي وافقني عليها الصديق حسين ، ولكن لا أعلم ما الداعي لأن يعود ويكرر نفس ما قاله لائك الكلمات والجمل ، وليته ذكر لنا الوثائق التي اكتشفها و دعته لأن يغير رأيه .
كان الصديق حسين أول مدير لوكالة سانا ، وهذه الوكالة التي ترد إليها ما تبثه الوكالات الأخرى في العالم ، هي التي زودت الصحف السورية وأركان القيادة بالمعلومات الصحفية التالية :
قد أوردت صحيفة الأزفستيا السوفييتية بتاريخ 11 أيار " مايو " 1967 نبأ عن محاولة الولايات المتحدة الأمريكية قلب نظام الحكم الثوري في القطر العربي السوري، وأن واشنطن ترى في سياسة سورية المستقلة خطرا على مصالحها في المنطقة.
وبعدها بدأت التصريحات المعادية تنطلق من حكومة الكيان الصهيوني مهددة بإسقاط نظام الحكم في دمشق ، فأوردت وكالة يونايتد برس بتاريخ: 13 أيار (مايو) 1967 نبأ عن لسان مسؤول إسرائيلي في القدس، قال فيه : إنه إذا استمرت سورية في حربها التخريبية ضد <إسرائيل > فإنها ستتسبب في عمل عسكري من جانب < إسرائيل > يستهدف القضاء على نظام الحكم الحالي في دمشق ، وأضافت الوكالة: أن إسقاط حكم البعث في دمشق قد يلقى ترحيبا لدى الدوائر الرجعية العربية .
كما أن المراقبين في القدس المحتلة يرون أن السوريين يعتزمون تحويل إسرائيل إلى فيتنام ثانية كمقدمة للحل الذي يرونه لقضية فلسطين ، وقالت الوكالة أن التفسير الوحيد لموقف سورية هو أن أكثر أعضاء الحكم الحالي في دمشق من الشباب العقائديين الذين يعطون مضمونا ثوريا للقومية العربية، والذين يرون في إسرائيل عدوتهم اللدودة.
تذرعت < إسرائيل > بدعم سورية للمقاومة الفلسطينية وباشرت تطلق ، تهديداتها بغزو دمشق وإسقاط نظام الحكم فيها ، كما كثفت من اعتداءاتها في المناطق المجردة لزيادة تبادل إطلاق النار .
وتناقلت وكالات الأنباء ، يوم 14 / 5 ، في القدس المحتلة وتل أبيب ، الأخبار عن تصعيد المسؤولين < الإسرائيليين > لهجة تهديداتهم ، فما أن سلمت < إسرائيل > ردها إلى السفير السوفييتي الذي أوردته وكالة يونايتد برس : ( أن إسرائيل سلمت أمس إلى السفير السوفييتي رد حكومتها على الإنذار الذي وجهته حكومة الاتحاد السوفييتي إلى < إسرائيل > في الشهر الماضي عن قيام إسرائيل بأعمال انتقامية ضد سورية ) . حتى تتالت التهديدات ، فأوردت وكالة رويتر في برقية لها ، أن المراقبين في تل أبيب صرحوا بأن لهجة الخطب العامة للمسؤولين في < إسرائيل > قد ازدادت حدة بصورة كبيرة في الأيام القليلة الماضية عقب وقوع مزيد من هجمات الفدائيين آخرها انفجار في طريق طبريا . وفي نبأ لوكالة الأنباء الفرنسية ، أن ليفي أشكول عاد إلى تهديداته ضد سورية وقال أنه لابد من حدوث صدام مسلح خطر بين < إسرائيل > وسورية إذا لم يكف الفدائيون الفلسطينيون عن نشاطهم داخل < إسرائيل > . وأضاف رابين تهديدات أخرى فقال : إن < إسرائيل > سوف تتصرف بازاء سورية ولكن بطرق مغايرة لتلك الطرق التي انتهجتها < إسرائيل > بهجماتها السابقة على الأردن ولبنان ، وأضاف : أن أهداف الرد الإسرائيلي سوف تكون مغايرة أيضا .
في 13 أيار أبلغ الاتحاد السوفييتي سورية والمتحدة عن وجود حشود عسكرية < إسرائيلية > على الجبهة السورية ، وأن < إسرائيل > تستعد لبدء عملية واسعة لقلب النظام في دمشق .
كما أن وكالة سانا هي التي زودت الوكالات خارج سورية والصحف السورية يوم الخميس 15 حزيران 1967
بالبيان السياسي للقيادة القومية ، وورد في بدايته :
< منذ العدوان الاسرائيلي الغادر على القطر العربي السوري في 7 نيسان الماضي ، بدأت تتوضح المخططات الاستعمارية والصهيونية ، وتتصاعد أخطار العدوان المباشر على شعبنا ، وتتالت تصريحات المسؤولين الاسرائيليين باحتلال دمشق واسقاط نظام الحكم الثوري فيها ....>
_ولقد حدد البيان المذكور الأغراض التي العدوان لتحقيقها ب :_
1 – إيقاف المد الشعبي التقدمي وإسقاط إرادة الكفاح الجماهيري لبناء دولة العرب الحديثة
2 – إعادة الوطن العربي إلى مناطق نفوذ الاستعمار المباشر وتأمين حماية مصالحه البترولية
3 – تحطيم الجيوش العربية التي بناها الشعب بجهده وتضحيته بعد أن شعر العدو بتزايد خطرها على وجوده .
4 – تحقيق أحلام الصهيونية في التوسع وترسيخ وجودها المفروض في المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية .
يتبين لك يا صديقي ، بأن مسألة إسقاط أنظمة الحكم لم تكن من مزاعم الأنظمة ، وأن للعدوان أكثر من سبب ، ولا أعرف عنك التسرع ولا عدم الموضوعية ، ولا الكتابة غير المسؤولة من أجل إملاء عامود في جريدة ، ولا من أولئك الذين يكتبون وكأنهم بهرجة في مضافة أو بمنادمة يقرعون كؤوس الطلى .
_لقد حدد مجلس الوزراء الصهيوني برئاسة بن غوريون بجلسة له عام 1949، استراتيجية < اسرائيل > ب:_
- إخراج مصر من دائرة الصراع العربي – الصهيوني .
- تأمين أنظمة في الدول العربية تقبل الاعتراف ب < اسرائيل > .
ومن المعلوم في تلك الفترة ، أن < اسرائيل > بكل حروبها كانت تسعى للوصول إلى اعتراف العرب بها .
وأظن أنك تشاركني بأن تأمين الأنظمة الموالية يعني إزالة الأنظمة الرافضة .
والآن سأطرح بعض التساؤلات على الأخ حسين ، و لا أطلب منه إجابتي عليها ، بل أطلب منه التروي حين يكتب ، وهو يعرف أن بعض محبيه يقرؤون مقالاته التي يجب أن تحمل الحقيقة وتتصف بالموضوعية وتبتعد عن الغمز.
- هل هزيمة العرب عام 1948 كانت بسبب الأنظمة الاستبدادية ؟
- هل انتصار النازية واحتلالها أكثر الدول الأوربية كانت بسبب غياب الديمقراطية وتغييب المجتمع المدني والقضاء على الطبقة الوسطى في تلك الدول المهزومة، وبالتالي هزيمة لأنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وتوافرها في ألمانيا النازية
- هل وصول القوات الألمانية إلى مشارف موسكو ولينينغراد وفولغا غراد سببه النظام الستاليني وحكم الحزب الواحد ، ثم تحرير الجيش السوفييتي لبلاده تم بواسطة نظام ديمقراطي جاء على أنقاض حكم الحزب الواحد .
- هل تحققت هزيمة الولايات المتحدة في فييتنام على يد نظام ديمقراطي في فييتنام الشمالية تمد القوات الشعبية المقاتلة في الجنوب .
والأمثلة كثيرة يا صديقي ، وإنني أحسب أن الانتصار أوالانكسار في الحروب أمر له أكثر من سبب ، أي أمر أكثر تعقيدا مما أوردته في مقالتك .
إنني حين أطالب ، كغيري ، بضرورة تغيير النظام العربي ليصبح نظاما ديمقراطيا تمثيليا تعدديا ينتج الشعب من خلاله سلطته ويتم تداولها بشكل سلمي ، أطالب بذلك لأن حجم الدمار الذي أوقعه ذلك النظام لا يمكن ترميمه واقتلاع الفساد الذي شل حرية الشعب ،ٍ والنهوض مجددا إلا بتكاثف كل طاقات أبناء الوطن وتعبئتها وهذا لا يمكن أن يتم إلا إذا شعر كل مواطن بأن عليه مسؤولية ، ولا يتم الشعور بالمسؤولية إلا بعودة السياسة إلى الشعب .