افتتاحية البديل

حال البلد ...مشاكل السكن والضرائب وارتفاع الأسعار..إلى متى؟افتتاحية


 

الحقيقة التي لم يعد بالإمكان إخفاؤها هي أن تعميم الميل الليبرالي كسياسة اقتصادية عامة قد أدى إلى تزايد تدهور المستوى المعيشي للمواطنين يوماً بعد يوم. ولعل من أخطر ما يواجهه المواطن  الذي لاحديث له في هذا البلد إلا الغلاء والخوف من الغد هي مشكلة انخفاض الأجور موازنةً بالأسعار وكذلك القيمة الفعلية لليرة السورية وعدم توفر السكن وارتفاع أسعار وإيجارات العقارات ومواد البناء والإكساء بشكل كبير، هذا في الوقت الذي تتوافر وفق بعض الإحصائيات أكثر من خمسمائة ألف شقة سكنية فارغة في دمشق وريفها فقط، بينما مئات الآلاف من العائلات تسكن في غرفة واحدة في شروط أقل من بشرية.


 

كما أن تراجع الفوائد الممنوحة للمودعين وارتفاع معدلات الفوائد على القروض وصعوبات الحصول عليها وتمنّع بعض المصارف عن منحها كله يوحي بأزمة واضحة في السياسة النقدية السورية.

 

 المضحك أن بوصلة الاطمئنان الوحيدة التي يتشدق بها عمالقة الاقتصاد الكرام هي استقرار سعر الدولار. وعبثاً يسفح الوهم الذي يزعم بأنه طالما أن الدولار بحدوده الدنيا فالليرة السورية بألف خير!

 

ينام السوريون على سعر الدولار، فلا شر بعد اليوم ولا غلاء ولا فاقة ولا هزائم، ليستيقظوا على الارتفاع الجنوني للأسعار وإلغاء الدعم عن المواد الغذائية كالزيت والشاي والسكر والرز..الخ.

 

 وبدون أي خجل من المواطن أو رحمة به، وبالرغم من كل ما سبق، لا زالت سياسة  فرض ضرائب مستمرة وبشكل يومي، كضريبة زيادة الرفاهية على الهاتف، والرفاهية المضافة على الخليوي الـ650 ليرة سورية الشهرية، وضريبة عشر ليرات على تسعيرة التنقل بين المحافظات، واللصيقة القضائية ذات المائة ليرة في أية دعوى، وضريبة عشر ليرات على كل معاملة من أجل الهلال الأحمر، وهناك من يتحدث عن ضريبة القيمة المضافة TVA  والتي تشمل كل المواد وتصل لعشرة في المائة تقريباً، وهو ما يبشر به بعض المنظرين العظام والنافذين وذلك لزيادة مدخولات الميزانية الفقيرة والتي قد تُطبق مستقبلاً!


ويبدو أن سياسة الإكراه التي تعود عليها النظام جعلته لا يميز بين تذمر المواطن من فرض الضرائب عليه من ناحية وبين اندفاع المواطن الطوعي اللامحدود تاريخياً تجاه القضايا الوطنية والقومية والإنسانية من ناحية أخرى. فأصدرت رئاسة مجلس الوزراء قراراً بموجبه تم اقتطاع 1 بالمائة من رواتب الموظفين من أجل دعم الشعب الفلسطيني الشقيق. إن الشعب السوري لا يحتاج لمن يفرض عليه فرضاً طريقة دعم الفلسطينيين ويحدد له نسبة الأموال التي يجب التبرع بها، بل إنه يعتبر ذلك إساءة له. وإذا كان الدعم المادي شكلاً من أشكال الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، وهو ما تفعله كل دول العالم وشعوبه، فإن المطلوب من الشعب السوري والشعوب العربية بشكل عام أكثر من ذلك، ونعني الانتقال من مرحلة الدعم إلى المشاركة الفعلية في المقاومة والنضال، وهذا ما يتطلب إطلاق الحريات العامة ورفع اليد عن القوى الوطنية وترجمة الموقف من القضية الفلسطينية ومواجهة المشروع الصهيوني وتحرير الجولان إلى استراتيجية كفاحية حقيقية وليس مجرد شعارات وتكتيكات تفرضها ظروف سياسية معينة.

 

نختم بالقول أن المستفيدين من سياسات الإفقار والبطالة وانخفاض الأجور وارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب هم الفئات المسيطرة على السياسة والاقتصاد بالإضافة للتجار ورجالات الأعمال المتحالفين معهم وكل أصحاب التوجه الليبرالي وما يسمى باقتصاد السوق الاجتماعي..

 

أما المتضررون، فهم دون أدنى شك العمال والموظفون والحرفيون وصغار الفلاحين والطلاب والنساء والسياسيون المجردون من حقوقهم المدنية والمطرودون من العمل وجميع أبناء هذا البلد الممنوعين من التعبير عن حقوقهم ومشكلاتهم وآمالهم وطموحاتهم.