ازدواجية الإدارة الأمريكية فى أوهام الشرق الاوسط لتشومسكي

 

المفكر الامريكى نعوم تشومسكي

 



 

 

القاهرة –رويتر: صدر مؤخرا فى القاهرة عن "مكتبة الشروق الدولية" كتابان لتشومسكى ترجما إلى العربية هما "اهدار الحقيقة: اساءة التعليم والاعلام وأوهام الليبرالية والسوق الحرة" تحرير وتقديم دونالدو ماسيدو وترجمة نعيمة على و"أوهام الشرق الاوسط" ترجمة شيرين فهمي.

ويتعرض تشومسكى فى "أوهام الشرق الاوسط" تاريخيا وتحليليا لتغيرات شهدتها منطقة الشرق الاوسط منذ ما قبل الخمسينيات التى شهدت الانقلاب على حكومة الدكتور محمد مصدق "1880 - 1967" فى ايران وثورة عبد الكريم قاسم على الحكم الملكى فى العراق. كما ينتقد من خلاله السياسة الأمريكية التى وصفها بالازدواجية .

وعن هذه الازدواجية يقول تشومسكى "78 عاما" فى كتابه ان الرئيس الامريكى الاسبق جورج بوش والد الرئيس الحالى كان يعتبر صدام حليفه وصديقه حتى أغسطس اب 1990 "عندما ارتكب أول جريمة.. مخالفة الاوامر" فى اشارة الى غزو الكويت.

ويضيف أن صدام فقد صفة "المعتدل" من وجهة النظر الامريكية لانه اجتاح الكويت لكنه لم يفقد هذا الوضع فى فترات سابقة عندما كان حليفا لامريكا.

ولايزال تشومسكى يواصل انتقاداته لسياسة الرئيس الامريكى جورج بوش الابن فى العراق منذ شنت الولايات المتحدة حربا فى مارس اذار 2003 بحجة اسقاط نظام صدام واحتلت البلاد فى التاسع من ابريل نيسان من العام نفسه.

ويشبه تشومسكى تصرف الولايات المتحدة فى ادارتها وسيطرتها على منطقة الشرق الاوسط بالهيكل الاساسى للنظام البريطانى حين كانت الامبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس تدير "المستعمرات وتمتصها" باسناد الادارة المحلية الى واجهات عربية تأخذ الشكل الخارجى للسيادة.

وينتقل الكاتب الى التطبيق الامريكى لهذا المفهوم البريطانى قائلا ان الواجهة التى يعتمد عليها يجب أن تكون ضعيفة "وتعتبر العائلات الدكتاتورية هى النموذج المفضل والمحبب. وبغض النظر عن سلوكياتها الوحشية وغير الادمية الا أنها تحظى بشرف واحترام مادامت تخدم مصالح الولايات المتحدة وتحافظ على توجيه وتوصيل تدفق الارباح الى الولايات المتحدة والى شريكها البريطاني... فاذا قامت هذه العلائلات بمهمتها على أكمل وجه فستكون مكافأتها الضخمة من قبل دافع الضرائب الامريكي."

ويقارن بين ما يطلق عليه العمليات التركية فى شمالى العراق والعمليات الاسرائيلية فى جنوب لبنان فى ظل احتلال دام 22 عاما قائلا "تشابها كبيرا بينهما ففى الحالتين تمت العمليات الوحشية تحت رضاء الولايات المتحدة مما أعطى فى النهاية صفة الشرعية" مشيرا الى أن اسرائيل قتلت نحو 45 ألف لبنانى خلال تلك الفترة ولكن أحدا فى رأيه لا يحصى عدد ضحايا أمريكا ولا ضحايا أصدقائها.

و يصف المفكر الأمريكى التزام بلاده بحقوق الانسان بأنه أسطورى كاذب وأن هذه الحقوق تتحدد على أساس الاسهامات فى حفظ النظام فللحكومات العربية حقوق لانها تسيطر على الشعوب وتضمن فى رأيه تدفق الثروة الى الغرب ولبريطانيا حقوق "مادامت تلعب دور الكلب التابع الوفي" للولايات المتحدة.
ويقول ان هدف الولايات المتحدة وبريطانيا يتمثل "أساسا فى الاحتفاظ بالسيطرة على المناطق المنتجة للنفط وليس الدفاع عنها."

ومن وجهة نظر الادارة الامريكية وفقا لتشومسكى فان لرجال الشرطة الاقليميين وللواجهة الحاكمة كل الحقوق ماداموا يؤدون مهامهم بكفاءة فى حين تسلب حقوق الاخرين "الاكراد. ساكنى العشوائيات فى القاهرة وغيرهم ومن ضمنهم الفلسطينيون الذين يمتلكون حقوقا سلبية لان معاناتهم تسبب حالة من عدم الاستقرار. هذه الحقائق البسيطة توضح قدرا كبيرا حول السياسات الامريكية فى المنطقة بما فيها عملية السلام."

أما كتاب "إهدار الحقيقة إساءة التعليم والإعلام وأوهام الليبرالية والسوق الحرة" فقد تضمن فصولا نقدية لسياسات أميركية وعربية منها "حرفة صناعة التاريخ" و"ديمقراطية السوق فى نظام ليبرالى حديث المذاهب والواقع" و"فيما وراء ترويض التعليم".

وقد اكتسب المفكر الامريكى البارز نعوم تشومسكى مكانته "العربية" حين أصبح من أشهر المعادين للسياسة الخارجية لبلاده واسرائيل متجاوزا تخصصه الدقيق فى علم النحو التوليدي.