.

ماذا حل بالطبقة العاملة . . ماذا بقي للشعب ؟: اللجنة المؤقته لإعلان دمشق

 

 

   

 

   تتكرر في الأول من أيار من كل عام الذكرى الباقية لعيد العمال العالمي ، التي ينزل العمال فيها إلى شوارع العالم ، للتذكير بوجودهم . وبأنهم قوة إنتاج وعمل لها دورها المشهود في إعمار البلاد وبناء الحضارة الإنسانية ، يجب أن يحسب الجميع حسابها ، وخاصة أرباب العمل والحكومات. وأن حلمهم في العدالة الاجتماعية وبناء عالم جديد ، يخلو من الاستغلال والظلم والاضطهاد والتفاوت الطبقي الصارخ باق لم يطوه انهيار تجربة ، ولا يذهب به فساد نظام . وأن دورهم في التاريخ لا يمكن تجاهله لإنصاف الإنسانية المعذبة في أربع جهات الأرض .

تمر المناسبة على سورية اليوم ، ولكن على الطريقة التي تجعل من أوضاعنا حالة خاصة لا تشبهها أحوال معظم بلدان العالم ، لأسباب كثيرة  أهمها ما انتهت إليه أوضاع مجتمعنا عامة ، والطبقة العاملة خاصة ، وما تعرضت له من ظلم وابتزاز وإفقار ، باسم الاشتراكية تارة والوطنية طورا . وما عاشته من تهميش لدورها ، ومحو لهويتها وشخصيتها الطبقية والوطنية ، في ظل سلطات متعاقبة ، تدعي الحكم باسمها والدفاع عن مصالحها ، بينما تذيقها أبشع أنواع الاستغلال وشتى صنوف الهوان . بينما كانت في حقبة مضت ، تبلور بنجاح ملحوظ وعياً سياسياً متعاظم الوضوح والعمق ، وتتفاعل مع الحياة المجتمعية والوطنية بدرجة رفيعة من الحيوية والتأثير ، وتنظم صفوفها نقابيا وسياسيا ، وترفع صوتها في كل مناسبة ومحفل . وكان دورها في البناء الوطني يتزايد ، ونصيبها من الدخل يتعاظم ، تتعزز بصمود البلاد ومنعتها ، وتتحقق عزة البلاد بحريتها ونضالها وفعالية دورها . قاطعت السفن الأميركية ، ونسفت أنابيب النفط وحاصرت المطارات ونظمت المظاهرات ، وربطت المسألة الاجتماعية بالمسألة الوطنية والقومية ، وبلورت وعياً نهضوياً متقدماً ، يقدس قيم العمل والإنتاج في مواجهة ثقافة الشعارات الخادعة والتسلط والفساد .
     واليوم ، ماذا بقي من الطبقة العاملة السورية ، التي ألغي حقها في التنظيم النقابي الحر ، تحت شعار" النقابية السياسية " ، وغابت غياباً يكاد يكون تاماً عن الحياة العامة ، وفقدت وزنها ودورها كقوة اجتماعية وسياسية مؤثرة ، ومنعت من العمل السياسي الحر، وأخضعت لبيروقراطية لا تمثلها ولا ترعى مصالحها ، تمارس عليها التسلط والنهب وتزييف الإرادة . وتعرضت لسياسات تفتيت وتدجين وإلغاء دور، ولم يعد أحد يأتي على ذكرها ، حتى في المناسبات ، أو يحسب لها حسابا في أي شأن وطني أو مجتمعي ، وفقدت حركتها الموحدة والفاعلة . ركز النظام عليها وسائل القمع المتنوعة ، الاقتصادية والمعيشية والسياسية والأمنية ، وكبلها بمنظمات محسوبة عليها اسماً ،بينما هي صنيعة للسلطة بالفعل . تتركها فريسة للبطالة وللأجور المنخفضة والأسعار المرتفعة . وتسهم في نهبها وانتهاك حقوقها بشتى الطرق ، مع أجهزة الأمن المتسلطة عليها ، التي تكتم أنفاسها وتمنعها حتى من إبداء الرأي والمطالبة بالحقوق  والتجمع في المعامل ، مثلما تمنعها من تنظيم نفسها خارج الأطر الرسمية ، ومن الدفاع عن لقمة عيشها ، التي انخفضت إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ سوريا .
فقدت الطبقة العاملة ما كان قد اكتسبته من وعي وتماسك ودور وطني وسياسي في الحقبة السابقة للاستبداد وحكم الحزب الواحد ، وغرقت ، شأن العاملين والمنتجين جميعهم ، في بحور من الفقر والحاجة ، دفعت بها إلى ضواحي المدن الفقيرة ، حيث لا تحصل إلا على القليل مما تحتاج إليه من خدمات ، وتعيش بلا حقوق سياسية أو مدنية . ألقي بها إلى الحرمان ، وسلطت عليها سيوف اللصوص ، الذين لطالما تغنوا بها ، وتبين أنهم سرقوا تعبها مثلما سرقوا ثروة الوطن و تعب  الشعب ، قبل أن ينفصلوا عنها وعنه ، ويعيشوا في قصور بنوها بالرشا والمال الحرام ، ويحرسونها بسطوة القوة
     بهذه المناسبة ، تطالب قوى إعلان دمشق ، في إطار مشروعها للتغيير الوطني الديمقراطي ، بحرية التنظيم النقابي للطبقة العاملة السورية ، وبزيادة حصتها من الدخل الوطني ، بحيث تأخذ نصفه خلال عشرة أعوام على أبعد تقدير ، وتطالب بحرية إطلاق العمل السياسي في أوساط العمال ، وبحرية تأسيس صحافة تدافع عن حقوقهم ، وأحزاب تمثلهم ، كما تطالب بتقديم خدمات تليق بالبشر لهم ، وبتأمين جميع أنواع الضمان لأشخاصهم ولأفراد أسرهم ، وبإشراكهم في صنع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، التي تتعلق بهم ، وبرفع سيف النقابية السياسية عن أعناقهم ، وسيف اللجان " الحزبية " والأجهزة الأمنية ، التي تشل حركتهم وتتربص بهم وتروعهم . لأن انبعاث الطبقة العاملة السورية من جديد مصلحة استراتيجية للمجتمع والدولة ، ولقضية العدالة والتقدم في وطننا . 
   
إن مأساة عمال سوريا من مأساة شعبها ، الذي خسر بدوره كل شيء ،ولم يبق له غير الفقر والاضطهاد والتخويف .
 يا عمال سورية ، استعيدوا وعيكم ودوركم ، وثقوا أن شعبكم سيساندكم ، لأنه بأمس الحاجة إليكم ، إلى دوركم الحر والمستقل !.

 


دمشق في 1 أيار                                                

 


اللجنة المؤقته لإعلان دمشق