الزمن البوعزيزي

زمن الكرامة والحرية والعدالة

 

مرهف ميخائيل 

خاص-الحوار الديمقراطي             

    20/4/2011

 

لم يفهم الكثيرون ، أن الزمن  توقف،  ليغيّر  اتجاهه ،منذ أن أشعل محمد البوعزيزي النار بجسده ،الذي أراد  أن يقول  "لا"لهذا العالم  بشكله الحالي ....وفضّل الموت  على أن يعيش مذلولاَ، مهاناَ، فقيراَ....

نعم توقف الزمن،توقفت ثوانيه  ودقائقه الحزينة على هذا الشاب الذي فجّر بجسده  ثورة كبيرة  في تونس ثمّ انتقل لهيبها إلى باقي الأقطار العربية ...تغير الزمن،قال البوعزيزي  لهذا الزمن:  "خسئت من زمن "...وقال للحياة و للعالم: " بئس الحياة ، في عالم  مليء بالظلم والاهانة والزيف "

قالها البوعزيزي ،وقدّم نفسه  قربانا  لقدس الاقداس :الحرية....كما قدم السيد المسيح نفسه قربانا عن الخطيئة ، لتصحيح العالم في زمن  انتشر فيه الفساد  والظلم والفجور...

هذا هو الدرس التاريخي والفلسفي  الذي لم يفهمه  البعض  ممن أعمت  أبصارهم  المصالح الضيقة والنزوات والرغبات الرخيصة ...وكان يجب على  النار المقدسة  التي أشعلها  البوعزيزي في جسده أن تنتشر  مثل تسونامي ،حيث بدأت  بتطهير  وتنظيف العالم الحالي من شوائبه العالقة ..ومن أدرانه ...ولان البوعزيزي

عربي فقدأخذت  النار  تقتلع  الطغاة العرب  واحدا بعد الاخر ...

وها هي منظومة  المفاهيم الظلمية( المدافعة عن الظلم )، وكثير من الأيديولوجيات والأفكار في طريقها الى الإندثار ،وخاصة منها  التي كانت تستغيث وتلفظ أنفاسها...حيث أن المنظومة الفكرية التي تعطي الحياة ،أو التي أعطت الحياة لأنظمة الحكم المستبدة الفاسدة لسنين طويلة  وجدت نفسها  في مأزق لامخرج منه ، فجاءت النار البوعزيزية ،لتنفخ نارا  مطهرة  في صدر  كل مظلوم  ومهان ومذلول ، فبدأت تظهر  على  البشر علامات استيقاظ  لم يعرفها  تاريخ هؤلاء من قبل .

كان البشر –والعرب  بخاصة- قبل الزمن البوعزيزي  مطيعين كالخراف ،ومذلولين  كالكلاب ،ومهانين  كالعبيد ،وقد تحمل هؤلاء  كل هذه السنين الطوال.وقد رافق تسونامي البوعزيزي  سقوط  جدران الخوف والذل  والزيف.أول جدران  الخوف الساقطة  هي جدران  الخوف العربي ،لأن البوعزيزي عربي .فبدأت  الأنظمة العربية  تسقط  تحت ضربات  أقدام الشباب العربي المقهور ،والمحروم من الحرية والممنوع دخول القرن الواحد والعشرين ... حقاً أنّ الزلزال البوعزيزي جلجل ويجلجل الأرض تحت أقدام الطغاة العرب.

كثر هم الزعماء العرب الذين اعتقدوا واهمين ،َ انهم سيكونون  بمنأى عن هذا الزلزال ، وأنهم محصنون في عرينهم ،ولن تمسهم النار  البوعزيزية المقدسة....إلا أن الكرة النارية البوعزيزية  كانت تنجذب إلى مكان وجود الظلم  والإهانة  والعبودية   ...والبعض يتوقع ان هذه الكرة النارية–وأنا منهم-   سوف تطهر العالم  أجمع  من براثن الظلم والقهر والعبودية والاستغلال .

وهانحن نسمع  صراخ  الظالمين  وهم مرعوبون ، ولا يفهمون ماحدث ،ومايحدث لهم ، فمرة يعزون سببه الى التآمر الخارجي وأدواته في الداخل ، ومرّة إلى المتعصبين التكفيريين ... نعم ،هي صرخات استغاثة لزمن مضى ،لأنظمة حكم آيلة الى السقوط ...إنها صرخات الظلم والظالمين، الطغاة الحاكمين  ،الذين عاثو فساداَ في الارض  سنوات طويلة بدون عقاب .

 

فرنسا 20-04-2011