بعد امتداد وانتشار المقاومة جنوبا ..الهزيمة اصبحت محققة لمشروعيْ الاحتلال و التيار التكفيري الطائفي معا !


.


البديل العراقي : منذ أن اعلنا هنا عن خطط واتجاهات ، تشير الى قرب تطور العمل المقاوم في الفرات الاوسط وجنوب العراق ، و المقاومة المسلحة في تلك المناطق ، تتصاعد بقوة ، ويتحول فعل المقاومين باطراد ، وبرغم التعتيم الخانق والقاتم ، الى حقيقة معاشة ، وتكاد ممارسة الهجمات على قوات الاحتلال ، تتحول بسرعة الى امر معتاد في الحياة اليوميه ليل نهار( في اللحظات التي نكتب فيها هذه السطور بثت وكالات الأنباء خبر عملية مسلحة للمقاومة في محافظة بابل قتل فيها ثلاثة من جنود الاحتلال الأمريكي ويوم امس تسربت إلى وكالات الأنباء اخبار عن هجمات مسلحة للمقاومة في الناصرية والديوانية و العاصمة بغداد التي لا يكاد يمر يوم واحد فيها دون عملية أو عدة عمليات للمقاومة تستهدف قوات الاحتلال تحديدا إلى جانب عمليات إجرامية مشبوهة ومدانة أخرى ..) نقول تتحول العمليات العسكرية للمقاومة في الجنوب والوسط إلى أمر معتاد ، لاهل تلك المناطق العريقه ، الموغلة في تجارب المقاومة على مر التاريخ ، الشروط هنا مختلفه ، والتكتيكات ايضا ، وكذلك المناخ الذي منه ينطلق المقاومون ، فهنا ينبغي اخذ واقع الاضطهاد الطويل ، والرهيب الذي عاناه الناس على يد الدكتاتورية المقبورة ، بنظر الاعتبار ، لاكحقيقة معرقله لجهود المقاومين وحسب ، بل كوسيلة اضطهاد جديده ، تمارسها قوى تعتاش على مثل تلك الحقائق ، وتسعى وسعت ، الى استغلالها وتحويلها لذريعة ، ليس من اجل تبرير التواطؤ مع المحتلين وحسب ، بل وبالدرجة الاولى ، لتكريس سلطات ،غاشمه ، وغير مسؤوله فاسدة حتى النخاع ونهابه .
  هذه القوى تمكنت والحالة هذه ، من ان تحدث فصلا في المزاج والتصورات بين العراقيين ، وسعى الاحتلال وظروف طارئة من شتى الالوان والمصادر ، الى اقامة حاجز بين نزعات مقاومة المحتل في الوسط والجنوب ، وبين تلك التي تستعروتتواصل ببسالة في المناطق الشمالغربيه من العراق ، وهنا التقت عوامل كثيره منها شبح بقايا النظام السابق ، وشعارات ومطالبات كريهه تعكس استماتة فلول النظام المنهارللعودة للحكم عبرالمطالبه ب(العودة باوضاع البلاد الى ماقبل 9/4/2003) ، مع رفض اية مراجعه جديده وحقيقيه ، وتمسك البعض الآخر ، بشعار"الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي " المناقض كليا لروح الوحدة الوطنيه ، ولكل عمل مقاوم على المستوى الوطني ، يبدا من نشوء مناخ وطني مقاوم وشامل . ...ثم جاء الزرقاوي واشباهه من تكفيريين ومغامرين ، اضافة لخطط صناعة "الحرب الاهلية " المدارة من قبل الاحتلال مباشرة ، على الجهتين .
  كل هذه الاسباب ، شكلت خلال وقت غير قصير، ثقلا ومانعا ، عطل جهود المقاومة الوطنيه في الجنوب ، ومنع تبلورها وانتشارها ، وبالاخص بعد انتفاضة نيسان 2004 ، فالوضع لهذه الجهة يتوزع على فترتين ، الاولى ، وتمتد منذ الغزو حتى نيسان 2004 ، والثانيه منذ ذلك التاريخ الى اليوم . فلقد دفع الرعب الذي اصاب المحتلين من تجسد وحدة المقاومة وشموليتها ، كما تجلت خلال معركة العراق في حينه ، من الجنوب الى الشمال وبالذات (عبر رمزيها المنتصرين وقتها ، المذبوحين لاحقا : الفلوجة /النجف ) فعمدالاحتلال واعوانه لاستنفار كل مايملكه من اجل "فك الارتباط الوطني " وهي سياسة ، يعممها الامريكيون والصهاينه ، وهم يخوضون معركتهم المصيريه ضد شعوب المنطقة اليوم ، استعملوها في لبنان ، بتدبير حادث اغتيال الرئيس الحريري ، وتعتمد في مصر ، واعتمدوها على وجه الخصوص وتحديدا ، في العراق ، ومنذ ذلك التاريخ ، اصبحت مهمة الاحتلال منصبة على "صناعة الحرب الاهلية" داخل المجتمع العراقي ، فلا وسيلة اخرى يمكن ان تحمي وجود المحتلين ، وتؤمن بقاءهم ، سوى اشعال تلك الحرب .
  غيران الاحتلال واعوانه ، وجدوا امامهم معطيات قابله للاستغلال ، منها تلك التي ارتبطت بظروف نشاة المقاومه ، ومنها ماتركته الدكتاتورية من اثار على التركيب الاجتماعي والوطني من اضرار ، هذا عدا عن وجود بقايا وفلول الدكتاتورية المقبوره في صفوفها ، حقيقة احيانا وفي اضيق الحدود ، وادعاء وزورا في الغالب ، ولكل هذا اسباب خاصة معروفه ، فالمقاومة نشات كرد فعل عفوي وشعبي ، تركز ، لاسباب ليس هنا مجال شرحها ، في مناطق معينه من العراق ، ولم تكن هذه نتاج فعل حركة وطنيه او "حركة تحرر وطني "ناضجه او كانت موجوده اصلا ، خططت لها ، وقررت مساراتها وتوقيت تحركاتها ، ومع غياب حركة وطنيه كهذه ، فلقد لعبت القوى الموجوده في تلك المناطق ، والقادرة على الفعل ، والتي لها مصلحه موضوعيه في مواجهة الاحتلال لشتى الاسباب ، دورا ، تراوح بين المجهود الوطني العفوي ، ليصل الى حد محاولات الاستغلال ، والعمل المحموم لاستخدام ظاهرة المقاومه لخدمة اغراض نموذج نظام منهار ، تسبب في هزيمة العراق ، وتدمير قدراته الوطنيه ، وتعريضة لاكبر الكوارث المعروفة على مر تاريخه ، وبين بقايا الدكتاتورية وماتملكه من امكانات مادية وتسليحيه هائله ، هي امكانات الدولة المنهاره ، وبين التكفيريين ، عانت المقاومة من سطوة قوى مناقضة لاهدافها التاريخيه ، وتتنافى من حيث الاهداف والممارسات مع طبيعتها ، ومع مقتضيات معركتها الوطنيه الشامله ، حتى ادى ذلك الى عرقلة تطورها ، ومنع وضيق امتدادها الوطني ، وسهل على العدو واعوانه ، تنفيذ مخططاته ضدها وضد الشعب العراقي عموما .
  وعبربقايا الدكتاتورية والتكفيريين من جهه ، والطائفيين ومليشياتهم ومجرمي حكومتهم المنصبه من قبل المحتلين ، من جهه ، امكن للاحتلال ان يمارس لعبته البشعه ، وان يفرض على المقاومة وقواها حدودا جغرافيه ومذهبيه لا تتخطاها ، وصولا لتهديدها مؤخرا ب"الحرب الاهليه" . الا ان الاحتلال والمتعاونين معه ، اورثوا بسلوكهم على المستوى الوطني ، والمعيشي خلال السنوات الثلاث المنصرمه ، وفي كافة الميادين ، بذور ردة فعل وطنيه ، مازالت تتبلور، مخلفة شعورا عاما بضرورة الوحده الوطنيه من جهه ، وضرورة المقاومة المسلحة الشاملة من جهه ، فالتهديد بالحرب الاهلية ، جسد خطر الاحتلال على العراق ووجوده امام العراقيين في كافة ارجاء البلاد ، والفساد والنهب ، والقتل اليومي ، وغياب الامن ، والبطالة والفقر، والاستهتار ، والتعديات على حرية الناس ، وتردي الحياة العامه ، والخدمات الاساسيه ، الصحيه وغيرها ، مع اختفاء الكهرباء والماء الصالح للشرب ، وانهيار مرافق الحياة والدوله ، واستباحة السيادة الوطنيه من قبل مختلف الجهات الاقليميه والدوليه ، وغياب الافق ، او الخطة التي تشير للمستقبل ، وترسم ملامحه ، كل هذا وسواه من المساويء المرتبطة بالاحتلال واعوانه ، ارسى بسرعة وقوة ، واعاد انتاج ، وحدة المشاعر والاحاسيس العراقية المشتركه ، وجددها دافعا بها خطوات الى الامام .
  ومع تراجع مواقف قوى بعينها ، او انتقالها نحو اشكال معينه من العمل ، والاخطاء التي ارتكبت خلال الجولات الماضية من المجابهه، ظهرت علائم توجهات ونمت قوى وطنيه مقاومه ، قررت العمل وفق افاق وطنيه عامه ، لاترتبط باي من الحهات المعروفة في الجنوب والفرات الاوسط ، قوى تعتقد ان الطائفيه والتواطؤ مع المحتلين ، مثلها مثل بقايا الدكتاتورية ، وقوى التكفير ، هي كتلة واحدة معيقه ومعاديه ، وان قبر بقايا الدكتاتورية و الطائفيه ، هو شرط لقيام حركة مقاومة وطنيه عراقيه شاملة ومنتصره ، ليس اولئك الذين يتمسكون بالدكتاتورية وبقاياها حتى اليوم ، معتقدين بانها يمكن ان تكون جزءا من قوى تحرير العراق ، سوى موهومين ، او مأخوذين بضرورات تخصهم ، وتخص مواقع يدافعون عنها ، حتى وان تحججوا بما يسمونه "وحدة الصف المقاوم " ، فمن طبيعة المقاومه العراقيه اليوم انها تتطور، وشرط وصولها الى الكمال هو أن تقبر وبشكل نهائي الدكتاتورية والاحاديه والطائفيه والتكفير .
  يمثل تصاعد العمل المقاوم اليوم ، في الجنوب والفرات الاوسط ، تطورا حاسما في المسار الوطني الطويل ، وهو يؤرخ لانعطافة كبيرة ، يسعى الاحتلال واعوانه الى التعتيم عليها ومنع اصداءها من الوصول الى العراقيين اولا ، والى الراي العام العربي والعالمي ، الا ان جهود ومحاولات الاعاقة تلك لن تنفع المحتلين ، وسيظل زخم العمل المقاوم يتصاعد ، وصولا لتحويل العراق الى ساحة مقاومه واحده بافق وطني وديمقراطي ، ساحة عمل شامل يؤسس لحرية العراق ، واندحار الامبراطورية الامريكيه ، بعد ان ينهي بقايا الدكتاتورية والاحاديه ، ويلغي مفاهيم "الممثل الشرعي والوحيد " كليا من سجل العمل الوطني ، المقاومة في الفرات الاوسط وجنوب العراق ، تتبنى بصفتها جزءا من المقاومة الوطنية العراقيه الواحده ، شعار "العراق بكل مكوناته هو ممثل العراقيين الاحرار" وهي تقترح وتتبنى شعار "المؤتمر العام الوطني التاسيسي " كاطار للعملية الوطنيه المناهضة للاحتلال .
  ومن هنا فهي لا تعتبر نفسها ولا يجب أن تعتبر نفسها قيادة للعراق ، ولا تريد ان تحكم بعد التحرير ، بل تحصر دورها علنا وعلى رؤوس الاشهاد ، في انجاز مهمة "التحرير" فقط لاغير ، باعتبارها جيش الشعب الموكل اليه واجب الدفاع عن سيادة البلاد وحدودها ، فالعراق القادم هو عراق يتوافق عليه العراقيون الاحرار ، عبر ممثلي مكوناتهم الاساسيه ، ولا عودة الى زمن السلطة التي تنبع من فوهة البندقيه ، ذلك الشعار القديم البالي والكارثي ، وغير اللائق بالاحرار والمقاومين الحريصين على حرية شعوبهم أولا ، كشرط لازم لتحرير ارضهم وتحرر شعوبهم .